تخيير الأبناء بين الأبوين في القضاء
لقد اهتمت الشريعة بتنظيم الأسرة في كل مرحلة يمر بها الإنسان في حياته، وبلا شك فإن رعاية الأطفال وحضانتهم ونشأتهم وتربيتهم التربية السليمة بعد انفصال العلاقة الزوجية بين أبوين لها أهمية كبيرة في القضاء.

ولذا فإن المستقر في الفقه والقضاء مبدأ مراعاة مصلحة المحضون عند إسناد حضانته مرهون بمصلحته، ومن يدخل أروقة محاكم الأحوال الشخصية يجد نزاعات متعددة ومتنوعة بين الأبوين المنفصلين على أبنائهما في مختلف الأعمار، فكل يطالب بحضانة أبنائه، وبالتأكيد أن كما للأم حقا في الأبناء فإن للأب حقا.

فنجد أن القضاة لا ينظرون إلى الأم على أن لها مطلق الحضانة أو إلى أن الأب له حق الحضانة، إنما ينظرون إلى أين تكون مصلحة المحضون. والسؤال الذي نطرحه في سياق الموضوع: ماذا لو تجاوز المحضون السبع سنين وتساوت الحال عند الأبوين، بحيث لا يكون هنالك ضرر على المحضون عند أمه ولا يكون عليه ضرر عند أبيه؟

الذي تقرر في الفقه والقضاء أنه إذا تبين للقاضي تساوي الحال فليس له التقدير، إنما يترك الخيار للأبناء إذا تجاوزوا السابعة من أعمارهم، وهذا ما صدر في عدة وقائع في محاكم متعددة، ويسبب القضاة اتجاههم في الحكم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير غلاما وأمر أباه أن يجلس في ناحية وأمه في ناحية، فقال له: هذا أبوك وهذه أمك اختر أيهما شئت، فاختار الغلام أمه، وبهذا قضى أبوبكر وعمر، فكان إجماعا بين أهل العلم، وكما ذكرنا أن التخيير للأبناء يكون بعد سن السابعة، فقد خيرت محكمة الأحوال الشخصية في منطقة حائل في الحكم رقم 34205082 مجموعة أبناء بين أبويهما، فاختار اثنان منهم أمهم، والباقون اختاروا والدهم، وبهذا قضت المحكمة، وليس هنالك ضابط في التخيير سوى أن الطفل بلغ السابعة من عمره كما ورد في السنة، وقد يختار الطفل من يلعب عنده من أبويه ويترك تأديبه مثل الأم، وربما يؤدي ذلك به إلى الانحراف في المستقبل، وهذا ما يحتج به بعض الآباء أو أكثرهم، فنقول إن الحضانة من الدعاوى المتجددة، بحسب ما يحيط بها من تغيرات وظروف تؤثر على مصلحة المحضون، فإذا رأى الأب أو الأم أن بقاء المحضون عند أحدهما ليس فيه مصلحة للمحضون فإن له أن يتقدم بدعوى جديدة، ويبنيها على الحكم القضائي السابق.

وما نختم به أن علينا أن ندرك أنه لا تخلو حياة زوجية من بعض الخلافات، وهي ما يجب أن يستوعبه كلا الزوجين، وألا يكون أبناؤهما ضحية خلافاتهما.

عبدالله قاسم العنزي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت