منها، لماذا غُرِّم 10 آلاف ريال: 3 أسئلة وأجوبة حول قضية “الشاب الذي اعترض المرأة وأجبرها على أخذ رقمه”

المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

بعد نشر “أثير” اليوم خبرًا عن قضية الشاب الذي اعترض امرأة وأجبرها على أخذ قصاصة فيها رقمه، يتساءل البعض عن هذا الموضوع الذي هو في غاية الأهمية، وحساس جدا، إذ إنه يخدش الحياء العام وينتهك حرمة الحياة الخاصة، وهو سلوك يتنافى مع أخلاقنا وقيمنا الإسلامية التي زرعت فينا ثقافة العفة والحياء وعدم الخوض في سقط المتاع.

وفي هذه الزاوية القانونية سنتناول هذا الموضوع من عدة جوانب:

أولا: هل هذا السلوك مجرم قانونًا ؟

جواب ذلك أن قانون الجزاء الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/2018) ، تعرّض لتجريم مثل هذا الفعل وذلك بمسمى “الفعل الذي يخدش حياء المرأة” سواء بالقول والفعل، ووفقاً لقانون الجزاء العماني فإن هذا السلوك مؤثم وفق نص المادة (266) منه التي نصت بـ: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد على ثلاثمائة ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين كل ذكر :

أ‌- تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل
وعليه يتضح لنا من خلال نص المادة السابقة أن هذا السلوك يشكل وفق الوصف القانوني جريمة ”خدش حياء أنثى” المؤثمة بنص المادة (266) من قانون الجزاء الجديد، والتي من الممكن أن تقع بأي فعل سواء كانت بأقوال أو أفعال أو بالإشارة والإيماءة المفهومة عرفا أو الكتابة أو وسائل الاتصال، وتؤدي هذه الأفعال إلى الحط من كرامة من وقعت عليه، وتخدش صفوها، وعقوبتها تتراوح بين مدة حبس أقلها شهر وأكثرها سنة، أو أن يتم توقيع غرامة مالية عليه لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد على ثلاثمائة ريال، وتوقيع هذه العقوبة يقع على عاتق القاضي الذي ينظر في هذه الجنحة، وهو الذي يقرر العقوبة بحسب ما تسفر عنه التحقيقات والأدلة ويقيسها مع جسامة الفعل المرتكب.

ثانيًا: من له الحق في تحريك الدعوى؟

لمّا كانت هذه الجريمة تتعلق بشخص من وقعت عليه، وعقوبتها عقوبة تأديبية، يثور لدى الكثير من الناس سؤال آخر هو: من له الحق في تحريك الدعوى العمومية في هذه الجريمة، هل للادعاء العام بموجب اختصاصه أن ينشط لها بنفسه ويحيل مرتكبيها حال ضبطهم من قبل مأموري الضبط القضائي، أم هي تكون معلقة بشكوى المجني عليه؟

والجواب أن الجريمتين المشار إليهما في المادتين (266) من قانون الجزاء العماني تُعدُ من الدعاوى العمومية وهي اختصاص أصيل للادعاء العام. وقد ألزم القانون كل من شهد أو علم بوقوع جريمة بإخطار الجهات المختصة ، فمتى ما وصلت الجريمة الى علم مأمور الضبط القضائي أصبح ملزما بإخطار الادعاء العام الذي عليه واجب بالتحقيق في الجرائم محل الاتهام والتقرير بحفظها أو بإحالتها للمحكمة، وإذ إن أمر تحريك هذا النوع من الدعاوى العمومية غير مقيد بشكوى المجنى عليه أو من المتضرر فإنها بالتالي وتبعًا لذلك لا تسقط بالتنازل من قبل المعتدى عليه.

ثالثًا: لماذا مبلغ 10 آلاف ريال عُماني؟

في القضية المنشورة اليوم عبر “أثير” قضى الحكم بـ”سجن المتهم 6 أشهر نافذة، ودفع تعويض معنوي للمجني عليها، قدره عشرة آلاف ريال عماني”، فتساءل البعض عن أن مبلغ التعويض لم يرد ذكره في نصوص مواد القانون، فكيف تم الحكم به؟

والجواب: أن هذا المبلغ هو تعويض جبرًا عن الأضرار المعنوية للمجني عليها (المدعية بالحق المدني) في الدعوى العمومية، وليس حق عام، فالتعويض يكون وفقًا لما يطلبه المجني عليه/ها في القضية، ويحكم به القاضي وفقا للعلاقة السببية بين الخطأ والضرر وجسامة الضرر ، أما الغرامة فهي للحق العام وهي عبارة عن مبلغ يذهب إلى خزينة الدولة وتحدده مواد القانون.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت