الدفاتر التجارية أداة تقييم للنشاط التجاري وطريق من طرق الإثبات في المعاملات التجارية . ومن هنا فإن المشرع قد أخضع مسك هذه الدفاتر لأحكام خاصة يجب مراعتها ورتب بنفس الوقت عقوبات رادعة على الإخلال بهذه الأحكام . نتعرض أولاً لأصول مسك الدفاتر ثم نوضح بعد ذلك الجزاءات المرتبة على الإخلال بالقواعد الخاصة بمسك هذه الدفاتر .

أ- أصول مسك الدفاتر التجارية .

يجب ان يكون مسك الدفاتر التجارية وفق القواعد التالية :

1- أن تكون هذه الدفاتر خالية من أي فراغ أو شطب أو محو أو كتابة في الهوامش أو بين السطور (1) . ومعنى ذلك انه يجب مراعاة الدقة التامة في مسك الدفاتر التجارية . والقصد من هذا الإجراء تلافي الغش او تدوين العمليات الوهمية ومنعاً للإضافة أو التغيير او تقديم التاريخ وعليه لا يجوز تصحيح بيان كان قد أدرج خطأ في الدفتر التجاري في نفس الحقل . وإنما يقتضي تصحيح هذا الخطأ بكتابة معاكسة بتاريخ اكتشافه .

2- يتعين قبل استعمال دفتر اليومية الأصلي أن ترقم كل صفحة من صفحاته وأن يوقع كل ورقة فيه الكاتب العدل وأن يضع عليه ختم الدائرة بعد أن يذكر عدد الصفحات التي يتكون منها الدفتر (2) والحكمة من هذه القاعدة هي صنع إخفاء بعض صفحات الدفتر أو أن يستبدل بها غيرها أو أن يعدم الدفتر بأكمله ويبدل به آخر مصطنع . أما إذا كان المشروع التجاري يستعمل بطاقات لتنظيم حساباته وتستعمل هذه البطاقات في الواقع في مؤسسات القطاع الاشتراكي فإنه يجب تصديقها وفق التعليمات التي تصدرها وزارة التجارة (3).

3- يجب تقديم الدفتر التجاري في نهاية السنة المالية الى الكاتب العدل للتصديق على عدد الصفحات التي استعملت خلال السنة المالية . وعند انتهاء العمل بالدفتر التجاري يتعين أن يقدم للكاتب العدل للتأشير بما يفيد ذلك (4).

4- ينبغي على التاجر عند توقف نشاطه التجاري وعلى ورثته عند وفاته تقديم الدفتر التجاري للكاتب العدل للتأشير عليه بما يفيد ذلك (5).

ومما يجب الإشارة إليه أنه لا أثر على مدى انتظام الدفتر التجاري اذا لم تدرج القيود بخط يد التاجر . وذلك لأن ما اشترطه المشرع هو القيام بإجراءات معينة ليس من ضمنها اشتراط تدوين العمليات التجارية بخط يد التاجر ويتضح ذلك من منطوق المادة الثانية والثلاثين من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 . إذ تنص هذه المادة على ما يلي : ” أولا ً القيود المدونة في الدفاتر الإلزامية المنتظمة وغير المنتظمة من قبل العاملين مع صاحب الدفاتر المأذونين في ذلك تعتبر في حكم القيود المدونة من قبله ” .ثانياً : يفترض في القيود الواردة ذكرها في الفقرة (أولاً) أنها دونت بعلم صاحبها ورضاه الى أن يقيم الدليل على عكس ذلك (6).

مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية :

يضاف الى ما تقدم من القواعد السابقة بيانها لمسك الدفاتر أنه يجب على التاجر وورثته الاحتفاظ بالدفاتر والمحررات المؤيدة للقيود الواردة فيها مدة سبع سنوات تبدأ من تاريخ التأشير على الدفتر بانتهاء صفحاته او بوقف نشاط التاجر وعلى التاجر وورثته ايضاً (الاحتفاظ بأصول الرسائل والبرقيات والتلكس او صورها مدة سبع سنوات تبدأ من تاريخ اصدارها او ورودها (7) . ويسمح المشرع للتاجر بأن يحتفظ بالصور بدلاً من الأصل خلال المدة المذكورة (سبع سنوات) (8) . ولا تعتبر المدة المذكورة من قبيل التقادم فلا ينتج عن انقضائها سقوط حق أو دين ثابت في الدفاتر بل يترتب على مرورها قيام قرينة على أن التاجر قد أعدم دفاتره بيد أن التاجر القرينة قابلة لإثبات العكس إذ يجوز للخصم ان يثبت أن التاجر لا يزال محتفظاً بالدفاتر رغم مرور المدة المذكورة فإذا امتنع التاجر عن تقديمها بالرغم من إثبات وجودها كان للخصم الحق في إثبات مضمونها بأي طريق من طرق الإثبات وجاز للمحكمة تحميل التاجر الممتنع مصروفات ذلك الإثبات مهما كانت نتيجة الفصل في الدعوى (9).

ب- الجزاءات التي تترتب على عدم مراعاة قواعد القانون الخاصة بمسك الدفاتر التجارية .

رتب المشرع على الإخلال بالأحكام القانونية الخاصة بمسك الدفاتر التجارية ، كما لو لم تمسك هذه الدفاتر أصلاً أو كانت غير كافية ولا تتناسب مع أهمية النشاط التجاري الممارس أو كانت غير منظمة وفقاً للشروط المقررة قانوناً أو لم يحتفظ بها المدة القانونية المقررة – سبع سنوات – جزاء جنائياً قررته المادة الثامنة والثلاثين من قانون التجارة يتمثل بغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على ألف دينار .

بالإضافة الى ما تقدم فإن التاجر يتعرض لعقوبة الإفلاس بالتقصير عند عدم مسكه دفاتر تجارية تبين حقيقة وواقع وضعه المالي أو كون هذه الدفاتر غير منتظمة قانوناً مما يؤدي الى تطبيق العقوبات التي فرضها قانون العقوبات في مثل هذه الحالة وهي عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تزيد على مائة ديناراً (10) . كما أوجب قانون العقوبات فرض عقوبة الإفلاس بالتدليس وهي الحبس لمدة لا تزيد على سبع سنوات ولا تقل عن سنتين في حالة إعدام أو إخفاء الدفاتر التجارية كلها أو قسم منها أو استبدالها بغيرها (11).

_________________

1. انظر الفقرة الأولى من المادة السابعة عشرة من قانون التجارة .

2. انظر الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة السابعة عشرة من قانون التجارة.

3. انظر الشطر الثاني من الفقرة الثانية من المادة السابعة عشرة من قانون التجارة.

4. انظر نص الفقرة الثالثة من المادة السابعة عشرة من قانون التجارة .

5. انظر نص الفقرة الرابعة من المادة السابعة عشرة من قانون التجارة .

6. لا يختلف نص المادة المذكورة أعلاه من قانون الاثبات عن نص المادة 37 الملغاة من قانون التجارة ، بالقانون المذكورة ، إلا من ناحية الصياغة اللغوية فقط . إذ تتضمن المادة الملغاة نفس الاحكام تماماً .

7. انظر نص الفقرة الأولى من المادة الثامنة عشرة من قانون التجارة .

8. انظر نص الفقرة الثانية من المادة الثامنة عشرة من قانون التجارة .

9 . انظر نص المادة 56 من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 .

10 . انظر نص المادة 470 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 .

11 . انظر نص الفقرة الأولى من المادة 468 من قانون العقوبات .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .