مقال متميز عن الجريمة المعلوماتية في القانون السوداني

أدى التطور السريع والهائل فى مجال تقنية الاتصال والمعلومات الحديثة لظهور أنماط جديدة من الجرائم التى استجدت على النظام القانونى السائد من حيث تدابير التجريم والعقوبة وتداخلت مع التكييف القانونى المعمول به بالنسبة للجرائم التقليدية وذلك بسبب حداثة تلك الجرائم وجدة الوسائل المستخدمة فى ارتكابها والتى لم تكن فى اعتبارات المشرع حين سن القوانين والتشريعات التى كانت قائمة قبل هذا التطور.. ويعد الحاسب الآلى والهاتف النقال وخدمة الانترنت حجر الزاوية فى مجال الثورة التقنية الحديثة التى هدفت لخدمة البشرية فى مجالات التعليم والتجارة والطب والصيرفة الالكترونية بصورة جعلت العالم كله فى متناول يد الانسان داخل غرفته لكنها كغيرها من الاختراعات تم استغلالها بواسطة بعض الافراد والمؤسسات فى ارتكاب انواع مستحدثة من الجرائم لم تكن موجودة من قبل كانتهاك دوائر الأمن والدفاع القومى للدول والتجسس والجرائم البنكية اضافة للجرائم الشخصية المتعلقة بانتهاك حرمة الأفرادوجرائم الآداب واشانة السمعة .. وهذه الجرائم تتصف بطبيعتها الخاصة وذلك لخصوصية الوسائل المستخدمة فى ارتكابها لذا كانت حوجة المجتمعات لتشريعات قانونية جديدة ترتبط وتواكب طبيعتها فصدرت عدة قوانين أهمها قانون جرائم المعلوماتية

الفرق بين الجريمة المعلوماتية والجريمة التقليدية :-

الجريمة حسب القانون الجنائي السودانى لسنة1991 هى (كل فعل يعاقب عليه بموجب أحكام القانون الجنائى أو أي قانون آخر) وتشمل أى تصرف مخالف للقانون بالفعل الايجابى أو بالامتناع السلبى فى ظروف يوجب فيها القانون العمل الايجابى وينتج عن ذلك الفعل تهديد خطير لأمن وعافية المجتمع سواء أضر بمصلحة عامة أو فردية .. وقد اهتم المشرع فى تعريفه للجريمة بتحديد أركانها وعناصرها لما لذلك من أهمية بالنسبة للمحققين الذين يسعون لاثبات أركان وعناصر الجريمة حسبما يحدده القانون وايجاد العلاقة بين تلك الاركان والشخص المتهم بتنفيذها .. وتتشابه جريمة المعلوماتية مع الجريمة التقليدية فى أطراف الجريمة وهم المجرم ذو الدوافع والضحية والتى قد تكون شخصا طبيعيا أو اعتباريا بينما يكمن الاختلاف الحقيقى بين نوعى الجريمة فى أداة ومكان الجريمة ففى الجريمة المعلوماتية تكون الأداة ذات تقنية عالية ولا يتطلب مكان الجريمة انتقال الجانى لمكان المجنى عليه انتقالا فيزيائيا حيث تتم أغلب الجرائم عن بعد باستخدام خطوط وشبكات الاتصال بين الجانى ومكان الجريمة .. ومما سبق فان التعريف الجامع الذى يمكن استخلاصه للجريمة المعلوماتية هو أنها :-
(الأنشطة والأفعال الاجرامية التى تصدر عن ارادة جنائية باستخدام الحاسوب وشبكاته وتقنية المعلومات لأجل الاعتداء على أموال أو أنفس أو عرض أو أي حق آخر يحميه القانون ويجعل الاعتداء عليه جريمة يقرر لها عقوبة أو تدبيرا احترازيا )

وبهذا تنفرد الجريمة المعلوماتية بصفات خاصة تميزها عن الجرائم التقليدية وهى :-
1 / أداة ارتكاب الجريمة المعلوماتية هى وسائل ووسائط الكترونية كالحاسب الآلى أو الهاتف الجوال .
2 / الجريمة المعلوماتية لا حدود جغرافية لها لذا اصطبغت بصفة عالمية لعدم تقيدها بحدود دولة أو قارة معينة مما يعيق تحديد الاختصاص المكانى للجريمة وسريان القانون الوطنى من حيث صلاحية التطبيق .
3 / مرتكب الجريمة المعلوماتية دائما شخص ذو خبرة ومهارة تقنية فى مجال الحاسب الآلى وعلى درجة من الذكاء عن المجرم العادى .
4 / عدم استخدام العنف المادى فى جرائم المعلوماتية .
5 / سرعة غياب الدليل المرئى وصعوبة اثبات الجريمة المعلوماتية لاستخدام المجرم ذكاءه لطمس معالم الجريمة واخفاءها حتى لا ينكشف أمره ولاعاقة ملاحقته قضائيا .
6 / متابعة الجريمة المعلوماتية بغرض كشفها وملاحقة مرتكبها تتطلب تكلفة اقتصادية عالية لمتابعة المعلومات والوثائق وخبرات تقنية عالية من الشرطة والنيابة والقضاة مما يستوجب تدريبهم لخلق امكانيات فنية عالية لديهم تمكنهم من ملاحقة ونظر هذه الجرائم .