قبل ان نوضح الالية التي يعمل بها الوسيط المالي لابد من ان نفرق بين البيوع العاجلة والبيوع الاجلة التي تجري في بورصة الاوراق المالية ، فأصل البيوع ان تكون عاجلة ولكن للسمات التي يتميز بها القانون التجاري من حيث قيامه على الثقة والائتمان في المعاملات لذلك يغلب ان تكون البيوع التجارية آجلة وهذا الامر ينطبق على الاسواق المالية حيث اهتم المشرع بهذه البيوع باعتبارها تمثل روح السوق تؤمن التجار ضد تقلبات الاسعار(1). والبيوع العاجلة وهي البيوع التي تتم على الفور بمعنى ان تسدد قيمة الاوراق المالية المباعة فور عقد الصفقة وعلى الرغم من هذه السمة الا ان التطبيق العملي يشير الى ان التسليم او تسديد الثمن قد يتاخر بعض الوقت ، اما البيوع الاجلة فهي البيوع التي لايتم فيها تسديد قيمة الاوراق المالية او تسليمها لدى عقد الصفقة وانما بمرور مدة معينة بعد التصفية(2).

ويتمثل الغرض الاساسي من البيوع الاجلة في انها تؤمن المتعاملين ضد تقلبات الاسعار لان من يشتري شيئا اليوم بثمن معين سوف يؤمن زيادة هذا الثمن غدا ولايؤثر ابرام البيع اليوم حتى لو لم يتم التسليم ودفع الثمن فورا لان البيع يرد على اشياء مثيلة اما ان يقوم البائع بتسليمها واما ان يقوم المشتري بشرائها من غير البائع لذلك يتصور ان تسفر البيوع الاجلة عن تسليم المبيع كما يتصور ان تسفر عن مجرد دفع الفرق بين الثمن المتفق عليه والثمن الذي حصل به المشتري على المبيع من الغير عند حلول الاجل (3). إن القوانين قد اشترطت لصحة العمليات التي تتم في البورصة ان تقع على ايدي وسطاء مجازين من قبل السوق ويقوم كل وسيط بممارسة عمله وفقا لاوامر معينة تصدر له من العميل واوامر البورصة يجب ان تحرر بشكل دقيق وواضح تجنبا لاي التباس او اجتهاد وهذا يتطلب ان تبين نوعية الاوراق المالية موضوع التعامل وما اذا كانت اسهماً او سندات وكميتها وتاريخها وسعر البيع وهذه الاوامر يمكن ان تكون بصيغ متعددة وتبقى هذه الاوامر نافذة المفعول على مدى الجلسة التي اعطيت من اجلها مالم يكن هناك اتفاق بخلاف ذلك (4). واكثر اوامر السوق المالية ( البورصة ) شيوعا هي الاتية :

أ. امر السوق : يعتبر هذا الامر من اكثر انواع الاوامر انتشارا في الاسواق المالية وبموجبه يمنح العميل للوسيط صلاحية بيع او شراء ورقة او اوراق مالية معينة وذلك بحسب مايراه الوسيط مناسبا أي ان تنفيذ الامر هنا يترك لتقدير الوسيط ويكون الامر ساري المفعول منذ لحظة صدوره من العميل (5). من اهم مزايا هذا النوع من الاوامر السرعة وضمان التنفيذ اما اهم عيوبها فهي ان المستثمر لا يمكنه معرفة السعر الذي سينفذ به الامر الا عند اخطاره به كما ان عليه قبول السعر السائد في السوق كقضية مسلم بها (6).

ب. الامرالمحدد : وهو الامر الذي يتحدد بسعر معين وهناك نوعان من هذه الاوامر وكلاهما يضع حدوداً للسعر فالامر بالشراء يضع بالحد الاقصى للسعر الذي يرغب المسثتمر دفعه لشراء اسهم معينة ،اما الامر بالبيع فهو يحدد بالحد الادنى للسعر الذي يرغب المستثمر ان يبيع به اسهمه (7). ففي الامر المحدد يحدد العميل للوسيط حدا معينا لسعر الورقة المالية وليس على الوسيط الا الانتظار لاغتنام الفرصة وذلك عندما يصل السعر الى السعر المحدد او اقل منه في حالة امر الشراء او اعلى منه في حالة امر البيع (8). ان اهم ميزة لهذا النوع من الاوامر انه يعرف المستثمر مقدما على وجه اليقين الحد الاقصى للقيمة التي سيدفعها اذا كان امر شراء او حداً ادنى للقيمة التي سيحصل عليها اذا كان امر بيع اما اهم عيوبه فهي ان سعر السوق قد لايصل الى السعر المحدد ومن ثم لاتنفذ الصفقة حتى لو كان الفرق بين السعرين ضئيلا (9).

ج. امر التوقف : يعتبر هذ النوع خليطا بين النوعين السابقين ويلجا اليه العميل اما في محاولة لانقاذ ما يمكن انقاذه من الربح او تفادي مايمكن تفاديه من الخسارة (10)، ويقصد بهذا الامر انه الامر الذي لاينفذ الا اذا بلغ سعر السهم مستوى معيناً اوتعداه ، واوامر الايقاف اما ان تتعلق بالبيع او تتعلق بالشراء ففي حالة امر ايقاف البيع يكون لزاما على الوسيط ان ينفذ امر البيع اذا بلغ سعر السهم الى المستوى المحدد او انخفض عنه اما امر الايقاف الذي يتعلق بالشراء فإنه يقضي ان يقوم الوسيط بشراء السهم اذا بلغ سعره مستوى معيناً او تعداه (11).

د. امر حرية التصرف : هذا الامر يعطي للوسيط حرية شراء او بيع أي نوع من انواع الاسهم لحساب العميل معتمدا على خبرته ووجوده في السوق الا ان هذا النوع من الاوامر نادر الحدوث كما ان الوسطاء يرفضون بالعادة تحمل مسؤوليته ذلك الا ان مثل هذا الامر مفيد في حالة غياب العميل عن السوق لفترة طويلة او مرضه (12). وان هذه الاوامر تتبع في حالة البيوع العاجلة والآجلة الا ان الاخيرة اكثر خطورة نظرا لاتجاهها نحو المضاربة وكثرة وقوعها في العمل لما توفره من مزايا للمضاربين ، فالمضارب يقوم بالشراء عندما يتوقع ارتفاع الاسعار مع تأجيله دفع الثمن واستلام المبيع ، ويقوم بالبيع في حالة توقعه انخفاض الاسعار في المستقبل مع تأجيل الثمن وتسليم المبيع ايضا وقد يقصد المتبايعان اتمام تنفيذ البيع في الاجل المحدد وقد يقصدان مجرد التصفية بدفع الفرق وفي الحالتين تعتبر العملية باتة متى لم يكن لاحدهما حق العدول(13) . وسواء تعلق الامر بالبيوع العاجلة او الآجلة فإنها تنعقد بالسوق المالي بمجرد التقاء الايجاب الذي يصدر من الوسيط الذي ينوب عن البائع مع قبول الوسيط الاخر الذي يكون نائبا عن المشتري وذلك بصدور الامر اليهما بالبيع والشراء فإذا كان الامر صحيحا بان كان متفقا مع لوائح السوق التزم الوسيط بتنفيذه في الجلسة بكل عناية والا فإن له رفض التنفيذ ويصدر الامر كتابة او شفاهة وعادة مايتلقاه الوسيط بالهاتف وينادى الوسطاء الاخرين بصوت عال حتى يلتقي الايجاب بالقبول (14).

_______________________

[1]- د. اكثم الخولي ص 46 . اشار اليه : د. حسني المصري ، العقود ، المصدر السابق ، ص 115 .

2- ينظر : حسن النجفي ، المصدر السابق ، ص ص 60-61 .

3- ينظر : د. علي حسن يونس ، العقود التجارية ، ص ص 80-81 .

4- ينظر : حسن النجفي ، المصدر السابق ، ص 55 .

5- ينظر : د. عبد الله مهنا سالم ود. محمد عطية مطر ، المصدر السابق ، ص 107 .

6- ينظر : د. منير ابراهيم هندي ، اساسيات الاستثمار في الاوراق المالية ، المصدر السابق ، ص 95 .

7- ينظر : د. عبد النافع عبدالله الزرري ، ود. غازي توفيق فرج ، المصدر السابق ، ص 127 .

8- ينظر : د. علي عباس ، المصدر السابق ، ص 310 .

9- ينظر : د. محمد علي ابراهيم العامري ، المصدر السابق ، ص 99 .

0[1]- ينظر : د. عبدالله مهنا سالم ود. محمد عطية مطر ، المصدر السابق ، ص 107 .

1[1]- ينظر : د. محمد علي ابراهيم العامري ، المصدر السابق ، ص ص 101-102 .

2[1]- ينظر : د. محمد صالح جبر ، المصدر السابق ، ص 55 .

-13Savvatier et leioup .pp.384 -385 .

اشار اليه : د. حسني المصري ، العقود التجارية ، المصدر السابق ، ص 120 .

14- ينظر د. علي العريف ، ص 419 ؛ وكذلك : Savvatier et leioup .p.4 –385.

اشار اليهما : د. حسني المصري ، المصدر نفسه ، ص 121 .

المؤلف : رائد احمد خليل القرغولي
الكتاب أو المصدر : عقد الوساطة التجارية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .