تتميز شركة المحاصة عن غيرها من الشركات الأخرى في أنها شركة مستترة وخفية لا تقوم إلا بين الشركاء ولا يعلم الغير عنها شيئاً. ولذلك لا يلزم لانعقادها الكتابة أو الشهر . كما أن هذه الشركة لا تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها سواء بين الشركاء أم بالنسبة للغير(١). ويترتب على ذلك أن الشركة ليس لها عنوان ولا ذمة مالية مستقلة ولا موطن ولا جنسية. وبناء على ما تقدم فإن شركة المحاصة تتميز بالخصائص الآتية:

١ – شركة المحاصة من شركات الأشخاص.

٢ – شركة المحاصة شركة مستترة.

٣ – شركة المحاصة لا تتمتع بالشخصية المعنوية.

٤ – مدى تجارية الشركة.

وسنقوم بتفصيل هذه الخصائص على النحو التالي:

1- شركة المحاصة من شركات الأشخاص:

تقوم شركة المحاصة شأنها شأن باقي شركات الأشخاص على الاعتبار الشخصي. فهي شركة تقوم بين عدد قليل من الشركاء تربطهم علاقة صداقة أو قربى يعرف كل منهم الآخر ويثق به. ونظراً لأن شخصية الشريك تكون محل اعتبار لدى بقية الشركاء فإنه يترتب على ذلك عدم جواز تنازل الشريك المحاص عن حصته للغير إلا إذا وافق باقي الشركاء. فضلاً عن أن الشركة تنقضي بوفاة أحد الشركاء أو إفلاسه أو إعساره أو الحجر عليه ما لم يتفق الشركاء في عقد الشركة على استمرار الشركة فيما بين باقي الشركاء.

٢ – شركة المحاصة شركة مستترة:

لما كان المشرع لا يستلزم لتكوين شركة المحاصة توافر ركن الشكلية الواجب توافره في عقد الشركة ولا إجراءات العلانية التي يتطلبها في الشركات الأخرى، لذلك فإن شركة المحاصة شركة خفية مستترة لا يعلم عنها الغير شيء وإن كانت موجودة بين أطرافها. ويترتب على ذلك أن الشركة لا يكون لها عنوان، والتصرفات التي يقوم بها أحد الشركاء تكون باسمه الخاص ويسأل وحده أمام الغير عن تنفيذ الالتزامات الناشئة عن هذه التصرفات. بيد أن طابع الاستتار الذى تتميز به هذه الشركة لا يعنى أنه من الضروري أن ينجح الشركاء في إخفاء اشتراكهم، وإنما يعنى أن الاشتراك يجب أن يكون في ذاته مستتراً قانوناً(2)، ويظل كذلك ما دام أن الشركاء لا يقومون بأي عمل من طبيعته أن يكشف عن الشركة وإظهارها أمام الغير كشخص معنوي مستقلاً عنهم وذلك بقيدها في السجل التجاري أو إتمام إجراءات شهرها. فإذا زال خفاء شركة المحاصة واستتارها فإن تفقد طبيعتها كشركة محاصة وتعتبر شركة تضامن ولكنها تكون باطلة لعدم توافر الشروط الشكلية اللازمة لتكوينها وهى الكتابة والشهر، أو أن تكون شركة توصية بسيطة إذا كانت مسئولية أحد الشركاء فيها محدودة، ولكنها تكون باطلة لتخلف الشروط الشكلية أيضاً(3) ويترتب على ظهور شركة المحاصة أن تتمتع بالشخصية المعنوية وتكون لها ذمة مالية مستقلة عن الشركاء، واسم، وجنسية، وموطن، وأهلية. ولا يزول استتار الشركة الفعلية إذا أعلن أحد الشركاء عن وجودها أمام الغير دون أن يرغب باقي الشركاء في ذلك.

٣ – شركة المحاصة لا تتمتع بالشخصية المعنوية:

يترتب على صفة الاستتار والخفاء التي تتميز بها شركة المحاصة انعدام الشخصية المعنوية لهذه الشركة، وعدم وجودها القانوني في الحياة العملية. ويترتب على انعدام الشخصية المعنوية لشركة المحاصة عدة نتائج منها:

١ – أنها ليست لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء فيها، فالذمة المالية تحتاج إلى شخصية تسكن فيها ولا وجود لهذه الشخصية فلا ذمة مالية مستقلة( 4). ويترتب على ذلك أن مجموع حصص الشركاء في شركة المحاصة لا يكون رأس مال مستقل أو ذمة مالية مستقلة ومن ثم فلا وجود للضمان العام للدائنين في هذه الشركة ويقتصر ضمانهم على الذمة المالية للشريك المحاص الذى يتعامل معهم(5)

٢ – أنها ليس لها اسم تجارى يميزها عن غيرها من الشركات وتتعامل به مع الغير. فالشريك المحاص يتعاقد باسمه الخاص ويظهر أمام الغير وكأنه يتعاقد لحسابه، وذلك لعدم وجود شخص معنوي مستقل يتعاقد باسمه ولحسابه وتنصرف إليه آثار التصرف. ويترتب على ذلك عدم التزام باقي الشركاء بتصرفات الشريك المحاص في مواجهة الغير وإن كان للمدير المحاص الرجوع عليهم بمقتضى عقد الشركة المبرم بينهم(6)

٣ – أنها ليست لها موطن مستقل عن موطن الشركاء. فالموطن الذى يعتد به عند تكوين شركة المحاصة هو موطن المدير المحاص أو الشريك الذى يتعاقد مع الغير(7)

٤ – أنها ليست لها أهلية التقاضي، فلا يجوز أن تكون مدعية أو مدعى عليها. وإنما الشريك المحاص الذى تعامل مع الغير باسمه الخاص هو الذى يستطيع أن يتقاضى باسمه وترفع عليه الدعاوى عند حدوث نزاع بشأن التصرفات التي أبرمها مع الغير.

٤ – مدى تجارية شركة المحاصة:

نصت المادة ٦٠ من قانون التجارة على أنه ((تختص هذه الشركات بعمل واحد أو أكثر من الأعمال التجارية)) ويتبين من هذا النص أن شركة المحاصة تقوم لمباشرة أعمال تجارية. وبالرغم من ذلك فمن المقرر أن شركة المحاصة قد تكون مدنية أيضاً وذلك وفقاً للعرض الذى قامت الشركة من أجل تحقيقه. ويثور التساؤل – في هذا الصدد – عمن يكتسب صفة التاجر إذا قامت شركة المحاصة بمباشرة الأعمال التجارية، هل هو الشريك المحاص الذى يتعامل مع الغير باسمه الخاص أم جميع الشركاء في الشركة؟ ذهب البعض(8) إلى أن الشريك المحاص وحده هو الذى يكتسب وصف التاجر، لأنه هو الذى يتعامل مع الغير باسمه الخاص ويظهر أمامه وكأنه يتعامل لحسابه. ولا يكتسب بقية الشركاء وصف التاجر إلا إذا قاموا بالأعمال التجارية على وجه الاحتراف. ويرى البعض الآخر(9) أن جميع الشركاء في شركة المحاصة يكتسبون وصف التاجر بمن فيهم الشريك المحاص الذى يتعامل مع الغير. ذلك أنه يقوم بمباشرة الأعمال التجارية لحساب جميع الشركاء وإن كان يتعامل باسمه الشخصي ويظهر أمام الغير كأنه يتعاقد لحسابه.

___________________

1- Escara: Op. Cit.، no. 479.

2- د. محمود سمير الشرقاوي: القانون التجاري ، الجزء الأول ، دار النهضة العربية 1986 ، ص ١٠٧

3- د. كمال محمد أبو سريع: الشركات التجارية، الجزء الأول، شركات الأشخاص، 1994 ، ص ٢٥١ .

4- د. كمال محمد أبو سريع: المرجع السابق، ص ٢٥٣ .

5- د. أكثم الخولى: قانون التجارة اللبناني، الجزء الثاني ، ص ٢١٥ .

6- د. عاطف محمد الفقي: الشركات التجارية في القانون المصري، دار النهضة العربية، ٢٠٠٧، ص ٢٧٣ .

7- د. سميحة القليوبي: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، ١٩٨9 ، ص ٢٥٣.

8- د. محمود سمير الشرقاوي: المرجع السابق، ص 108.

9- د. سميحة القليوبي: المرجع السابق، ص254.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .