زراعة الكيف بالمغرب مقاربة مجالية قانونية

ذ محمد بودواح
مسؤول عن مختبر الدراسات والأبحاث في التنمية الترابية و الدكتوراه في إعداد المجال والتنمية الترابية وماستر علوم المجال– شعبة الجغرافيا-القنيطرة.

عبد السلام بوهلال
باحث في الدكتوراه – وحدة الأرياف المغربية: المجال والانسان والتنمية- كلية الآداب القنيطرة

عبد النور صديق
باحث في الدكتوراه – وحدة الأرياف المغربية: المجال والانسان والتنمية- كلية الآداب القنيطرة

جاد فتال
باحث في الدكتوراه: إعداد المجال والتنمية الترابية- كلية الآداب القنيطرة.

جمال شعوان
باحث في الدكتوراه كلية الآداب سايس فاس.

ملـخـص:

يعتبر موضوع زراعة الكيف بالمغرب من المواضيع التي تثير العديد من الإشكالات القانونية والاجتماعية والمجالية والجيوسياسية . تناولنا لهذا الموضوع تم بتبني عدة مقاربات:

مقاربة مجالية: من خلال التطرق للبدايات الأولى لزراعة الكيف في العالم، وطرق وصوله للمغرب، وكذا لمراحل التوسعات الكبرى، التي عرفتها هذه الزراعة ببلادنا.
مقاربة قانونية: من خلال التطرق لمختلف التشريعات المواكبة لمكافحة زراعة الكيف بالمغرب، سواء ذات البعد الوطني، أو التي صدرت لمسايرة النصوص القانونية الدولية في هذا الميدان.
وفي الأخير خلصنا إلى أن المنظور الرسمي لزراعة الكيف في المغرب، يرتكز على الجانب الأمني ، يستهدف استئصال هذه الزراعة. لذا تبين ضرورة تبني منظور استراتيجية بديل قائم على استغلال القيمة المضافة المرتبطة بزراعة الكيف، بالتركيز على الاستعمالات المتعددة للكيف :الطبية والصناعية… الثابتة علميا وعمليا في الميدان.

الكلمات المفاتيح:

تاريخ زراعة الكيف، التشريعات القانونية لمكافحة الكيف، التوسعات المجالية للكيف، جبال الريف، البديل الاقتصادي للكيف.

المقدمة:

يرتبط الكيف (القنب الهندي) بالمغرب في أذهان الكثيرين زراعةً وتصنيعا وتسويقا بالأقاليم الشمالية عموما، و بمنطقة كتامة تحديدا. والتي تخصصّ سكانها منذ القديم في هذه الزراعة التي انتقلت من زراعة تكميلية إلى نظام الزراعة الأحادية.

تثير زراعة الكيف العديد من الإشكالات القانونية والاجتماعية والمجالية، حيث نجد أن العديد من الفلاحين في الأقاليم الشمالية، لازالوا يعتمدون عليها كمصدر عيش رئيسي، رغم أنها تصنف من الناحية القانونية في دائرة اللاشرعي منذ مدة طويلة؛ فهذه الزراعة تجتاح مساحات جد شاسعة قدرتها المنظمة الدولية لمكافحة الجريمة والمخدرات في تقريرها الصادر سنة 2004 بحوالي 134000 هكتار.
وبمقابل هذه الامتدادات المجالية السريعة للكيف لجأت الدولة إلى سن مجموعة من القوانين بغية الحد من انتشارها في الأقاليم الأخرى من المملكة المغربية.
لهذا يمكن التساؤل عن المراحل التاريخية التي مرت منها زراعة الكيف بالمغرب؟ وما هي العوامل التي أدت بهذه الزراعة إلى إكتساح مساحات شاسعة بجبال الريف؟ وعن التدابير والإجراءات القانونية التي اتخذها المشرع المغربي لمواكبة تطور هذه الزراعة ذات الريع العقاري المرتفع وغير الغذائية؟

I – التوسع المجالي لزراعة الكيف

منذ القديم، كان لزراعة الكيف مكانة مهمة ضمن الأنشطة الفلاحية، حيث اكتشفت حضارات عريقة (الصينيون، الهنود، الفراعنة، الإغريق..) في هذه النبتة مجموعة من الفوائد على الرغم من طبيعتها المنبهة أوالمخدرة.

I – 1 البدايات الأولى لزراعة الكيف في العالم وطرق وصوله للمغرب

I – 1- 1 القنب الهندي في الحضارات القديمة

كلمة cannabis يونانية في الأصل معناها الضوضاء، أما كلمة حشيش تعني باللغة العربية العشب، وقد أطلقت على المادة المخدرة الموجودة في نبات القنب. كما هناك من يرجع الحشيش إلى أصل عبري “شيش” وتعني الفرح.
تعتبر نبتة القنب الهندي (الكيف) من أقدم النباتات التي اهتم بها الإنسان واستعملها في ميادين متعددة. فحسب العديد من الدراسات فإن بدايات هذه الزراعة كانت في الصين منذ آلاف السنين خلت. حيث استفاد منها الصينيون و أدخلوها في استعمالات متعددة، كالغذاء و النسيج (الخيط) والأسلحة ( قوس الرماية). ويعد الصينيون من الأوائل الذين استخرجوا الورق من القنب الهندي و اعتبروا ذلك من أسرار الدولة إلى حدود القرن الخامس قبل الميلاد، و استعملوه أيضا في صناعة الأدوية. ورد ذلك في كتاب الأمبراطور الصيني شنج نانج سنة 2737 ق.م، الذي سماه “المحررين والأثام”، أقر فيه بأن للقنب الهندي فوائد طبية متعددة[1].
انتقل بعد ذلك من الصين إلى المناطق المجاورة لليابان، ثم شبه الجزيرة الهندية، وآسيا الوسطى. ومن هناك إلى أوربا الغربية عن طريق هجرات الشعوب الهندأوربية. و يشير هوميروس في الإلياذة، إلى أن هيلينا عمدت إلى تحضير مشروب منشط من نبات القنب الهندي لزوجها ساعده في الخروج من الكآبة و الحزن الذي كان منغمسا فيهما[2].
وهكذا، فمنذ حوالي القرن العشرين قبل الميلاد، عرفت الحضارة المصرية القديمة القنب الهندي[3]. ثم عرفت هذه الزراعة انتشارا كبيرا مع توسعات الرومان، حتى أن الإمبراطور غاليوس، خلال القرن الثالث الميلادي، نصح باستعمال القنب الهندي لضمان السعادة والحيوية.

كما أدى انتشار المسيحية إلى تحريم المواد المستخرجة من نبتة القنب الهندي من قبل الكنيسة، مما وضع حدا لانتشاره السريع خلال هذه الفترة. لكن إبان القرون الوسطى عادت زراعة القنب الهندي إلى سابق عهدها متخلصة من القيود التي فرضتها عليها الكنيسة، حيث أصدرت هذه الأخيرة مراسيم تبيح استعمال القنب الهندي من أجل إنتاج الورق والزيوت، وكذلك الأدوية… وهذا مادفع Guttenberg إلى طبع أول إنجيل على الورق المستخرج من القنب الهندي سنة 1455م. كما أن سفن “كريستوف كلومب” التي إكتشف بها أمريكا سنة 1492م كانت أشرعتها وحبالها مصنوعة من مادة القنب الهندي[4].

I – 1 -2 وجهات نظر وصول القنب الهندي إلى المغرب

إذا كانت المصادر التاريخية لا تذكر انتشار القنب الهندي (الكيف) بالمغرب إلا مع بداية القرن الثامن عشر، فإن الدراسات التي اهتمت بالموضوع لم تتفق على تاريخ محدد لدخول القنب الهندي إلى المغرب، ولا على الجهة التي قدم منها.

يرجع البعض أصل القنب الهندي المغربي (الكيف) إلى بداية القرن الحادي عشر. وهناك من يذكر القرن الخامس عشر الميلادي حيث جاءت به الهجرات العربية الوافدة على المغرب، منذ القرن السابع الميلادي[5]. كما وجدنا من يرجع تاريخ النبتة إلى القرن السادس، حيث جلبها السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي من بلاد السودان للاستعمالات الطبية (علوان؛ 2005). وهو التاريخ نفسه الذي يقر به (بودواح؛2002) مع اختلاف في أصل النبتة التي يرجعها إلى الهند حيث جلبها للمنطقة مغامرون كتاميون من هناك. بينما يرجأ (MAURER ; 1968) دخوله للمغرب حتى القرن السابع عشر.
رغم كل هذه الاختلافات، فإنه لم ترد أية إشارة إلى وجوده من طرف ليون الإفريقي و MARMOL اللذان إختراقا جبال الريف، لكن حسن بن الوزان أشار إلى انتشار ظاهرة التدخين في مجالس فاس[6]، في إشارة لوجود القنب الهندي (الكيف) لأن التبغ لم يكن قد انتشر بعد بالمغرب.«وتذكر المصادر التاريخية أن السلطان مولاي علي، سنة 1734، كان “مخبولا خبلا تاما” من شدة تناوله للكيف، كما أن أحد مستشاري سيدي محمد بن عبد الله مات سنة 1772 نتيجة لمجونه ومبالغته في استهلاك الكيف. وحاول السلطان مولاي الحسن القضاء على الكيف بالمغرب فأصدر أمره بإحراق المزارع، وحسب المؤرخ الضعيف فإن السلطان مولاي سليمان أصدر في 1814 مرسوما يأمر فيه بقطع طابا و الكيف و إحراقهما في كل بلد»[7]
حسب محمد بن الطيب[8] فإن زراعة القنب الهندي (الكيف) ظهرت أو على الأقل رخص لها بجبال الريف منذ أواخر القرن التاسع عشر، من قبل السلطان المغربي الحسن الأول الذي سمح لخمس دواوير بقبيلتي كتامة وبني سدات بمزاولتها، منها دواران من قبيلة كتامة “بني عيسي” بجماعة عبد الغاية السواحل و”كريحة” بجماعة كتامة المجاورة[9].

ويؤكد Mouliéras على ممارسة سكان هذه المناطق لزراعة القنب الهندي «يزرعون القرويون هذه المساحات الصغيرة بالفول و العدس والحمص و الشنتية وقليل من الحبوب للإستهلاك الذاتي على الخصوص…كما أنهم يقومون بزراعة الكيف»[10].
إلا أن زراعة الكيف لم تعرف انتعاشا و تأطيرا في بلادنا إلا خلال عهد الحماية الفرنسية بالجنوب و الاسبانية بالشمال، وكما اشترطت الدول العظمي في عقد الجزيرة الخضراء بتاريخ 7 أبريل 1906 (في الفصل 72)، أن تكون زراعة و إنتاج الكيف محتكرة من طرف الدولة، وخلقت لهذا الغرض سنة 1910 شركة دولية تدعى”الشركة الدولية ذات المصالح المشتركة Régi co-intérssés” المستفيدة من امتياز الاحتكار، وامتد نشاطها في عهد الحماية سنة 1912 إلى المنطقة المحتلة من طرف إسبانيا و المنطقة الدولية بطنجة.

I – 2 التوسعات الكبرى لزراعة القنب الهندي بالمغرب

يؤدي عاملي ندرة الأراضي الفلاحية و الزيادة السكانية دائما إلى انعدام التوازن بين موارد الوسط الطبيعي ومتطلبات الحياة؛ مما يدفع بالساكنة إلى البحث عن موارد أخرى للعيش. يعتبر هذا الوضع من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت بالقبائل في الريف الأوسط أن تجد في الكيف حلا لتجواز الصعوبات التي تعيشها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
ولقد رافقت زراعة الكيف مجموعة من الوقائع و الأحداث التي مر بها المغرب، والتي أثرت بشكل مباشر على توسع المساحات المزروعة بهذه النبتة الخضراء.
وانطلاقا مما سبق، يمكن التعرض لمسار زراعة الكيف في المغرب عبرعدة مراحل.

I – 2 – 1 المجالات التي شملتها زراعة الكيف قبل الاستقلال

منذ تواجد الكيف في المغرب عرفت زراعته توسعا مجاليا كبيرا، لكن عبر مراحل وبشكل تدريجي.

أ- المرحلة الأولى إلى حدود 1920 : تشكل الأحداث السياسية التي عاشها المغرب في فترة الحماية من بين الأسباب المباشرة التي ساهمت في الرفع من المساحات المزروعة بالكيف، حيث وهي ساد فيها الاضطراب بشكل واضح لمجموعة من الأسباب منها:
– وفاة السلطان عبد الحفيظ؛
– بداية العمليات الإستعمارية الفرنسية الإسبانية الأولى على المغرب؛ فالمستعمر انشغل بوضع اللبنات الأولى للهيمنة، “تأسيس المؤسسات الإستعمارية، جلب المعمرين من الغرب…”.
هذه الوضعية المتدهورة شجعت السكان على الزيادة في المساحات المزروعة بالكيف. يشير بول باسكون الى أن تصدير المغرب للقنب الهندي ارتفع من 100 طن سنة 1913 إلى 500 طن سنة 1920.[11]

ب- المرحلة الثانية 1920 – 1930 : بدأت الزراعة تنتقل إلى دواوير أخرى، (1926) مثل “تلرواق”. لكن الانتشار ظل محصورا داخل قبيلتي كتامة وبني سدات.
وبالموازاة مع ذلك ستعرف هذه الفترة بعض الصعوبات في الانتشار الزراعي للكيف بسبب رفض هذه النبتة من طرف محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي أعلن “بأنها مخالفة لتعاليم القرآن الكريم”[12].

ج- المرحلة الثالثة من 1930 إلى حدود الإستقلال: عرفت زراعة الكيف امتدادات واسعة خاصة داخل المنطقة الاستعمارية الإسبانية لمجموعة من الأسباب أهمها[13]:
– صدور ظهير 1932 والذي جاء بعد اتفاقية دولية ضد المهربينk التي صادق عليها المغرب و فرنسا بينما رفضتها اسبانيا بامتناعها عن التوقيع، مما جعل فلاحي الشمال يزرعونها بدون عراقيل، عكس المنطقة الاستعمارية الفرنسية التي منعت بها الزراعة.

– حاولت السلطات الإسبانية حصر إنتاج القنب الهندي في ثلاث قبائل “كتامة؛ بني سدات وبني خالد.” بسبب تعاقد شركة إسبانية مع فلاحي هذه القبائل لشراء جزء من المحصول”الكيف و الطابا” مع تأدية الضرائب على المنتوج الكيفي.
– ضعف الإدارة المركزية الإسبانية بسبب الحرب الأهلية( 1936- 1939). وهو ما سهل انتشار الزراعة في أماكن جديدة كدوار ” إغماض” في عالية واد أمزاز و غيره.
كل هذه العوامل ساهمت في التسريع من عجلة انتشار الكيف، الشيء الذي دفع بالسلطات إلى محاولة وضع حد لهذا التزايد أو على الأقل التقليص من وثيرته؛ فسنت ظهير 1954 الذي يعضد ويقوي من مضمون ظهير 1932 ، لكنه كسابقه لم يشمل المناطق الشمالية للمغرب باعتبارها منطقة استعمارية اسبانية، وإذا كان هذا الظهير وضع نقطة نهاية لزراعة الكيف بالمنطقة الإستعمارية الفرنسية، فإنه بالمقابل شكل حافزا وسندا لتوسع الزراعة بأعالي جبال الريف، التي أصبحت المجال الوحيد لممارستها داخل المغرب.

I – 2 – 2 المجالات التي اكتسحتها الزراعة بعد الاستقلال

بعد أن تم القضاء على زراعة الكيف في المنطقة الاستعمارية الفرنسية قبل حصول المغرب على الاستقلال بفعل ظهير 1954، ستواصل مساحات الذهب الأخضر توسعها في السنوات الموالية للاستقلال في المنطقة الشمالية، حتى هيمنت على النظام الزراعي لدى الفلاحين، إذ أصبحت في منتصف السبعينات المصدر الرئيسي لدخل الفلاحين، وخاصة مع ظهورالكيف في المساحات البورية (الكيف البعلي أو البوري).لقد عرفت حياة ” النبتة الخضراء” انقلابا جذريا، سيجعل منها مصدر العيش الوحيد لساكنة عالية الريف، بعد استخراج مادة “الحشيش” “Chira” من عيون شجرة الكيف. فهذا المسحوق المتنوع (حسب جودته)، تدين له ساكنة جبال الريف بالكثير، حيث عمل على تحسين ظروف عيشهم إذ ارتفعالمؤشر الاقتصادي بالمنطقة في وقت وجيز عكس المؤشر الاجتماعي الذي يتطلب مدة طويلة لتعييره.هذه الوضعية المزدهرة اقتصاديا اتسمت بآثار سلبية على المستوى الاجتماعي والبيئي.

وهكذا عرفت المشتقات المستخرجة من الكيف رواجا كبيرا على المستوى الداخلي والخارجي؛ مما سيدفع بفلاحي المنطقة التي تتعاطى لهذه الزراعة الأحادية (الكيف) في جميع المساحات المزروعة ابنداءا من هذه[14]. وهكذا ارتفعت المساحات المزروعة بالكيف بدواري الساحل وازداد بجماعة عبد الغاية السواحل، المنتمية لإقليم الحسيمة مابين 1973 و 1984 بنسبة 118% بالنسبة للأولى و 94% بالنسبة للثانية[15].

وإذا كانت التوسعات الأولى لزراعة القنب الهندي تمت بشكل أساسي، على حساب باقي المزروعات الأخرى، فإنه خلال هذه المرحلة ستكون الضحية هي “الغابة”؛ إذ ستتعرض لعملية اجتثاث ممنهج واستبدالها بـ”الكيف البوري”.

II – التشريعات المواكبة لمكافحة زراعة الكيف بالمغرب

إن الانتشار السريع لزراعة الكيف واكبته السلطات المغربية بإصدار مجموعة من النصوص القانونية، سواءا ذات البعد الوطني، أو التي واكبت التشريع الدولي. والمتعلقة بميدان المخدرات: القوية أو القليلة التأثير على المستهلكين الهواة أو المدمنين.

II – 1 التشريع الوطني في مجال مكافحة زراعة الكيف

إذا تتبعنا النصوص القانونية الصادرة في ميدان زراعة الكيف بالمغرب، نجدها مرت بمجموعة من المراحل: فقد حاول المشرع في البداية إيجاد إطار قانوني لضبط الزراعة في البداية، قبل أن يلجأ إلى تجريمها ومنعها بشكل مطلق في النهاية.

II –1-1 النصوص القانونية المنظمة لمكافحة زراعة الكيف قبل الاستقلال

تميزت هذه المرحلة بجواز أو “شرعنة” زراعة الكيف، فلكي يسمح للفلاح بالزراعة، عليه أن يتقدم إلى إدارة “سكا تبغ” للحصول على الرخصة من اجل مزاولة زراعته بحرية مطلقة. يفهم من هذا أن زراعة الكيف كانت تتم وفق ترخيص من شركة التبغ. وقد تخصص مركزان في هذا النوع من الزراعة: مركز بمنطقة مراكش في الجنوب:”الحوز”، ومركز في منطقة الحسيمة: “كتامة”.
ويحق لشركة التبغ وحدها تسليم الرخص للفلاحين التي تعينهم بنفسها لجمع المحصول لحسابها، وتقوم بتوجيه لائحة بأسماء هؤلاء إلى السلطات المعنية. ونظم هذا ظهيرين:

أ- ظهير 5/11 1919 في ضبط زراعة الكيف[16]
ب-ظهير 12 رجب 1351 الموافق ل12 نونبر 1932 بجعل نظام لأنواع التبغ و الكيف بالمغرب[17]
ومن أهم سمات هذه المرحلة، القضاء نهائيا على زراعة الكيف بالمنطقة الاستعمارية الفرنسية، بتطبيق ظهير 20 شعبان 1313 الموافق ل 24 أبريل 1954 المتعلق بمنع زراعة الكيف[18]. إذ بموجب هذا الظهير تم إلغاء صلاحيات التراخيص مع القيام بمراقبة صارمة لشبكات الإنتاج[19]. ولتشجيع موظفي الدولة المكلفين بذلك، تم إصدار مرسوم رقم 2.56.038 بتاريخ 27 ذو القعدة 1375 الموافق ل 30 يونيو 1956، يقضي بإعطاء جوائز مالية للأعوان المكلفين بزجر ترويج مادة الكيف[20].
لكن رغم ذلك فالأمر كان مختلفا في المنطقة الاستعمارية الإسبانية، لأن مجال تطبيق ظهير 1954 كان يقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الفرنسية، وعليه كان يتعذر تطبيق النصوص الصادرة عن السلطات الفرنسية على مجمل التراب الوطني. فبقي الشمال بدون تغطية قانونية إن صح التعبير.

II – 1 – 2 النصوص القانونية المنظمة لمكافحة الكيف بعد سنة 1956.

إن المنطقة الشمالية بما في ذلك طنجة لم يطبق عليها ما تم تطبيقه في المنطقة الجنوبية ، إلا بعد صدور قرار نائب رئيس الوزارة ووزير المالية ووزير الصحة العمومية في11 يناير 1960، وظهير شريف رقم 1.60.138 في تتميم الظهير[21] الصادر في 20 شعبان 1373 الموافق ل 24 أبريل 1954. يمنع بموجبه زراعة الكيف بشكل نهائي في المنطقة الشمالية من المملكة المغربية.

ومن أجل تقوية حجية منع الكيف في المغرب وسد النقائص الكثيرة التي اعترت الميدان التشريعي في هذا المجال، جاء ظهير[22] 28 ربيع الثاني 1394 الموافق ل 21 ماي 1974.المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات[23]، إذ« يعاقب بالحبس من خمسة إلى عشر سنوات وبغرامة يتراوح قدرها من 5000 إلى 50000 درهم كل من استورد أو أنتج أو نقل أو صدر أو أمسك بصفة غير مشروعة المواد أو النباتات المعتبرة مخدرة» (الفصل الثاني من ظهير )1974[24].
وهكذا انتظر المغرب عدة قرون -إذا اعتبرنا القرن الخامس عشر هي بدايات الانتشار الأولى لزراعة الكيف به- حتى يصبح له قانون يحرم بصفة هذه الزراعة في كافة التراب الوطني، أي تغلغلت داخل مجتمعات المناطق الجبلية وأضحت تشكل لدى السكان المصدر الرئيسي لدخلهم السنوي.

فالمنع جاء في ظرفية تاريخية حرجة بالنسبة للسكان المعتمدين على محصول الكيف في جميع الميادين، لهذا لم يكن من السهل القضاء عليه؛ لأن الأجيال، توارثته وكونت بصدده رصيدا ثقافيا هاما (صناعة الحبال؛ تغذية الدواجن ، سماد للأرض؛ استعمالات طبية…)، فضلا عن المرودية الاقتصادية المهمة للمنتوج. إلا ان هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لم يتم مراعاته، مما جعل القانون المذكور يفشل في انتزاع النبتة من أعالي الريف[25].
وبالإضافة إلى هذه المقاربة القانونية، لجأت االسلطات الحكومية إلى مقاربة إدارية، تمثلت في إحداث لجنة وطنية للمخدرات من أجل مكافحة المخدرات بموجب مرسوم رقم2.77.626 بتاريخ 19 شوال 1397الموافق ل31 أكتوبر 1977[26]، وهي هيئة وزارية تستوحي من توصيات منظمة الأمم المتحدة، وتعمل بتعاون الإدارة العامة للأمن الوطني و الدرك الملكي و القوات المساعدة و القوات المسلحة الملكية ومصالح الجمارك وشركة التبغ والسلطة المحلية[27]، وضعت تحت الرئاسة الفعلية لوزارة الصحة العمومية، تضم ممثلين عن الوزارات المهتمة بظاهرة المخدرات، وتتولى هذه اللجنة اقتراح إجراءات تطبيق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية في مجال مكافحة المخدرات، وإعداد البرامج الإعلامية حول مخاطر المخدرات، وبحث الوسائل الكفيلة بتحقيق مكافحة فعالة للإنتاج والترويج غير مشروع. وحيازة وبيع ونقل واستعمال المخدرات[28]

II – 2 مواكبة التشريع المغربي للتشريع الدولي في ميدان مكافحة القنب الهندي

يشكل التعاون الدولي في مجال الخدرات عنصرا أساسيا وفاعلا في مواجهة هذه الآفة والحد منها والسيطرة عليها، لأن مشكلة المخدرات تعتبر مسؤولية عامة ومشتركة، وتتطلب اتباع نهج متكامل ومتوازن يتوافق مع الأغراض والمبادئ المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة المخدرات.
وانطلاقا من هذا الواقع، أصبح تعزيز التعاون الدولي والإقليمي بين الأجهزة والهيئات المعنية في مجال مكافحة المخدرات ضرورة ملحة للحد من انتشارها وبالتالي العمل على منعها نهائيا…! بدل تثمينها وتوظيفها في مجلات أخرى.
ووعيا منه بخطورة المخدرات، بادر المغرب إلى الانخراط في مجال التعاون الدولي، من أجل كبح انتشار المخدرات عموما والكيف بشكل خاص، باعتباره “المخدر” الأكثر شيوعا داخل البلاد، وذلك بمصادقته على جل الاتفاقيات الدولية والعربية المتعلقة بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية.
لقد جاءت الاتفاقيات الدولية في مجال محاربة المخدرات. في شكل شمولي عمت جل المواد المخدرة، ولم نعثر على اتفاقية خاصة بمحاربة الكيف وحده؛ لذا سوف نتطرق في هذا الفصل للاتفاقيات المتعلقة بالوقاية من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية،مثل الكيف ومشتقاته.

II – 2 – 1 مصادقة المغرب على النصوص القانونية العربية في مجال مكافحة الكيف

يعتبر المغرب عضوا نشيطا في جامعة الدول العربية، ويساهم بشكل فعال في بناء استراتيجية عربية موحدة ومشتركة لمكافحة المخدرات بالوطن العربي. هذه الاستراتيجية تبلورت عبر ثلاث مراحل أساسية[29]:

المرحلة الأولى: مرحلة المكتب الدائم لشئون المخدرات: بتاريخ 26 غشت سنة 1950م صدر قرار اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية بإنشاء مكتب بالأمانة العامة للجامعة يتكون من ممثل لكل دولة من دول الجامعة ويكون من اختصاصه مراقبة التدابير المتخذة في كل دولة عربية لمكافحة إنتاج وتهريب المخدرات بين الدول العربية.

المرحلة الثانية: مرحلة المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة: وافق مجلس جامعة الدول العربية على إنشاء المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة في 10 أبريل سنة 1960م، بغرض العمل على دراسة أسباب الجريمة ومكافحتها ومعاملة المجرمين، وتأمين التعاون المتبادل بين الشرطة الجنائية في الدول العربية ومكافحة المخدرات.

المرحلة الثالثة: مرحلة مجلس وزراء الداخلية العرب: اعتمد المؤتمر الاستثنائي لوزراء الداخلية العرب (الرياض، فبراير 1982) النظام الأساسي لمجلس وزراء الداخلية العرب، وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس جامعة الدول العربية بدور انعقاده الثامن والسبعين بقرار رقم 4218 في 23 سبتمبر سنة 1972م، وعقد المجلس أول دوراته في الدار البيضاء بالمغرب. وحل المجلس محل المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة ونقلت إليه مكاتبها.
اعتمد مجلس وزراء الداخلية العرب الاستراتيجية العربية لمكافحة المخدرات في نهاية عام 1986م وفي العام التالي اعتمد في دورته السادسة بقراره رقم 93 لعام 1987 الخطة المرحلية الأولى للاستراتيجية، ومدتها خمس سنوات اعتبارا من أول يناير سنة 1988م حتى نهاية دجنبر سنة 1992م، ثم توالت الخطط: الخطة المرحلية الثانية لمدة خمس سنوات (1994 – 1998م) بقراره رقم 213 لعام 1994، الخطة المرحلية الثالثة (1999م – 2003م) بقراره رقم 309 لسنة 1999م، الخطة المرحلية الرابعة لمدة ثلاث سنوات (2004-2006م)، والخطة المرحلية الخامسة لمدة ثلاث سنوات (2007م – 2009م) وأخيراً قام فريق عمل مكون من ممثلين لعدد من الدول العربية والأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية[30]، بإعداد مشروع الخطة المرحلية السادسة لمدة ثلاث سنوات (2010م-2012م)[31].

كما صادق مجلس وزراء الداخلية العرب[32] بدورته الرابعة سنة 1986م، على القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي، وهو قانون يواكب أحدث المستجدات الدولية في مجال مكافحة المخدرات.
واعتمد ذات المجلس في دورته الحادية عشر سنة 1994م على الخطة الاعلامية العربية الموحدة لمكافحة ظاهرة المخدرات، التي استهدفت حماية وتحصين جميع فئات المجتمع ضد آفة المخدرات. كما صادق المجلس في نفس الدورة على الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات[33]. وهذه الاتفاقية تضم نصوصاً تتعلق بتسليم المجرمين والتعاون القانوني والقضائي المتبادل والتعاون الإجرائي، لتيسير التبادل السريع والمأمون للمعلومات المتعلقة بجرائم المخدرات…

كما وافق مجلس وزراء الداخلية العرب بدورته العشرين المنعقدة سنة 2003 على القانون العربي الاسترشادي لمكافحة غسل الأموال. وتعتبر المخدرات أهم وسيلة يلجأ اليها لغسل الأموال.
وبهذا تكون الدول العربية، قد هيأت مرجعية قانونية صلبة ومتينة في مجال مكافحة المخدرات. ليبقى التساؤل المطروح والمشروع ماهي الإضافات التي جاءت بها النصوص الدولية في هذا المجال؟

II – 2 -2 مصادقة المغرب على النصوص الدولية في مجال مكافحة الكيف

بدأت مكافحة المخدرات في العالم بسياسة جنائية وطنية عمادها القانون الجنائي، وأداتها الشرطة والجمارك وقوات حرس الحدود والمصالح الأخرى ذات الصلة. وكان أول تشريع لمكافحة المخدرات صدر في العالم هو الذي أصدرته السلطات الاستعمارية الفرنسية التي كانت تحتل القطر المصري سنة 1800م والذي ينص على منع تعاطي الحشيش في مصر، ويعاقب على مخالفة أحكامه بالحبس لمدة ثلاثة أشهر ومصادرة الحشيش المضبوط . وجاء بعده القانون الفرنسي الصادر في 19 يوليو عام 1845. ثم توالى صدور التشريعات، وخاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى حيث قامت الدول بسد ما نقص في قوانينها أو إعادة صياغة تشريعات جديدة.
وكان أول جهاز متخصص أنشىء لمكافحة المخدرات في العالم هو مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة، الذي أنشىء في مصر بتاريخ 20 مارس عام 1928، وفي العام التالي أنشىء الجهاز المتخصص في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم توالي إنشاء الأجهزة المتخصصة في جميع أنحاء العالم.
وكانت أول خطوة دولية كشفت عن رغبة الدول في التعاون، من أجل مكافحة المخدرات هي مؤتمر شنغهاي الذي عقد في الصين في شهر فبراير عام 1909 وشاركت فيه 13دولة من مختلف دول العالم، تلته مجموعة من المؤتمرات والندوات والتي تمخض عنها ثلاث اتفاقيات أساسية، وهي التي تحكم التعاون الدولي في مجال مكافحة المخدرات[34] وتتجلى في:

– الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الصادرة سنة 1961
-اتفاقية المؤثرات العقلية الصادرة سنة 1971
-اتفاقية الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية الصادرة سنة 1988.
إن المغرب سيصادق على جميع هذه الاتفقايات بإصدار :

مرسوم ملكي رقم 66.236 بتاريخ 7 رجب 1386 الموافق ل22 أكتوبر 1966 حيث صادق بموجبه المغرب على الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة بنيويورك1961[35]
ظهير 9 صفر 1401 الموافق ل 17 دجنبر 1980 المتعلقة بالمصادقة على الاتفاقية الدولية حول العقاقير المخدرة الموقعة بفيينا [36]1971
ظهير رقم 1.92.283 صادر في 15 ذي القعدة 1422 الموافق ل 29 يناير 2002 المتعلق بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات المؤثرات العقلية الموقعة بفيينا في 20 دجنبر
1988[37]

لم يكتفي المغرب بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية فحسب، بل سارع إلى الانخراط في المؤسسات الدولية المعنية مباشرة بمكافحة المخدرات والجريمة. حيث انظم إلى منظمة “الأنتربول” سنة 1956، وفتح بالرباط مركزا وطنيا لمكافحة الجريمة وترويج المخدرات[38] . كما وقع على العديد من البروتوكولات والاتفاقيات الثنائية مع العديد من الدول في مجال مكافحة المخدرات.

خاتمة عامة

إذا كان هناك إختلاف في أصل وتاريخ وصول الكيف إلى المغرب، فإنه من الثابت إن البدايات الأولى للإنتشار المجالي كانت مع ترخيص السلطان الحسن الأول لبعض القبائل بجبال الريف زراعته في أواخر القرن 18م، تم إنتقلت إلى مجالات أخرى كحوز مراكش. وأمام المنع التي تعرضت له هذه الزراعة في مناطق نفوذ الاحتلال الفرنسي، أصبحت بعض المناطق في جبال الريف المختص الوحيد في الزراعة المفضلة لدى الفلاحين. علما ان أهمية “الكيف” ومشتقاته ستزداد مع تصنيعه في سبعينات القرن الماضي، حيث سيصبح للمنطقة إشعاعا وطنيا ودوليا مما سيرفع من الريع العقاري للكيف. هذه المردودية المرتفعة ستحفز ساكني المجالات المجاورة على إدخالها في أنظمتهم الزراعية، مما ساهم في اتساع الرقعة الجغرافيةالكيف على حساب الزراعات المعاشية والقطاع الغابوي.

ومن أجل الحد من توسع زراعة الكيف لجأ المشرع المغربي الى مبدأ التدرج:
– حيث سيحاول التحكم في هذه الزراعة بداية من خلال اصدار: ظهير 5/11 1919، في ضبط زراعة الكيف كمرحلة أولى.
-ثم سيقوم باجتثاث زراعة الكيف من منطقة الاحتلال الفرنسي عن طريق ظهير 20 شعبان 1313 الموافق ل 24 أبريل 1954، المتعلق بمنع الكيف.
– قبل أن يعمل على منعها بشكل نهائي بواسطة ظهير 28 ربيع الثاني 1394 الموافق ل 21 ماي 1974،المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات. كما عزز المغرب منع هذه الزراعة بمصادقته على مجموعة من الاتفاقات الدولية والنصوص العربية التي اهتمت بمحاربة المخدرات.
فهل نجح المشرع المغربي في القضاء على زراعة الكيف واسطة هذه المقاربة القانونية المحضة؟

يبدو أن المغرب لم يتمكن من ذلك لأن واقع الحال يؤكد على أن زراعة الكيف مازالت تشكل مصدر العيش الوحي للسكان في جبال الريف حيث قدرتهم المنظمة الدولية لمكافحة الجريمة والمخدرات في تقريرها الصادر سنة 2004 بحوالي 800000 شخص، كما أنها تستوعب عددا هائلا من العمال الزراعيين خلال مواسم الحرث والحصاد والتصنيع، كما تشكل المنطقة سوق استهلاكية مهمة، يلجأ إليها التجار من مناطق مختلفة لتصريف منتجاتهم وسلعهم المختلفة، مما يجعل منها منطقة ذات إشعاع اقتصادي واجتماعي وثقافي في إطار هذا الاقتصاد المفتوح[39].
إن عدم فعالية المقاربة القانونية الأمنية في انتزاع الكيف من جبال الريف، سيدفع بالمغرب إلى تبني مقاربة إجتماعية تتمحور حول البحث عن بديل زراعي للكيف لكن مآلها كان الفشل، لأنه ثبت بالملموس أن ليس هناك في الوقت الحالي أي زراعة يمكن أن تضاهي مردوديتها مردودية الكيف في تلك الظروف الطبيعية الهشة والصعبة، زيادة على تمسك السكان المحليين و تشبثهم بزراعتهم المفضلة على جميع المستويات.

لقد أدى محدودية مقاربات الدولة في القضاء على زراعة الكيف إلى تبلور فريق يدعو إلى تقنينها وحجتهم في ذلك أن للكيف ومشتقاته فوائد طبية وصناعية عديدة… يتكون هذا الفريق من مجموعة من الفاعلين على رأسهم الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف، إضافة إلى بعض الباحثين الجامعيين وبعض السياسيين والحقوقيين …الخ
إذن، لقد حان الوقت في اعتقادنا لكي تعترف الجهات الرسمية باستحالة إيجاد البديل الزراعي للكيف، ومن تم البحث عن صيغة ملائمة لتقنين هذه الزراعة[40]، مع توجيه الانتاج إلى الطب، الصيدلة، الصناعة، النسيج…الخ ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تنقل مجالات زراعة الكيف إلى نظام سوسيو اقتصادي جديد، ستتغير معه مختلف الميكانزمات المحددة للتنمية المحلية المستدامة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

لائحة المراجع:
الجريدة الرسمية: مجموعة من الأعداد.
صالح محمد السعد(2006) جهود الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب في مجال مكافحة المخدرات، منشورات جامعة نايف للعلوم الأمنية الرياض
عادل الدمدرداش (1982):الإدمان مظاهره وعلاجه، مجلة عالم المعرفة عدد 56، الكويت
عبد السلام بوهلال (2006): الانسان والمجال والتنمية ا بجماعة عبد الغاية السواحل “إقليم الحسيمة”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الآداب القنيطرة
كتاب أبيض، نونبر 1994 : سياسة المغرب العامة في مجال مكافحة المخدرات ومن أجل التنمية الاقتصادية لأقاليم الشمال

مجلة معلمة المغرب (2004): الكيف، عدد20
محمد اديب السلاوي (1997): المخدرات في المغرب وفي العالم؛ البوكيلي للكتابة والنشر والتوزيع؛ الطبعة الأولى؛ القنيطرة
محمد بن يحيى(2002): قانون المخدرات و المؤثرات العقلية؛ منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة “نصوص ووثائق” العدد65؛ الطبعة الأولى؛ ص168
‘محمد بودواح (2002): دور زراعة الكيف في التحولات الاقتصادية والاجتماعية و المجالية و آفاق التنمية في جبال الريف: نماذج من الريف الأوسط،؛ دكتوراه الدولة في الجغرافية كلية الآداب الرباط
محمد فتحي عيد (2006)، مقومات التعاون الدولي في مجال مكافحة المخدرات، منشورات جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الرياض
محمد فتحي عيد (2009): الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية منشورات جامعة نايف للعلوم الأمنية؛ السودان
مصطفى سويف (1996):المخدرات والمجتمع؛ نظرة تكاملية، مجلة عالم المعرفة عدد 205، الكويت
BOUDOUAH,M (1985) : La culture du kif et son impact économique et social dans le rif central cas de kétama. Thés du doctorat de troisième cycle en Géographie et Aménagement- Toulouse II Le-Mirail- France
BOUDOUAH,M (2005) : L’Evolutino de l’organisation de l’espace et son inpact sur la population locale dans le Rif Central. IN L’espace campagnard marocain :spécificités et mutations. Groupe de recherche sur les campagnes marocaines .F.L.S.H ;Kénitra.pp :1-9
BOUDOUAH,M (1990) : les condition géographiques et la problématique de la monoculture « kiffique » ; Revue de la Faculté de Lettre et des Sciences Humaines, numéro spécial sur le Rif l’espace et l’Homme
MAURER G (1968) : Les paysans du haut rif central ; R.G.M .N°14Moulieras.A (1899) : le Maroc inconu ; tom I
Nations Unie Office Contre la Drogue et le Crime (2003) : MAROC ; enquête sur cannabis
Observatoire Français des Drogues et des Toxicomanies (OFDT) (2001) : Rapport sur la situation du cannabis dans le Rif Marocain (Juin-août 2001)
PASCON P (1977)/ : le Haouz de Marrakech, CRNC et INVA t2, RABAT

الهوامش
[1] عادل الدمدرداش (1982):الإدمان مظاهره وعلاجه، مجلة عالم المعرفة عدد 56، الكويت، ص 137
[2] مجلة معلمة المغرب (2004): الكيف، عدد20، ص 68-64
[3]مصطفى سويف (1996):المخدرات والمجتمع؛ نظرة تكاملية، مجلة عالم المعرفة عدد 205، الكويت، ص 34
[4] مجلة معلمة المغرب (2004): مرجع سابق، ص68-64
[5] Nations unie office contre la drogue et le crime (2003) : MAROC ; Eenquête sur cannabis, p 41
[6]MAURER G (1968) : Les paysans du haut rif central ; R.G.M .N°14 P,55
[7]مجلة معلمة المغرب (2004): مرجع سابق، ص 68-65
[8] هو جزائري الأصل إعتمد مولييراس على شهاداته في تأليف كتابه المغرب المجهول، وجاب محمد بن الطيب المغرب مشيا على الأقدام لمدة 22سنة من 1872 إلى 1893 وساعده في ذلك هيئته كطالب للعلم، وأثناء رحلاته الطويلة عمد إلى تسجيل كل كبيرة وصغيرة عن قبائل ومدن الريف وجبالة في ذاكرته القوية. وكان من حين لآخر يتردد على مولييراس بوهران ويحدثه بالتفاصيل الدقيقة عن أسفاره.
[9] MAURER G (1968) : op cite ; p 55
[10] MOULIERAS.A (1899) : Le Maroc inconnu ; tom I ; p 9
[11]PASCON P (1977)/ : le Haouz de Marrakech, CRNC et INVA t2, RABAT, 1977, p 412
[12] Observatoire Français des Drogues et des Toxicomanies (OFDT) (2001) : Rapport sur la situation du cannabis dans le Rif Marocain (Juin-août 2001) p, 5
[13] MAURER G (1968) : op cite ; p 56/55
[14] Boudouah,M (1990) : les condition géographiques et la problématique de la monoculture « kiffique » ; revue de la faculté de lettre, numéro spécial sur le rife l’espace et l’homme ; p 200
[15] Boudouah,M (1985) : La cultur du kif et son impact économique et social dans le rif central cas de ketama. Thés du doctorat de troisième cycle Toulouse ; p 114
[16] الجربدة الرسمية عدد342 بتاريخ 17/11/1919، ص 736
[17] نفسه عدد1060بتاريخ 17/02/1933، ص 245
[18] نفسه عدد2167 بتاريخ 07/04/1654، ص 1363
[19] كتاب أبيض، نونبر 1994 : سياسة المغرب العامة في مجال مكافحة المخدرات ومن أجل التنمية الاقتصادية لأقاليم الشمال ،ص 8
[20] الجريدة الرسمية عدد2284 بتاريخ 03/08/1956، ص 1300
[21] الجريدة الرسمية عدد 2512 بتاريخ 16/12/1960، ص 3751
[22] وهو التشريع المعمول به حاليا في ميدان المخدرات في القضاء المغربي
[23] الجريدة الرسمية عدد3214، بتاريخ 05/ 06/1974، ص 1525
[24] محمد بن يحيى(2002): قانون المخدرات و المؤثرات العقلية؛ منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة “نصوص ووثائق” العدد65؛ الطبعة الأولى؛ ص168
[25] عبد السلام بوهلال: (2006) الانسان والمجال والتنمية بجماعة عبد الغاية السواحل “إقليم الحسيمة”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الآداب القنيطرة
[26] الجريدة الرسمية عدد3390 بتاريخ 19/10/1977؛ ص3036
[27] كتاب أبيض، نونبر 1994 : مرجع سابق؛ ص 24
[28]محمد اديب السلاوي (1997): : مرجع سابق؛ ص 118 .
[29] محمد فتحي عيد (2009): الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية منشورات جامعة نايف للعلوم الأمنية؛ السودان ص 5

[30] الجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب
[31] محمد فتحي عيد ( 2009): مرجع سابق ص13
[32] صالح محمد السعد(2006) جهود الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب في مجال مكافحة المخدرات، منشورات جامعة نايف للعلوم الأمنية الرياض ص167
[33] قام المغرب بنشر هذه الاتفاقية بموجب ظهير رقم 1.96.178 صادر في 29 ربيع الأول 1422 الموافق ل 22 يونيو 2001 (الجريدة الرسمية عدد5001 بتاريخ 06/05/2002؛ ص 1269)
[34] حمد فتحي عيد (2006)، مقومات التعاون الدولي في مجال مكافحة المخدرات، منشورات جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
الرياض ص 13
[35] الجريدة الرسمية عدد2283 ، بتاريخ 17/12/1966؛ ص1401
[36] نفسه عدد 3590؛ بتاريخ 19/08/1981 ؛ ص 394
[37] نفسه عدد4999 بتاريخ 29/24/2002؛ ص1128
[38] كتاب أبيض، نونبر 1994 : مرجع سابق؛ ص 17
[39] BOUDOUAH,M (2005) : L’Evolutino de l’organisation de l’espace et son inpact sur la population locale dans le Rif Central. IN L’espace campagnard marocain :spécificités et mutations. Groupe de recherche sur les campagnes marocaines .F.L.S.H ;Kénitra.pp :1-9
[40] عبد السلام بوهلال: (2006) الانسان والمجال والتنمية بجماعة عبد الغاية السواحل “إقليم الحسيمة”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الآداب القنيطرة

Résumé:

Le thème de la culture du kif au Maroc, soulève de nombreux problèmes juridiques, sociaux, spatiaux et géopolitiques. Nous allons traiter ce thème en adoptant plusieurs Approches:

– Approche spatiale: nous avons évoqué les débuts de la présence du Kif dans le monde, et les différents moyens de son arrivée au Maroc. Ainsi, que les grandes étapes de son extension dans notre Bled.

– Approche juridique: nous avons abordé les différentes lois d’accompagnement pour lutter contre la culture du Kif au Maroc, portant sur la dimension nationale, ou celles qui accompagnent les lois internationales dans ce domaine.

– Enfin , nous avons conclu , que la vision officielle de la culture du kif est

basée sur le côté sécuritaire , qui a comme objectif l’éradication de cette culture. Ainsi , il s’est avéré ,la nécessité d’adopter la vision stratégique et alternative , structurée sur l’exploitation de la valeur ajoutée , liée à la culture du Kif ; en se concentrant sur les différentes utilisations dans les domaines : médicaux , industriels …prouvée scientifiquement et opérationnellement dans le terrain.

Summary:

The theme of the culture of kif in Morocco raises many legal, social, and geopolitical space. We will address this topic through several approaches:

– Spatial approach: we talked about the beginnings of the presence of Kif in the world, and different ways of coming to Morocco. Thus, the main stages of our expansion in Bled.

– Legal approach: we discussed the various accompanying laws to fight against the culture of kif in Morocco, on the national scale, or those that accompany international law in this area.

– Finally, we have concluded that the official view of the cultivation of kif is
based on the safe side, which aims to eradicate this culture. Thus, it turned out, the need for strategic vision and alternative structured on the exploitation of value linked to the culture of Kif, focusing on the different applications in the fields: medical, industrial proven scientifically and operationally … in the field.