الأهداف المالية للضرائب الكمركية :

يحتل الهدف المالي للضرائب الكمركية مرتبة متقدمة من بين بقية الاهداف نتيجة لحاجة الدولة الى ايرادات للخزينة العامة من اجل تغطية نفقاتها المتزايدة . وبالتالي تشكل الضرائب الكمركية المفروضة على الصادرات و الواردات و الترانسيت المصدر الرئيس من بين المصادر الايرادية الاساسية للحكومة (1). ومن اجل إبراز الهدف المالي للضرائب الكمركية لابد لنا من تسليط الضوء على تطور ايرادات الضرائب الكمركية وزيادتها على الاستيرادات والصادرات حيث يلاحظ اعتماد الضرائب الكمركية على تطور الاستيرادات ، كما لابد لنا ايضا من ابراز تطور حصيلة هذه الضريبة وزيادتها الى مجموع ايرادات الضرائب والايرادات العامة للدولة (2). وبتعبير اخر فان تحقيق الهدف المالي والمتمثل في ايرادات الضرائب الكمركية فرض التوصل الى اقصى ما يمكن تحقيقه من الايرادات الكمركية لغرض تمويل الخزانة العامة(3). وتشكل ضريبة الاستيراد اعلى نسبة من حصيلة الضرائب الكمركية ، حيث تعد الاستيرادات وعاءاً غزيرا للضرائب الكمركية تستطيع ان تغترف منه ما تحتاج اليه من موارد. ولذا عمدت الدول عن طريق الضرائب الكمركية الوصول الى هذا الوعاء . حيث يلاحظ بان حصيلة الضرائب الكمركية تزداد مع ازدياد الاستيرادات وتنخفض بانخفاضها ، وبتعبير أخر فان إيرادات الضرائب الكمركية تنخفض بحكم تقليص الاستيرادات . وذلك لتركيز المشرع الضريبي بصورة رئيسة على ضريبة الواردات حيث رفع من معدلات الضريبة على الاستيرادات لا سيما للسلع الكمالية (4) نظرا لكون اغلبها تستهلك من ذوي الدخول المرتفعة، وبالمقابل ينظر الى استيراد السلع الانتاجية بنظرة تسامح والتي تكون بدورها وفي اغلبها معفاة من الضريبة او انها تخضع الى معدلات منخفضة جدا وذلك من اجل توجيه الاستيرادات لخدمة متطلبات التنمية الاقتصادية التي تمر بها الدول وخاصة النامية. وقد اتبع العراق هذه السياسة الكمركية ، ويعود ارتفاع مساهمة ضريبة الاستيراد في حصيلة الضرائب الكمركية الى ان الميل للاستيراد مرتفع جدا وهو ناتج عن تخلف الجهاز الإنتاجي والتخصص الأمر الذي أدى الى استيراد سلع بكميات كبيرة سواء أكانت إنتاجية أم استهلاكية(5). وبذلك يلاحظ ان فرض ضريبة الاستيراد يكون محكوما باعتبارين:-

الأول : الاعتبار المالي و ذلك بهدف تحقيق ايرادات للخزينة العامة عن طريق اخضاع السلع للضرائب حتى الضرورية منها للضرائب الكمركية .

والثاني : الاعتبار الاجتماعي ( العدالة) وذلك عن طريق قصر الضرائب على السلع الكمالية من اجل رعاية ذوي الدخل المحدود وتحقيق العدالة (6)، وقد تلجأ الدول النامية الى التوفيق بين الاعتبارين المذكورين بأن تأخذ بالحل الوسط .

وهناك علاقة جذرية بين الاستيراد والتصدير والايراد الكمركي ، فحيث يوجد الاستيراد يوجد الايراد الكمركي ممثلا بالضرائب الكمركية . كذلك الحال في العلاقة ما بين الاستيراد و التصدير ، حيث ان الدولة عندما ترغب باستيراد بضائع من الخارج فانها تحتاج الى العملة الصعبة و التي تحصل عليها من خلال بيع منتجاتها الى الخارج و ذلك لكي تحصل على العملة الصعبة و الذي يمكنها من شراء ما تحتاجه من الخارج من بضائع وهو ما يسمى بالاستيرادات ، أي ان الدولة كلما أرادت استيراد كميات اكبر وجب عليها ان تصدر أكثر(7). والعلاقة ما بين الاستيراد والايراد الكمركي ليست مطلقة فكثيرا ما يحدث تفاوت بين قيمة الاستيرادات والايرادات الكمركية المفروضة عليها وذلك بسبب رغبة الدولة في تشجيع الاستيراد لبضائع معينة دون اخرى فتعمد الى إعفائها من الضرائب الكمركية او تخفيض معدل الضريبة. أو قد يحدث العكس حيث ترفع الدولة معدل الضرائب الكمركية على بضائع معينة بقصد عدم تشجيع استيرادها (8).

ولهذا نرى ان إيرادات الدولة من الضرائب الكمركية لا تتناسب كثيرا مع استيرادها بنفس النسبة. ويلاحظ في الدول النامية خاصة أن ضرائب التصدير لا تؤلف الا نسبة ضئيلة من إيرادات الضرائب الكمركية و ذلك لان اغلب السلع المصدرة معفاة من الضرائب الكمركية او انخفاض معدلاتها . وقد جرت أغلب التشريعات الضريبية على هذه السياسة الكمركية ، ومنها العراق . وهو ناتج عن رغبة الحكومة في تشجيع صادراتها (9)لان اغلب السلع التي تصدر الى الخارج هي مواد أولية فضلاً عن ان المنتجات الصناعية لا يمكن إخضاعها الى ضريبة الصادر باعتبار ان الصناعة في العراق حديثة العهد و بالتالي فان منتجاتها لم تستطع تثبيت مركزها في الأسواق الخارجية لحداثة تصنيعها. كما أنها تكون أقل جودة وأكثر كلفة من السلع المماثلة التي تنتجها الدول المتقدمة ، المشرع الضريبي اذن يهدف الى تشجيعها للوقوف على قدميها وتمكينها من منافسة السلع في الاسواق العالمية (10). ويتضح أن ضريبة الصادر تكون محكومة باعتبارين :-

الاول : الاعتبار المالي بهدف تحقيق ايرادات للخزينة العامة عن طريق فرض ضرائب على اكبر عدد من السلع المصدرة .

والثاني : الاعتبار الاقتصادي و الذي يسعى الى زيادة الصادرات بأكبر قدر ممكن من دون وضع العراقيل في وجهها .

ولذلك نرى بان ايرادات الخزينة العامة من الضرائب الكمركية على الصادرات ليس لها أهمية تذكر كجزء من الايرادات الكمركية التي يعتمد عليها لتمويل الخزينة العامة. وفيما يتعلق بضريبة العبور – الترانسيت – لم تعد تشكل هي الاخرى الا جزءاً ضئيلا من حصيلة الضرائب الكمركية . والملاحظ أن من أهم المشاكل التي تعاني منها الدول النامية هي مشكلة تمويل الخزينة العامة لتحقيق التنمية الاقتصادية ، وذلك لان حجم التجارة الخارجية مقارنة بالدخل القومي مرتفع جدا في هذه الدول (11)حيث يلاحظ اعتماد الدول النامية في صادراتها على المواد الاولية غير المصنعة و تستورد معظم احتياجاتها من السلع المصنعة من الخارج . ولذا نجد بان حصيلة الضرائب الكمركية تشكل مورداً مهماً جداً وغزيراً للخزينة العامة فيما يتعلق بهذه الدول(12). وعلى هذا الأساس يمكننا القول إن ارتفاع حصيلة الضرائب الكمركية او انخفاضها يتوقفان على ارتفاع حجم الاستيرادات او انخفاضه والتي تكون بسبب عوامل متعددة قد تكون محلية او دولية و بالتالي تأثير مجمل ذلك على تمويل الخزينة العامة بالإيرادات اللازمة . ويلاحظ أيضا وبصورة عامة ان حصيلة الضرائب الكمركية تساهم بنسبة كبيرة في حصيلة الضرائب غير المباشرة وحصيلة الضرائب عموما.

_____________________

1- Jean Marc Mousseron et Jacques Raynarc et al : Droit du commerce International، Litec، p.131.

2- انظر : الجدول (4) .

3-علاء الدين الحيدري ، (دور الضريبة الكمركية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالعراق) ، مجلة الكمارك ، العدد 35 ، 1964 ، ص ص-27-31

4- د. صلاح نجيب العمر ، مصدر سابق ، ص 11.

5- ماهر عبد حسين ، مصدر سابق ، ص ص 55-57 .

6- عبد المجيد رشيد محمد التكريتي ، مصدر سابق ، ص 65 .

7- فلاح ميرزا محمود ، ( اثر السياسة الضريبية في معالجة الحالات التضخمية) ، بغداد ، 1988، ص11.

8- راضي مايع شنشول ، مصدر سابق ، ص ص 98-99 .

9- نعمان عيدان علي ، (دراسة تطور السماحات و الاعفاءات من الضرائب المباشرة في نظام الضرائب العراقي) ، رسالة دبلوم عالي مقدمة الى كلية الادارة و الاقتصاد ، جامعة بغداد ، كانون الاول، 1977، ص 22 .

0[1]- عبد المجيد رشيد محمد التكريتي ، مصدر سابق ، ص 242 .

1[1]- عبد المجيد رشيد محمد التكريتي ، مصدر سابق ، ص ص 59-60 .

2[1]- عبد الحميد محمد الحاج صالح ، مصدر سابق ، ص 240 .

الأهداف الاقتصادية للضرائب الكمركية :

تلعب السياسة المالية الدور الاكبر في عملية التنمية الاقتصادية . وتعدّ من الادوات الرئيسة للسياسة المالية التشريعات الضريبية ، فهذه التشريعات تعدّ من الوسائل المهمة في إعادة توزيع الدخل القومي وفي توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الاقتصادية المختلفة (1). والتنمية الصناعية من الأهداف التي تسعى الى تحقيقها معظم الدول بمختلف الوسائل والأساليب والسياسة الكمركية كأداة في تنمية الصناعة المحلية وحمايتها . وتتميز بخاصيتين أساسيتين :

أولهما : الجانب المتعلق بالإعفاءات الكمركية .

والاخرى : الجانب المتعلق بالحماية الكمركية وتستهدف سياسة الاعفاء الضريبي الى تشجيع الانتاج والاستثمار ولا سيما في القطاع الصناعي وتنصب إجراءاتها بالاصل على التمييز بين الاستيرادات للاغراض الانتاجية والاستيرادات للأغراض الاستهلاكية .

وبالتالي يدرج الاعفاء في ضوء الاهمية النسبية للسلع المستوردة من الاعفاء التام كما هو الحال بالنسبة للمواد الاولية التي تحتاجها الصناعات المختلفة ، وكذلك الحال بالنسبة إلى المكائن والآلات والأجهزة المستخدمة في مختلف الصناعات الى الاعفاء النسبي كما هو الحال بالنسبة لكثير من السلع الاستهلاكية و الوسيطة(2). وفي العراق كان لقانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم (20) لسنة 1998 الدور الكبير في دعم وتشجيع المشاريع الصناعية للقطاعين الخاص والمختلط وتنميتهما عن طريق إعفاء المواد الاولية والآلات والمكائن التي يستوردها المشروع الصناعي والتي تستخدم في الانتاج من الضرائب كافة ومن ضمنها الضرائب الكمركية . حيث فرق هذا القانون بين المشاريع الصناعية القائمة قبل نفاذه(*) بان قرر لها الإعفاء لمدة خمسة سنوات من كافة الضرائب والرسوم اعتبارا من تاريخ نفاذ هذا القانون وبين المشاريع الصناعية التي تحصل على اجازة تأسيس بعد نفاذه بان يكون الإعفاء لمدة عشرة سنوات اعتبارا من تاريخ منحها إجازة التأسيس (3). وبذلك توافرت إمكانية استيراد هذه المواد وتطوير الصناعة و ادخال الاساليب الحديثة فيها فضلاً عن توفير مبالغ كبيرة كان لزاماً أن تخصص من رأس المال لدفع الضرائب الكمركية المترتبة على المواد المستوردة .

وأصبح من الممكن تحويلها في زيادة الإنتاج. كما أن إعفاء المنتجات المحلية من الضرائب الكمركية أو تخفيضها عند تصديرها بهدف تشجيع الصادرات من السلع المحلية الرئيسة والتي تلقى رواجاً في الأسواق العالمية وذلك لكي تستطيع هذه السلع منافسة السلع المثيلة لها في تلك الاسواق . اما الجانب الثاني من دور السياسة الكمركية في حماية الإنتاج الوطني(4)من مزاحمة السلع المستوردة المماثلة أو البديلة هو الجانب الأكثر مساعدة للقطاع الإنتاجي لكي تتمكن البضائع المحلية من الصمود أمام المزاحمة الأجنبية في الأسواق الداخلية ، حيث تتخذ الحماية الكمركية أحد الأسلوبين التاليين أو كليهما معاً:-

الأسلوب الأول :- وهو الذي يفرض ضرائب كمركية مرتفعة على السلع المستوردة التي لها ما يماثلها من الإنتاج المحلي . ويعبر عن هذا الأسلوب بالحماية السعرية .

الأسلوب الثاني :- وهو الذي يحدد كميات السلع المستوردة سواء أكان التحديد جزئيا أم كلياً. ويعبر عن هذا الأسلوب بالحماية الكمية(5).

وفي سنة 1959 في العراق كانت اول بادرة لتطبيق هذا النوع من الحماية وذلك باصدار لجنة التموين العليا قرارها الاول بمنع او الحد من استيراد عدد من السلع المصنعة والمنافسة للانتاج الوطني . وفي سنة 1961 الغيت لجنة التموين العليا ، وشكلت لجنة دائمة لحماية الصناعة الوطنية ، والتي اوكلت لها مهمة دراسة الطلبات التي تقدم من قبل اصحاب المشاريع لغرض حماية انتاجهم وبالتالي اتخاذ القرار المناسب باقرارها الحماية للمشروع ودرجة الحماية من عدمها(6). وبذلك كان للضرائب الكمركية الحامية لهذه الصناعات من منافسة البضائع الأجنبية الدور الرئيس في خدمة الاقتصاد القومي ، وتحسين الإنتاج ، وحماية الإنتاج المحلي بتوفير عاملين رئيسين هما الاعفاء بهدف التشجيع والحماية (7).

ويلاحظ بان اغلب دول العالم تستخدم الحماية الكمركية بصرف النظر عن درجة تقدمها الاقتصادي ألا أن درجة الحماية تختلف باختلاف درجة التطور الاقتصادي . وهنا لابد أن نشير الى لجوء الدول الى فرض ضرائب على البضائع المصدرة احيانا كالحد من التصدير عن طريق رفع كلفة هذه البضائع و بالتالي عدم إمكانية تصريفها في الخارج لارتفاع أسعارها ، حيث تعمد الدول في الغالب الى هذا التدبير أوقات الأزمات والحروب او بهدف الإبقاء على المواد الأولية داخل البلاد لحاجة الصناعة المحلية لها . وكان للمشرع الكمركي الدور الكبير في رعاية القطاع الزراعي كجزء من القطاعات الاقتصادية عن طريق تقديم الدعم وتوفير سبل النهوض عن طريق إعفاء أو تخفيض الضريبة على استيراد البذور والأسمدة والمواد الأولية التي تدخل في صناعة الأسمدة وإعفاء استيراد الآلات والمكائن التي تحتاجها الزراعة وفرض الحماية الكمركية للإنتاج الزراعي من منافسة الانتاج الزراعي الاجنبي عن طريق إعفاء تصدير الانتاج الزراعي او تخفيضه وإدخال المكننة والانتقال من الطرق الزراعية البدائية الى الزراعة المتقدمة(8). وهنا يلاحظ بان تحقيق الضرائب الكمركية لهدف قد يقف على طرفي نقيض مع هدف أخر أو قد يلتقي مع هدف أو عدة أهداف تبغي تحقيقها الضرائب الكمركية ، وإن تغليب هذا الهدف على ذاك أو التقاء هذا الهدف مع غيره مسالة ترجيحية تحددها الدولة والتي تعود الى ظروفها المالية والاقتصادية والاجتماعية بل وحتى السياسية.

____________________

[1]- مؤيد عبد الرحمن عبد الله ، (الضرائب غير المباشرة في العراق ودورها في تمويل الميزانية الاعتيادية)،رسالة دبلوم عالي مقدمة الى كلية الادارة والاقتصاد، جامعة بغداد،1977،ص ص 39-40.

2- حسن النجفي ، مصدر سابق ، ص ص 32-33 .

للتفاصيل انظر : فاضل السلماني ، ( دور الضريبة الكمركية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالعراق)، مجلة الكمارك، العدد 8 ، 1986 ، ص 10 .

* نشر هذا القانون في جريدة الوقائع العراقية العدد 3733 الصادرة بتاريخ 3/8/1998.

3- انظر المادة ( 8 ) من قانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم 20 لسنة 1998 .

4- زكي الحكيم ، (المرشد في اجراءات الهجرة والعمل بالخارج) ، ص 141 .

5- وزارة التخطيط ، ( الضرائب غير المباشرة في العراق) ، مصدر سابق ، ص 33 .

للتفاصيل انظر :

طلال محمود كداوي ، مصدر سابق ، ص 130 .

6- تضم اللجنة ثمانية اعضاء يمثلون جهات متعددة . للتفاصيل انظر : طلال محمود كداوي ، مصدر سابق ، ص ص 136-137 .

7- عبد المالك بن عبد الله الهنائي ود. محمد عبد المعطي عبد الغفور ، ( النظام الضريبي في سلطنة عمان، منظور معاصر) ، مكتب الرؤيا للنشر ، 1995 ، ص 68 .

8- علاء الدين الحيدري ، مصدر سابق ، ص ص 23-24.

الأهداف الاجتماعية للضرائب الكمركية :

للضرائب الكمركية أهمية واضحة في المجالات الاجتماعية وما يمكن ان تلعبه من دور كبير في تحقيق الهدف الاجتماعي من رفع مستوى المعيشة للمواطن ، وتأمين مستويات مناسبة له في مختلف المجالات الصحية والتربوية والثقافية والمعاشية . فتخفيض الضرائب الكمركية أو النص على إعفائها عن الادوية أو المنظفات سيسهل على المواطن اقتناء هذه البضاعة . وبالتالي فانه سيساهم في رفع الوعي الصحي ، ومستوى النظافة في المجتمع . وفي الوقت نفسه فان زيادة الضرائب الكمركية على المواد الضارة نحو الدخان والمشروبات الروحية على سبيل المثال سيجعل اقتناءها مكلفا و ذلك سيساهم بالنتيجة في التقليل من استهلاكها وتداولها والغرض من وراء ذلك هو لتحقيق أغراض اجتماعية وصحية(1). كما أن زيادة الضرائب الكمركية أو تخفيضها أو إعفائها بالنسبة إلى البضائع أو المواد الاولية التي تدخل في العملية الانتاجية سينعكس ذلك على المواطن وهو المستهلك الاخير لها بقدر ما تتحمله السلعة المعدة للبيع من تكاليف إضافية (2).

كما أن معدل الضريبة المفروضة ونسبتها والتي يحددها قانون التعريفة الكمركية له أثره هو الأخر ، سواء في تحديد نمط الاستهلاك لتلك البضاعة أم غيرها أم في ترشيد استهلاك المواطن . مثلا ان فرض ضرائب كمركية عالية على السلع الكمالية سيؤدي الى الاقلال من اقتنائها وتخفيض الضريبة أو الاعفاء منها على السلع الاستهلاكية الضرورية سيسهل اقتنائها وتداولها ، مثلا المواد الغذائية الضرورية عندما يتم تخفيض معدل الضرائب الكمركية أو إلغائها بقصد رفع المستوى المعاشي للطبقات الفقيرة يعدّ هدفاً اجتماعياً شاهداً للعيان(3).

وبذلك يكون للتعريفة الكمركية أثرها الفاعل في التأثير على توجيه الاستهلاك وبالتالي في توزيع واعادة توزيع الدخل القومي من خلال فرض سعر ضريبة عالية على السلع الكمالية كالملابس الحريرية والسيارات الفارهة لكونها من السلع التي لا يستعملها غالبية الناس وهي لا تؤثر على مدخولاتهم لان اقتنائها يقع على الأقلية الغنية و الذي يمكنها من تحمل عبء الضريبة و اقتناء هذه السلعة(4)، وإعفاء سلع الاستهلاك الشعبي من هذه الضريبة او تخفيضها فان ذلك سيؤدي الى خلق نوع من المقاربة في توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي، طالما بالامكان اقتطاع جزء من مدخولات الافراد بشكل يتناسب مع قدراتهم على الدفع ومع كلفة السلعة ذات الاستعمال الكمالي أو الضروري (5). وفي النتيجة فان ما تحصل عليه الخزينة العامة من أموال استقطعتها بشكل ضرائب كمركية من اصحاب الدخول العالية ، يمكن الدولة من اعادة توزيعه على اصحاب الدخول المحدودة من خلال ما تقدمه لهم من خدمات مختلفة .

_____________________

[1]- ماهر عبد حسين ، مصدر سابق ، ص 61 .

2- حسن النجفي ، (واقع النظام الضريبي في العراق وآفاق تطوره) ، محاضرة ألقيت في جمعية الاقتصاديين العراقيين للموسم الثقافي لعام 1978، مديرية مطبعة الادارة المحلية ، 1978 ، ص 31 .

3- عبد المجيد رشيد محمد التكريتي ، مصدر سابق ، ص51 .

4- رياض محمد إبراهيم الطرفي ، مصدر سابق ، ص 48 .

5- ماهر عبد حسين ، مصدر سابق ، ص 64 .

المؤلف : محمد سامي يونس العسلي
الكتاب أو المصدر : الاعفاءات من الضرائب الكمركية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .