الموازنة والصلاحيات الدستورية
حسين فوزي
من الجيد ان يكون طرح رئيس السلطة التنفيذية لقضية مناقلات لأموال كبيرة من بنود معينة في الموازنة لمصلحة مجلس النواب، ضمن منهج التصدي لاي بنود انفاق تعمق الهوة بين المواطنين والسياسيين من ذوي الدرجات الخاصة.

والأجود هو تأكيد السيد العبادي مواصلته لحملته الاصلاحية لمحاربة الفساد بهدوء، ولجوئه إلى المحكمة الاتحادية لنقض ما ورد في قانون الموازنة بشأن مناقلة مبالغ كان مجلس الوزراء قد وضعها لأغراض “حساسة” على حد تعبيره، وليس لزيادة “مكاسب” البرلمان وتابعي اعضائه. وطرح رئيس مجلس الوزراء هذه القضية بهدوء في مؤتمره الصحفي الأسبوعي خطوة إيجابية ضمن مبدأ الشفافية، واطلاع المواطنين على كيفية معالجة قضايا لقمة الخبز والخدمات.

ومن المؤكد أن مثل هذا الطرح في الخلاف مع السلطة التشريعية مسار إيجابي، بالأخص عندما يستند إلى منهج عام للإصلاح ومحاربة الفساد، وهو المنهج الذي ابتدا مع ولاية الحكومة الحالية، لكن المنتفعين فرملوا بعض بنوده بسبب عدم توفر “الاغلبية” الحقيقية لدعم مشروع الاصلاح عملياً وليس في التصريحات وممارسة موقف معاكس عند طرح المشاريع او الاجراءات على البرلمان. وهذا يستدعي من جديد العودة إلى ذات الموضوع المتعلق بـ”تصويت” الناخبين في الانتخابات المقبلة في 12 آيار. يستدعي وعي الناخبين، بالأخص اخوتنا الشباب وذوي الدخل المحدود والعاطلين والآسر المتعففة بان صوتهم ينبغي ان يكون لصالح القوى المؤمنة حقاً بالاصلاح والتغيير ومحارية الفساد، ينبغي ان يكون صوتهم لمن هو طاهر اليد ويؤمن بالفعل لا بالتصريحات بهذا المنهج، بمعنى ضرورة عدم التصويت لمن يعتاش على الامتيازات ويسعى للمزيد منها بالوسائل المشروعة وغير المشروعة، بمعنى ضرورة التصويت لمن عرفه الناس بنزاهته ونضاله أو “جهاده” من اجل غلق منافذ الفساد والحد من امتيازات “شريحة” الدرجات الخاصة، فيما غالبية العراقيين تعاني من تدني الخدمات والبطالة وانهيار الكثير من البنى التحتية، حتى وصل الأمر أن الكثير من اطفالنا يداومون في مدارس طينية بلا رحلات وليست فيها اي مستلزمات تحافظ على بيئة صالحة للتعليم.

ناهيك عن اختفاء المكتبات المدرسية والعامة. من ناحية اخرى وبقدر ما ينبغي الترحيب بما طرحه رئيس مجلس الوزراء، ينبغي الالتفات بمسؤولية ووعي إلى “إعادة” رئيس الجمهورية قانون الموازنة لوجود ما عده الرئيس خرقاً لبنود دستورية ووجود اخطاء، من ابسطها ان القانون ذكر اسم شركة اجنبية بشكل خاطئ مما تترتب عليه مشاكل لاحقة للشركة وتعامل وزارة المالية معها. بالتالي فان التصريحات المناوئة لموقف رئيس الدولة كانت منفعلة وغير مسؤولة، مع كامل الاحترام لحكم المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية حق الرئيس في إعادة القوانين، الذي كان من حق مجلس الرئاسة. ذلك ان الهدف من الإعادة ليس العرقلة وإنما استكمال سلامة الموازنة، التي بذل مجلس الوزراء جهداً كبيراً لتحقيقها.

كما ان الموقف من اجراء رئيس الجمهورية يستدعي التساؤل: هل ان الرئيس “مكلف” بدمغ ما يصدر عن السلطة التشريعية بدون اي تمحيص، أم ان من واجبه تمحيص كل ما يرده للمصادقة عليه بصفته (“الساهر” على الالتزام بالدستور”) وفق المادة 67 المتعلقة بالفرع الأول من السلطة التنفيذية؟.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت