جريمة الاستيلاء على الأموال العامة وفقاً لقانون العقوبات الاتحادي

المحامية: منال داود العكيدي
تعدّ هذه الجريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة لكون ان مرتكبها عادة مايكون هو موظف او مكلف بخدمة عامة وقد اورد المشرع العراقي مجموعة من النصوص العقابية التي تعالج هذه الجريمة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 ولكن تحت عنوان جريمة الاختلاس وذلك في المواد ( 315 الى 321 ) .

وقد تعددت التعريفات التي اوردها الفقه بشان الاستيلاء حيث بين جانب من الفقه بان الاستيلاء يتحقق بانتزاع المال خلسة او عنوة او بطريق الحيلة ، وبين اتجاه اخر ان الاستيلاء هو كل اعتداء على ملكية الدولة بأية وسيلة من شأنها تحقيق هذا الاعتداء، وعرف ايضا بانه كل فعل يرتكبه الموظف او المكلف بخدمة عامة والمتمثل في الاعتداء على اموال الدولة او الجهات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب وعلى اموال الافراد الموجودة تحت يده ، سواء اكان ذلك خلسة ام تهديدا ام احتيالا ام بأي وسيلة اخرى استغلالاً للوظيفة.

وبناء عليه فان جريمة الاستيلاء على الاموال تعد احدى صور جرائم الانتفاع المادى من الوظيفة العامة التي نص عليها قانون العقوبات العراقي وتحديدا في المادة 316 منه، ويشترط ان ترتكب الجريمة واعني جريمة الاستيلاء بواسطة موظف او مكلف بخدمة عامة عن طريق استغلال نفوذ وظيفته لتحقيق منافع خاصة تعد اخلالاً بواجبات الوظيفة .

ويتطلب لثبوت جريمة الاستيلاء على المال توافر العمد لدى مرتكبها بأتيانه فعل من شانه الاستيلاء على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق مملوك للدولة او لاحدى المؤسسات والهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب او سهل ذلك لغيره ، وتوصف جريمة الاستيلاء بانها ذات خطورة وتعد من الجنايات .وتبدو علة التجريم من خلال استغلال الجاني لوظيفته لغرض الاستيلاء بغير حق على اموال الدولة او المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب .

فضلاً عن الاستيلاء على اموال الافراد ، او مساعدة الغير للأستيلاء عليها ، وعليه فان هذا الفعل يمثل اخلالاً خطيراً بالثقة التي اولتها الدولة بالموظف كما انه يكشف عن نزعة شريرة تستهدف تمكين الغير من الاستيلاء على هذه الاموال في الوقت الذي يجب ان يقوم اصلاً برد أي اعتداء من قبل الغير عليها.

وينبغي لنا ان نميز بين جريمة الاختلاس وجريمة الاستيلاء على الاموال العام اذ تتميز فكرة الاختلاس بمعناها العام ، باستيلاء الجاني على مال مملوك للغير بهدف تملكه سواء كان المال عائداً للدولة او الى احدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب ام كان عائداً للأفراد وسواء اختلس من موظف ام من في حكمه ، ام حصل في نطاق المعاملات بين الافراد.

كما إن الاختلاس يقوم على عنصرين هما : العنصر المادي والعنصر النفسي
بمعنى ان تقوم فكرة الاختلاس على وجود هذين العنصرين فهما يمثلان كل فعل مادي يباشر صورته واشكاله باستهداف الاستيلاء على المال بنية تملكه وهذا يشمل الجرائم التي يرتكبها الموظف او المكلف بخدمة عامة باختلاس الاموال الموجودة تحت حيازته او التي يستولي عليها بحكم وظيفته او بسببها او استغلاله لها .

وتتشابه جريمة الاستيلاء على الاموال وفقاً للمادة (316) عقوبات مع جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة (315) عقوبات من عدة وجوه .

حيث تتطلب الجريمتان بان يكون الفاعل فيهما موظفا او مكلفا بخدمة عامة وان يكون واجبه المحافظة على نزاهة الوظيفة الا انه اساء اليها بفعله ، وعليه فان كلاً منهما يعد صورة من صور جرائم الانتفاع المادي وردا تحت عنوان الاختلاس وهما من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة ،كما انهما اذا ماثبتتا تعدان من الجرائم العمدية وتحتاجان الى توافر العلم والارادة لثبوت القصد الجرمي فيهما وتعدان من الجنايات .
وعلى الرغم من وجود اوجه الشبه بين الجريمتين ، الا ان جريمة الاختلاس تتطلب ان يكون المال الذي اختلسه الجاني او اخفاه موجود بين يديه بسبب وظيفته ، حيث نصت المادة 315 من قانون العقوبات : يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالاً او متاعاً او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته ، اما في جريمة الاستيلاء على الاموال فلايشترط ان يكون محلها مالاً موجودا في حيازة الجاني بسبب وظيفته سواء اكان هذا المال عائداً الى الدولة ام لغيرها .

ويتطلب لقيام جريمة الاستيلاء على الاموال العامة تحقق ركن خاص يتمثل بصفة الجاني وهو ان يكون موظفاً او مكلفا بخدمة عامة ، والموظف طبقاً للمادة 19/2 عقوبات: هو كل موظف او مستخدم او عامل أنيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبة الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها . اي كل شخص طبيعي يعمل اساساً في اطار الوظيفة العامة ، واذا ماتوفرت صفة الجاني الوظيفية وقت ارتكاب الجريمة فلا تأثير لأنتهاء الخدمة او زوال الصفة على قيام الجريمة طالما كانت للجاني تلك الصفة وقت ارتكابها .

بمعنى يسأل الجاني عن جريمة الاستيلاء على الاموال وفقاً للمادة (316) عقوبات عراقي مادام كانت له صفته الوظيفية او كان مكلفاً بخدمة عامة وقت أرتكاب الجريمة ولاتنتفي مسؤوليته بزوال هذه الصفة بعد ارتكابها .

ويتمثل الركن المادي لجريمة بفعل الاستيلاء على الاموال الذي يتحقق من خلال الركن المادي بالاختلاس حيث يقوم الموظف او المكلف بخدمة عامة بأتيان فعل من شأنه حيازة المال بنية تملكه ولا ينبغي الانتفاع به وحسب اما الركن المعنوي لجريمة الاستيلاء على الاموال العامة فيتمثل بالقصد الجرمي لان هذه الجريمة تعد من الجرائم العمدية واستناداً الى المادة (34) من قانون العقوبات العراقي لاتكون الجريمة عمدية الا اذا توفر القصد الجرمي لدى فاعلها ،  ويرى البعض ان القصد الجنائي لجريمة الاستيلاء يتمثل بصورتين هما : القصد العام والقصد الخاص ويتمثل القصد العام بأتجاه ارادة الفاعل الى الاستيلاء على المال او تمليكه للغير مع علمه بانه مملوك للدولة او احدى الهيئات او المؤسسات التي تسهم الدولة في مالها .

كذلك تقوم اذا ما انصب الاستيلاء على اموال تعود لفرد او لمشروع خاص ، اما القصد الخاص فانه يتحقق بأنصراف نية الفاعل الى الاستيلاء على المال او لتسهيل ذلك للغير وذلك بدون وجه حق .