شركة الشخص الواحد
نظرة عامة على شركة الشخص الواحد في ضوء أحكام القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2015

تعرف الشركة في القانون على أنها اتفاق بين شخصين أو أكثر للقيام بعمل تجاري مسموح به وبصفة مشتركة يتفقون عليها فيما بينهم ووفق نسب المشاركة التي يحددونها ووفقاً للتشريعات المنظمة للشركات التجارية المطبقة. وهناك عدة أنواع للشركات التجارية يختار الشركاء منها النوع الذي يرون أنه مناسبا للاستثمار فيه وبما يتناسب مع أنشطتهم، وكذلك مقدار الأموال التي يملكونها للمشاركة في هذا النشاط الاستثماري.

وبتطور العمل التجاري والأنشطة الاستثمارية التي تمارسها الشركات المختلفة ظهرت الحاجة لخلق أنواع جديدة من الشركات. ولقد كان لدولة فرنسا السبق والمبادرة في ذلك المجال حيث استحدثت نوعاً جديدا من الشركات وهو ما يعرف بشركة الشخص الواحد. وبعد قيام هذا النوع بفترة قصيرة قامت عدة دول أوروبية وعربية بالسير في ذلك الاتجاه وعملت على تعديل قوانينها لتسمح بقيام شركة الشخص الواحد. ولكن مازال هذا الأمر غير معترف به في العديد من الدول التي لا تعترف بشركة الشخص الواحد ولذا لم تقم بتقنين هذا الوضع على أساس أن الشركة عندهم، وبصفة مبدئية، يجب أن تكون من عدة أشخاص وليس شخصاً واحداً.

والشركة التجارية تتميز بأن لها شخصيتها القانونية الاعتبارية المكتسبة بحكم القانون وبصفة مستقلة تماما عن شخصية الأشخاص المالكين للشركة. ولهذا الوضع القانوني عدة مزايا من أهمها الفصل بين الأشخاص الطبيعيين وبين الشخص الاعتباري المتمثل في الشركة التي يملكونها. وهو الأمر الذي يجعل العمل يتم بصورة مؤسسية لأن التعامل يتم مع الشخص الجديد “الشركة” وليس مع الشخص الذي خلق الشركة، لتحل محله وتتبوأ مكانته وتعمل باسمه في النشاط المختار.

فكرة شركة الشخص الواحد

الفكرة التي تقوم عليها “شركة الشخص الواحد” تتمثل في أنه كقاعدة رئيسية أموال المدين جميعها منقولة كانت أو عقارية تضمن الوفاء بديونه. وحتى يتمكن الشخص من تحديد مسئوليته يلجأ إلى الدخول في عقد شركة ذات مسئولية محدودة ويهدف من ذلك إلى تحديد مسئوليته بقدر المال أو رأس المال الذي يقدمه فقط في هذه الشركة بحيث تكون بقية أمواله في مأمن من التنفيذ عليها من قبل الدائنين.

فالمستثمر في سبيل تحديد مسئوليته يلجأ الى تكوين شركة ذات مسئولية محدودة ويحدد مسئوليته مع بقية الشركاء فيها بمبلغ رأس المال المعلن لهذه الشركة. ومن هنا أصبح تكوين الشركات ذات المسئولية المحدودة هو السبيل أمام المستثمر للاستفادة من تحديد مسئوليته. وهو الأمرالذي أدى الى ازدياد عدد الشركات ذات المسئولية وهي في واقع الأمر شركات وهمية أو شركات واجهة، اذ أصبح الشركاء فيها مجرد أسماء تذكر لاستيفاء الشكل القانوني ولا يكون لهؤلاء الشركاء أي دور في الشركة. فالمستثمر أو الشريك الأساسي هو الذي يستحوذ على كامل الشركة ونكون في النهاية امام أعمال ومشاريع تجارية في ظاهرها شركات بينما هي في واقع الأمر مشاريع فردية اتخذت شكل شركات بقصد تحديد مسئولية مالك المشروع وعندما تحصل خسارة لهذا المشروع أو أن يكون محملا بديون مالية فإن أموال صاحب المشروع الأخرى تكون في مأمن من أن تصل إليها أيدي الدائنين.

لذلك حرص المشرع القانوني في العديد من تشريعات الدول الأجنبية والعربية على صياغة فكرة تكوين وتخصيص ذمة مالية مستقلة. وتقوم هذه الفكرة على أساس اقتطاع جزء من ذمة الشخص المستثمر وتخصيصها لغرض معين من نشاطه الاقتصادي، ويكون هذا الشخص في مأمن من المخاطر المترتبة والتي قد تجاوز هذا النشاط. فهذه التشريعات أجازت لشخص بفرده أن يؤسس مشروعاً اقتصادياً تكون فيه مسئوليته محدودة في مواجهة الغير بمقدار رأس المال المعلن عن هذا المشروع. وبناء على ذلك فإنه يلزم توافر شرطين للاستفادة من مبدأ تحديد المسئولية، الشرط الأول وهو العلانية بمعنى أن يقوم المالك بإعلام الغير بأن مسئوليته محدودة. والشرط الثاني هو توافر حد أدنى وملائم من رأس المال بحيث يدعو إلى ثقة المتعاملين مع الشركة.

تكوين الشركة ذات الشخص الواحد

تنشأ شركة الشخص الواحد بإحدى الطرق الآتية:

-أن يقوم الشخص الطبيعي أو المعنوي بتأسيس الشركة على ألا يكون هذا التأسيس على حساب أي نشاط تجاري لأي شركة تجارية اخرى.
-عند تجمع حصص الشركة ذات المسئولية المحدودة في يد شريك واحد في حالة اتحاد ذمته سواء عن طريق الهبة أو الميراث أو غيرها، فإن هذا التجمع للحصص في يد الشريك الواحد يعد متفقا وحكم القانون فله أن يؤسس شركته الخاصة به وبدون اشتراك أي شخص.
-أن تتأسس الشركة ذات الشخص الواحد نتيجة تحول شركة أخرى كتحول شركة التضامن مع بقاء شريك واحد، مما يلزم على هذا الشريك الوحيد عند تأسيس شركته القيام بتحويل العقد السابق وتحريره في عقد رسمي يتم شهره.
-أن الشخص الطبيعي لا يمكن أن يكون شريكاً واحداً في أكثر من شركة شخص واحد ذات مسئولية محدودة، أي لا يؤسس إلا شركة واحدة، بينما الشخص المعنوي له أن يؤسس أكثر من شركة شخص واحد.

خصائص شركة الشخص الواحد

الشركة ذات الشخص الواحد تطبق عليها أحكام الشركات ذات المسئولية المحدودة بصفة عامة، إلا أن هذه الشركة لديها خصائص تميزها عن ذلك النوع من الشركات ذات المسئولية المحدودة من حيث:

المسئولية المحدودة للشريك المساهم
لا تختلف هذه الشركة من حيث المبدأ مع الشركة ذات المسئولية المحدودة، حيث أن هذا النوع من الشركات يكون كل شريك فيها مسئول فقط عن حصته المالية المستثمرة في الشركة. وهي نفس فكرة شركة الشخص الواحد حيث يقوم الشريك الوحيد بتخصيص جزء من ذمته المالية لإنشاء هذا النوع من الشركات وتتحدد مسئوليته بالقدر الذي خصصه لمزاولة نشاطه في الشركة، وبالتالي لا يستطيع الدائنون متابعة ذمته المالية الغير مخصصه في هذه الشركة كرأس مال.

الإدارة الأفضل للمشروعات
يمارس الشريك الوحيد جميع السلطات المخولة لجماعة الشركاء في الشركة ذات المسئولية المحدودة بصفة مستقلة وسريعة دون أي تقييد من مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية كما هو الحال في الشركات التجارية الأخرى، كما يجوز أيضاً للشريك الوحيد أن يختار مديراً غيره.

إمكانية استمرار الشركة وسهولة انتقالها
إن وفاة الشريك الوحيد في شركة الشخص الواحد لا يؤدي الى انقضاء الشركة حيث قد يرغب الورثة في استمرارها مع توفيق أوضاعها خلال ستة أشهر من تاريخ الوفاة، مع اختيار من يتولى إدارة الشركة بالنيابة عنهم وفقاً لأحكام هذا القانون. كما أن بيع الحصة يكون ميسراً إذ أن الشخص يكون محررا من رفض الشركاء وله مطلق السلطة في تصرفاته القانونية.

ضعف ائتمان الشركة
شركة الشخص الواحد يكون الشريك المالك الوحيد فيها مسئولا بمقدار حصته، أي بمقدار رأس مال الشركة فقط. ولذلك فإن وجود شريك وحيد ومحدود المسئولية يؤدي الى ضعف الائتمان حيث أن دائني الشركة في حال تصفيتها أو إفلاسها قد لا يستطيعوا الحصول على حقوقهم المالية. وبالتالي فإن الغير الذي يتعامل مع شركة الشخص الواحد يأخذ ذلك في الحسبان وقد يتطلب ضمانات شخصية.

الاسم التجاري للشركة
يكون للشركة اسم تجاري يستمد من غرضها ويجب أن تضاف إليها عبارة (ذ.م.م) أو (م.خ.م) أو (م.ع.م) ولا يظهر اسم مالك الشركة باسم الشركة حيث لا يكون للاعتبار الشخصي أي تأثير على الغير. فمن يتعامل مع هذه الشركة يتعامل على أساس الاعتبار المالي ولحماية الغير يجب إدراج اسم الشركة ومقدار رأس مالها ورقم تسجيلها في جميع أوراقها ومطبوعاتها وفي العقود التي تبرمها.

تقييم شركة الشخص الواحد

لما كانت شركة الشخص الواحد تواكب الحال المتطور في أنشطة التجارة والاستثمار ومتغيراتها إلا أنها لا تخلي من بعض العيوب التي قد تنتج عنها، مثل تعارض التعريف الخاص بشركة الشخص الواحد مع تعريف الشركات التجارية التقليدية. وهو الأمر الذي يتطلب من المشرع التدخل لتعديل تعريف الشركة ليوائم هذا النوع الجديد من شركات الشخص الواحد ذات المسئولية المحدودة. كما أن وجود شركة الشخص الواحد من شأنه الحد من دور المؤسسات الفردية اذ انه سيكون حيث أن المستثمر الفرد سيفضل اللجوء إلى هذا النوع من الشركات بغرض تحديد مسئوليته برأس المال المخصص للشركة فقط. هذا بالإضافة الى أن سهولة الخلط بين الذمة المالية لصاحب الشركة والذمة المالية للشركة نفسها من حيث الأموال نظرا لصعوبة الفصل بين أموال الشريك الواحد الخاصة وبين أمواله التي خصصها للشركة أو المشروع.

ان تبني شركة الشخص الواحد يعد أمراً ضروريا لمواكبة احتياجات السوق وأنشطة التجارة والاستثمار المتطورة. لذا ففي حال تبني هذا النوع الجديد يجب أن يكون هناك نصوص قانونية واضحة تعالج جميع المسائل المتعلقة بهذا النوع من الشركات وتمنع استغلاله للتحايل على القوانين والأنظمة التجارية أو الخلط بين الذمم المالية. فالتشريعات التي تتبنى نظام شركة الشخص الواحد يجب أن تراعي أن تتضمن أحكامها النص صراحة عما إذا كان يسمح للشخص المعنوي والشخص الطبيعي بتأسيس شركة الشخص الواحد أم أن الأمر مقصور على الشخص الاعتباري فقط، كما يجب أن يتم النص على وضع حد أدنى لرأس مال الشركة يكون مرتفعا ومدفوعاً بالكامل لأنه هو الضامن الوحيد لمديونية الشركة. هذا بالإضافة الى ضرورة تبني نظام يحدد أحكام شركة الشخص الواحد تفصيليا وبيانتها وإجراءات قيدها وإشهارها وطرق إداراتها وانتقال ملكيتها وحلها. كما نقترح النص على امتداد مسئولية صاحب شركة الشخص الواحد الى أمواله الخاصة إذا ثبت أن هناك غشاً أو سوء نية في استخدام الشركة أو قيامه بإلغائها قبل انتهاء مدتها وتحقيق أهدافها.

Ahmed A. Kashwani
إعادة نشر بواسطة محاماة نت