النقود الورقية :

عرفت الصين الأوراق النقدية في أوائل القرن التاسع قبل الميلاد وقبل ان يعرفها أي بلد آخر في العالم ، ومع ذلك لم يظهر لها أثر إلاّ في القرن السادس عشر ، ويرجع اصل استخدامها إلى فكرة الاحتفاظ بالنقود المعدنية لدى بعض المنشآت التجارية والصيارفة ، أو الخزانة العامة . ومع مرور الزمن أصبحت هذه السندات لحاملها ، وأصبحت تتداول من يد إلى يد دون حاجة إلى تظهير(1). ويعد ذلك تطورات أعمال البنوك واشتهر بنك إستكهولم عام 1656 بنشاطه في مجال إصدار الأوراق النقدية وخصم الكمبيالات التجارية وإعطاء القروض بشكلها البسيط وبذلك تكون قد نشأت النقود الورقية ، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأوراق كانت تستخدم فقط في تسوية المدفوعات التجارية الداخلية والخارجية الكبيرة بينما كانت المبادلات اليومية والصغيرة تتم بالنقود المعدنية(2). وتنقسم النقود الورقية إلى ثلاثة أنواع :

1.نقود ورقية نائبة : وهي عبارة عن شهادات أو صكوك تمثل كمية من الذهب والفضة مودعة لدى المصدر .

2.نقود ورقية وثيقة : وهي الأوراق المصرفية (البنكنوت) ويتحمل بالدفع عند الطلب، وتتوقف مكانتها وقوتها وثقة الجمهور فيها على الجهة التي تصدرها وما لها من غطاء ، وهي عادة تصدر عن طريق جهة واحدة مثل البنك المركزي العراقي والبنك المركزي اليمني ومؤسسة النقد السعودية او البنك المركزي المصري(3).

3.نقود ورقية إلزامية : وهي التي تصدرها الحكومة في أوقات غير عادية كفترة الحروب ولا يقابل هذه الأوراق رصيد معدني(4).

وهناك شروط يجب توافرها في النقود الورقية الصحيحة :

1. من حيث نوع الورق

يجب أن يكون الورق الذي تطبع عليه العملات الورقية الصحيحة جيد الخامة وجيد الصنع والصقل حتى يتحمل التداول بين الأيدي مدداً طويلة دون أن يتأثر تأثراً ملحوظاً ودون أن يبلى صقله ، كما يتميز هذا الورق أيضاً بملمس خاص تحسه اليد بسهولة وتستطيع أن تميز بينه وبين الأنواع الأخرى من الورق .

2. من حيث الألوان والأصباغ المستعملة

يجب أن يكون ما يستعمل من الألوان والأصباغ في طباعة أوراق النقد المصرفية الصحيحة من النوع الذي لا يتأثر بالضوء وغيره من العوامل الجوية بل يحتفظ بوضوحه ورونقه رغم تداول الأوراق بين الألوف من أيدي المتعاملين بها وما تتعرض له من التلوث بالمواد الدهنية والأحماض والابتلال بالماء المستعملة في إزالة الألوان حتى لا تستغل في تزييف جزئي .

3. من حيث الطباعة

يراعى في طباعة العملات الورقية المصرفية الصحيحة ما يأتي :

آ. أن تتعدد أساليب الطباعة في الورقة الواحدة وكثير من الدول تجمع أساليب الطباعة الثلاثة في ورقة النقد الواحدة بحيث يكون لكل أسلوب منها دورة المرسوم في الورقة، الخطوط الأرضية الدقيقة وكذلك الزخارف او النقوش والرسوم وكذلك باقي الكتابات والتوقيعات والأرقام المسلسلة .

ب. أن تجمع الزخارف والرسوم الموجودة في أوراق العملة الصحيحة بين خطوط رفيعة دقيقة متصلة لا تقطع فيها .

جـ. أن تراعي الدقة التامة في أحكام ضبط مواضع الألوان وتنسيقها بشكل يظهر تدرجها بطريقة فنية من لون إلى لون آخر .

4. من حيث علامات الضمان

إن كل ما يدخل في صناعة العملات الورقية المصرفية الصحيحة من ورق وأصباغ وأساليب طباعة بكسبها صفات ومميزات خاصة في الشكل والملمس يدركها كل متعامل بهذه الأوراق ، ويستطيع عن طريقها أن يميز في كثير من الحالات بين الصحيح منها والمزيف . وهناك وسائل فنية وهي (أ) العلامات المائية . ب. سلك الضمان (جـ) الشعيرات الحريرية الملونة (د) الأقراص الملونة (هـ) تعدد وسائل الحماية مثل العلامات المائية والشعيرات الحريرية وسلك الضمان (5).

_______________________

[1]- علي احمد السالوس ، المصدر السابق، ص25.

2- اكرم حوراني ، المصدر السابق ، ص15.

3- زكريا باشا ، نقود وبنوك مع وجهة نظر اسلامية ، الطبعة الاولى ، الكويت ، 1989 ، ص29.

4- فؤاد موسى ، النقود والبنوك ، الطبعة الأولى ، دار المعارف ، القاهرة ، 1958 ، ص122.

5- د. محمد صالح عثمان ، مصدر سابق ، ص229 . انظر فرج علواني هليل ، مصدر سابق ، ص47 ، كذلك انظر د. محمد النفي ، الخصائص المميزة لجريمة تزييف العملات والمسببات الرئيسية لازدهارها، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي ، العدد السادس عشر ، يوليو ، 1983 ، ص232.

النقود المعدنية :

باكتشاف المعادن اخذ الإنسان في استخدام البرونز ثم النحاس ثم الذهب ثم الفضة . ويعرف علم النميات النقود المعدنية بأنها تلك القطع من المعدن المصهور أو المطروق التي تصدرها السلطة الحاكمة (دولة) بهدف تسيير التعامل ، وتحمل على كل وجه من وجهيها رسماً أو نقشاً بارزاً ذا طراز خاص عن موضوع معين(1). ومن ذلك يتضح ان العملات المعدنية تصنع من سبيكة معدنية (على هيئة قرص صغير) ذات وجهين ، ويحاط طرفها وسمكها عادة بشرشرة (خطوط منقوشة) ويحمل وجهها رسماً أو صورة لأحد المقدسات أو شعار الدولة أو رئيسها أو أي رسم آخر في البيئة ، أما الظهر فيتحمل رموزاً مختلفة تضم تاريخ الإصدار والقيمة الاسمية للعملة . وهناك شروط يجب توافرها في العملات المعدنية الصحيحة ، حيث تستهدف هذه الشروط تحقيق غرضين أساسين .

أولهما : صلاحية العملة للتداول بين الأيدي مدةً طويلة تبلغ عشرات السنين وثانيهما : أن تصبح محاولة تقليدها عملاً عسير المنال ولتحقيق الفرض الأول يجب أن تتوافر للسبيكة المعدنية التي تصنع منها العملة الشروط الآتية :

1.أن تكون هذه السبائك من معادن لا تتأثر بالعوامل الجوية مثل الرطوبة والحرارة وعوامل التأكسد والاختزال فلا تصدأ ولا يتغير لونها أو مظهرها تغيراً ملموساً وأهم المعادن التي تصنع منها السبائك لهذا الغرض هي : الذهب – الفضة – النيكل-النحاس-الألمنيوم .

2.أن تكون السبيكة ذات درجة عالية من الصلابة كي تتحمل التداول بين الملايين من أيدي المتعاملين ، بها مدةً طويلة دون ان تمحى رسومها أو كتاباتها أو العلامات المميزة لها .

3.أن يكون نسب المعادن الداخلة في تركيب السبيكة ثابتة ومنتظمة في حدود الفروق المسموح بها في القوانين .

ولتحقيق الفرض الثاني وهو جعل تقليد العملة المعدنية وتزيفها أمراً غير ميسور للمزيفين فانه يجب أن يتوافر لها الآتي :

1.أن يكون سطح العملة مستوياً خال من العيوب الفنية وان تتميز كتاباتها ورسومها بالوضوح والدقة والتحديد ، وأن السبيل إلى توفير كل هذا يكون عن طريق صنعها بأسلوب السك في قوالب دقيقة الصنع . وعلى العموم يكون المستوى الفني للعملة أرقى من أن يستطيع الأفراد أن يصلوا إليه بإمكاناتهم .

2.أن يكون لكل فئة من فئات العملة مواصفاتها الخاصة من حيث الحجم واللون والمظهر والرسوم والكتابات حتى لا يكون هناك مجال لاحتمالات التزييف الجزائي بالتعديل أو التمويه .

3. أن تكون قطع العملة المعدنية من الفئة الواحدة والإصدار الواحد ذات أبعاد أو أوزان وخصائص ثابتة ، وقد حددت القرارات الوزارية لكل فئة من الفئات مواصفات من حيث القطر والوزن والكتابات والرسوم .

4.أن يراعي وجود نسبة ثابتة بين القيمة الفعلية لمقدار السبيكة الذي تتكون منه قطعة العملة المعدنية والقيمة الاسمية أو السوقية لهذه القطعة بحيث لا تزيد الأولى عن ربع الثانية حتى لا تتحول العملة إلى سلعة عند ارتفاع سعر السبيكة كما حدث في العملات الذهبية والفضية أو يصبح الفارق بين القيمتين كبيراً يغري بعملية التزييف(2).

____________________

[1]- حسن محمود الشافعي ، العملة وتاريخها ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1980 ، ص11.

2- انظر في ذلك ، مكرم يوسف وهبة ، خبير أبحاث التزوير والتزييف ، مصلحة الطب الشرعي ، القاهرة، الندوة العربية العلمية ، حول تزييف العملة الورقية والمعدنية ، القاهرة ، 1970 ، ص43. كذلك انظر د. محمد صالح عثمان ، تزوير المستندات وتزييف العملات ، الأساليب العلمية للكشف عنها، العربي للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 1988 ، ص235-238 . كذلك انظر المستشار فرج علواني هليل ، جرائم التزييف والتزوير ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1993 ، ص40-ص44.

النقود المصرفية :

مع اتساع النشاط الاقتصادي ، وازدياد الثقة بالبنوك ، اصبح الأفراد يتعاملون بالشيكات بدلاً من النقود الورقية غير ان الشيك لا يعتبر في حد ذاته نقوداً قانونية وإنما هو مجرد أمر بالدفع ممن يملك حساباً جارياً في البنك ليدفع البنك مبلغاً من النقود لشخص آخر هو حامل الشيك ، فالشيك والحالة هذه وإن كان يقوم بالوفاء بالديون إلاّ أنه لا يعتبر نقوداً قانونية لأنه يحق لكل فرد أن يمتنع عن قبوله ، ولكن لاتساع النشاط الاقتصادي أصدرت الحكومات نظماً تكفل إيجاد الثقة للتعامل بالشيكات ، ومع انتشار الوعي المصرفي أصبحت الشيكات تستخدم الآن على نطاق واسع في المعاملات المختلفة وفي مجال السياحة (الشيكات السياحية) وإذا نظرنا إلى علاقة الدولة بالنقد نجد أن النقود تنقسم إلى نوعين :

النوع الأول : النقود القانونية(1) .

وهي النقود التي تضفي عليها الدولة صفة القبول التام بحكم القانون وتكون لها قوة إبراء غير محددة وهي النقود الرئيسية كالدينار العراقي أو الريال اليمني أو الجنيه المصري أو السوداني أو الريال السعودي .

النوع الثاني : النقود المساعدة

وهذه لها أيضاً قوة إبراء غير محدودة وتصدرها الدولة كأجزاء من الوحدة النقدية الرئيسية وتسك عادة من الفضة أو النيكل أو البرونز . ويحدد النظام النقدي المقدار الذي يمكن إصداره من النقود المساعدة ويجب أن تكون قيمة هذه النقود المعدنية أو الورقية اقل من قيمتها الاسمية حتى تختفي من السوق.

________________________

[1]- عوض محمود كفروي ، النقود والمصارف في النظام الإسلامي ن دار الجامعات المصرية ، الاسكندرية ، 1407 هـ ، ص32.

المؤلف : نجيب محمد سعيد الصلوي
الكتاب أو المصدر : الحماية الجزائية للعملة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .