يقوم قانون الاثبات على فلسفة اعتمدت من بين الاسس التي اعتمدتها، تبسيط الشكلية، والشكلية تبرز في هذا القانون باعتباره قد ضم قواعد الاثبات الموضوعية والاجرائية، لأول مرة، في متن واحد، والشكلية المراد بها هنا، إنما هي الشكلية التي تكون توأما للحق وباعتبارها مظهراً تنظيميا لا شكلية جامدة تذهب بأصل الحق (1). ومؤدى تبسيط الشكلية، ان يحاذر القاضي من التطبيق الآلي للقانون والجمود على النص وترك المضمون، لان ذلك يؤدي ظاهره الى عدالة شكلية وباطنه الى احكام ظالمة اذ يجب ان تستند احكام القضاء الى العدالة الحقيقية لا الى المفاهيم الشكلية (2).

ولا شك ان تحديد طرق الاثبات يعد نوعا من الشكلية في القانون، وهي بهذا التحديد تمس الحق نفسه في وجوده، فان كان مبدأ الرضائية قد ساد في الوقت الحاضر، فلم يعد القانون يشترط شكلا خاصا لانعقاد التصرف، الا أن اشترط طريق من طرق الاثبات كالكتابة مثلا يكاد لا يقل أثراً من الناحية العملية من اشترط شكل خاص لانعقاد التصرف لانه اذا تخلف الدليل المحدد للأثبات فان التصرف يكون موجوداً من الناحية النظرية، ولكن قد يستحيل اثبات وجوده من الناحية العملية اذا لم ينجح صاحب المصلحة في العثور على طريق اخر يقوم مقام الكتابة كالإقرار او اليمين (3)، والعلاقة وثيقة بين قواعد الاثبات وبين قواعد الشكل، وهي التي دعت، في نطاق القانون الدولي الخاص، الى اخضاع القواعد الموضوعية لاثبات للقانون الذي يحكم شكل التصرف وليس للقانون الذي يحكم الاجراءات (4).

ونصت المادة (13) من قانون الاثبات على ان : (أولاً – يسري في شأن أدلة الاثبات قانون الدولة التي تم فيها التصرف القانوني، ومع ذلك يجوز للمحكمة ان تطبق القانون العراقي اذا كان دليل الاثبات فيه ايسر من الدليل الذي يشترطه القانون الاجنبي. ثانيا – يسري في شأن اجراءات الاثبات قانون الدولة التي تقام فيها (الدعوى).ومن النصوص التي تتعلق بتسليط الشكلية في الاثبات ما نصت عليه المادة (4) من قانون الاثبات (تبسيط الشكلية الى الحد الذي يضمن المصلحة العامة ولا يؤدي الى التفريط بأصل الحق المتنازع فيه).

وقد بسط القانون هذه الشكلية الى حد كبير، فاذا قام عذر مقبول يمنع حضور الخصم بنفسه لاستجوابه، او لحلف اليمين، او يمنع حضور الشاهد لسماع شهادته جاز للمحكمة ان تنتقل إليه او تندب احد قضاتها للانتقال الى مكانه او ان تنيب المحكمة التي يقيم الخصم او الشاهد او المطلوب تحليفه في دائرتها للقيام بذلك (م 15/أولا) وللمحكمة ان تعدل عما أمرت به من اجراءات الاثبات، بشرط ان تبين اسباب ذلك في محضر الجلسة (م 17 / ثانياً)، ويجوز الاثبات بجميع طرق الاثبات، ما كان يجب اثباته بالكتابة، اذا وجد مانع مادي او ادبي حال دون الحصول على دليل كتابي (م 18).

ومن التطبيقات القضائية لتبسيط الشكلية، ما ورد في قرار لمحكمة التمييز من أن (محكمة الموضوع، ردت دعوى المدعي بحجة ان عريضة الدعوى تضمنت طلب فسخ العقد ولم تتضمن طلب الحكم ببطلان العقد، لان العقد الباطل لا يلحقه الفسخ في حين كان عليها أن تسأل المدعي عما يقصده من تعبير (الفسخ) فان كان يقصد الحكم ببطلان العقد مضت في نظر الدعوى بالنظر لما لها من سلطة في توجيه الدعوى وما يتعلق بها من أدلة بما يكفل التطبيق السليم لا حكام القانون وصولا الى الحكم العادل في القضية المنظورة، وان المادة الرابعة من قانون الاثبات قضت بتبسيط الشكلية الى الحد الذي يضمن المصلحة العامة، ولا يؤدي الى التفريط بأصل الحق المتنازع فيه، مما يوجب على المحكمة ممارسة دورها الايجابي في تيسير الدعوى واذ ان المحكمة أصدرت حكمها المميز بخلاف ذلك مما أدخل بصحته فقرر نقضه)(5).

___________________

1-النداوي. طاولة مستديرة. ص 336.

2-الاستاذ ضياء شيت خطاب. طاولة مستديرة ص34.

3- تناغو. النظرية العامة في الاثبات. فقرة 4 ص10.

4-هشام علي صادق. تنازع القوانين. الاسكندرية. منشأة المعارف ط2 ص375.

5-القرار المرقم 1118 في 28 / 12/ 1980 مجلة الوقائع العدلية .العدد الرابع ص54 وانظر قرار محكمة استئناف منطقة بغداد بصفتها التمييزية المرقم 1983 / ح / 1981 في 2 / 2 / 1982، مجلة الوقائع العدلية، العدد (60) السنة الرابعة ص 146.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .