مقال متميز عن مبدأ استقلال القضاء

مقال للأستاذ / عز الدين بن عثمان :

إخضاع القضاء الذي هو رمز العدالة والعدل لرغبات الدّولة يُعدّ وجها من أوجه الاضطهاد السّياسيّ. وتعمد الدّولة المتسلـّـطة بصفة عامّة إلى فرض محاكمات صوريّة لا تتوفـّـر فيها أدنى الحقوق للمساجين السّياسيّين وذلك بهدف التـّـحكّم في الحركات الاجتماعيّة المختلفة التي تطمح إلى التـّـغيير. وبهذه الكيفيّة يتمّ تسخير القضاء لصالح الدّولة، وعادة ما تكون هذه الحالة مصحوبة بانعدام التـّـشريعات التي تحمي استقلاليّته. وعندما تنعدم استقلاليّة القضاء تنعدم مصداقيته وتنعدم شرعيّته وتتقوّض العدالة. وكثيرا ما يُطلق العنان، في وضع كهذا، لأجهزة الأمن لكي تمارس القمع كما يحلو لها. وقد تلجأ السـّـلطة، عند القيام بحملات اُعتقال، إلى إصدار القوانين الاستثنائيّة والمراسيم الرّئاسيّة التي تجرّد القضاء من جميع المبادئ القانونيّة الموجودة من قبل لتحلّ محلـّـها إجراءات لا هدف لها سوى الانتقام من المناوئين والتـّـغطية على عمليّات التـّـعذيب. ثمّ تقوم المحاكمات فتدور إمّا بصفة سرّية أو أمام المحاكم الخاصّة مثل محاكم أمن الدّولة أو المحاكم العسكريّة، وفي كلتا الحالتين لا تـُـعدّ محاكمات عادلة. وعادة ما تكون الأحكام الصّادرة قاسية جدّا.

أنا أكتب هنا عن القضاء لأنـّـه يعيش وضعا تراجيديّا في كلّ بلد عربيّ ولأنّي أومن بأنّ الانتقال إلى مرحلة الدّيمقراطيّة الحقيقيّة يتطلـّـب أن تضع الدّول حدّا لتدخّلها في القضاء. الظّلم لا يمكن أن يكون إلاّ دليلا على التـّـخلـّـف السّياسيّ والاستبداد ويبدأ بعمليّة خرق القوانين الموجودة وعدم التّقيّد بالمبادئ الإنسانيّة في معاملة المساجين والمعتقلين ثمّ يمتدّ ليشمل ممارسات أخرى هدفها حرمان الأفراد والمجموعات من أبسط حقوقهم.

إنّ القمع وتسخير الأجهزة الأمنيّة لصالح السّلطة بحيث تصبح مجرّد أدوات للانتقام من المعارضين دليل على أنّ السّلطة لا تملك شرعيّة قانونيّة ولا تتمتـّـع بالقبول من طرف شرائح المجتمع ولذلك تفرض نفسها بالقوّة. وأمّا انعدام العدالة فيؤدّي إلى ظاهرة عدم التـّـكافؤ بين شرائح المجتمع فيصنـّـف البعض على أنّهم موالون والآخرون على أنـّـهم أعداء أو مناوئون. والعدوّ في ثقافتنا (بالرّغم من كونه ليس عدوّا) تفعل به أجهزة الدّولة ما تشاء وتحرمه من كلّ حقوقه الاقتصاديّة والمدنيّة ولا خوف ولا حرج: منعه من السّفر ومن الحصول على جواز سفر ومن مقابلة النّاس ومن أبسط الخدمات التي تقدّمها السّلطة لمواطنيها كالكهرباء والهاتف وغير ذلك وحرمانه من العمل والعلاج وحرمان أبنائه من الدّراسة. وكلّ ذلك يدخل في إطار العقاب والانتقام والإجبار على الخضوع لتعسّف الدّولة. وتلك الممارسات تظلّ ممارسات لاإنسانيّة في جوهرها ومتعارضة مع مبادئ القانون وفلسفة القضاء.

شروط المحاكمة العادلة:

استقلاليّة الفرد تتطلـّـب تمتـّـعه بنوع من الاحترام الأخلاقيّ، وبالتـّـالي لا يجب أن تتدخـّـل السّلطة مستعملة القوّة لإهانته وتجريده من إنسانيّته عن طريق حبسه اعتباطيّا أو تعذيبه أثناء الحبس. ولا يجب أن تتدخـّـل الدّولة إلاّ لمنع شخص أو أشخاص من إلحاق الضّرر بالغير أو بالمجتمع ككلّ. لكنّ ما نلاحظه في بعض البلدان العربيّة هو أنّ الدّولة تلصق الجرائم بالأفراد باطلا لا لشيء إلاّ لأنـّـهم يحملون أفكارا معارضة لسياستها. العلاقة بين الدّولة والمعارضة تكون طبيعيّة في ظلّ مجتمع مدنيّ يُـحترم فيه القضاء ولكنـّـها تكون غير طـبيعيّة في ظلّ الاستبداد وعندما لا يكون القضاء مستقلاّ. وفي ظلّ الاستبداد يمكن أن ألخـّـص كيفيّة تعامل الدّولة مع المعارضين فيما يلي:
ـ التـّـجريم: criminalization
ـ إدارة التـّـجريم عن طريق التـّـشويه والقمع.
ـ العقاب المنظـّـم: systematic penalization

الجريمة بصفة عامّة هي كلّ سلوك أو عمل ينتج عنه ضرر وبذلك يستدعي عقابا،
أمّا الجريمة السّياسيّة فهي كلّ سلوك أو عمل، حقيقيّ أو متصوّر، يهدّد وجود الدّولة كالخيانة والسّعي إلى الانفصال والإرهاب. معنى هذا أنّ الشـّـخص قد يتمّ إيقافه بناء على تصوّر أو مجرّد شكّ في تآمره على أمن النـّـظام. وعندما يتمّ إيقافه فإنّه يبقى مظنونا فيه أو متـّـهما إلى أن تثبت إدانته. والإدانة لا يمكن أن تتمّ دون محاكمة عادلة. وهذه أهمّ شروطها:
ـ أوّلا: أحد الشـّـروط الرّئيسيّة للمحاكمة لكي تكون عادلة هو أن تكون علنيّة.
ـ ثانيا: أن تضمن الإجراءات القضائيّة المتـّـبعة للمظنون فيهم حقّ الدّفاع عن أنفسهم.
ـ ثالثا: ألاّ يتجاوز الإيقاف التـّـحفـّـظي أجلا محدّدا ينصّ عليه القانون وألاّ يُخضَع الموقوف للتـّـعذيب والإكراه وسوء المعاملة بهدف انتزاع الاعتراف وألاّ يتمّ الاستنطاق في غياب المحامين.
ـ رابعا: لا يجوز محاكمة شخص على فكرة فكـّـر فيها ولكنّه لم يقم بتنفيذها لأنّ الضّرر لم يحصل أساسا.
ـ خامسا: القضاء وحده هو الكفيل بإدارة التـّـجريم وتسليط العقوبات ولا يجب أن تستعمله الدّولة في قمع المظنون فيهم وهم عادة المناوئون لها. ولا يمكن أن يقوم القضاء بذلك الدّور إلاّ إذا كان يتمتـّـع بالإستقلاليّة التـّـامّة عن السّلطة التـّـنفيذيّة وبالحرّية التـّـامّة في معالجة الجرائم وإصدار الأحكام.

وتهدف المحاكمة إلى إثبات الأركان السّياسيّة للجريمة أو الجرائم التي اُرتـُـكبت وذلك بهدف إحقاق العدالة والمحافظة على صيرورة المجتمع المدنيّ وليس بهدف الدّفاع عن أشخاص يشغلون مناصب في الدّولة. السّعي إلى تغيير الحكومة أو رئيسها أو السّعي إلى إصلاح أجهزة الدّولة ليس بجريمة إذا لم تـُستعمل القوّة والعنف فيما سعى إليه المعارضون وإذا ما حدث ذلك في ظلّ القانون. ولذلك تعدّ كلّ محاكمة تستند إلى مثل هذا الادّعاءات باطلة وغير قانونيّة.

أركان الجريمة السّياسيّة:

كلّ المدوّنات القانونيّة، في جميع البلدان، تقرّ بمبدأي الإنصاف والعدالة الذين يتطلـّـبان إثباتا لوقوع الجريمة إثباتا قاطعا بالأدلـّـة والشـّـهود قبل إلحاق العقاب. هذا الاثبات يتمثـّـل في إقامة الدّليل على أنّ المظنون فيه أو الموقوف كان السّبب المباشر في وقوع الجريمة. ويجب إثبات عناصر الجريمة وهي أوّلا النـّـيّة أو الإضمار ثمّ الإعداد والتـّـحضير ثانيا ثمّ التـّـنفيذ أو القيام بالجريمة ثالثا، ومن ثمّة تتمّ المحاكمة وإصدار الحكم بالعقاب. كلّ النّظم القانونيّة تفصل بين هذه المراحل الثـّـلاث للجريمة عند معالجتها فلا تعتبر شخصا ما قد ارتكب جريمة إذا لم يقم فعلا بتحقيق غرضه.

ثمّ إنّ الجريمة تفترض وجود ضحيّة أو ضحايا قد تضرّروا بسبب العمل الإجرامي الذي قام به شخض معيّن أو أشخاص. فإذا لم تتجاوز “الجريمة” مرحلتها الأولى وهي النّية فلن يكون هناك ضحايا وبالتـّـالي يبطل الحديث عن جريمة أو جرائم.

نفهم من هذا طبعا أنّ العقاب لا يمكن أن يُسلـّـط على شخص أو أشخاص كانوا يفكـّـرون في القيام بعمل إجراميّ لكنّهم لم يقوموا بتنفيذه. التـّـفكير هنا يختلف عن الإعداد لجريمة معيّنة مثل استحضار الأسلحة أو المتفجّرات وهي وسائل للإرهاب. في هذه الحالة التـّـحضير يُعدّ جريمة لأنّ استجلاب الموادّ المحظورة قد تمّ فعلا. ومن الجرائم الأخرى حثّ النّاس على مهاجمة بعضهم البعض وإثارة الفوضى والشـّـغب والقتل وكذلك الشّروع في أعمال السّلب والنّهب والتـّـحطيم. مثل هذه الجرائم تلحق أذى بالمؤسّسات المجتمعيّة وبالمجتمع ككلّ. إلاّ أنّ الحديث عن وقوع جرائم سيّاسيّة من دون أن يحدث شيء من هذا القبيل فيعدّ باطلا لأنـّـه يهدف إلى تجريم أناس على أفكار يحملونها وليس انطلاقا من أعمال تخرق القوانين وتضرّ بالمجتمع.

جرائم ضدّ الدّولة وجرائم تقوم بها الدّولة:

ممّا لا شكّ فيه هو أنّ جرائم مثل الخيانه والتّحريض على الفتنة، والإرهاب السّياسيّ تُـعدّ تحدّيا مباشرا للحكومة والدّولة ككلّ. ولكنّ المحاولات التي تهدف إلى الإطاحة بالحكومه أو إلى الاطاحة بقادتها وذلك بالطـّـرق السّلميّة المتماشية مع القانون فلا يجب أن يُنظر إليها على أنّها “جرائم سيّاسيّة” لأنّ ذلك ما تطمح إليه كلّ الأحزاب المعارضة.

الحكومة مجموعة من الأفراد تقود وتسيّر دولة ما، والدّولة هي مختلف الأجهزة والمؤسّسات التي تسيّر النـّظام القائم وتضمن اُسمراريّته. فعندما يدعو حزب معارض لتغيير الدّولة بصفة سلميّة فإنّ ذلك لا يعني أنّه دعا إلى القضاء على أجهزة ومؤسّسات الدّولة وإحلال الفوضى بدل النـّـظام (اللاّسلطة). لهذا تـُـعدّ أنشطة الأحزاب المعارضة غير مخالفة للقانون ولا يجب تجريمها، ولكنّ الحكومات القمعيّة تجرّمها مستغلـّـة في ذلك عدم وضوح هذه المفاهيم في أذهان النـّـاس. النـّـاس يتصوّرون أنّ كلّ من يدعو إلى تغيير الدّولة أو الإطاحة برئيس أو حاكم فاسد إنّما هو يدعو إلى القضاء على السـّـلطة والنـّـظام وهذا خطأ. أحزاب المعارضة لم توجد إلاّ لتحتجّ على ممارسات الدّولة ولتدعوَ إلى إصلاح السّياسات المعمول بها.

وظيفة الدّولة تتمثـّـل في الحفاظ على النّظام الإجتماعيّ عن طريق فرض المطابقة، وأهمّ شروط المطابقة مراعاة القانون والإلتزام به. لكنّ الحكومة كثيرا ما تسخـّـر الدّولة لصالحها وتفرض تلك المطابقة conformity عن طريق القوّة والعنف. ويترتـّـب على ذلك أنّ الحكومة نفسها ترتكب جرائم سيّاسيّة عادة ما يشار إليها بـ”جرائم الدّولة”. عندما تقمع الحكومة تظاهرة سلميّة وتقتل مئات الأشخاص مثلا فإنّ ذلك يعدّ جريمة من جرائم الدّولة. وبصفة عامّة ترتكب الحكومات الاستبداديّة الجرائم وتخرق القانون الدّستوريّ والجنائيّ ولا تطبّقهما كما يلزم لأنّها تعلم ألاّ أحد يمكنه محاسبتها أو مقاضاتها مادام القضاء فيها عبارة عن جهاز أمنيّ تابع لها ويأتمر بأمرها. ومن المعلوم أنّ القوانين الدّستوريّة للحكومات المستبدّة لا تنصّ على حرية تكوين الجمعيّات والإجتماع والتـّـظاهر السّلميّ وتجرّم عمليّات التـّـعبير عن الآراء المعارضة.

ومن جرائم الدّولة التـّـمييز بين فئات المجتمع وشرائحه وممارسة العنف ضدّ مجموعة إثنيّة أو عرقيّة معيّنة، وقمع المضربين والمحتجّين ضدّ أرباب العمل، والفساد الإداريّ والمؤسّسيّ، وإدارة شبكات الفساد والعصابات الإجراميّة والقيام بالإغتيالات الفرديّة أو الإبادة الجماعيّة للإنتقام من الخصوم والإنفصاليّين وغير ذلك.

القانون يضبط قواعد لسلوك رجال الشـّـرطة ويبيّن طرق العمل لأقسام البوليس ولمختلف الأجهزة الأمنيّة بهدف حماية الأرواح والممتلكات، وحماية الأبرياء (حفظ الأمن)، وضمان حقوق الجميع في الحرّيّة والمساواة والعدالة. الأجهزة الأمنيّة وأجهزة الدّولة بصفة عامّة موجودة لتحافظ على المجتمع وبالتـّـالي عليها أن تعامل المواطنين بطرق لائقة ومحترمة.

القانون موجود ليحدّد أنواع الجرائم وعقوباتها وذلك ليمنع بصفة استباقيّة حدوثها. وتلك طريقة في منع وقوع الأضرار عن طريق التـّـهديد بالعقاب. أمّا القانون الدّستوريّ فيحدّد الآليات التي بها تعمل السّلطات فإذا كان غير موجود أو موجود كحبر على ورق فإنّ الحكومة تدير عمليّات التـّـجريم Criminalization وتسليط العقوبات penalization كما تشاء وذلك هو انعدام العدالة بعينه. الحكومة المستبدّة تتحكـّـم بإدارة التـّـجريم عن طريق أجهزتها الأمنيّة فتختلق القضايا وتجعل منها قضايا تخريب وتمارس التـّـعذيب قصد انتزاع الاعترافات وتنشر الخوف في أروعة النّاس وتجبرهم على الولاء لها. وفي نفس الوقت تقصي الحكومة من تشاء وتحرم من تشاء من الحقوق الاقتصاديّة والمدنيّة. وهذه في واقع الأمر هي حالة الفوضى التي تُـحوَّل إلى “نظام قسريّ” عن طريق القوّة والعنف.

ومعظم جرائم الدّولة تبقى في عقول النّاس جرائم شرعيّة لأنّ الدّولة تسخّر وسائل الإعلام في الدّعاية لها وفي غسيل الأدمغة. الحكومة عندما تتجاهل القوانين الدّستوريّة ولا تطبّقها وعندما تقوم بالمحاكمات السّريّة والعسكريّة للنّشطاء السّياسيّين تقوّض العدالة وتقضي على مبدإ احترام القانون وتصبح الدّولة بوليسيّة أو قائمة على حماية البوليس لها وليس على تمسّك المواطنين بها. وعندما تطلق الدّولة العنان لأجهزتها الأمنيّة فإنّ الإعتداءات على المواطنين من طرف تلك الأجهزة تنتشر وتـُـنتهـَـك القوانين. وبالرّغم من ذلك لا يستطيع ضحايا العنف التـّـقدّم بشكاوي أمام القضاء لأنّه أيضا مُـخضـَـع. وعندما تؤول الأوضاع في مجتمع ما إلى هذا الحدّ تنخرط الدّولة بوضوح في عمليّة مستمرّة من “إرهاب الدّولة”. إرهاب الدّولة يتمثـّـل في التـّـوقيفات الإعتباطيّة والتـّـعذيب والقتل وهذا الوضع يصاحبه استشراء للفساد وانتشار للجريمة وانعدام للشـّـعور بالأمن.

وليس معنى هذا أنّ وجود الدّولة يجب أن يكون صوريّا بل على الدّولة أن تمارس الرّدع وأن تهدّد باستخدام العقاب (الذي يتضمّنه القانون) وأن تعمل على تشكيل سلوك مواطنيها ليكون متماشيا دوما مع مبادئ المجتمع المدنيّ. ويجب على الدّولة أن تتدخـّـل لمنع الصّراعات وحدوث العصيان ويجب عليها أن تمنع الجرائم المخلـّـة بالنـّـظام العامّ ولكن يجب عليها أن تتمسّك بالقانون والعدالة. سلطة الدّولة يجب أن تكون رمزيّة وهذا هو المبدأ المقبول عموما داخل المجتمعات الحرّة والدّيمقراطيّة؛ وانتهاك هذا المبدإ يؤدّي الى إنشاء أجهزة دولة للقسر والاعتداء والقمع. وعندما يصبح نشاط الدّولة إجراميّا تتدعّم البيروقراطيّة ويعمّ الفساد المؤسّسات والهيئات التي تشكـّـل الدّولة.

وفي الختام أقول لئن كانت الدّولة الممارسة للإرهاب ضدّ مواطنيها تعمل على ممارسة إرهابها في كنف السـّـرّية فمن المسلـّـم به أنّ الإطاحة بمثل هذه الدّولة أمر قد يحدث بصفة عفويّة، إذ ما إن تنطلق أوّل شرارة للعصيان حتـّـى يندلع تمرّد شامل يعصف بكلّ رموزها وقادتها وأجهزتها.

العدالة وهي الإتـّـصاف بصفة العدل والإنصاف لا تتمّ من دون أن يكون القضاء مستقلا استقلالا تامّا عن السـّـلطة التـّـنفيذيّة للدّولة. وتلك الاستقلاليّة تدخل في نطاق الاستقامة الأخلاقيّة للحامكين والمحكومين على السّواء. فلنعمل من أجل التـّـغيير الحقيقيّ في بلداننا العربيّة وذلك بجعل القضاء لا همّ له سوى إثبات الحقيقة في عمليّات المحاكمات للمعارضين والمساجين السّياسيّين.