الطعن 497 لسنة 49 ق جلسة 17 / 12 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 403 ص 2123

برياسة السيد المستشار الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي نائبي رئيس المحكمة، زكي المصري، منير توفيق.
———–
– 1 حراسة “الحراسة القضائية”. دعوى “الصفة”. ضريبة “ضريبة التركات”.
سلطة الحارس القضائي . نطاقها . إجراءات ربط الضريبة التي تستحق على التركة ورسم الأيلولة الذى يستحق على أنصبة الورثة والمنازعة فيها . ليس للحارس القضائي على التركة صفة في تمثيل الورثة . بشأنها . علة ذلك .
النص في المادة 734 من القانون المدني على أن ” يلتزم الحارس القضائي بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها وبإدارة هذه الأموال… “، وفي المادة 735 على أنه ” لا يجوز للحارس في غير أعمال الإدارة أن يتصرف إلا برضاء ذوى الشأن جميعاً أو بترخيص من القضاء “، يدل على أن الحراسة مجرد إجراء تحفظي مؤقت ينوب فيه الحارس عن ذوى الشأن في مباشرة أعمال حفظ الأموال المعهودة إليه حراستها، وأعمال إدارة هذه الأموال وما تستتبعه من أعمال التصرف المحدودة التي تلحق بها بالضرورة بحيث تكون له وحده – دونهم – الصفة في مباشرتها والتقاضي بشأنها، أما ما يجاوز هذه الحدود من أعمال التصرف الأخرى وما في حكمها التي تعلو على مستوى أعمال الحفظ والإدارة لتعلقها بأصل تلك الأموال ومقوماتها، أو لما قد يترتب عليها من إخراج جزء من المال أو إنشاء أي حق عيني عليه، فلا يكون للحارس صفة في مباشرتها أو في رفع الدعاوى منه أو عليه بشأنها، بل تظل لذوى الشأن وحدهم أهليتهم كاملة في القيام بها ما لم يتفقوا على غير ذلك أو يصدر به ترخيص من القضاء، لما كان ذلك وكانت إجراءات الضريبة التي تستحق على التركة ورسم الأيلولة الذي يستحق على أنصبة الورثة والمنازعة فيها هي من الأعمال التي تعلو على مستوى أعمال الحفظ والإدارة – لتعلقها بعناصر التركة ومقوماتها وتقدير أصولها وخصومها وتحديد صافيها قبل أيلولتها إلى الورثة فإنه لا تكون للحارس القضائي على التركة صفة في تمثيل الورثة في تلك الإجراءات.
– 2 ضرائب. نظام عام. قانون. بطلان. حراسة “حراسة قضائية”.
التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة . تعلقها بالنظام العام . مخالفتها . أثره . بطلان الإجراءات . إعلان نموذج 8 تركات إلى الحارس القضائي على التركة . عديم الأثر . علة ذلك . تنازله عن التمسك بهذا الانعدام غير جائز .
التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة هي من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها ، وقد ألزم المشرع مصلحة الضرائب التزامها وقرر وجهاً من المصلحة في إتباعها ورتب البطلان على مخالفتها ، وإذ كان التزام المصلحة بإعلان النموذج 8 تركات إلى كل من ذوى الشأن بكتاب موصى عليه بعلم الوصول هو من الإجراءات الأساسية التي أوجب المشرع على المصلحة اتخاذها لكى تنفتح به مواعيد السير في باقي إجراءات حصر التركة وجرد عناصرها وتقدير أموالها في مواجهة ” كل من ذوى الشأن ” ، فإن توجيه الإعلان المشار إليه إلى الحارس القضائي على التركة هو – على ما سلف بيانه – لا صفة له في تمثيل الورثة في هذه الإجراءات يكون عديم الأثر في هذا الشأن ، ولا يملك الحارس القضائي التنازل عن التمسك بهذا الانعدام لتعلقه بالنظام العام على نحو ما سلف ، ومن ثم فإن القول بصدور هذا التنازل ضمنياً وأياً كان وجه الرأي فيه . يكون غير منتج .
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مأمورية ضرائب تركات القاهرة قدرت صافي تركة المرحوم …… المتوفى في 6/8/1952 بمبلغ 156273.277، وأعلنت هذا التقدير على النموذج 8 تركات إلى الحارس القضائي على التركة – المطعون ضده الأول فاعترض عليه، وإذ أحيل الخلاف إلى لجنة الطعن قررت في 11/1/1968 بطلان ذلك النموذج لإعلانه إلى غير ذي صفة، طعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار بالدعوى رقم 1460 لسنة 1968 كلي القاهرة. ومحكمة أول درجة حكمت في 29/5/1969 بتأييده استأنفت المصلحة هذا الحكم بالاستئناف رقم 483 لسنة 86 ق القاهرة. وبجلسة 9/1/1979 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل السببين الأول والثالث مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب وفي بيان ذلك يقول البنك الطاعن (البنك الأهلي المصري) أن الحكم المطعون فيه اعتبر علاقته بالبنك المطعون ضده الحادي عشر (البنك المركزي المصري) علاقة تعاقدية وأنه أوفى بقيمة الشيكات موضوع النزاع دون أن يتحقق من سلامتها ولم يتخذ الحيطة الواجبة مما سهل للمطعون ضده الثاني الحصول بغير حق على أموال المطعون ضده الأول وهو ما يخالف القانون والعرف المصرفي ولما كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بانتفاء مسئوليته لأن الوفاء بالشيكات موضوع الدعوى أنما كان نتيجة خطأ وإهمال المطعون ضده الأول وموظفيه على ما ثبت من تحقيقات النيابة العامة والنيابة الإدارية كما أنه قام بصرف الشيكات باعتباره وكيلا عن البنك المطعون ضده الحادي عشر وأنه بذل الحيطة الكافية ولم يخرج عن حدود الوكالة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ترتيب مسئوليته عن صرف الشيكات المزورة دون أن يعرض لما أثاره من دفاع أو يرد عليه فإنه يكون فضلا عن مخالفته للقانون قد جاء مشوبا بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث أن ذمة البنك المسحوب عليه لا تبرأ قبل عملية الذي عهد إليه بأمواله إذا أوفى البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور عليه لأن هذه الورقة لم يكن لها في أي وقت وصف الشيك لفقدها شرطا جوهريا لوجودها هو التوقيع الصحيح للساحب ومن ثم فلا تقوم القرينة المقررة في المادة 144 من القانون التجاري التي تفترض صحة الوفاء الحاصل من المسحوب عليه ويعتبر وفاء البنك بقيمتها وفاء غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه وبالتالي فإن هذا الوفاء – ولو تم بغير خطأ – من البنك لا يبرئ ذمته قبل العميل ولا يجوز قانونا أن يلتزم هذا العميل بمقتضى توقيع مزور عليه لأن الورقة المزورة لا حجية لها على من نسبت إليه ولهذا فإن تبعة الوفاء تقع على عاتق البنك أيا كانت درجة إتقان التزوير وذلك كله بشرط عدم وقوع خطأ من جانب العميل الوارد اسمه في الصك وألا تحمل هو تبعة خطئه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن البنك الطاعن قد أخطأ بعدم التحقق من سلامة الشيك ومن صحة التوقيع ولم يتخذ الحيطة الواجبة كما لم يتبع الإجراءات المقررة في هذه الأحوال وإلى أن ذلك هو السبب المباشر في تمكين المطعون ضده الثاني من الحصول بغير وجه حق على أموال المطعون ضده الأول ورتب على ذلك إلزام الطاعن بقيمة الشيكات موضوع النزاع ولما كان هذا الذي قرره الحكم صحيحا في القانون على ما سلف بيانه ويحمل الرد الضمني على ما تمسك به الطاعن في دفاعه فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وتفسيره وذلك من وجهين حاصل أولهما أن العلاقة بين المطعون ضده الأول والمطعون ضده الحادي عشر ليست علاقة عقدية وإنما يحكمها القانون رقم 250 لسنة 1960 على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، كما أن العلاقة بين البنك الطاعن والمطعون ضده الحادي عشر يحكمها التفويض الصادر من الأخير إلى الأول في القيام نيابة عنه في صرف الشيكات الحكومية في الأقاليم ولا توجد ثمة علاقة بين البنك الطاعن والمطعون ضده الأول، ومن ثم فإن رجوع هذا الأخير على البنك الطاعن حتى لو سلم جدلا بأن العلاقة بين البنك المطعون ضده الحادي عشر وبين المطعون ضده الأول هي علاقة عقدية فإن الحساب الجاري هو الذي يحكمها وليس عقد الوكالة فلا يكون للدائن أن يرجع على غير مدينه في العلاقة الناشئة عن هذه المديونية إلا بالدعوى غير المباشرة وقد خلط الحكم المطعون فيه بين الحق والدعوى فتصور خطأ أن الدعوى المباشرة تنشئ علاقة تعاقدية بين البنك الطاعن والمطعون ضده الأول ورتب على ذلك أن مسئولية الطاعن قبل هذا الأخير مسئولية عقدية لا تسقط الدعوى الناشئة عنه إلا بمقتضى خمسة عشر عاما وإذ رتب على ذلك رفض الدفع بالتقادم الثلاثي المبدي من الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود في وجهيه ذلك أنه إذا كانت المادة السادسة من القانون رقم 250 لسنة 1960 تنص على أن يتولى البنك المركزي مزاولة العمليات المصرفية العائدة للحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى فإن ذلك لا يتعارض مع تكييف العلاقة بين الجهات الحكومية وبين البنك المركزي في شأن معاملتها المالية بأنها عقد حساب جار ذلك أن هذا العقد كما يكون صريحا يمكن أن يكون ضمنيا تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها، ويبقى النص بعد ذلك محددا للبنك الذي يتعين أن تفتح فيه الحسابات الجارية للجهات الحكومية، ولما كان البنك الطاعن يقر بأن العلاقة بينه وبين البنك المركزي يحكمها التفويض الصادر له من الأخير في القيام نيابة عنه بصرف الشيكات الحكومية في الأقاليم فإن الأمر ينطوي على وكالة صادرة له في تنفيذ عقد الحساب الجاري القائم بين الجهات الحكومية والبنك المركزي دون أن يكون مرخصا للأخير في إجراء هذه الوكالة. ولما كانت المادة 708 من القانون المدني تنص في فقرتها الأولى على أنه إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له في ذلك كان مسئولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية كما يجوز طبقا للفقرة الثالثة من ذات المادة للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر، لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى – على ما سلف البيان – بان وفاء البنك بقيمة الشيك المزور لا يبرئ ذمته قبل العميل بحيث تقع عليه تبعة الوفاء وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قيام خطأ في جانب البنك الطاعن في تنفيذ عقد الوكالة حين قام بصرف الشيكات المزورة دون أن يتأكد من صحة توقيع العميل بما يحقق مسئوليته العقدية تجاه الموكل فإنه يكون للدائن الأخير الرجوع عليه بموجب الدعوى المباشرة ولا يسقط حقه في الرجوع عليه إلا بالتقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ذلك أن التزام البنك الطاعن في هذه الحالة أساسه المسئولية العقدية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .