سنتطرق في هذا الموضوع إلى الاختلافات الفقهية التي ثارت بين فقهاء المذاهب الإسلامية المختلفة في مسألة الأخذ بهذا النوع من الخيارات، كما سنتناول الأسباب التي تؤدي إلى انتهاء خيار المجلس، ونوضح أثار هذا الخيار، وأخيراً سنبين الآراء الفقهية التي قيلت بصدد أمكانية الأخذ بفكرة خيار المجلس في التعاقد في مجلس العقد الحكمي.

لذلك سيقسم هذا الموضوع إلى النقاط الآتية:-

أولاً:- اختلاف الفقهاء في الأخذ بخيار المجلس.

ثانياً:- انتهاء خيار المجلس.

ثالثاً:- أثار خيار المجلس.

رابعاً:- خيار المجلس والتعاقد في مجلس العقد الحكمي.

أولاُ:- اختلاف الفقهاء في الأخذ بخيار المجلس.

تضاربت الاجتهادات الفقهية في مسألة خيار المجلس، فقد انقسمت آراء الفقهاء في ذلك إلى اتجاهين. فبينما أقر فقهاء المذهبين الشافعي والحنبلي خيار المجلس رغبة منهما في فسح المجال للمتعاقدين للتروي والتبصر فيما هما مقدمان عليه، يذهب فقهاء المذهبين الحنفي والمالكي إلى عكس ذلك، فهما يعتبران أن العقد اللازم متى أصبح مبرماً لا رجوع فيه.

أ-القائلون بخيار المجلس .

ذهب الفقهاء من الشافعية(1). والحنابلة(2). إلى القول بثبوت حق الخيار في مجلس العقد بعد انعقاد العقد(3). فقد ذكر أحد فقهاء الشافعية(4). بأنه “……وإذا أنعقد البيع ثبت لكل واحد من المتبايعين الخيار بين الفسخ والإمضاء إلى أن يتفرقا، أو يتخايرا…….”. وقد أستدل القائلون بخيار المجلس بحديث عبد الله بن عمر، أن رسول الله (r) قال: “المتبايعان، كل واحد منهما بالخيار على صاحبه، ما لم يفترقا، إلا بيع الخيار(5). فيتبين لنا أن للموجه إليه الإيجاب في ظل المذهب الشافعي فرصة واحدة للتدبر والتفكير وهي فرصة لاحقة لانعقاد العقد (بسبب أخذهم بفكرة خيار المجلس)، لا سابقة للانعقاد (بسبب اشتراطهم فورية القبول)، بينما تكون للموجه إليه الإيجاب في ظل المذهب الحنبلي، فرصتان للتدبر والتفكير، فرصة سابقة لانعقاد العقد (بسبب عدم اشتراطهم فورية القبول) وفرصة لاحقة له (بسبب إقرارهم فكرة خيار المجلس).

ب-المانعون لخيار المجلس

يذهب الحنفية(6). والمالكية(7). إلى عدم ثبوت خيار المجلس، وأن العقد يكون لازماً بمجرد الإيجاب والقبول إذا توافرت شروطه، وليس لأحد العاقدين الفسخ إلا إذا أشترط الخيار(8). وحملوا التفرق الوارد في الحديث بأنه التفرق بالأقوال، دون الأبدان(9). وبذلك لا يثبت حق الخيار في المجلس بعد أتفاق الأرادتين على أبرام العقد، لأي من المتعاقدين، إلا بالشرط أو بالاتفاق بين الطرفين أو غير ذلك من حالات الفسخ. فضلاً عن ذلك فقد حاول جانب من الفقه المعاصر(10). تأويل حديث المتبايعين بأن الغرض منه ليس أثبات خيار المجلس، بل بيان المدة التي يحق فيها للمتعاقدين استخدام خياري (الرجوع والقبول) وتحديدهما بانقضاء المجلس.

كما أستدل المانعون لخيار المجلس بقوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)(11). ففسر أصحاب هذا الاتجاه هذه الآية بأنها تدل على أن التجارة عن تراض غير متوقفة على حق الاختيار، لإباحتها التصرف بالعوضين على وجه الإطلاق بعد حصول التراضي، وتمام العقد، قبل التفرق أو التخيير، فهي دليل على ثبوت الملك في العوضين حالاً(12). يتبين لنا أن للموجه إليه الإيجاب في ظل المذهب الحنفي والمالكي فرصة واحدة للتدبر والتفكير، وهي فرصة سابقة لانعقاد العقد (بسبب عدم اشتراطهم فورية القبول)، لا لاحقة له (بسبب عدم أخذهم بفكرة خيار المجلس). ويبدو أن الحنفية والمالكية في إنكارهم لخيار المجلس أنما يجعلون مجلس العقد ينفض ضرورة بصدور القبول، إذ يستوي من الناحية العملية، ألا يكون لأحد من المتعاقدين حق الرجوع بعد صدور القبول، وأن يكون المجلس قد أنفض بصدور القبول(13). وتجدر الإشارة إلى أن مجلس مجمع الفقه الإسلامي(14). لم يشر إلى خيار المجلس، بل حدد لحظة اقتران القبول بالإيجاب فقط، أي بمعنى أنه لم يأخذ بفكرة خيار المجلس في التعاقد سواء في مجلس العقد الحقيقي أو الحكمي. وأخيراً فأن لكل اتجاه من اتجاهات فقهائنا – سواء الشافعية أو الحنابلة أو الحنفية أو المالكية – غاياته السامية التي ينساق إليها، ومع كل دليل من أدلتهم قوته التي ينهض بها حجة لإثبات ما سيق له من الحكم الشرعي، وأن تفاوت درجة تلك القوة تفاوتاً يميل إلى الأخذ بالرأي الثابت بتلك الأدلة أو إلى الابتعاد عنه، ولا يضر ذلك أن يكون جميع الأطراف المتنازعة حول هذا الموضوع يهدفون إلى غاية سامية تحقق ما ترمي إليه الشريعة من صالح المجتمع وأحكام ما سنته من العقود(15).

ثانياً:- انتهاء خيار المجلس.

ينتهي خيار المجلس بالتفرق والتخاير بين المتعاقدين، كما قد ينتهي هذا الخيار بموت أحد المتعاقدين في فترة خيار المجلس على خلاف بين الفقهاء القائلين بخيار المجلس. وسنبين هذه الأسباب في انتهاء خيار المجلس فيما يأتي:-

أ-التفرق.

ب-التخاير.

ج-أثر الموت في انتهاء خيار المجلس.

أ-التفرق.

يقصد بالتفرق هو التفرق بالأبدان بين المتعاقدين في مجلس العقد، فكلمة التفرق عند ورودها مطلقة فيقصد بها هو بالأبدان وليس بالأقوال، فعندما يقال تفرق الناس، أي تفرقوا بأبدانهم(16). فما يقصد من التفرق في مجال خيار المجلس بصورة خاصة هو التفرق بالأبدان عن مجلس العقد(17). وقد جاء على حد قول أحد الفقهاء(18). بأنه “وكذا يسقط خيار كل منهما بفرقة بدن منهما أو من أحدهما عن مجلس العقد”. فينتهي خيار المجلس بالتفرق، وهو سبب متفق عليه بين الشافعية والحنابلة(19). ودليل اعتباره منهياً حديث المتبايعين المثبت للخيار، بأن جعل التفرق غاية للخيار ونهاية له. ويكون المعيار في التفرق هو العرف(20). فقد ذكر جانب من الفقه(21). ما يأتي: أن “المرجع في التفرق إلى عرف الناس وعادتهم فيما يعدونه تفرقاً، لأن الشارع علق عليه حكماً ولم يبينه، فدل ذلك على أنه أراد ما يعرفه الناس، كالقبض والإحراز…..فالمفارقة، أن يفارقه من بيت إلى بيت أو إلى مجلس أو صفة”. وقد حاول بعض الفقهاء أن يضع معياراً للتفرق، وقد أعتمد جانب منهم(22). على الرؤية حيث أعتبر بأن “المراد بالتفرق بالأبدان، بحيث يغيب كل واحد منهما عن صاحبه حتى لا يراه”. بينما أتخذ جانب أخر(23). المعيار السمعي، بأن التفرق بالأبدان “يغلب أن يكون ببعد الصاحب عن صاحبه بحيث لا يسمع كلامه الذي يتكلم به في العادة”. والأرجح أن معيار العرف هو الأقرب إلى الصواب وذلك لأنه، من الممكن إذا أخذنا بمعيار الرؤية أن يكون أحد المتعاقدين أو كلاهما أعمى فبذلك لا ينضبط المعيار. وإذا أخذنا بمعيار السماع فمن الممكن أن يكون أحد المتعاقدين أطرش، فلا ينضبط المعيار. والأصل هو عدم التفرق، ومن يدعي التفرق يطالب بالبينة(24). ونشير في هذا المجال إلى أنه لا يكفي لحصول التفرق، مجرد مفارقة مكان التعاقد، بل لا بد من افتراق المتعاقدين عن بعضهما(25). فلو أقاما في ذلك المجلس مدة طويلة، أو أقاما، وتماشيا مراحل فهما على خيارهما، فأن تفرقا بطل الخيار(26). وجدير بالذكر، أن التفرق يتم حتى ولو كان دون قصد أو علم بالأثر المترتب عليه. وبذلك يكون العقد لازماً، لأن ما يقصد بالتفرق هو مطلق التفرق وقد وجد(27). فيسقط الخيار حتى ولو فارق أحدهما صاحبه ناسياً أو جاهلاً(28). بل حتى ولو كان التفرق ناتجاً عن أكراه، بسبب تحقق التفرق عرفاً(29). ومع هذا فقد أورد الشافعية قيداً على مدة خيار المجلس، وهو أن التفرق بالأبدان محدود بـ “أن لا يزيد عن ثلاثة أيام، لئلا يزيد عن خيار الشرط….”(30).

ب-التخاير.

لا يقتصر انتهاء خيار المجلس على التفرق بالأبدان، بل قد ينتهي قبل ذلك بأن يقول المتعاقدان اخترنا إمضاء البيع أو أجزناه أو ألزمناه. فإن قال أحدهما اخترت أو أجزت أنقطع خياره، وبقي خيار الأخر، ولو أجاز أحدهما البيع وفسخه الأخر، قدم الفسخ(31). وبذلك يمكن القول بأن التخاير يقع إذا أصدر المتعاقدان التعبير عن أرادتهما صراحة بإمضاء العقد، كما يقع التخاير إذا أصدر أحد المتعاقدين تعبيره عن أرادته صراحة بفسخ العقد . فتكون حالات التخاير هي، إما اختيار لزوم العقد، أو اختيار فسخ العقد، وسنوضحهما على الشكل الآتي:-

أولاً:- اختيار لزوم العقد.

من أسباب انتهاء خيار المجلس اختيار لزوم العقد، على أن يحصل ذلك من العاقدين كليهما، أما إذا أختار أحد العاقدين إمضاء العقد، فيعتبر ذلك إسقاطاً منه لخيار المجلس من جانبه فقط، ويبقى للمتعاقد الأخر الحق في الإمضاء أو الفسخ(32). وغالباً ما يكون اختيار اللزوم بطلب أحدهما، وهذا ما يسمى (التخيير)(33). أما بالنسبة لخيار الساكت بعد التخيير، فأن خياره لا ينقطع(34). لأنه لم يوجد منه ما يبطل خياره، فلم يحصل الرضا، أنما سكت عن الفسخ أو الإمضاء، فإسقاط خياره يتنافى مع حقه في الخيار والاختيار بنفسه إلا إذا وجد ما يدل على أن سكوته دليل على إسقاط حقه. أما بالنسبة لخيار المتعاقد الذي بادر إلى التخيير، فأن الحكم هو سقوط خياره(35).

ثانياً:- اختيار فسخ العقد.

ينفسخ العقد بصدور أرادة الفسخ، من قبل كلا المتعاقدين أو من أحدهما، فإذا أختار أحدهما الفسخ بينما أختار المتعاقد الأخر الإمضاء، فأن العبرة تكون للفسخ، لأن أثبات حق الفسخ أنما هو مقصود الخيار(36).

192

وفسخ العقد مسقط للخيار تبعاً، لأن سقوطه كان لسقوط العقد أصلاً، فيسقط الخيار أيضاً لأبتنائه عليه فـ “إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه(37). ولا فرق بين حصول الفسخ مباشرةً أو بعد تخيير أحدهما الأخر، فالنتيجة واحدة وهي سقوط خيار المجلس وفسخ العقد.

ج-أثر الموت في انتهاء خيار المجلس.

اختلفت الآراء الفقهية للقائلين بخيار المجلس في مدى تأثير الموت، (أي موت أحد المتعاقدين في فترة خيار المجلس) في انتهاء هذا الخيار. فبينما ذهب الشافعية(38). إلى القول، بأنه إذا مات أحد المتعاقدين أنتقل حق الخيار إلى الوارث. بمعنى أن خيار المجلس ينتقل إلى الورثة ولا ينتهي. ذهب الحنابلة(39). إلى القول بأن خيار المجلس لا يورث، بمعنى أنه إذا مات أحد المتعاقدين فأن خيار المجلس ينتهي وكذلك يبطل خيار من بقي من الطرفين حياً(40). لأن الخيار يبطل بالتفرق، والتفرق بالموت أعظم(41).

ثالثاً:- أثار خيار المجلس.

يرتب خيار المجلس أثراً مباشراً في العقد، يتمثل بمنع لزومه، فالأصل في عقدي البيع والإيجار أنهما يرتبان أثارهما لحظة انعقاد العقد ويصبح العقد فيهما ملزماً للطرفين لا يجوز لأحدهما الرجوع عنه، فجاءت فكرة خيار المجلس لتجعل من فترته (أي فترة الخيار ) فترتاً يسلب فيها اللزوم عن هذه العقود لغاية انتهاء هذا المجلس، فهي بهذا قد جاءت على خلاف الأصل، فالأصل هو أن الانعقاد واللزوم يوجدان في لحظة واحدة. وقد أتفق الفقهاء القائلين بهذا الخيار على هذا الأثر (وهو منع لزوم العقد)(42). ويتفرع عن الأثر المذكور آنفاً أثر أخر يتمثل بـ (انتقال الملك أو الحق) والذي توزعت آراء الفقهاء فيه واختلفت نظرة الشافعية فيه عن نظرة الحنابلة. فالشافعية(43). يعتبرون العقد موقوفاً في فترة خيار المجلس، من حيث انتقال الملك، فلا يحكم بأنه مملوك للمشتري، ولا للبائع، بل ينتظر، فأن تم العقد حكم بأنه كان ملكاً للمشتري بنفس العقد، وإلا فقد بآن أنه ملك البائع لم يزل عن ملكه، وهكذا يكون الثمن موقوفاً(44). وقد عبر أحد الفقهاء(45). عن هذا بقوله ” الخيار لهما، فلا ملك لازماً في المجلس”. أما الحنابلة(46). فأن الملك لديهم ينتقل إلى المشتري في فترة خيار المجلس في عقد البيع، ويقاس على ذلك انتقال الحق في الإيجار إلى المستأجر في عقد الإيجار، وهذا هو الحال مع استمرار خيار المجلس، ومن ثم فأن هذا الخيار لا أثر له في نفاذ العقد، بمعنى أنه لا يتوقف، فالعقد ينتج أحكامه جميعها، مع بقائه قابلاً للفسخ خلال المجلس إلى حصول ما ينهي الخيار من تفرق أو تخاير.

رابعاً:- خيار المجلس والتعاقد في مجلس العقد الحكمي.

التعاقد في مجلس العقد الحكمي، من حيث أن المتعاقدين متباعدان عن بعضهما البعض، وكون وسيلة الاتصال فيما بينهما هي الرسول أو الرسالة المكتوبة أو ما شابه، وما إلى ذلك من خصوصية تجعله يختلف عن طبيعة مجلس العقد الحقيقي.

وقد جعل هذا الاختلاف في طبيعة المجلسين جانباً من الفقه(47). يقصر خيار المجلس على التعاقد في مجلس العقد الحقيقي، فقد ذكر أصحاب هذا الرأي بأنه “إذا قبل المتعاقد الأخر في مجلس بلوغ الكتاب أو أداء الرسالة فليس له بعد ذلك خيار المجلس – واستدل أصحاب هذا الرأي لقولهم هذا – لأن الحديث الذي يستند إليه القائلون بخيار المجلس يقتصر على التعاقد ما بين الحاضرين، إذ يفترض أنهما لم يتفرقا” فقد أعتبر أصحاب هذا الرأي أن طبيعة التعاقد في مجلس العقد الحكمي من حيث ابتعاد المتعاقدين عن بعضهما البعض تجعل من المستحيل معه القول بأن لزوم العقد سيتوقف على افتراق المتعاقدين لأنهما مفترقين ابتداءً. كما وأن القول بخيار المجلس في حالة التعاقد في مجلس العقد الحكمي، يصعب معه ضبط هذا الخيار وإيجاد الحلول اللازمة لما يثيره من إشكالات(48). وقد “انفرد فقهاء الشافعية بمعالجة كيفية تحقق خيار المجلس في مجلس العقد الحكمي(49). وقد ذهب جانب من الفقه الشافعي(50). إلى القول أنه “قال الغزالي في الفتاوى: إذا صححنا البيع بالمكاتبة، فكتب إليه فقبل المكتوب إليه يثبت له (خيار المجلس) مادام في مجلس القبول، قال: ويتمادى خيار الكاتب إلى أن ينقطع خيار المكتوب إليه حتى لو علم أنه رجع عن الإيجاب قبل مفارقة المكتوب إليه مجلسه صح رجوعه ولم ينعقد” كما ذكر أحد الفقهاء(51). أنه “يشترط قبول المكتوب إليه حال الإطلاع ويمتد خياره مادام في مجلس قبوله ويمتد للكاتب إلى انقطاع خيار صاحبه”. وللتعليق على النصوص المذكورة آنفاً، يبدو لنا أن نورد الملاحظات الآتية:-

1-من الواضح أن ورود هذه النصوص قد جاء ليعالج الحالة التي يكون فيها المتعاقدان في مجلس العقد الحكمي.

2-من الواضح أن هذه النصوص قد جاءت لتعالج مسألة خيار المجلس، وذلك لورود عبارة (خيار المجلس ) بصورة صريحة في النص الأول. وباعتبار أن الخيار قد أعطي للمتعاقدين في مجلس القبول، أي بعد الانعقاد، في النص الثاني، فقد جاء فيه “ويمتد خياره مادام في مجلس قبوله ويمتد للكاتب إلى انقطاع خيار صاحبه”.

3-أن العبرة في خيار المجلس هو في مجلس القابل، لا مجلس الموجب، وما يؤكد ذلك ما ذكره أحد الفقهاء(52). من أن “……بقاء خيار الكاتب إلى انقضاء خيار المكتوب إليه بمفارقته لمجلس قبوله….وعليه فلا يعتبر للكاتب مجلس أصلاً” ويترتب على ذلك ما يأتي:-

أ-لا مشكلة في تحديد مدة خيار المجلس بالنسبة إلى القابل، لأن فترة خيار المجلس ستمتد إلى ما قبل افتراقه عن الرسول أو حامل الرسالة.

ب-يتحدد المتعاقد البعيد (أي الشخص الذي يطلق عليه الموجب قبل انعقاد العقد وبداية خيار المجلس) بالفترة التي ذكرناها في الفقرة المذكورة آنفاً. فيمتد خياره إلى أن ينقطع خيار القابل أو حتى يفارق القابل مجلسه(53).

ج-يحق للمتعاقد القابل والمتعاقد البعيد التخاير وإنهاء المجلس في الفترة التي تسبق تفرق القابل عن الرسول أو حامل الرسالة.

وخلاصة لما سبق، أن موقف الشافعية من مسألة خيار المجلس في مجلس العقد الحكمي يتمثل بأن خيار المجلس يثبت للمتعاقدين في حالة التعاقد في مجلس العقد الحكمي، وتبدأ مدة هذا الخيار من بعد القبول، وفي مجلس القابل، ويمتد إلى وقت انفضاض هذا المجلس.

________________________

1- الشيرازي، المهذب، المصدر السابق، ص264 – أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي القرشي، كتاب الأم، ج3، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2001م، ص245 – الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص43.

2- ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص6.

3- وقد أيد بعض الفقهاء المعاصرين اتجاه الشافعية والحنابلة في أخذهم خيار المجلس ومنهم:

د.عمر عبد العزيز، خيار المجلس في البيع، المصدر السابق، ص274 – د.بدران أبو العينين، الشريعة الإسلامية، المصدر السابق، ص538 – د.عبد الناصر توفيق العطار، المصدر السابق، ص78.

4- الشيرازي، المهذب، المصدر السابق، ج1، ص264.

5- أخرجه أبو داؤد في سننه، باب في خيار المتبايعين، رقم الحديث (3454)، أبي داؤد سليمان أبن الأشعث الجستاني الأزدي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ج3، دار الفكر، بيروت، بلا سنة طبع، ص272-273.

6- ابن الهمام، شرح فتح القدير، المصدر السابق، ج5، ص78 – الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص134.

7- القرطبي، بداية المجتهد، المصدر السابق، ج2، ص170.

8- وقد أيد بعض الفقهاء المعاصرين اتجاه الحنفية والمالكية في منعهم لخيار المجلس.

ومنهم: د.محمد يوسف موسى، البيوع والمعاملات المالية المعاصرة، دار الكتاب العربي، مصر، بدون سنة طبع، ص66-67 – سليم رستم، شرح المجلة، المصدر السابق، ص85 – د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص37.

9- د.عمر عبد العزيز، خيار المجلس في البيع، المصدر السابق، ص262.

10- د.مصطفى الزرقا، المدخل الفقهي العام، المصدر السابق، ص447.

11- سورة النساء، الآية (29).

12- عبد العظيم دخيل عبد الرسول البكاء ، نظرية حق الرجوع في عقد البيع في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص90.

13- د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص17-18.

14- قرار لمجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية عام 1990م، المرقم بـ(54/3/6) بشأن إجراء العقود بالات الاتصال الحديثة.

مشار إليه لدى: د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج7، ص5174.

15- د.عمر عبد العزيز، خيار المجلس في البيع، المصدر السابق، ص267.

16- محمد عبد العزيز الخولي، الأدب النبوي، المكتبة البخارية الكبرى، ط5، مصر، 1961م، ص268.

17- أحمد عيسى عاشور، الفقه الميسر، المصدر السابق، ص18.

18- صالح الكوزه بانكي، تحفة الطالبين، المصدر السابق، ص53.

19- ينظر – ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص6 – الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص45.

20- صالح الكورة بانكي، تحفة الطالبين، المصدر السابق، ص50.

21- ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص7-8.

وبنفس المعنى: ينظر – د.عبد الستار أبو غدة، الخيار وأثره في العقود، المصدر السابق، ص152.

22- د.عبد الله محمد الجبوري، فقه الإمام الأوزاعي، ج2، أحكام المعاملات، الكتاب السابع والعشرون، بغداد، بدون سنة طبع، ص168.

23- د.عبد الحميد محمود البعلي، ضوابط العقود في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص80.

24- د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص28.

25- الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص45.

وبنفس المعنى:- عبد العظيم دخيل عبد الرسول البكاء، نظرية حق الرجوع في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص98.

26- أحمد عيسى عاشور، الفقه الميسر، المصدر السابق، ص18.

27- ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص9.

28- الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص45.

29- عبد العظيم دخيل عبد الرسول البكاء، نظرية حق الرجوع في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص102.

30- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص170.

31- ينظر – الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص44 – النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص169 – أحمد عيسى عاشور، الفقه الميسر، المصدر السابق، ص19 – د.عبد الحميد محمود البعلي، ضوابط العقود في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص80.

32- البهوتي، كشاف القناع، المصدر السابق، ج3، ص200.

33- د.عبد الستار أبو غدة، الخيار وأثره في العقود، المصدر السابق، ص159.

34- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص165 – د.عبد الستار أبو غدة، الخيار وأثره في العقود، المصدر السابق، ص162 – عبد العظيم دخيل عبد الرسول البكاء، نظرية حق الرجوع في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص97.

35- الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص44.

36- الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص46.

37- المادة (52) من القواعد الكلية التي صدرت بها مجلة الأحكام العدلية.

38- الخطيب، مغني المحتاج، المصدر السابق، ج2، ص46.

39- ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص7 – البهوتي، كشاف القناع، المصدر السابق، ج3، ص200.

40- د.عبد الحميد محمود البعلي، ضوابط العقود في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص81.

41- د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص27 – د.عبد الناصر توفيق العطار، المصدر السابق، ص79.

42- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص169 – المادة (372) من مجلة الأحكام الشرعية.

43- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص178 – الشيرازي، المهذب، المصدر السابق، ج1، ص259.

44- د.عبد الستار أبو غدة، الخيار وأثره في العقود، المصدر السابق، ص175.

45- صالح الكوزه بانكي، تحفة الطالبين، المصدر السابق، ص51.

46- ابن قدامة، المغني، المصدر السابق، ج4، ص14 – أبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن، ج2، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، بدون سنة طبع، ص177-178.

47- د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص61.

48- المصدر نفسه، ص37.

49- نقلاً عن:- د.صلاح الدين زكي، المصدر السابق، ص24.

50- النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص159.

51- الرملي، نهاية المحتاج، المصدر السابق، ج3، ص380.

52- الأنصاري، حاشية الجمل، المصدر السابق، ج3، ص107.

53- د.عبد الستار أبو غدة، الخيار وأثره في العقود، المصدر السابق، ص155.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .