التأجير كأداه للتمويل أبعاده وتقنياته

موجز الدراسة
لقد اثبت نشاط التأجير أهميته كاداه منافسة من ادوات تمويل التجارة والاستثمار في بلدان شتى، خاصة مع تزايد حاجة المشروعات إلى مصادر تمويلية اكثر مرونة واستجابة لمتطلبات نموها وتوسعها.
ونظرا لأهمية تحقيق هيكل التمويل الامثل للمشروع، كان ضروريا التعريف بالتأجير كاده للتمويل، سواءا من حيث مفاهيم التأجير وأطرافه وعناصره الرئيسية ، أو من حيث أنواعه وتقنياته ، أو ما تطرحه أنشطة التأجير من قضايا.
وإذا كان التأجير يتيح المشاركة في المنافع والأعباء في إطار علاقة طبيعية وعادلة بين أطرافه، وحيث أن لعقد التأجير التمويلي ذاتيته الخاصة، لذلك كان الاهتمام بتصنيف عقود التأجير، وما يترتب على كل نوع منها من حقوق والتزامات. وتحديد الخطوات اللازمة التي تنتهي بتوقيع عقد التأجير، والبيانات الائتمانية المطلوبة لذلك.
وتنتهى الدراسة إلى عرض وتحليل الملامح الرئيسية للقانون 95 لسنة 1995 بشان التأجير التمويلي : ( تعريف المؤجر التمويلي – مزاولة الاجانب لعمليات التأجير التمويلي – التزامات المستأجر والتزامات المؤجر – احكام انقضاء عقد التأجير التمويلي – قواعد المحاسبة الضريبية لمشروعات التأجير التمويلي – الجزاءات التي تقع على عاتق من يخالف احكام القانون ).
مقدمة
يتزايد الطلب على تمويل خدمات التجارة والاستثمار عن طريق التأجير بشكل متسارع، كوسيلة منافسة من وسائل التمويل في كثير من البلدان، نظراً لما تقدمه شركات التأجير لعملائها من تسهيلات كبيرة للحصول على أنواع متعددة من الأصول تمتد من الآلات والمعدات والتجهيزات، إلى وسائل النقل والاتصال، إلى الأصول العقارية. وغدت قيمة التسهيلات المرتبطة بعمليات التأجير تتراوح بين بضعة آلاف من الدولارات ومئات الملايين للعملية الواحدة.
وقد أثبت القطاع الخاص، في غياب المعوقات القانونية والمالية، رغبته ومقدرته على إنشاء شركات متخصصة للتأجير، وتطوير سوق المعدات المستعملة، إضافة إلى تطوير آليات التأجير وتقنياته في العديد من الدول.
وبالرغم من أن نشاط التأجير كان معروفاً منذ عهود بعيدة إلا أن تطوره وانتشاره قد جاء نتيجة تزايد أحجام المشروعات، وتنوع أوجه نشاطها، وتزايد حاجتها إلى مصادر تمويلية أكثر مرونة واستجابة لمتطلبات نموها وتوسعها في ظل ما يشهده العالم من تطورات سريعة في تكنولوجيا الإنتاج والتسويق، وارتفاع تكلفة الحصول على الأصول الرأسمالية وحقوق المعرفة.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية رائدة في مجال عمليات التأجير في العصر الحديث، فقد ظـهر كنشاط تمويلى منذ نصف قرن مع إنشاء الشركة الأمريكية للتأجير US. Leasing International Inc. ورغم قاعدتها الرأسمالية المحدودة في البداية فقد أنتشر نشاطها وامتدت أعمالها لعملاء كانوا يفوقونها من حيث الحجم والقدرة المالية. وترجع هذه المكانة الكبيرة التي تبوأتها إلى ما أتيح لها من تسهيلات ائتمانية، خاصة بعد ما أيقنت البنوك أن التأجير نشاط مربح ومضمون.
وبحلول منتصف الستينات من القرن الماضى توسعت الأنشطة التآجيرية في معظم الدول الأوروبية واليابان واستراليا وغيرها. واستمرت خدمات التأجير التمويلي تتزايد وتتسع حتى بلغ حجم عملياتها نحو 302 مليار دولار في مطلع التسعينات من القرن الماضي، يستوعب السوق الأمريكي نحو 40% منها.
أما في الدول النامية فقد عرف التأجير التمويلى نمواً مطرداً، ففى الفترة بين عامى 1988 و 1994 ارتفعت قيمة عقود التأجير الموقعة من 15 مليار دولار إلى 44 مليار دولار.
وقد اهتمت بعض المنظمات الدولية وخاصة مؤسسة التمويل الدولية International Finance Corporation (IFC) بتشجيع وتنمية الاستثمار في التأجير وتطوير أسواق رأس المال المحلية عن طريق المساعدة في تقديم التأجير كمصدر بديل لتمويل شراء المعدات للمؤسسات الصناعية والزراعية والتجارية مع التركيز على المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم. وتلعب المؤسسة دوراً هاماً كمصدر للتمويل لإنشاء شركات التأجير ، ومنح خطوط ائتمان لشركات التأجير الموجودة فعلاً لمساعدتها على توسيع نشاطها، وتشجيع إدماج أنشطة التأجير في المؤسسات المالية القائمة في بعض البلدان وذلك بهدف نشوء شركات تأجير أكثر قدرة على التنافس في السوق الحرة بالإضافة إلى تطوير أدوات تأجير أكثر تعقيداً كالتأجير عبر الحدود والمساعدة في وضع الأطر القانونية لتنظيم التأجير.
التأجير التمويلى- مفهومه وابعاده
يمكن القول أن التأجير التمويلى Leasing هو عبارة عن ترتيبات تجارية أو عقد اتفاق ينتقل بمقتضاه إلى المستخدم ( المستأجر Lease ) حق استخدام أصل معين مملوك للمؤجر (Lessor) خلال فترة زمنية معينة مقابل القيمة الايجارية المتفق عليها. وبصيغة أخرى فإن التأجير هو اتفاق تعاقدى بين الطرفين يخول أحدهما حق الانتفاع بأصل مملوك للطرف الآخر مقابل دفعات دورية لمدة زمنية محددة. وقد أوضحت المادة الثانية من اللائحة التنفيذية للقانون 95 لسنة 1995 ما يعد تأجيرا تمويليا في تطبيق أحكام القانون، فعددت أنواع عقود التأجير التمويلي وفقا لما يلي:
• كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بان يؤجر إلى المستأجر منقولات مملوكة له وقت إبرام العقد، أو تلقاها من المورد استنادا إلى عقد من العقود يخوله تأجيرها أو التصرف فيها بالبيع إلى المستأجر عند انتهاء مدة الإيجار، ويتم التأجير مقابل قيمة ايجارية يتفق عليها المؤجر مع المستأجر.
• كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بان يؤجر إلى المستأجر عقارات أو منشات يقيمها المؤجر على نفقته بناء على طلب المستأجر بقصد تأجيرها إليه بالشروط والمواصفات والقيمة الايجارية التي حددها العقد.
• كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بتأجير مال إلى المستأجر تأجيرا تمويليا إذا كان هذا المال قد آلت ملكيته إلى المؤجر من المستأجر بموجب عقد يتوقف نفاذه بين الطرفين على إبرام عقد التأجير التمويلي.
وفى جميع الأحوال يجب أن يكون المال المؤجر لازما لمباشرة نشاط انتاجي خدمي أو سلعي للمستأجر، ولا يدخل في عداد ذلك سيارات الركوب والدراجات الآلية.

وتكمن ذاتية هذا النوع من التعاقدات في الفصل بين الملكية القانونية للأصل وحق الانتفاع به. وفى إدراك أن الانتفاع بالأصل هو الذى يولد الربح وانه يمكن المشاركة في المنافع والالتزامات المتعلقة بهذا الأصل بالصورة المثلى بين المؤجر والمستأجر.
ويمكن استخلاص العناصر اللازم توافرها في التأجير ليصبح تأجيراً تمويلياً، كالتالى:-
التأجير التمويلى هو عقد اتفاق بين طرفين هما المؤجر والمستأجر.
1- يلتزم المؤجر بتكوين التمويل اللازم لشراء الأصل.
2- وفى حين تظل ملكية هذا الأصل للمؤجر فبمقتضى العقد ينتقل حق استعمال هذا الأصل إلى المستأجر.
3- يتحمل المستأجر بقيمة ايجارية محددة مقابل استخدام هذا الأصل خلال الفترة المتفق عليها.
أهمية التأجير بين مصادر التمويل
أ- مصادر تمويل المشروعات
تتعدد مصادر التمويل التي يمكن الحصول منها على الأموال اللازمة للمشروع، لذلك تواجه الإدارة المالية إشكالية تحقيق المزيج الأمثل للتمويل من مصادره العديدة في ضوء تكلفة الحصول على الأموال من كل مصدر منها بغرض الوصول إلى هيكل التمويل الأمثل الذى يتيح توفير الأموال اللازمة للاستثمار بتكلفة مناسبة، مما يؤكد خطورة وضرورة الإدارة الفعالة للأموال.
والواقع أن النشاط الذى تزاوله المنشأة يمكن تصنيفه ( حسب طبيعته ) إلى نوعين هما:
1- النشاط الاستثمارى الذى يترتب عليه خلق طاقة إنتاجية جديدة أو زيادة الطاقة الإنتاجية القائمة، سواء عن طريق إقامة مشروع جديد، أو التوسع في مشروع قائم أو استبدال الأصول الموجودة بأصول أخرى أكثر كفاءة.
2- النشاط الجارى الذى تزاوله المنشأة بغرض استغلال الطاقة القائمة، وتشغيلها للاستفادة منها.
ولما كان القيام بآى نشاط يتطلب إنفاقاً، فأنه يمكن تقسيم الإنفاق الذى تقوم به المنشأة إلى قسمين هما:
• الإنفاق الاستثماري
• الإنفاق الجارى
ترتيباً على ما تقدم، يتضح أن هناك نوعين من التكاليف اللازمة للقيام بأعمال المشروع هما:

• التكاليف الرأسمالية، وتكاليف الإنشاء
• تكاليف التشغيل
ويمثل مجموع هذين النوعين من التكاليف إجمالى رأس المال اللازم لتمويل المشروع، أو رأس المال المطلوب استثماره في هذا المشروع .
وفى حالة المشروع الجديد يتم الحصول على الأموال اللازمة من مصادر خارجية عن طريق إصدار أسهم عادية وممتازة، أو إصدار سندات أو الحصول على قروض قصيرة الأجل من البنوك، أو قروض طويلة الأجل من البنوك المتخصصة (العقارية أو الصناعية أو الزراعية).
أما في حالة تمويل توسعات جديدة لمشروعات قائمة، فأنه بالإضافة إلى المصادر الخارجية السابق ذكرها أنفاً، فهناك المصادر الداخلية للمشروع والتى تتمثل أساساً في مخصصات الإهلاك، والأرباح المحتجزة، والمبالغ المستحقة على المشروع، واستخدام الأوراق التجارية في التمويل اللازم للتشغيل.
ويلاحظ أن لكل مصدر من مصادر التمويل تكلفة يتحملها المشروع عند حصوله منها على الأموال، سواء كان هذا المصدر خارجياً أو داخلياً وعلى المستثمر اتخاذ قرار بالنسبة لهيكل التمويل المناسب في ضوء حجم الأموال المطلوب الحصول عليها، وتكلفة كل مصدر حتى يتسنى في النهاية الحصول على رأس المال اللازم بأقل تكلفة ممكنة.
التأجير كمصدر تمويلى :
يتفق الباحثون على أن التمويل يعتبر حجر الزاوية لتحقيق التنمية الاقتصادية ، وأن التوسع في التمويل الاستثمارى أو تمويل الأصول الرأسمالية يسهم في دفع معدلات النمو للاقتصاد القومى.
ويلعب التمويل عن طريق الائتمان التأجيرى دوراً أساسياً في تزويد المشروعات بما تحتاجه من أصول رأسمالية لازمة لأنشطتها، حتى أصبح هذا النوع من التمويل من أكفأ نظم التمويل وأقدرها، بل لقد أخذ يمتد لينافس القروض المصرفية ذات الآجال المحددة. وليس عسيراً تبرير ذلك إذا وضعنا في الحسبان عدم قدرة سوق الإقراض على استيعاب كافة احتياجات الاستثمار، وان هناك حدوداً لما يمكن للمشروعات اقتراضه لتمويل شراء المعدات والآلات والتجهيزات، فقد يشترط البنك المقرض تقديم ضمانات معينة يصعب توفيرها، أو أن يشترط مساهمة المشروع في عملية تمويل الشراء بنسب معينة قد يؤثر توفيرها على مستوى السيولة في المشروع، خاصة مع ارتفاع تكلفة الأصول الرأسمالية في ذات الوقت الذى تخضع فيه هذه الأصول للتقادم نتيجة للتطورات التكنولوجية المستمرة.
من جانب أخر، فان طرح أسهم جديدة أو البحث عن شركاء جدد قد يثير بعض الصعوبات.
إزاء ذلك ، فقد تطلب الأمر استحداث صيغ تمويلية جديدة تكون أكثر استجابة للاحتياجات التمويلية للوحدات الاقتصادية حتى يتسنى لها التوسع الانتاجى أو التشغيلى بدون إضافة أعباء جديدة على كاهل المشروع.
لذلك يعد التأجير التمويلى من أبرز ما ابتدعه الفكر الاقتصادي والمالى كصيغة للتمويل لها ذاتيتها المتميزة، فهو يركز على مفهوم مضمونه أن استخدام الأصول هو الذى يحقق الربح وليس الملكية في ذاتها، لذلك فهو وسيلة لتمويل استخدام أصل ما و ليس وسيلة لتمويل شرائه أو تملكه، إذ أن التملك في نهاية المدة – في الأنظمة التي تجيز ذلك – ليس إلا أحد الخيارات المطروحة أمام المستأجر، ومن ثم فليس هو المقصد الأول أو الدافع إلى التعاقد بين المؤجر والمستأجر.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت