زواج الأم لا يسقط حقها في حـــضانة أولادها
المصدر:
أحمد عابد – أبوظبي
أكد القاضي في المحكمة الاتحادية العليا المستشار أحمد عبدالحميد، أن زواج الأم من أجنبي لا يسقط حقها في المطالبة بحضانة أطفالها، إذ أعطى قانون الأحوال الشخصية سلطة تقديرية للمحكمة أن تحكم لها بذلك، إذا تأكدت من أن مصلحة الأطفال البقاء في حضانتها مع زوجها الجديد، وأن هناك ضرراً عليهم إذا انتقلوا إلى حضانة الأب، كأن يكون سيئ السمعة أو نحو ذلك.

وشهدت محاكم الدولة أخيراً كثيراً من قضايا النزاع على حضانة الأطفال بعد زواج الأم من آخر، إذ يؤكد كلّ من الطرفين أحقيته برعايتهم، في الوقت الذي أكدت فيه إحصاءات رسمية تزايد حالات الطلاق خلال السنوات الماضية في الدولة، فقد سجلت 4315 حالة عام ،2009 مقابل 3855 حالة عام ،2008 و2783 حالة عام .2007

وطالبت نساء في دعاوى نزاع على حضانة أطفال بإدخال تعديلات على قانون الأحوال الشخصية في مسألة الحضانة، بما يعطيهن الحق في الحضانة بعد زواجهن من آخرين، ودعون أيضاً إلى عدم اشتراط خلو المرأة الحاضن من الزواج، والنظر في المسألة حسب ظروف الطرفين، فيما اعترض رجال على هذا المطلب، معتبرين أن زواجهن الثاني أسقط هذا الحق، إذ لا يؤتمن زوج الأم على رعاية الأبناء.

نصوص

تنص المادة (144) من قانون الأحوال الشخصية لسنة 2005 أنه يشترط في الحاضنة أن تكون خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها، إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة الحضون.

كما تنص المادة (146) من القانون ذاته على أنه يثبت حق حضانة الطفل للام، ثم للمحارم من النساء مقدما فيه من يدلي بالام على من يدلي بالاب، ومعتبراً فيه الاقرب من الجهتين، وذلك باستثناء الاب على الترتيب التالي على ان يراعي القاضي عند البت في ذلك مصلحة المحضون، ويكون صاحب الحق في الحضانة بالترتيب الام ثم الأب ثم أم الأم ثم أم الأب.

وقالت مي المفرجي، وهي أم لطفل يبلغ 11 عاماً، إنها طُلقت ثم تزوجت من آخر، إلا أنها اضطرت إلى دفع نحو 90 ألف درهم مع تحملها مصاريف طفلها كافة من أجل الاحتفاظ بحضانته، ولايزال زوجها يهددها بنزع حضانة الطفل على الرغم من ذلك.

وأفادت امرأة تدعى «أم أحمد» بأن طليقها أقام ضدها دعوى قضائية، يطلب فيها حضانة صغيرها الذي لم يتجاوز أربع سنوات، وذلك بعد زواجها من آخر. وتساءلت: «لماذا أعطى القانون الحق للرجل في الزواج مرة أخرى، والاحتفاظ بحضانة الأطفال، وأسقط هذا الحق عن المرأة؟».

وأكدت امرأة مطلقة أن زوجها السابق يهددها باستمرار بنزع حضانة أطفالها عنها إذا أقدمت على الزواج من آخر، بينما تزوج هو من أخرى وأنجب منها أطفالاً.

ويرى المواطن سعيد وآخرون أن الام ليست جديرة بتربية الابناء بعد زواجها من آخر، وأن من حق الاب أن يطالب بأن يعيش أبناؤه معه، وليس مع رجل غريب، في حال زواج الأم.

من جانبه، قال المستشار أحمد عبدالحميد رداً على ذلك، إن القانون لا يمنع من استمرار حضانة الصغير مع أمه التي تتزوج من أجنبي، والأمر هنا مقيد بالمصلحة المعتبرة التي يقدرها القاضي بالنسبة للمحضون، لأنه لا عبرة بمصلحة الأب والأم إلا في نطاق مصلحة المحضون، فإذا وجد القاضي أن مصلحة المحضون تستلزم استمرار حضانته لأمه فسيقضي بذلك، فالقاضي هو الذي يحدد مناط تلك المصلحة وقيمتها طبقاً لسلطته الموضوعية، وهو ما نص عليه قانون الأحوال الشخصية في تعديلاته لسنة .2005

وأشار إلى أن المادة (144) من قانون الأحوال الشخصية في الفقرة رقم (أ) بينت أنه يشترط في الحاضن إذا كانت امرأة أن تكون خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها، إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، موضحاً أن للقاضي أن يحكم للأم المتزوجة من أجنبي عن أطفالها بالحضانة حتى لو اعترض الأب على ذلك، إذ إن العبرة هي مصلحة الطفل.

ولفت إلى آراء الفقهاء في هذه القضية، إذ بينوا أن الغرض من سقوط الحضانة من الزواج من أجنبي عن المحضون هو دفع الضرر عن الصغير، فإذا انتفى ذلك بأن كان زوج أمه مشفقاً عليه ويعز عليه فراقه، ولا يخشى أن يلحق به أذى، أو يأكل من نفقته أو نحو ذلك، فإن الأم تكون أولى بالحضانة مع هذا الزوج من الأب الذي يكون له زوجة أخرى قد تؤذي الصغير أضعاف ما يؤذيه زوج أمه، أو يكون له أولاد من زوجة أخرى يخشى منهم على المحضون إذا كانت بنتاً، فإذا علم القاضي شيئاً من ذلك فلا يحلّ له نزع الصغير من أمه، لأن مضار الحضانة على نفع الولد وبهذا أخذ القانون.

وأكد أن المحكمة تتمحص بعناية شديدة أوراق قضايا الحضانة مستهدفة مصلحة الصغير حتى تتأكد عن بصيرة مدى توافر الشروط والضمانات في الحاضن، إذ إن ما يهمها هو تحقيق مصلحة الصغير وتوفير البيئة المناسبة لتربيته، سواء كان ذلك مع الام أو الاب، مشيراً إلى أنه في قضايا حضانة الأم المتزوجة من أجنبي عن المحضون فإن المحكمة تنظر إلى مصلحة المحضون، فتتأكد من عدم وجود ما يمنع لدى زوج الأم في قبول الطفل، فقد يكون الأب فاسداً أو متزوجاً امرأة سيئة لن تكون أمينة على الطفل، أو يكون الأب غير متزوج أصلاً ومنشغلاً في عمله، ولا يوجد لديه من النساء القادرات على رعاية الطفل، وفي هذه الحالات لا يصلح للطفل أن يعيش مع الأب، والأولى ان تتولى الام حضانته ولا يترك لوالده.

كما تقضي المحكمة في بعض الحالات بعدم نزع حضانة الطفل عن أمه عندما يبلغ الـ13 عاماً، مستهدفة بذلك مصلحة الصغير، إذ يكون من الأهمية تربيته وسط أشقائه، ومن ثم فإن المحكمة هنا تعلي مصلحة الصغير على حساب الطرفين.

وأكد أنه لا توجد حاجة إلى إدخال تعديلات على قانون الأحوال الشخصية الحالي، إذ إنه نظّم جميع المسائل المتعلقة بالحضانة، وبما يضمن مصلحة الصغير، مشيراً إلى أن المشكلة الاساسية ليست في الطلاق في حد ذاته، وإنما في الزواج الخاطئ والخلافات المترتبة على الطلاق، إذ لا يراعي كثير من الأزواج مصلحة أولادهم، بل ينظر كل منهما إلى مصلحته الشخصية، فنجده لا يتسامح تجاه الآخر على حساب مصلحة الطفل ومستقبله.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت