الطعن 269 لسنة 49 ق جلسة 9 / 1 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 36 ص 168

برياسة السيد المستشار الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي، محمد طموم وزكي المصري.
———–
– 1 نقض “الخصوم في الطعن”.
الاختصام في الطعن بالنقض . شرطه.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفى لقبول الطعن بالنقض أن يكون المطعون ضده طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ، وإنما يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو .
– 2 عقد “العقود الإدارية”.
العقود الادارية . ما هيتها . ما تبرمه الادارة بشأن نشاطها الخاص . لا يعتبر عقدا اداريا .لا أثر لطريقة التعاقد وشروطه .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة طرفاً فيه ، وأن يتصل بإدارة مرفق عام أو يبرم بمناسبة تسييره ، وأن يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص يبدو فيها مركز الإدارة المتميز و مظاهر سلطتها التامة التي لا يتمتع بها المتعاقد العادي فلا تعتبر عقوداً إدارية ما تبرمه الإدارة بشأن نشاطها الخاص ولا تقصد من ورائها تحقيق نفع عام وإنما تحقيق غرض مالي خاص بها والحصول على ربح مادى ، وإذ تضمن العقد مثار النزاع أن الفندق موضوع التعاقد من الأملاك الخاصة لمجلس المدينة و تم الاتفاق فيه على انتفاع المطعون ضده الأول به لقاء مبلغ محدد فإنه يكون عقداً متعلقاً بنشاط خاص للطاعن قصد به تحقيق غرض مالي و الحصول على ربح مادى لتنمية موارده المالية شأنه في ذلك شأن الأفراد ، و لا يغير من ذلك ما تضمنه العقد من الشروط المشار إليها و لا أنه أبرم بناء على مزاد علني دفع المتزايدون تأميناً لدخوله إذ أن إبرام العقد بهذا الطريق و تضمينه تلك الشروط أمر مألوف في عقود القانون الخاص .
– 3 التزام “أوصاف الالتزام” تنفيذ الالتزام “نظرية الظروف الطارئة”.
قرار مجلس المدينة بتخفيض الأجرة . التزام معلق علي شرط م 25 من قانون 124 لسنة 1960 . علة ذلك . عدم تحقق الشرط بموافقة وزير الخزانة . أثره . اعتبار الالتزام لم يكن بأثر رجعي منذ بدايته . م 268 مدني .
لما كان من المقرر بنص المادة 25 من القانون رقم 124 سنة 1960 بشأن نظام الإدارة المحلية – الذي صدر قرار التخفيض في ظله – أنه ” يجوز للمجلس التصرف بالمجان في مال من أمواله الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار أسمى أو بأقل من أجر المثل إلى شخص طبيعي أو معنوي بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام وذلك بعد موافقة الوزير المختص في حدود ألف جَنيه في السنة المالية الواحدة أما فيما يجاوز ذلك فيكون التصرف فيه بقرار من رئيس الجمهورية، وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير الموِدعة ضمن مستندات هذا الطعن أن مجلس المدينة قرر تخفيض أجرة الفندق موضوع النزاع بنسبة 46% عن عام 1967/1968 وتضمن إخطار المطعون ضده الأول بهذا القرار أنه لا يعتبر نافداً إلا بعد موافقة وزير الخزانة، وقد أضاف الخبير أن هذه الموافقة لم ترد، وكان تخفيض الأجرة بهذا القرار يتضمن تنازلاً بلا مقابل عن مبلغ من النقود مستحق الأداء مما يتعين معه تعليق نفاذه على موافقة الوزير المختص طبقاً لنص المادة 25 من القانون رقم 124 سنة 1960، وكان مؤدى عدم موافقة الوزير على هذا القرار عدم نفاذه واعتباره كأن لم يكن بأثر رجعى منذ البداية عملاً بحكم المادة 268 من القانون المدني.
– 4 التزام “أوصاف الالتزام” تنفيذ الالتزام “نظرية الظروف الطارئة”.
نظرية الظروف الطارئة . عدم جواز اعمالها بغير طلب .
لما كان الحكم قد أخذ بنظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني، وانتهى من ذلك إلى تقرير ذات التخفيض تأسيساً على أن تطبيق هذه النظرية من النظام العام، في حين أن النص في الشطر الأخير من المادة المشار إليها على أن “يقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك” يدل على بطلان الاتفاق مقدماً على استبعاد تطبيق هذه النظرية أما بعد وقوع الحادث الطارئ حيث تنتفي مظنة الضغط على المدين المرهق فيجوز له النزول عن التمسك بذلك التطبيق، مما مؤداه ألا يكون للمحكمة تطبيق هذه النظرية بغير طلب، لما كان ذلك وكان البين من أوراق الطعن أن المطعون ضده الأول لم يتمسك بتطبيق هذه النظرية ولم يؤسس دعواه عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب يوجب نقضه.
———-
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على مجلس مدينة مرسى مطروح – الطاعن – والبنك …… المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 1895 لسنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية بطلب الحكم بأحقيته في استرداد قيمة خطاب الضمان التي صرفها مجلس المدينة من البنك دون وجه حق – وقدرها خمسة آلاف من الجنيهات – وقال شرحاً لدعواه أنه كان قد تعاقد مع مجلس المدينة على استغلال فندق ……. المملوك للمجلس وذلك لمدة خمس سنوات بدأت منذ 1/6/1965 لقاء أجرة سنوية قدرها 5500 جنيه وأنه تنفيذاً لهذا العقد استصدر من البنك المطعون ضده الثاني خطاب الضمان المشار إليه وسلمه إلى الطاعن وبعد أن تم تجديد العقد لمدة سنة أخرى أخطره الطاعن في 18/1/1972 بإنهائه فقام بتسليم الفندق في 24/5/1972 ثم فوجئ بقيامه بصرف قيمة خطاب الضمان بمقولة أنه مدين للمجلس في مبالغ كبيرة وإذ كان قد سدد له جميع مستحقاته بل ويداينه بمبالغ أخرى فقد أقام دعواه بالطلبات السالفة، دفع المجلس بعدم اختصاص المحاكم بنظر المنازعة تأسيساً على أنها منازعة إدارية. ومحكمة أول درجة حكمت في 18/2/1975 برفض الدفع وبندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين.
وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 31/1/1978 بأحقية المطعون ضده الأول في استرداد مبلغ 3565 جنيه خطاب الضمان ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف مجلس المدينة هذا الحكم بالاستئناف رقم 209 لسنة 34ق الإسكندرية. ومحكمة الاستئناف حكمت في 14/12/1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المجلس في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للبنك المطعون ضده الثاني، وأبدت الرأي بالنسبة للمطعون ضده الأول بنقض الحكم.

————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة في محله، ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفي لقبول الطعن بالنقض أن يكون المطعون ضده طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وإنما يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وإذ كان البين من وقائع الدعوى أن البنك المطعون ضده الثاني اختصم في الدعوى دون أن توجه إليه طلبات من المطعون ضده الأول وأنه وقف من الخصومة موقفا سلبيا ولم يقض بشيء له أو عليه فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامه أمام محكمة النقض ويكون الطعن بالنسبة له غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ اعتبر الترخيص باستغلال الفندق محل النزاع عقدا مدنيا في حين أن الطاعن أخذ بأسلوب القانون العام في إبرام العقد، حيث تم التعاقد بناء على مزاد علني دفع المتزايدون تأمينا لدخوله، وتضمن العقد شروطا تقضي بإلزام المرخص له بمراعاة القوانين واللوائح المبينة فيه، والتزام الأسعار التي تحددها أو توافق عليها مصلحة السياحة، وبتكملة التأمين النقدي إلى ما يوازي مقابل الاستغلال السنوي ولا يرد حتى يتم تسليم الفندق بعد انتهاء العقد ….. “وبأن يكون لمجلس المدينة إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين إذا خالف أي بند أو تخلف عن تنفيذ أي التزام مما نص عليه فيه، وهي شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص وتجعل من الترخيص عقد إداريا، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة طرفاً فيه، وأن يتصل بإدارة مرفق عام أو يبرم بمناسبة تسييره، وأن يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص يبدو فيها مركز الإدارة المتميز ومظاهر سلطتها التامة التي لا يتمتع بها المتعاقد العادي، فلا تعتبر عقوداً إدارية ما تبرمه الإدارة بشأن نشاطها الخاص ولا تقصد من ورائها تحقيق نفع عام وإنما تحقيق غرض مالي خاص بها والحصول على ربح مادي، وإذ تضمن العقد مثار النزاع أن الفندق موضوع التعاقد من الأملاك الخاصة لمجلس المدينة وتم الاتفاق فيه على انتفاع المطعون ضده الأول به لقاء مبلغ محدد فإنه يكون عقداً متعلقاً بنشاط خاص للطاعن قصد به تحقيق غرض مالي والحصول على ربح مادي لتنمية موارده المالية شأنه في ذلك شأن الأفراد، ولا يغير من ذلك ما تضمنه العقد من الشروط المشار إليها ولا أنه أبرم بناء على مزاد دفع المتزايدون تأميناً لدخوله، إذ أن إبرام العقد بهذا الطريق وتضمينه تلك الشروط أمر مألوف في عقود القانون الخاص، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون لهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على ما ذهب إليه الخبير من أن مجلس المدينة وافق على تخفيض أجرة عام 1967/ 1968 بنسبة 46% ولم يقم بتنفيذ هذا التخفيض بغير مبرر، في حين أن الثابت بالتقرير أن الطاعن أخطر المطعون ضده الأول بقرار التخفيض وبأنه لا يعتبر نافذا إلا بعد اعتماده من وزير الخزانة، وإذ كانت وزارة الخزانة قد طلبت النظر في تقسيط المبالغ المطلوب الإعفاء منها بما يعني عدم الموافقة على التخفيض فإن الحكم يكون قد أعمل قرار التخفيض دون تحقق الشرط المعلق عليه وخالف بذلك نص المادة 268 من القانون المدني، كما استند في قضائه بهذا التخفيض إلى نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في المادة 147 من القانون ذاته في حين أن المطعون ضده الأول لم يؤسس دفاعه على هذه النظرية أصلا.
وحيث إن هذا النعي بشقيه في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر بنص المادة 25 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بشأن نظام الإدارة المحلية – الذي صدر قرار التخفيض في ظله – أنه “يجوز للمجلس التصرف بالمجان في مال من أمواله الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار اسمي أو بأقل من أجر المثل إلى شخص طبيعي أو معنوي بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام وذلك بعد موافقة الوزير المختص في حدود ألف جَنيه في السنة المالية الواحدة أما فيما يجاوز ذلك فيكون التصرف فيه بقرار من رئيس الجمهورية”، وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير الموِدعة ضمن مستندات هذا الطعن أن مجلس المدينة قرر تخفيض أجرة الفندق موضوع النزاع بنسبة 46% عن عام 1967/ 1968، وتضمن إخطار المطعون ضده الأول بهذا القرار أنه لا يعتبر نافذاً إلا بعد موافقة وزير الخزانة وقد أضاف الخبير أن هذه الموافقة لم ترد، وكان تخفيض الأجرة بهذا القرار يتضمن تنازلاً بلا مقابل عن مبلغ من النقود مستحق الأداء مما يتعين معه تعليق نفاذه على موافقة الوزير المختص طبقاً لنص المادة 25 من القانون رقم 124 سنة 1960، وكان مؤدى عدم موافقة الوزير على هذا القرار عدم نفاذه واعتباره كأن لم يكن بأثر رجعي منذ البداية عملاً بالمادة 268 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على تطبيق ذلك القرار استنادا إلى تقرير الخبير وإلى ما أورده في أسبابه من أن هذا التعليق غير مفهوم وأخذ بنظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني، وانتهى من ذلك إلى تقدير ذات التخفيض تأسيساً على أن تطبيق هذه النظرية من النظام العام، في حين أن النص في الشطر الأخير من المادة المشار إليها على أن “يقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك” يدل على بطلان الاتفاق مقدماً على استبعاد تطبيق هذه النظرية، أما بعد وقوع الحالات الطارئة حيث تنتفي مظنة الضغط على المدين المرهق فيجوز له النزول عن التمسك بذلك التطبيق، مما مؤداه ألا يكون للمحكمة تطبيق هذه النظرية بغير طلب، لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المطعون ضده الأول لم يتمسك بتطبيق هذه النظرية ولم يؤسس دعواه عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .