يثبت الحق في الشفعة بموجب المادة/ 936 ه من القانون المدني المصري للجار المالك في الحالات التي نص عليها القانون. ويشترط لهذه الحالة شرطان يجب توافرهما في كل الأحوال:

الشرط الأول : الجوار والتلاصق: والمقصود بالجوار هو التلاصق بين العقار المبيع وعقار طالب الشفعة وبذلك ينتفي الجوار إن وجد شارع عام مثلا بين العقارين أما لو وجد شارع مملوك لأحد الجارين فلا ينتفي الجوار(1) ولا يقصد بالجوار مجرد قرب المسافة بين العقارين وإنما يتعلق الأمر بالتلاصق المباشر بينهما دون فاصل أيًا كانت مسافة التلاصق جزئية أو كلية.

الشرط الثاني: كذلك يشترط لتحقق هذه الحالة أن يكون الجار الشفيع مالكًا، يجب أن يكون الجار الذي يريد الأخذ بالشفعة مالكًا للعقار الذي يشفع به فإذا لم يكن مالكًا فلا شفعة كأن يكون مستأجرًا أو محتكرًا أو صاحب انتفاع، وكذلك إذا كان الجار قد اشترى العقار الذي يشفع به بعقد لم يسجل بعد فلا تجوز له الشفعة لأن ملكية العقار لا تنتقل إلا بالتسجيل.

وقد تكون ملكية هذا الجار ملكية مفرزة أو شائعة، فالأمر سيان، فالمالك يستطيع أن يستند إلى ملكيته هذه لأخذ العقار بالشفعة كما يستوي أن تكون ملكية الشفيع تامة لعناصر الملكية أو مقصورة على ملكية الرقبة. لأن ذلك لا يغير من وصفه مالكًا(2) وقد نصت المادة/ 936 ه على حالات محددة للجار المالك لذلك سأميّز بين حالتين حسب طبيعة العقار المشفوع فيه.

الحالة الأولى: إذا كان العقار المشفوع فيه من المباني أو الأراضي المعدة للبناء، وهنا يكفي لأخذه بالشفعة مجرد التلاصق من جهة واحدة. وهذه الحالة تتعلق في البناء المجاور أو في الأرض المجاورة للبناء(3)

أما من البناء فالأمر واضح فهو كل بناء قائم معدّ للسكن فيه، أما عن الأرض المعدّة للبناء فيتبين ذلك وفقًا للخرائط التي تحدد حدود المدينة أو القرية، والمناطق التي يسمح بالبناء فيها أو لا، فإن كانت وفقًا لهذه الخرائط تدخل في نطاق المدينة أو القرية فإنها تعتبر أرضًا للبناء، أما إن لم تكن داخلة ضمن هذه الخرائط والحدود فإنها لا تعتبر كذلك(4) ولم يشترط المشرع المصري في هذه الحالة سوى شرط الجوار أي التلاصق ولو كان من جهة واحدة فقط، ولا صعوبة في الأمر إذا كان العقاران المشفوع فيه والمشفوع به من الأراضي أما إذا كان الاثنان من المباني فإن هذا الشرط يتوافر في تلاصق البناءين بالجدران أو بالأرض القائم عليها البناءان.

أما المشرع الأردني فقد أورد هذه الحالة ضمن أحكام المادة/ 1151 ج من القانون المدني الأردني تحت مسمى الجار الملاصق. إلا أن هذه الحالة قد ألغيت بموجب القانون المعدل رقم 38 لسنة 2002 .المتعلق بقانون الأموال غير المنقولة رقم ( 51 ) لسنة( 58 )، وبذلك فقد قصر الشفعة والأولوية على حالة الشريك في المال غير المنقول فقط، وذلك بموجب المادة (2) منه بقوله “لا يمارس حق الأولوية أو الشفعة إلا من قبل الشريك في المال غير المنقول ” إلا أن هذا التعديل لا يسري في فلسطين رغم أن ذات القانون هو المطبق لدينا. وبالتالي ما زالت حالة الجار الملاصق مطبقة لدينا في فلسطين.

أما عن حالة البناء فإن المشرع الفلسطيني في القانون رقم ( 1) لسنة ( 96 ) قانون تمليك الطوابق والشقق قد وضع حق الأفضلية الذي يطبق على المباني التي أوجب تسجيلها في الدوائر المختصة بذلك.

الحالة الثانية: إذا كان للأرض المبيعة حق ارتفاق على أرض الجار أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة:

تفترض هذه الحالة أننا لسنا بصدد أرض معدة للبناء وفائدة الشفعة في هذه الحالة حق الارتفاق الذي يمثل عبئًا ثقيلا على الملكية كأن يكون لأرض على أخرى حق مرور أو شرب أيًا كان مصدر هذا الحق سواء الارتفاق أو القانون قد وردت هذه الحالة في قانون الأموال غير المنقولة الأردني في المادة ( 1) وفي المادة /1151 /ب مدني أردني، إلا أنها ألغيت بموجب التعديل الجديد السالف بيانه إلا أنها ما زالت سارية في فلسطين.هذا وقد سمى القانون هذه الحالة بالخليط في حق الارتفاق(5)

الحالة الثالثة: إذا كانت أرض الجار ملاصقة من جهتين ولا تقل قيمتها عن قدر معين في هذه الحالة اشترط المشرع بالإضافة لشرط الجوار والتلاصق شرطين آخرين الأول أن تكون أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين والثاني أن تكون قيمة أرض الجار مساوية لنصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل(6) والفرض هنا أننا بصدد أرض زراعية أو معدة للزراعة، ذلك أننا قد انتهينا من

الأراضي المعدة للبناء أو المباني ذاتها، بذلك سأنتقل لدراسة الشرطين في هذه الحالة:

الشرط الأول: أن تكون أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين اكتفى المشرع عند دراسة الشروط العامة للشفعة بالجوار بأن يكون هذا الجوار من ناحية واحدة إلا أنه خرج عن ذلك في هذه الحالة واشترط التلاصق من جهتين والمقصود بالجهة جهة من الجهات الأربع الشرق والغرب والشمال والجنوب. والعبرة في تحديد جهات التلاصق هو بالأرض المشفوع بها أي أرض الجار الشفيع فيتوافر هذا الشرط إذا كانت أرض الشفيع تلاصق الأرض المبيعة بحدين ولا يشترط في الحدين التجاور(7)

الشرط الثاني: أن تكون أرض الشفيع مساوية في القيمة لنصف ثمن الأرض المبيعة.

إن العبرة في تقدير قيمة أرض الشفيع هي بقيمتها الحقيقية وقت بيع الأرض المشفوع فيها. أما بالنسبة للأرض المشفوع فيها فالعبرة بالثمن الذي بيعت به، إذ هي القيمة التي يلزم الشفيع بإيداعها عند طلب الشفعة.فإذا حددت قيمة كل من الأرضين فإن أرض الشفيع يجب أن تكون قيمتها نصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل دون أهمية لمساحة أي منهما فقد اشترط المشرع التناسب في القيمة لا في المساحة .

____________

1- الاهواني ، حسام الدين كامل، الحقوق العينية الأصلية، أسباب كسب الملكية، ص 137 ، منشورات جامعة عين شمس،.1999

2- جلال محمد إبراهيم، الحقوق العينية الأصلية، 2004 ، ص 355

3- الشواربي عبد الحميد، الشفعة والقسمة، الطبعة الثانية ،دار النصر للنشر والتوزيع 1979 ، ص 44

4- حسين، محمد عبد الظاهر، حق الملكية، ص 247 ، منشورات جامعة بني سويف، 2006

5- سار المشرع الفلسطيني في مشروع القانون المدني الفلسطيني على نهج المشرع المصري في المادة 1069 في سرده لحالات الشفعة المادة 1069 /2- يثبت الحق في الشفعة للجار المالك في الأحوال الآتية :

أ – إذا كانت العقارات من المباني أو من الأراضي المعدة للبناء.

ب – إذا كانت للأرض المبيعة حق ارتفاق على أرض الجار أو كان حق الارتفاق لأرض الجار المبيعة.

ت – إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين وتساوي من القيمة نصف ثمن الأرض المبيعة على

الأقل.

6- البدراوي، عبد المنعم، حق الملكية، الطبعة الثالثة-جامعة القاهرة، 1994 ، ص 352

7- الجمال، مصطفى، نظام الملكية، الطبعة الثانية، 2000 ، ص 459

8- أبو السعود، رمضان، الوجيز في الحقوق العينية الأصلية، دار الجامعة الجديدة، 2004 ،ص 24

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .