هل يحق للشركة المدنية تأسيس أو المساهمة في شركات تجارية؟

أ/ عيسي المعاوي

وفي سياق معالجة هذا السؤال الخلافي يقتضي الأمر أن نورد تعريفاً للشركة المدنية كما ورد بقانون الشركات رقم (22) لسنة 1997 والذي جاء فيه أن الشركة المدنية تسجل لدى المراقب بسجل خاص.. وهي من الشركات التي تؤسس بين شركاء من ذوي الاختصاص والمهن وتخضع لأحكام القانون المدني وأحكام القوانين الخاصة بها وبعقودها وأنظمتها الداخلية.

وبالتالي فإن قيام مجموعة من أصحاب المهن لتأسيس شركة يجب أن يؤخذ شكل الشركة المدنية لأن أصحابها من ذوي الاختصاص أو المهن ولا يخضعون في هذه الحالة لقانون التجارة بل يخضعون للقانون المدني وعقود تأسيس الشركة المدنية ولا يكتسبون صفة التاجر لأنهم لا يقومون بأعمال تجارية ولا تكون غايات شركتهم احتراف التجارة وغاية المشرع من تضمين قانون الشركات تعريفاً للشركة المدنية هو لغاية معالجة إجراءات ومتطلبات تأسيسها وتسجيلها في سجل خاص بها.

وعليه فالشركاء بالشركة المدنية كالمحامين والأطباء والمهندسين يمارسون نشاطاً يعتمد على الكفاءة العلمية والثقافية والفنية، فلو كانت الشركة شركة تضامن مدنية فلا يكتسبون صفة التاجر لأن العبرة ليس بالشكل القانوني وإنما بطبيعة الأعمال التي يمارسونها.

ويترتب على ذلك أنه لا يجوز أن تكون مسؤولية الشركاء بشركة التضامن المدنية مسؤولية تضامنية كما لا تخضع النصوص لأحكام الصلح الواقي وأحكام الإفلاس المنصوص بقانون التجارة ناهيك عن اختلاف تطبيق قواعد الإثبات وفيما إذا كانت الشخصية المعنوية تجارية أم مدنية.

وما دام الحال كذلك وهي أن نشاط الشركة المدنية لا يعد نشاطاً تجارياً ولا يطبق عليها قانون التجارة بل هي تخضع للقانون المدني والقوانين الخاصة التي تحكم نشاطها فإن القول أن تقوم الشركة المدنية بتأسيس أي نوع من الشركات التجارية الوارد ذكرها بقانون الشركات هو مصادرة لمطلوب النصوص وهو خروج هذه الشركة عن الأهداف التي أنشئت من أجلها وإضفاء صفة التاجر عليها وهي طريقة التفافية للخروج بالشركة المدنية عن طبيعتها وأعمالها وتصرفاتها القانونية إلى إجازة ممارسة التجارة وهذا لا يجوز حتى لو تضمنت أنظمتها وعقودها الخاصة هذه الإجازة لأنها بحكم المنعدمة.

وفي هذا السياق حظرت المادة (11) من قانون نقابة المحامين النظاميين رقم (11) وتعديلاته لسنة 1972 فقرة (د) على المحامين احتراف التجارة وتمثيل الشركات أو المؤسسات في أعمالها التجارية ورئاسة مجالس إدارة الشركات أو المؤسسات على اختلاف أنواعها.

ينبني على كل ما سبق البت والجزم بأن مشاركة الشركة المدنية المكونة من مجموعة من ذوي المهن والاختصاص العلمي كالمحامين مثلاً في تأسيس أو المشاركة بشركة تجارية يحمل مخالفة قانونية لا يجوز أن تكون سابقة مع الاحترام للرأي الآخر.