القرينة القانونية بانها استنباط المشرع امرا غير ثابت من امر ثابت وهي تغني من تقررت لمصلحته عن أي دليل آخر من أدلة الاثبات. اما القاعدة الموضوعية فأسسها الكثرة الغالبة من الأحوال، رأى المشرع عليها بصفة عامة مجردة لتنظيم سلوك الأفراد، فأحالها الى حقيقة ثابتة اقراراً لفكرة الاحتمال الراجح وفقا للمسار الطبيعي للحوادث (1). ومن القواعد الموضوعية ما ورد في المادة 97 من القانون المدني التي نصت على ان (1. يعتبر تصرف الصغير المميز اذا كان في حقه نفعاً محضاً وان لم يأذن به الولي ولم يجزه، ولا يعتبر تصرفه الذي هو في حقه ضرر محض وان آذن بذلك وليه او اجازه، اما التصرفات الدائرة في ذاتها بين النفع والضرر فتنعقد موقوفة على اجازة الولي في الحدود التي يجيز فيها لهذا التصرف ابتداء. 2. وسن التمييز سبع سنوات كاملة).

وقد قيدت المادة 43 من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980، الأحكام الواردة في المادة 97 من القانون المدني، حيث أصبح الولي ممنوعا من اجراء عدد كبير من التصرفات مباشرة الا بموافقة مديرية رعاية القاصرين المختصة بعد التحقق من مصلحة القاصر في ذلك التصرف. وكذلك ما ورد في المادة 106 من القانون المدني التي نصت على ان (سن الرشد هي ثماني عشرة سنة كاملة) حيث راعت غالبية الحالات بقصد ضبط المعاملات واستقرارها، غير ملتفت الى التفاوت بين شخص وآخر، ومن الامثلة أيضا، ما ورد في المواد (583 و 1109 و 1128و 1129و 1158/ 1-2) من القانون المدني، وكذلك ما ورد في قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم 78 لسنة 1977، من ان كل شخص يعتبر مطلعا على القانون بنشره في الجريدة الرسمية و (لا يعتد بالجهل بمضمون ما ينشر في الوقائع العراقية)(م6).

فالقانون ينص على القاعدة الموضوعية بصيغة عامة مجردة على انها حقيقة ثابتة لا يجوز مناقشتها او اثبات خلافها .. اما القرينة القانونية فيجوز اثبات خلافها. وتختفي فكرة الاحتمال والترجيح والغالب في الأحوال وراء القاعدة الموضوعية بحيث لم يعد لها وجود ويحيلها المشرع الى حقيقة ثابتة، اما فكرة الاحتمال والترجيح في القرينة القانونية فتبقى ظاهرة، وتكون القرينة هي موضوع النص القانوني. وتقرر القاعدة الموضوعية حكما موضوعيا، ولا تتضمن اعفاء من الاثبات، في حين ان القرينة القانونية اعفاء من اثبات الواقعة المراد اثباتها، وذلك بأثبات واقعة اخرى اسهل منها ثبوتا، ويتم الانتقال من القرينة القانونية الى القاعدة الموضوعية، وكذلك بالعكس، وفقا لمقتضيات واعتبارات يقدرها المشرع، لانهما من صنعه، فأحياناً يكتفي بان يجعل واقعة معينة قرينة قانونية بسيطة واخرى يضعها في مرتبة اعلى فيقرر أنها قرينة قانونية قاطعة وقد يرفعها الى أعلى المراتب ويضمها الى صف القواعد الموضوعية التي لا يجوز مناقشتها او دحضها بأي دليل حتى ولو بالإقرار او اليمين (2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-السنهوري، فقرة 334 ص616. عوض محمد عوض، القرينة القانونية والقاعدة الموضوعية، مجلة ادارة قضايا الحكومة، القاهرة 1961، العدد الثاني السنة الخامسة فقرة 32 ص52.

2-السنهوري فقرة 335 و 336 ص617 – 620. مرقس، أصول الاثبات ج2 فقرة 288 ص122 وما بعدها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .