الطعن 5468 لسنة 82 ق جلسة 14 / 4 / 2013 مكتب فني 64 ق 66 ص 500

برئــاسة السيد القاضي/ السعيد برغـوث نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عيد محجوب ومحمد عبد العال نائبي رئيس المحكمة ورافع أنور وأحمد رضوان .

————

(1) قضاة . دعوى جنائية ” قيود تحريكها ” . دفوع ” الدفع ببطلان التفتيش ” . قانون ” تفسيره ” . نظام عام . بطلان . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
قيد الإذن الوارد على تحريك الدعوى الجنائية قِبل القضاة . انصرافه إلى إجراءات التحقيق كافة ولو لم تكن ماسة بشخصه . أساس ذلك ؟
تفتيش السيارة الخاصة بأحد القضاة قبل تمام صدور الإذن اللازم قانوناً . أثره : بطلانه بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام . للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها .
رضاء القاضي بالتفتيش أو تنازله عن حصانته لا يصحح البطلان . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالبراءة لبطلان تفتيش سيارة قاضٍ لاتخاذه قبل الحصول على الإذن في جرائم حيازة مواد مخدرة وأسلحة نارية وذخائر .
(2) حجية الشيء المحكوم فيه . حكم ” حجيته ” ” بيانات التسبيب ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . مصادرة .
حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلَّا على منطوق الحكم . امتداد أثرها إلى الأسباب . شرطه : أن تكون مكملة للمنطوق .
قضاء الحكم المطعون فيه بمصادرة الذخيرة بالأسباب دون المنطوق . لا عيب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام ، خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضده من التهم المسندة إليه في قوله ” وحيث إن المحكمة تشير تمهيداً لقضائها في الدعوى إلى أن المقطوع به لديها أن الإقرار المحرر بخط يد المتهم قد صدر عنه – بقوله واطمئنان المحكمة – وأن تفتيش السيارة الخاصة التي يقودها لم يكن بإذن من سلطة تملكه وفى غير حالات التلبس بالجريمة المنصوص عليها حصراً في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، وما كان ذلك التفتيش للسيارة الخاصة وهى في حيازة المتهم بالطريق العام ليتم بغير توافر أحد ذلك السندين أو أن يدفع إليه حالة ضرورة بغير تفرقة بين كون السيارة محل الحيازة مملوكة أو غير مملوكة لحائزها ، وأن التفتيش في واقعة الدعوى قد جرى استناداً إلى رضاء من المتهم دليله ذلك الإقرار المقدم والذى تراه المحكمة صادراً عن إرادة حرة قبل إتمام التفتيش وأن مُصدره على علم بظروف التفتيش وبأن من يريد إجراءه لا يملك ذلك قانوناً وقد نتج عن ذلك التفتيش استناداً للرضاء ، الجرائم المتلبس بها موضوع أمر الإحالة . وحيث إنه وترتيباً على ما هو مستقر في يقين هذه المحكمة على النحو المتقدم فإنها لا ترى في الرضاء بالتفتيش الصادر من المتهم – رئيس محكمة من الفئة ب – غير التنازل عن الحصانة القضائية المقررة لأعضاء السلطة القضائية إعمالاً لنص المادة 96 من قانون تلك السلطة المعدل الذى جرى على أنه ” في غير حالات التلبس لا يجوز القبض على القاضي …. إلَّا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها في المادة 94 …. وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلَّا بإذن من اللجنة المذكورة وبناء على طلب من النائب العام ” ، ومن المقرر أن المقصود بالقاضي هنا جميع قضاة المحاكم الجزئية والابتدائية ومستشاري محاكم الاستئناف ومحكمة النقض ، كما تسرى هذه الحصانة على أعضاء النيابة العامة بموجب نص المادة 130 من القانون المتقدم وتعتنق المحكمة ذلك التوجه الفقهي المجمع عليه من أن غاية المشرع من اشتراط الإذن هي رغبته في أن يطمئن هؤلاء إلى أن أدائهم لواجباتهم الوظيفية لن يتسبب في اتخاذ إجراءات تعسفية قِبلهم فيؤدون هذه الواجبات دون أي خوف . وأن أساس الإذن ليس مصلحة المجني عليه وإنما المصلحة العامة المتعلقة بحسن سير عمل تلك السلطة ولذلك فهي من النظام العام فلا يجوز لمن قُدِرت لصالحه هذه الضمانات أن يتنازل عنها . الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى أن تفتيش السيارة التي كان المتهم يقودها قد جرى استناداً لإجراء غير صحيح تصمه المحكمة بالبطلان الذي يمتد أثره إلى كل دليل مستمد منه بما فيه العثور على الأسلحة والمخدر داخل السيارة وبما فيه ما نسب إلى المتهم من إقرار وإلى ما ورد في تحريات الشرطة باعتبار أن الأمر جميعه نتاج ذلك الإجراء الأول الباطل الذي حجب المحكمة حتى عن تقييم الأمرين الأخيرين واللذين لا ترى فيهما الدليل المستقل القابل للتقييم مع وجود ذلك الإجراء الباطل . ويتعين لذلك القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه إعمالاً لنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ” . لما كان ذلك ، وكانت المادة 96 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 إذ نصت على أنه ” في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه احتياطياً إلَّا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها في المادة 94 …. وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلَّا بإذن اللجنة المذكورة بناءً على طلب النائب العام …. ” ، وكانت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه ” في جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلَّا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب ” . فإن مفاد نص المادتين سالفي الذكر أن المشرع لم يقصد قصر قيد الإذن المنصوص عليه في المادة 96 سالفة البيان على الإجراءات الماسة بشخص القاضي وإنما قصد بما نص عليه في الفقرة الأولى من تلك المادة من عدم جواز القبض على القاضي أو حبسه احتياطياً وكلا الإجراءين من إجراءات التحقيق وأخطرها وما نص عليه في فقرتها قبل الأخيرة من عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى التأكيد على عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيـق مع القاضي أو رفع الدعوى عليه ، أمَّا ما عدا ذلك من الإجراءات الغير ماسة بشخـص القاضي فيـظل محـكوماً بعموم نـص الفقـرة الثانيـة مـن المـادة التاسعـة مـن قانـون الإجـراءات الجنائية فلا يجوز اتخاذها إلَّا بعد صــدور الإذن بهــا مــن اللجنة المختصة ، فإذا اتخذ الإجراء قبل تمام صدور الإذن الذى تطلبه القانون في هذا الشأن وقع ذلك الإجراء باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة ، ويتعين على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وتبطل إجراءات التحقيق كافة ما تعلق منها بشخص المتهم وما لم يكن منها ماساً بشخصه ، ولا يصحح الإجراء الباطل رضاء المتهم به أو تنازله عن حصانته ؛ لما هو مقرر من أن الحصانة القضائية حصانة خاصة مقرره لمنصب القاضي لا لشخصه والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التي تغياها الشارع من قيد الإذن وهى حماية شخص القاضي والهيئة التي ينتسب لها لما في اتخاذ إجراءات التحقيق المتعلقة باتهام يدور حول القاضي في غيبة من جهة الاختصاص من مساس بشخص القاضي واستقلال الهيئة التي ينتسب لها ، كما أن عدم النص صراحة في المادة 96 سالفة البيان – على عدم جواز اتخاذ الإجراءات الغير ماسة بشخص القاضي دون إذن اللجنة المختصة يعنى أن الشارع لم يرد الخروج على الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما خلص إليه من بطلان التفتيش وبطلان الدليل المستمد منه قد التزم هذا النظر المتقدم ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح وأصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة – النيابة العامة – غير سديد .
2- لما كان لا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أنه لا محل لما ذهبت إليه نيابة النقض في مذكرتها من خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون لخلو منطوقه من القضاء بمصادرة الذخيرة المضبوطة ؛ إذ إن البيِّن من مطالعة أسباب الحكم أنها تضمنت القضاء بمصادرة هذه الذخيرة ، وكان من المقرر في القانون أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلَّا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى أسبابه إلَّا ما كان منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قواماً إلَّا به ويصح إذاً أن يرد بعض المقضي به في الأسباب المكملة والمرتبطة بالمنطوق ، ومن ثم فإن ما تحدث به الحكم المطعون فيه في أسبابه عن مصادرة الذخيرة المضبوطة يكون مكملاً لمنطوقه في هذا الصدد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامـة المطعون ضده بأنه :-(1)حاز أسلحة نارية مششخنة ” سبع بنادق آلية ” مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها . (2) حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً ” مسدس ” عيار 9 مم . (3) حاز ذخائر ” عدد أربع طلقات ” مما تستعمل في السلاح الناري موضوع التهمة السابقة دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه . (4) حاز بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً ” حشيشاً ” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . (5) حاز بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً ” أفيوناً” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .(6) حاز مادة تخضع لبعض قيود الجواهر المخدرة ” الترامادول ” في غير الأحوال المصرح بهـا قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جناـيات …. لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهم ، وبمصادرة الأسلحة النارية والمواد المخدرة المضبوطة .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن النيابة العامة – الطاعنة – تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهم حيازة مواد مخدرة وأسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم أبطل تفتيش السيارة حيازة المطعون ضده تأسيساً على أن رضائه بالتفتيش لا يعدو أن يكون سوى تنازل عن الحصانة المقررة لأعضاء السلطة القضائية صدر ممن لا يملكه وفى غير حالات التلبس بالجريمة ، على الرغم من اطمئنان المحكمة إلى صدور هذا الرضاء عمن صدر عنه وتحرير صاحبه إقراراً كتابياً يتضمن موافقته على هذا التفتيش وهو ما يصحح ما قد يشوب الإجراء من بطلان ، وإذ أسفر هذا الإجراء عن قيام جريمة متلبس بها واتخذت حيالها كافة الإجراءات القانونية التي يوجبها قانون السلطة القضائية مما كان لازمه التعويل على ما أسفر عنه هذا الإجراء الذى تم وفق صحيح القانون ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام ، خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضده من التهم المسندة إليه في قوله ” وحيث إن المحكمة تشير تمهيداً لقضائها في الدعوى إلى أن المقطوع به لديها أن الإقرار المحرر بخط يد المتهم قد صدر عنه – بقوله واطمئنان المحكمة – وأن تفتيش السيارة الخاصة التي يقودها لم يكن بإذن من سلطة تملكه وفى غير حالات التلبس بالجريمة المنصوص عليها حصراً في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، وما كان ذلك التفتيش للسيارة الخاصة وهي في حيازة المتهم بالطريق العام ليتم بغير توافر أحد ذلك السندين أو أن يدفع إليه حالة ضرورة بغير تفرقة بين كون السيارة محل الحيازة مملوكة أو غير مملوكة لحائزها ، وأن التفتيش في واقعة الدعوى قد جرى استناداً إلى رضاء من المتهم دليله ذلك الإقرار المقدم والذى تراه المحكمة صادراً عن إرادة حرة قبل إتمام التفتيش وأن مُصدره على علم بظروف التفتيش وبأن من يريد إجراءه لا يملك ذلك قانوناً وقد نتج عن ذلك التفتيش استناداً للرضاء ، الجرائم المتلبس بها موضوع أمر الإحالة . وحيث إنه وترتيباً على ما هو مستقر في يقين هذه المحكمة على النحو المتقدم فإنها لا ترى في الرضاء بالتفتيش الصادر من المتهم – رئيس محكمة من الفئة ب – غير التنازل عن الحصانة القضائية المقررة لأعضاء السلطة القضائية إعمالاً لنص المادة 96 من قانون تلك السلطة المعدل الذى جرى على أنه ” في غير حالات التلبس لا يجوز القبض على القاضي …. إلَّا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها في المادة 94 …. وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلَّا بإذن من اللجنة المذكورة وبناء على طلب من النائب العام ” ، ومن المقرر أن المقصود بالقاضي هنا جميع قضاة المحاكم الجزئية والابتدائية ومستشاري محاكم الاستئناف ومحكمة النقض ، كما تسرى هذه الحصانة على أعضاء النيابة العامة بموجب نص المادة 130 من القانون المتقدم وتعتنق المحكمة ذلك التوجه الفقهي المجمع عليه من أن غاية المشرع من اشتراط الإذن هي رغبته في أن يطمئن هؤلاء إلى أن أدائهم لواجباتهم الوظيفية لن يتسبب في اتخاذ إجراءات تعسفية قِبلهم فيؤدون هذه الواجبات دون أي خوف . وأن أساس الإذن ليس مصلحة المجني عليه وإنما المصلحة العامة المتعلقة بحسن سير عمل تلك السلطة ولذلك فهي من النظام العام فلا يجوز لمن قُدِرت لصالحه هذه الضمانات أن يتنازل عنها . الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى أن تفتيش السيارة التي كان المتهم يقودها قد جرى استناداً لإجراء غير صحيح تصمه المحكمة بالبطلان الذي يمتد أثره إلى كل دليل مستمد منه بما فيه العثور على الأسلحة والمخدر داخل السيارة وبما فيه ما نسب إلى المتهم من إقرار وإلى ما ورد في تحريات الشرطة باعتبار أن الأمر جميعه نتاج ذلك الإجراء الأول الباطل الذي حجب المحكمة حتى عن تقييم الأمرين الأخيرين واللذين لا ترى فيهما الدليل المستقل القابل للتقييم مع وجود ذلك الإجراء الباطل. ويتعين لذلك القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه إعمالاً لنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية “. لما كان ذلك ، وكانت المادة 96 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 إذ نصت على أنه ” في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه احتياطياً إلَّا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها في المادة 94 …. وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلَّا بإذن اللجنة المذكورة بناءً على طلب النائب العام …. ” ، وكانت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه ” في جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلَّا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب ” . فإن مفاد نص المادتين سالفي الذكر أن المشرع لم يقصد قصر قيد الإذن المنصوص عليه في المادة 96 سالفة البيان على الإجراءات الماسة بشخص القاضي وإنما قصد بما نص عليه في الفقرة الأولى من تلك المادة من عدم جواز القبض على القاضي أو حبسه احتياطياً وكلا الإجراءين من إجراءات التحقيق وأخطرها وما نص عليه في فقرتها قبل الأخيرة من عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى التأكيد على عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيـق مع القاضي أو رفع الدعوى عليه ، أمَّا ما عدا ذلك من الإجراءات الغير ماسة بشخـص القاضي فيـظل محـكوماً بعموم نـص الفقـرة الثانيـة مـن المـادة التاسعـة مـن قانـون الإجـراءات الجنائية فلا يجوز اتخاذها إلَّا بعد صــدور الإذن بهــا مــن اللجنة المختصة ، فإذا اتخذ الإجراء قبل تمام صدور الإذن الذى تطلبه القانون في هذا الشأن وقع ذلك الإجراء باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة ، ويتعين على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وتبطل إجراءات التحقيق كافة ما تعلق منها بشخص المتهم وما لم يكن منها ماساً بشخصه ، ولا يصحح الإجراء الباطل رضاء المتهم به أو تنازله عن حصانته ؛ لما هو مقرر من أن الحصانة القضائية حصانة خاصة مقرره لمنصب القاضي لا لشخصه والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التي تغياها الشارع من قيد الإذن وهى حماية شخص القاضي والهيئة التي ينتسب لها لما في اتخاذ إجراءات التحقيق المتعلقة باتهام يدور حول القاضي في غيبة من جهة الاختصاص من مساس بشخص القاضي واستقلال الهيئة التي ينتسب لها ، كما أن عدم النص صراحة في المادة 96 سالفة البيان – على عدم جواز اتخاذ الإجراءات الغير ماسة بشخص القاضي دون إذن اللجنة المختصة يعنى أن الشارع لم يرد الخروج على الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما خلص إليه من بطلان التفتيش وبطلان الدليل المستمد منه قد التزم هذا النظر المتقدم ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح وأصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة – النيابة العامة – غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضـــه موضوعاً .
وحيث إنه لا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أنه لا محل لما ذهبت إليه نيابة النقض في مذكرتها من خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون لخلو منطوقه من القضاء بمصادرة الذخيرة المضبوطة ؛ إذ إن البيَّن من مطالعة أسباب الحكم أنها تضمنت القضاء بمصادرة هذه الذخيرة ، وكان من المقرر في القانون أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلَّا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى أسبابه إلَّا ما كان منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قواماً إلَّا به ويصح إذاً أن يرد بعض المقضي به في الأسباب المكملة والمرتبطة بالمنطوق ، ومن ثم فإن ما تحدث به الحكم المطعون فيه في أسبابه عن مصادرة الذخيرة المضبوطة يكون مكملاً لمنطوقه في هذا الصدد .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .