إن قانون العمل يبدو للوهلة الأولى على انه فرع من فروع القانون الخاص وذلك لأنه ينظم علاقات بين إفراد هم العمال وأصحاب العمل شانه في ذلك شان بقية فروع القانون الخاص كالقانون المدني والقانون التجاري ،إلا انه بالرغم من إن قواعد قانون العمل تنظم علاقات بين إفراد فقد خرجت هذه القواعد عن حدود المبادئ المعرفة في القانون الخاص وانتقلت إلى حظيرة القانون العام بسبب ازدياد تدخل الدولة في تنظيم علاقات العمل بما لها من سلطة إمرة (1) فقانون العمل يتضمن الإحكام الخاصة بالتشغيل والتدريب كما انه يوجب في حالات عديدة الحصول على الترخيص مسبق من الجهة الإدارية كما في حالة وقف العمل كليا أو جزئيا أو تغير حجم المنشاة ونشاطها بما قد يمس حجم العمالة (2)

اما بالنسبة للعقد فكما هو معروف في القانون المدني انه شريعة المتعاقدين فلا يجوز لأحد الطرفين تعديله دون موافقة الطرف الأخر .إما بالنسبة للقانون العام فان العقد الإداري (الذي يتعهد بموجبه شخص القيام بعمل لحساب الإدارة وتحت إشرافها وتوجيهها )لا يخضع لهذه القاعدة إذ إن من حق الإدارة تعديل العقد الإداري مع الإفراد ولها إن تزيد في التزامات الطرف الأخر . إن عقد العمل يخرج في الحقيقة عن قاعدة العقد شريعة المتقاعدين وذلك في وفي حالة الإضراب فقانون العمل المقارن عندما يبيح للعامل الإضراب مطالبا شروط العقد التي سبق تحديدها والالتزام بها ليخرق أو ينكر قاعدة العقد شريعة المتعاقدين . كما انه من المبادئ المعروفة في القانون الخاص إن العقد قاصر من حيث أثره على طرفيه فلا يمكن إن يتجاوزهما إلى الغير بينما نجد إن قانون العمل المقارن قد خرج على هذا القاعدة في عقود العمل الجماعية فهذه العقود لا تلزم الأطراف التقاعد فقط بل تتعداهم إلى غيرهم فيمتد أثرها إلى كل من ينتسب إلى النقابة التي أبرمت العقد أو إلى جميع أعضاء مهنة النقابة ولو لم يكونوا منتسبين إليها .

إن علاقة العمل ليست اليوم علاقات فردية ينظمها عقد عمل فردي بل هي تخضع في تنظيمها إلى عوامل واعتبارات خارجة عن إرادة كل من العامل وصاحب العمل فكثير من الإحكام المنظمة للعمل الخاصة بساعات العمل وإجازات العامل وسنه لنما تقرر لا لمجرد حماية العامل فقط بل لأسباب كالإحكام اجتماعية ولان فيها مصلحة المجتمع وحمايته وهذا ما يجعلها من النظام العام فهي إذن ليست مجرد تنظيم علاقة بين إفراد تحدد حقوق والتزامات متبادلة بل أنها تحدد حقوقا والتزامات متبادلة بل أنها تحدد حقوقا والتزامات تجاه المجتمع . إما بالنسبة للنقابات فإلى جانب اختصاصاتها المهنية وبكونها ترعى مصالح خاصة كغيرها من الجمعيات الأخرى الأمر الذي يوجب إن تخضع لإحكام القانون الخاص كغيرها من الجمعيات الخاص نجد أنها قد تجاوزت هذا المجال وأصبحت تمارس سلطة عامة ويمثل هذا بمشاركتها في لجان عديدة تبرز فيها هذه الممارسة كلجان تفتيش العمل ولجنة تحديد الأجور كما إن القانون يوجب استشارتها عند اتخاذ بعض التدابير المتعلقة بالعمل إي إن اختصاصها أصبح يتناول أمورا هي من صلب القانون العام (3)

كل هذا يدفعنا إلى القول بان قانون العمل هو فرع من فروع القانون العام إلا إن هناك بعض الفقهاء من يذهب إلى القول بان قانون العمل هو قانون مختلط ينتمي في نفس الوقت إلى القانون الخاص والى القانون العام وذلك لأنه يضم قواعد تنظم علاقات العمل الفردية الخاصة من جهة ويحتوي على قواعد تتعلق بالقانون العام من جهة أخرى. وقد انتقد هذا الري على أساس إن المناط في تحديد طبيعة إي قانون لا يكون بالنظر إلى طبيعة كل قاعدة من قواعده دون استثناء وألا انتهى الأمر إلى إن تصبح اغلب القوانين مختلفة وإنما المناط في تحديد طبيعة المساعدة أو التكميلية من طبيعة مختلفة (4). ومهما يكن من أمر فان العمل يعتبر قانونا قائما بذاته مستقلا عن القانون الخاص وعن القانون العام وانه قانون ينفرد بمميزات خاصة وخصائص لا يتسم بها إي قانون أخر .

__________________

1- ريفيرو وسافاتيية ، قانون العمل باريس سنة 1970 ص12و13.

2- انظر مثلا المادة 107 من قانون العمل المصري رقم 137 لسنة 1981.

3- فؤاد دهمان ، التشريعات الاجتماعية ــ قانون العمل ــ دمشق سنة 195،ص 18 .

4- الدكتور حسن كيره ، أصول قانون العمل ، الجزء الأول ، عقد العمل ،الطبعة الثانية ،سنة 1969،،ص65.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .