اثار الوفاء العامة :

ان قيام المسحوب عليه (المصرف) بدفع قيمة الشيك الى من يتقدم اليه مطالبا بالوفاء، يعد صحيحا من الناحية القانونية ومبدءا لذمته، ما دام قد قام باتخاذ الاحتياطات(1). الواجب عليه القيام بها كافة لغرض الاداء قبل وفائه للشيك(2). وان ظهر فيها بعد ان الوفاء لم يكن للحامل الشرعي للشيك وانما لشخص لاحق له فيه عد المسحوب عليه مسؤولا(3). هذا ومن الجدير بالملاحظة، ان الوفاء باعتباره تصرفا قانونيا فانه يرتب اثارا مهمة بالنسبة لكل طرف من اطراف الورقة التجارية، بيد انه وقبل التطرق الى هذه الاثار، من الضروري الاشارة الى ان هذه الاثار لايمكن ان تحقق مالم يستند الوفاء الى شيك صحيح موقع من قبل الساحب نفسه، وان يتم للحامل الشرعي ذاته، دون ان تكون هناك معارضة في الوفاء. فاذا قام المسحوب عليه بوفاء الشيك الى غير الحامل الشرعي للشيك، عد مسؤولا عن هذا الوفاء. من جانب اخر فان الحامل الشرعي او القانوني ليس دائما هو الدائن الحقيقي كما قد تكون العلاقة ي القانون المدني(4). بل ينظر اليه من حيث طبيعة الشيك. فاذا كان الشيك للامر أي مظهرا فان الواجب يلزم المسحوب عليه المصرف بالتحقق من تسلسل التظهيرات وكونها منتظمة او غير منتظمة(5). اما اذا كان الشيك للحامل، فان المصرف يلزم قانونا بدفع قيمته لمن يتقدم اليه مطالبا بالوفاء. بيد ان هذا الحكم لا يأخذ به فيما اذا كان الشيك قد سحب لشخص معين. ففي مثل هذه الحالة لاتبدأ ذمة المسحوب عليه (المؤسسة المصرفية) مالم يتم الوفاء له او لمن احيل اليه الشيك بمقتضى حوالة الحق(6). ولابد من التنويه وفي السياق نفسه بانه اذا قام المسحوب عليه بوفاء شيكات غير صحيحة تحمل نتيجة خطئه (7). بعبارة اخرى ليس بأمكان المسحوب عليه ان يدفع بالغلط من حيث الشكل والمضمون او بالخطأ. وعلى هذا فاذا ارتكب المسحوب عليه عند ادائه قيمة الشيك غشا او خطأً جسيما(8). فلا تبرأ ذمته ويكون معرضا لوفاء الشيك مرة ثانية. فضلاً عن الاثار القانونية الاخرى المتعلقة بالمسؤولية، ومع ذلك فان السؤال الذي يطرح هنا هو ما الحكم في حالة ما اذا كانت هناك معارضة في الوفاء؟ هل يحق للمؤسسة المصرفية اداء قيمة الشيك رغم ذلك؟ الواقع من الامر انه لايحق للمصرف اداء قيمة الشيك الى من يتقدم مطالبا بالوفاء، بل يجب عليه أي المصرف الامتناع عن الوفاء الى ان يفصل القضاء في النزاع(9). ومن الجدير بالاشارة الى ان قانون التجارة عندنا قد نص على حالتي الافلاس وضياع الشيك (10). بيد انه لم يشر الى حالة وفاة الساحب او فقده لاهليته. وعلى هذا فكلا من الحالتين لا تعد من حالات المعارضة في الوفاء. وايا كان الامر، فانه ينبغي على المسحوب عليه قيامه بوفاء الشيك التأكد اولا من وجود الرصيد وكفايته لوفاء الشيك(11). ذلك ان المسحوب عليه يكون ملزما بالوفاء اذا وجد الرصيد.

_____________________________

[1]- يجب الاخذ بنظر الاعتبار توفر البيانات الالزامية التي ينص عليها القانون، انظر بصدد ذلك نص المادة 138 من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984.

2- انظر د.علي جمال الدين عوض- المجلة ، مرجع سابق ذكره .

3- انظر د. محسن شفيق- القانون التجاري المصري، مرجع سابق ذكره .

4- انظر ادوار عيد، مرجع سابق ذكره، ص269.

5- انظر د.محسن شفيق، القانون التجاري المصري، مرجع سابق ذكره ص866.

6-انظر د. فائق الشماع و د. فوزي محمد سامي، القانون التجاري (الاوراق التجارية) مرجع سابق ذكره ص228.

7-انظر د.عبد الله العمدان، الاوراق التجارية في التشريع السعودي- معهد الادارة العامة 1989 ص351.

8- هذا وان الغش يتحقق عندما يكون لدى من يقوم بالوفاء من الاسباب ما يجعله يعتقد ان وفائه سينتج عند ضرر لمن له حق في قبض قيمته ومثاله ان المسحوب عليه يعلم بان الشيك قد سرقه الحامل ويقوم بالوفاء. اما الخطأ الجسيم فيتمثل في قيام المسحوب عليه بدفع الشيك الى من يتقدم اليه مطالبا بالوفاء رغم وجود معارضة في الوفاء، انظر بهذا الصدد: د.فائق الشماع و د. فوزي محمد سامي، مرجع سابق ذكره، ص228.

8- انظر ادور عيد، مرجع سابق ذكره، ص272.

0[1]- انظر نص المادة 158، ثانيا من قانون التجارة العراقي النافذ والتي تقرر: (لا تقبل المعارضة في اداء الشيك الا في حالتي ضياعه او الحكم على حامله بالاعسار).

1[1]- انظر د. علي سلمان العبيدي، مرجع سابق ذكره،ص508.

اثار الوفاء الجزئي :

الاصل ان الدائن لايجبر على قبول الوفاء الجزئي، بيد ان القانون عندنا الزم الحامل على قبول الوفاء الجزئي اذا عرضه عليه المسحوب عليه مراعاة لمصلحة الملتزمين في الشيك للتخفيف من ضمانهم(1). اذ تقرر المادة (155) / ثالثا من قانون التجارة النافذ رقم 30 لسنة 1984 (اذا كان مقابل الوفاء اقل من مبلغ الشيك فللحامل ان يطلب من المسحوب عليه الوفاء الجزئي بالقدر الموجود لديه وان يطلب منه تاشير هذا الايفاء على ظهر الشيك وان يعطي استشهادا بذلك. ويثبت حق الرجوع بالباقي بهذا الاستشهاد او بعمل الاحتجاج). فاذا تحقق الوفاء الجزئي ترتبت عليه اثار مطابقة لتلك التي تترتب على الوفاء التام من حيث براءة ذمة الملتزمين في الشيك ساحبا ومظهرين، بيد ان هذا الوفاء يكون بمقدار المبلغ الموفى(2). أي ان المسحوب عليه اذا قام بوفاء جزء من قيمة الشيك فان ذمته وبقيه الملتزمين في الشيك تبرأ بمقدار هذا الجزء الموفى. وعلى هذا الاساس فان ذمة هؤلاء الملتزمين تبقى بطبيعة الحال مشغولة بالجزء المتبقي الذي لم يتم اداؤه(3). هذا ويتحقق رجوع الحامل على الضامين بمقدار الجزء الي لم يتم دفعه بعد تقديم احتجاج عدم الوفاء عن الجزء الباقي(4). بيد انه لا بد من التنويه بان هذا الوفاء الجزئي لا يترتب عليه تسليم الشيك مادام الوفاء لم يتم كاملا، اذ يبقى الحامل محتفظا بالشيك لكي يتمكن من المطالبته بالجزء المتبقي ولكن بعد تثبيت لمقدار المبلغ المدفوع على ذات الشيك(5). ومن الجدير بالاشارة كذلك الى ان رفض الحامل الوفاء الجزئي يترتب عليه سقوط حق الحامل في الرجوع على الملتزمين بمقدار الجزء الذي رفضه، ولايكون له الرجوع الا بمقدار الجزء المتبقي فقط لاغير.

___________________

[1]- انظر د. فائق الشماع و د. فوزي محمد سامي، مرجع سابق ذكره ، ص282.

2- انظر د. فائق الشماع و د.فوزي محمد سامي، القانون التجاري، الاوراق التجارية، الدار الوطنية للطباعة والنشر ، الموصل ،1986،ص282.

3- انظر د. علي جمال الدين عوض، مرجع سبق ذكره ،ص45.

4- انظر ادوار عيد، مرجع سابق ذكره ،ص282.

5- انظر، د. فائق الشماع، د. فوزي محمد سامي، مرجع سابق ذكره، ص282.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .