يحكم مجال الأحوال الشخصية في مصر قانونان: الأول قانون موضوعى، وهو قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وقانون إجرائى، وهو قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000.

قانون الأحوال الشخصية:

وضع قانون الأحوال الشخصية للمرأة بعض الأحكام التي تحقق لها الاستقرار النفسي والعائلي وتحفظ لها كرامتها، وترعى أمومتها ومشاعرها، من ذلك:

(أ) أجاز القانون المشار إليه للزوجة التي تزوج عليها زوجها بأخرى أن تطلب التطليق إذا لحقها ضرر مادي أو أدبي يستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت على زوجها في العقد ألا يتزوج عليها، ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا الضرر بمضي سنة من تاريخ علمها بهذا الزواج ما لم تكن قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا. كذلك أجاز للزوجة الجديدة إذا لم تكن تعلم أن زوجها متزوج بسواها ثم ظهر أنه متزوج، أن تطلب التطليق (المادة 11 مكرراً). وهذا النص يحافظ على كرامة المرأة حتى لا تشعر بالقهر في حياة زوجية تشاركها فيها زوجة أخرى.

(ب) ألغى القانون قهر الزوجة على العودة إلى منزل الزوجية، وقرر أنه إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق، توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع، وهى تعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد إلى منزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها (المادة 11 مكرراً ثانياً).

(ج) قرر القانون الزوجة المدخول بها إذا طلقها زوجها دون رضاها ودون سبب من قبلها استحقاق متعة – فوق نفقة العدة – تقدر بنفقة سنتين على الأقل – مع مراعاة حالة المطلق وظروف الطلاق ومدة الزوجية.

(د) كذلك قرر القانون أن ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة اثنتي عشرة سنة، وأجاز للقاضي بعد هذه السن أن يأمر بإبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك (المادة 20). ولاشك أن هذا النص فيه رفق كبير بمشاعر الأمومة ورعاية لضعف الطفولة.

هـ) الزم المشرع الزوج المطلق بأن يهيىء لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل ذلك خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة.

وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة.
ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها.

فإذا انتهت مدة الحضانة، فللمطلق أن يعود ليسكن مع أولاده إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً (المادة 18 مكرراً ثالثاً).

قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية:

صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 ليواجه مشاكل عديدة كانت تعاني منها المرأة لاسيما حينما تضطر إلى النزول إلى ساحات المحاكم، إما لاستصدار حكم يضع حداً لمعاناتها أو لمواجهة دعوى مرفوعة ضدها. وقد جاء هذا القانون بعدة قواعد لتحقيق هذا الهدف نذكر منها:
اخر مواضيع أبو أسامه المصرى في المنتدى
0 دعاء ورجاء
0 أترك أثراً قبل الرحيل
0 الميزان الحق
0 التحزب آفة في طريق العبودية
0 احذر من نشر الفاحشة بين الناس
0 حتى تنتصر على الشيطان
0 العقيدة

أ – نظام الخلع:

قنن المشرع نظام الخلع في مجال الأحوال الشخصية، والخلع نظام إسلامي محض، ولما كان قانون الأحوال الشخصية مستمداً كله من الشريعة الإسلامية، فقد كان من المنطقي أن يدرج هذا النظام في نصوصه لما يحققه من سرعة الفصل في كثير من الدعاوى حين تطلب المرأة مخالعة زوجها دون أن تسند إليه أية إساءة، وإنما تستند إلى مجرد كراهة الحياة معه بحيث تخشى ألا تستطيع أن تقيم حدود الله.

ويستند نظام الخلع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:” ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً، إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به” (سورة البقرة الآية 229). كذلك جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله ما أعتب على زوجى في خلق أو دين ولكنى أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”اتردين عليه حديقته؟” قالت نعم، فقال له الرسول “اقبل الحديقة وطلقها تطليقة”.

ونظام الخلع نظام عادل، لأن الأسرة تقوم في الإسلام على المودة والرحمة وليس على الكراهية والبغضاء، وقد تكون الكراهية من جهة الرجل، وهنا لا توجد مشكلة لأن الطلاق حق له يستعمله في حدود ما شرعه الله. أما إذا كانت الكراهية من جهة المرأة فقد أباح لها الإسلام أن تتخلص من الزوجية عن طريق الخلع. والخلع نظام حكيم لأنه يجنب المجتمع الكثير من الانحرافات بل والجرائم التي قد ترتكب نتيجة إكراه الزوجة على الحياة مع زوج تبغضه.

وقد نصت على نظام الخلع المادة 20 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، فقضت بأن للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه، وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، وحكمت المحكمة بتطليقها عليه.

ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما، وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض. كذلك نص القانون على انه لا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم.

ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن. كما أن الحكم بالتطليق للخلع يكون في جميع الأحوال غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن.

ويفهم نظام الخلع في إطار الهدف من الزواج في الإسلام وهو إنشاء أسرة تقوم على المحبة والمودة، وهو ما يجعلها صالحة كنواة لمجتمع سوي متعاطف ومتضامن، فإذا شابتها البغضاء ودبت فيها الكراهية أحل التفريق بين الزوجين، إذ تفقد الزوجية مضمونه،ا وتحيد عن الهدف المقصود منها.

(ب) إثبات الطلاق والمراجعة:

1 – إثبات الطلاق:

أراد المشرع أن يدرأ عن كل من الزوجين خطورة أن ينكر الزوج الآخر حدوث الطلاق مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من خلاف، فنص في المادة 21 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أنه لا يعتد في إثبات الطلاق عند الإنكار إلا بالإشهاد والتوثيق، سواء تم الطلاق من الزوج، أو إذ كانت الزوجة قد طلبت تطليق نفسها إذا كانت قد احتفظت لنفسها بالحق في ذلك في وثيقة الزواج. كما أوجب على الموثق أن يثبت ما تم من إجراءات على النموذج المعد لذلك، ولا يعتد في إثبات الطلاق في حق أي من الزوجين إلا إذا كان حاضراً إجراءات التوثيق بنفسه، أو بمن ينوب عنه، أو من تاريخ إعلانه بموجب ورقة رسمية.

2 – إثبات المراجعة:

من المشاكل التي كانت تعانى منها المرأة قبل صدور القانون رقم 1 لسنة 2000، أن المطلقة كانت إذا تزوجت بعد انقضاء عدتها تفاجأ أحياناً بادعاء المطلق كذباً انه راجعها في فترة العدة، وبالتالي فهي زوجة له، ومن ثم يتهمها بارتكاب جريمة الزنا لمعاشرتها شخصاً آخر هو الزوج الجديد. وتدخل المرأة في دوامة الدفاع عن نفسها ضد اتهام قد يؤدي بها إلى السجن، وعن شرفها ضد واقعة شائنة تقضى على سمعتها، وعن أسرتها الجديدة التي تعلق عليها لآمال، لذلك تدخل المشرع ليضع حداً لهذه المعاناة، فنص على انه مع عدم الإخلال بحق الزوجة في إثبات مراجعة مطلقها لها بكافة طرق الإثبات، لا يقبل عند الإنكار ادعاء الزوج مراجعة مطلقته ما لم يعلنها بهذه المراجعة بورقة رسمية قبل انقضاء ستين يوماً لمن تحيض، وتسعين يوماً لمن عدتها بالأشهر من تاريخ توثيق طلاقه منها، وذلك ما لم تكن حاملاً أو تقر بعدم انقضاء عدتها حتى إعلانها بالمراجعة.

(جـ) التطليق من زواج عرفي:

كانت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة سنة 1931 والتي حل محلها القانون رقم 1 لسنة 2000 – كانت تنص على عدم قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إلا إذا كان الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية. وكان هدف المشرع من ذلك أن يقضي أو يحد من نطاق الزواج غير الموثق أي الزواج العرفي.

وقد أسفر الحرمان المطلق من قبول الدعاوى الناشئة عن هذا الزواج إلى وضع غير إنساني لكثير من الفتيات اللاتى أدى بهن الاندفاع والتهور إلى الانزلاق إلى هوة هذا الزواج غير الموثق، ثم غدر بهن الأزواج وهجروهن واختفوا من حياتهن دون تطليق. وهنا تجد الفتاة نفسها في أحد وضعين كلاهما مر: إما أن تحافظ على دينها، فتظل مدى حياتها محرومة من دفء الحياة الأسرية اذ يمتنع عليها أن تتزوج طالما أنها لم تطلق من الزواج الأول، وإما أن تخرج على دينها وقيمها وتتزوج بآخر. ولا شك أن هذا الزواج يكون باطلاً لأنها لا تزال في عصمة الزوج الأول، وتعتبر صلتها بالرجل الثاني صلة غير شرعية.

وفي ضوء هذه الحقيقة ، ومع زيادة اتساع نطاق الزواج العرفي رأى المشرع إنقاذ هؤلاء الفتيات، ففتح أمامهن السبيل إلى قبول دعوى التطليق أو الفسخ على سبيل الاستثناء، حيث نص في المادة 17/2 من القانون رقم 1 لسنة 2000 على أن لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج ما لم يكن الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتاً بأية كتابة.

وبذلك رفع المشرع عن هؤلاء الفتيات معاناة كانت تحيل حياتهن إلى جحيم.

(د) مبدأ الدفع أو الحبس:

مقتضى هذا المبدأ أن الشخص المحكوم عليه بنفقة ما .. اذا امتنع عن دفعها للمحكوم له بها مع قدرته على ذلك ولم يستجب لأمر المحكمة بأداء النفقة تحكم عليه بالحبس للضغط عليه حتى يدفع النفقة. وكان هذا الحكم قائماً في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، ثم انتقل إلى مشروع القانون رقم 1 لسنة 2000 الذي حل محل هذه اللائحة، وعندما عرض المشروع على مجلس الشعب اقترح احد النواب إلغاء هذه المادة، ووافق المجلس على ذلك.

وثارت ثائرة النساء، حيث كانت هذه المادة هى وسيلة الضغط القوية على المحكوم عليه بالنفقة حتى يدفعها لاسيما وهو قادر على الدفع. وتصدى المجلس القومي للمرأة الذي قرر القرار الجمهورى الصادر بإنشائه أن من بين اختصاصاته حل المشكلات التي تواجه المرأة. تصدى لحل هذه المشكلة وأوصى من خلال لجنته التشريعية بضرورة إعادة المادة التي ألغيت إلى القانون، وأرسلت التوصية إلى الجهات المختصة التي سرعان ما استجابت لنداء المجلس، وقدمت وزارة العدل مشروعاً بقانون يضيف هذه المادة إلى قانون رقم 1 لسنة 2000، وما لبث مجلس الشعب أن وافق عليه. وبذلك أصبح هذا القانون يضم المادة رقم 76 مكرراً التي تنص على أنه اذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في دعاوى النفقات والأجور وما في حكمها، جاز للمحكوم له أن يرفع الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو التي يجري التنفيذ بدائرتها، ومتى ثبت لديها أن المحكوم عليه قادر على القيام بأداء ما حكم به وأمرته بالأداء ولم يمتثل حكمت بحبسه مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً. فإذا أدى المحكوم عليه ما حكم به أو أحضر كفيلاً يقبله الصادر لصالحه الحكم، فإنه يخلى سبيله، وذلك كله دون إخلال بحق المحكوم له في التنفيذ بالطرق العادية. وهكذا انتصر القانون للمرأة ونص على حماية حقها في النفقة.