يفهم من نص المادة (71) من قانون الاثبات، ان توجيه الاستجواب يعود للمحكمة كما يعود للخصم (1). فالمحكمة تتمتع بحق توجيه الاستجواب لما لها من دور ايجابي في الاثبات وسلطة واسعة في كشف الحقيقة، ويجوز الاستجواب امام محاكم الدرجة الأولى (بداءة، احوال شخصية ..) ومحاكم الدرجة الثانية (الاستئناف) وكذلك الخصم، سواء كان مدعياً او مدعى عليه او متدخلا فيها، ان يطلب توجيه الاستجواب الى الخصم الآخر، وبذلك لا يجوز توجيه الاستجواب الا لمن كان طرفا في الخصومة، فالغير لا يسمع في الخصومة الا كشاهد فـ (لا يجوز قانونا استجواب من ليس خصما في الدعوى كما لا يجوز للخصم المقرر استجوابه ان ينيب عنه في الجابة على الاستجواب شخصا آخر .. أما من لم يكن خصما في الدعوى فانه لا يجوز للمحكمة ان تسمع أقواله الا باعتباره شاهدا بعد ادائه اليمين)(2).

اما اذا رأت المحكمة ضرورة استجواب الغير لما لديه من معلومات تنير المحكمة وتساعدها على حسم الدعوى، فيجب في هذه الحالة ادخاله في الخصومة وفق أحكام اختصام الغير ومن ثم استجوابه (3). فاذا اقيمت دعوى حول بدل ايجار وادعى المستأجر انه كان قد سلمه الى زوجة المؤجر (المدعي) فللمحكمة ادخالها شخصا ثالثاً في الدعوى للاستيضاح منها حول ذلك للمحافظة على حقوق المدعى عليه (4). ولكن ما هي الاهلية المطلوب توفرها في الخصم المراد استجوابه؟ الرأي الراجح فقها، انه يشترط في الخصم المستجوب ان يكون أهلاً للتصرف في الحق المتنازع عليه، لان الهدف من الاستجواب هو الوصول الى اقرار الخصم بالحق المدعى به (5).

ونصت المادة (107 / 3) من قانون الاثبات المصري على انه (ويشترط في جميع الأحوال ان يكون المراد استجوابه اهلا للتصرف في الحق المتنازع فيه)، ولا يوجد في قانون الاثبات العراقي نص مماثل، ولكن يلاحظ ان المادة (75/ أولاً) منه اجازت للمحكمة استجواب الصغير المميز في الأمور المأذون فيها فتكون له أهلية الاقرار بهذه التصرفات وتعد اجابته بمثابة اقرار كامل (6). وبذلك لا يصح استجواب الصغير غير المميز والصغير المميز غير المأذون له بالتجارة المجنون والمعتوه والمحجور عليه لسفه او غفلة، لان هؤلاء لا يملكون الأهلية القانونية للتصرف، ومن ثم تقع جميع تصرفاتهم الضارة بهم باطلة، وحيث ان الاستجواب يقصد الوصول (في الاغلب) الى اقرار بحق، لذلك يعد من التصرفات الضارة (7).

اما استجواب الولي والوصي والقيم، فان المادة (60 / أولاً) من قانون الاثبات نصت على انه (ولا يصح على هؤلاء اقرار اوليائهم او أوصيائهم او اقوام عليهم) ونرى ان الولي والوصي او القيم يمثل عديم الاهلية أو ناقصها، لذلك يجوز استجوابهم عن هؤلاء نيابة، بشرط ان يكون ذلك في حدود سلطتهم التي حددها قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 وعن الأمور والوقائع التي حدثت منهم شخصيا أو عن مجرد علمهم بوقائع حدثت من سواهم (8). ونصت الفقر الأولى من المادة 107 من قانون الاثبات المصري على انه (اذا كان الخصم عديم الاهلية او ناقصها، جاز استجواب من ينوب عنه، وجاز للمحكمة مناقشته هو ان كان مميزاً في الأمور المأذون فيها). وفي حين جاء قانون الاثبات العراقي خاليا من نص مماثل، ولكن يمكن الاخذ بهذا الحكم باعتباره من القواعد العامة (9).

اما بالنسبة للشخص المعنوي، فيلاحظ ان المادة (75/ ثانياً) من قانون الاثبات نصت على ان (تستجوب المحكمة الاشخاص المعنوية عن طريق من يمثلها قانونا)(10). ويشترط لكي يكون اقرار ممثل الشخص المعنوي ملزما، ان يكون واردا على عمل قام به الممثل نفسه، أو عقد ابرمه، وان اقرر ممثل الدائرة الرسمية المستخلص من خلال استجوابه يكون ملزما للدائرة فيما اذا كان مخولا صلاحية الاقرار (11).

_________________________

1-المواد (103، 104) بينات سوري و (105، 106) اثبات مصري.

2-نقض مصري في 2/12/1965 مشار إليه في الديناصوري عكاز ص254.

3-فتحي والي ص482.

4-الاستاذ ضياء شيت خطاب، بحوث ودراسات فقرة 77 ص88.

5-عبد الودود يحيى، فقرة 114 ص167.

6-العبودي، أحكام ص239.

7-محمد وعبد الوهاب العشماويان، ج2 فقرة 1014 ص612.

8-انظر المواد (30 – 43) من قانون رعاية القاصرين. وانظر مرقس من طرق الاثبات، ج2 ص97.

9-انظر المادة (99) مدني عراقي.

10-انظر المادة (102 / 2) اثبات مصري.

11-القرار التمييزي المرقم 9 / هيئة عامة ثانية / 1974 في 25 / 5 / 1974 النشرة القضائية، العدد (2) السنة (5)، ص276.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .