المصادرة: هي نزع ملكية الشيء جبراً عن مالكه وإضافته إلى ملك الدولة بغير مقابل(1). وتكون المصادرة جنائية إذا جرت بحكم من المحكمة المختصة، أو تكون إدارية إذا جرت بموجب تشريع، أو قرار يصدر من الإدارة. والمصادرة نوعان، أحدهما: مصادرة عامة، وتتمثل بتجريد المحكوم عليه من جميع ما يملكه، أو نسبة معينة من ماله(2). وهي تشبه الإعدام في العقوبات البدنية. والآخر: مصادرة خاصة التي تنصب في مال معين بالذات. ومحل المصادرة – إذا كانت خاصة – يكون مالاً منقولاً في الغالب، وتتمثل بالبضائع، أو المنتوجات، أو أي شيء آخر مما صدر إلى البلد أو استورد منه، وكذلك مصادرة النقود، والأمتعة، والأدوات، والعجلات التي استعملت في ارتكاب الجريمة، أو كانت معدة لاستعمالها فيها. كما قد يكون محل المصادرة مالاً غير منقول أي عقاراً، ويحدث هذا في الغالب في حالات المصادرة العامة والمصادرة الإدارية. والمصادرة هي قيد يرد على حق الملكية وسند هذا القيد الدستوري نص المادة (15) الفقرة 2، 3، 4 من دستور الجمهورية العربية السورية لعام (1973) والتي نصت على أن: ((2- المصادرة العامة في الأموال ممنوعة 3- لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي. 4- تجوز المصادرة الخاصة بقانون لقاء تعويض عادل)). وكذلك نص دستور الجمهورية اليمينة لعام (1990) في المادة 20 على أن: ((المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي)). كذلك نص الدستور الأردني لعام (1952) في المادة 12 على أن: ((لا تفرض قروض جبرية ولا تصادر أموال منقولة أو غير منقولة إلا بمقتضى قانون)). ونص الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية لعام (1971) في المادة 36 على أن: ((المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي)). وقد نص مشروع الدستور العراقي لعام (1990) في المادة 34 فقرة 2 على أن: ((لا تحجز الملكية الخاصة أو تصادر إلا بناءاً على قانون أو قرار قضائي)). ومن التشريعات التي تناولت المصادرة الإدارية في العراق، قانون معاقبة المتآمرين، ومفسدي نظام الحكم رقم 7 لسنة (1958)، وقانون اللاجئين رقم 14 لعام (1959)، وقانون الكمارك والسلامة الوطنية. كما أن المراسيم الجمهورية كثيراً ما تكون وسيلة لتطبيق المصادرة نحو المرسوم المرقم 23 لسنة (1958) بشأن مصادرة أموال العائلة المالكة. إن المصادرة العامة تصدر بقرارات وتشريعات خاصة على خلاف المصادرة الخاصة التي تصدر بحكم من المحكمة المختصة. إذ يتطلب ذلك وقوع جريمة من نوع الجناية، أو الجنحة، وأن تضبط الأشياء محل المصادرة بالشكل الذي لا يؤدي إلى الإخلال بحقوق الغير حسن النية فضلاً عن هذا فأن المصادرة قد تكون عقوبة مالية عينية من العقوبات التكميلية(3). وقد تكون تدبيراً احترازياً(4). والمصادرة – هي عقوبة تكميلية – يجب أن تصدر من جهة القضاء، لأن القضاء وحده الذي يفرض العقوبة، وهي من صميم اختصاصاته. لأن المصادرة عقوبة جنائية(5). ومنح الإدارة سلطة فرض العقوبة يعرض حقوق الأفراد وحرياتهم وممتلكاتهم للخطر، ويؤدي إلى تزايد احتمالات انحراف الإدارة في استعمال سلطتها لأسباب سياسية. والمصادرة قيد يقترب من قيود أخرى ترد على الملكية لذلك سوف نميزه عن نزع الملكية للمنفعة العامة وعن التأميم من خلال النقاط الآتية:

أولاً: الفرق بين المصادرة ونزع الملكية للمنفعة العامة.

1-إن نزع الملكية للنفع العام هو امتياز تتمتع به الإدارة لضمان تقديم الخدمات الهامة للأفراد، وإقامة مرافق عامة جديدة، وتطوير القائم منها فهي تضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل المصلحة العامة على عكس المصادرة التي هي عقوبة تفرض على الأشخاص. لذلك نجد أصولها في قانون العقوبات والقوانين الأخرى. وهي جزاء لعمل خاطئ تمثل بفعل أو ترك.

2-إن نزع الملكية للنفع العام هو إجراء استثنائي لا يكون إلا بتعويض المالك تعويضاً عادلاً، في حين أن المصادرة لا يترتب عليها أي تعويض، لأنها عقوبة.

3-إن إجراءات نزع الملكية للنفع العام تختلف بداهةً عن إجراءات فرض عقوبة المصادرة، لأن إجراء نزع الملكية للنفع العام يتم بقرار إداري على وفق إجراءات معقدة. في حين أن المصادرة تصدر بحكم قضائي إذا ما كانت خاصة، وبقانون، أو مرسوم، أو قرار إداري إذا كانت عامة.

4-محل المصادرة يكون في الغالب مالاً منقولاً(6). متحصلاً من جريمة، أو أشياء خطرة ارتاء المشرع أو الإدارة سحبها، نظراً لخطورتها على الأمن الاجتماعي. في حين إن نزع الملكية للنفع العام ينصب على عقار أو حق عيني أصلي تحقيقاً للنفع العام.

ثانياً: الفرق بين المصادرة والتأميم.

إن المصادرة تبتعد بعداً كثيراً عن نظام التأميم القانوني مما يجعل الخلط بينهما أمراً غير جائز. إلا أن الذي دفع إلى مثل هذا اللبس حدوث تأميم لعدد من المشاريع عقب الحرب العالمية الثانية إتصل بإجراءات المصادرة مما أدى إلى القول: إن التأميم يشبه المصادرة أو إن هناك تأميماً علاجياً على سبيل العقاب(7). والواقع إن مثل هذه الحالة التي أوجدتها الصدفة تعد إجراءاً استثنائياً. والتأميم يختلف عن المصادرة من نواحي عدة ويمكن إيجازها فيما يأتي:

1-من حيث المحل: إن محل التأميم هو النشاط أو المشروع الاقتصادي بكامل حقوقه المادية والمعنوية في سبيل استعمالها للمصلحة العامة. في حين ترد المصادرة كإجراء عقابي بحكم قضائي على الأشياء التي استخدمت في ارتكاب الجريمة سواء أكانت من الملكية الشخصية أم الخاصة(8). من حيث الغرض: إن الهدف من التأميم هو تحويل استعمال الملكية الخاصة إلى خدمة المصلحة العامة في حين إن الهدف من المصادرة هو عقاب الجاني.

2-من حيث الجوهر: التأميم يعد أمراً عاماً لا يستهدف شخصاً معيناً بالذات، وإنما يتصل بطبيعة الملكية الخاصة والنشاط الذي يمارسه الشخص على العموم بخلاف المصادرة التي تتصل بشخص معين هو مرتكب الجريمة(9).

_______________________

1- د. أكرم نشأت إبراهيم – القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن – ط1 – مطبعة الفتيان – بغداد – 1998 – ص334.

2- د. علي حسين الخلف و د. سلطان الشاوي – المبادئ العامة في قانون العقوبات – مطابع الرسالة – الكويت – 1982 – ص 439.

3- المادة (101) من قانون العقوبات النافذ رقم (111) لسنة 1969.

4- المادة (117) من قانون العقوبات العراقي النافذ.

5- لمزيد من التفصيل ينظر أحلام عدنان الجابري – العقوبات الفرعية – رسالة دكتوراه – كلية القانون – جامعة بغداد – 1999 –ص127 وما بعدها.

6- هناك قرارات عديدة صادرة عن مجلس قيادة الثورة عالجت مصادرة الأموال المنقولة ، منها القرار رقم 27 لسنة 1992، والقرار رقم 164 لسنة 1994، ورقم 40 لسنة 1995، إذ تختص محكمة القضاء الإداري بنظر المنازعات الناشئة بصددها ومن أحكام هذه المحكمة حكمها المرقم 25 / قضاء إداري / 1993 في 4/12/1993.

7- كاتزاروف قسطنطين – مصدر سابق – ص 375.

8- د. فتحي عبد الصبور – مصدر سابق – ص 33.

9- كاتزاروف قسطنطين – مصدر سابق – ص374.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .