بحث قانوني و دراسة عن مصادر القاعدة القانونية في قانون التجارة الأردني

مصادر القاعدة القانونية في قانون التجارة الأردني

د.عبدالله الخشروم

ملخص

تنقسم مصادر القاعدة التجارية في ظل قانون التجارة الأردني رقم 12 لعام 1966 إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية. وتنقسم المصادر الرسمية بدورها إلى مصادر رسمية أصلية (التشريعات التجارية : قانون التجارة لعام 1966 والتشريعات ذات العلاقة بالنشاط التجاري) ومصدر رسمي إحتياطي (القانون المدني لعام 1976). أما المصادر الإسترشادية فتشمل السوابق القضائية، وإجتهاد الفقهاء، ومقتضيات الإنصاف، والعرف التجاري،وتهدف هذه الدراسة إلى بيان الوضع التشريعي القائم لهذه المصادر، إذ أن هناك عدم دقة في صياغتها وأولويتها. ويحظى موضوع العرف التجاري ومدى قدرته على مخالفة القواعد المدنية الآمرة بأهمية كبيرة لتزايد استخدام العرف التجاري في الحياة التجارية. كما تهدف هذه الدراسة أيضاً إلى اقتراح التعديلات على بعض نصوص قانون التجارة الأردني وعلى وجه التحديد المادة 2 و 3 لكي تصبح أكثر انسجاماً مع الحياة التجارية.

Abstract

The sources of a commercial rule under the Jordanian commercial Act No. 12 of 1966 are considered as the basic guiding sources. These sources are divided into basic principal sources (which are commercial legislations: Commercial Act of 1966, and legislations concerned with commercial activities), and basic alternative sources (which consist of the Civil Act of 1976). The guiding sources, however, include judicial precedents, jurisprudence, rules of equity and commercial customs.

The aim of this study is to point out to the existing legislative situation of these sources, since there is unprecision involving its drafting and priority. The subject of commercial custom, along with its ability to override the compulsory civil rules, enjoys a great importance as a result of its repaid us age in commercial life, this study also suggests the required legislative amendments, particularly Sections 2 and 3 of the Jordanian Commercial Act which are more in harmony with the commercial life.

المقدمة

لكل قاعدة قانونية منبع تستقي منه مادتها أو جسمها وهي مجموعة العوامل التي تدخل في تكوين القاعدة القانونية وتحديد مضمونها، سواء أكانت عوامل اجتماعية أو سياسية أو الإقتصادية أو دينية أو أخلاقية أو غيرها، ويطلق على هذه العوامل بالمصادر المادية(1، ويعد المصدر المادي المصدر الحقيقي أو الموضوعي للقاعدة القانونية،لأنه يلعب دوراً هاماً بتزويد المشرع بمادته الأساسية، الذي يشكل جسم القاعدة القانونية(2). والعوامل الطبيعية قد يكون لها دور كمصدر مادي في تكوين القاعدة القانونية، ومثال ذلك اختلاف التشريعات في تحديد سن الرشد. وذلك لتأثير النمو البدني والجنسي بعامل المناخ الذي يختلف من مكان إلى آخر(3)، كما تلعب الظروف الإقتصادية والسياسية دوراً آخر، ومثال ذلك إيجاد قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997،وقانون تشجيع الاستثمار رقم 16 لسنة 1995، الذي جاء ليواكب النظرة الإقتصادية الجديدة والداعية لتشجيع الاستثمار في الأردن. كما أن القاعدة القانونية بحاجة إلى وسيلة لتخرج بها حيز الوجود لتصبح واجبة التطبيق(4) وتقترن بالقوة الملزمة، ويطلق على هذه الوسيلة بالمصادر الرسمية أو الشكلية للقاعدة القانونية.

ولكلمة مصدر معان أخرى، فقد تعني المصدر التاريخي ويعني الأصل التاريخي الذي استمدت منه القاعدة القانونية، ومثال ذلك الشريعة الإسلامية التي تعد مصدراً تاريخياً للقانون المدني الأردني، والقانون المدني الفرنسي مصدراً تاريخياً للقانون المدني المصري، وكما يعدّ قانون التجارة السوري مصدراً تاريخياً لقانون التجارة الأردني. وقد يُعنى بكلمة مصدر وسيلة القاضي في تفسير القاعدة القانونية لغايات تطبيقها ليصبح مصدراً استرشادياً، وهو ما يسمى بالمصدر التفسيري أو الاسترشادي(5).

ويختلف ترتيب المصادر الرسمية للقانون من دولة لأخرى، فنجد بعض الدول تجعل التشريع في المقام الأول كمصدر رسمي أصلي وتتبنى معظم الدول في الوقت الحاضر هذا الاتجاه، ومن الدول من تجعل السوابق القضائية في المرتبة الأولى كالدول الأنجلوسكسونية فيما نجد قواعد الدين هي المصدر الرسمي الأصلي في السعودية. أما في الأردن، فإن التشريع، هو المصدر الرسمي الأصلي وتأتي أحكام الفقه الإسلامي ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف وقواعد العدالة مصادر رسمية إحتياطية، كما يعدّ الفقه والقضاء من المصادر الإسترشادية أو التفسيرية وذلك بنص المادة الثانية من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976(6).

ومصادر القانون الرسمية تختلف من قانون إلى آخر، فمصادر القانون التجاري كما حددتها المادة الثانية من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 هي : التشريع (القانون التجاري) والقانون المدني. ومصادر قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 كما بينتها المادة الثالثة هي : التشريع (قانون الشركات) وقانون التجارة والقانون المدني والعرف التجاري. وعلى ذلك، فإننا سنبحث في المصادر الرسمية لقانون التجارة الأردني، ثم الإسترشادية أو التفسيرية وذلك في مبحثين مستقلين.

المبحث الأول المصادر الرسمية

بالرجوع لقانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 نجد أن المواد (2، 3، 4) قد تعرضت لتحديد مصادر القانون التجاري الأردني .

إذ تقضي المادة (2) على ما يلي :
1. إذا انتفى النص في هذا القانون فتطبق على المواد التجارية أحكام القانون المدني .
2. على أن تطبيق هذه الأحكام لا يكون إلا على نسبة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري.

وتنص المادة (3) على ما يلي :
إذا لم يوجد نص قانوني يمكن تطبيقه فللقاضي أن يسترشد بالسوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء وبمقتضيات الإنصاف والعرف التجاري .

كما تقضي المادة (4) ما يلي :
1. على القاضي عند تحديد آثار العمل التجاري، أن يطبق العرف السائد إلا إذا ظهر أن المتعاقدين قصدوا مخالفة أحكام العرف أو كان العرف متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية.
2. ويعد العرف الخاص والعرف المحلي مرجحين على العرف العام .

واعتماداً على هذه النصوص، يمكن لنا تقسيم مصادر القانون التجاري الأردني إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية. وسبق القول بأن المصادر الرسمية أو الشكلية للقانون هي المصادر التي من خلالها تخرج القاعدة القانونية إلى حيز الوجود وتكتسب الصفة الإلزامية. والمصادر الرسمية لقانون التجارة الأردني قد تكون مصادر رسمية أصلية، وقد تكون مصادر رسمية إحتياطية، ندرسها على التوالي في مطلبين مستقلين .

المطلب الأول المصادر الرسمية الأصلية (التشريعات التجارية)

يحتل التشريع في الوقت الحاضر المرتبة الأولى بين مصادر القانون متغلباً بذلك على العرف الذي هو أسبق في الوجود من التشريع وباقي المصادر الأخرى، ويعود ذلك إلى سرعة سن القواعد القانونية ودقة صياغتها، وذلك لوجود سلطة مختصة تقوم على إصدار التشريع طبقاً لإجراءات محددة. فالتشريع إذن هو عبارة عن تلك القواعد القانونية العامة المجردة التي تحكم مختلف نشاط الأفراد في المجتمع وتجبر الدولة على إتباعها ولو بالقوة عند الضرورة، إلا أن التشريع قد يقصد به مجموعة قواعد قانونية منظمة لنشاط أو جانب معين من السلوك البشري، ومثال ذلك تشريع الضرائب وتشريع العمال وغيرها، كما أن تشعب أوجه النشاط في الدولة الحديثة وتداخل الروابط الاجتماعية بين الأفراد يتطلب قواعد كثيرة وسريعة لضبطها مما لا يتوافر في قواعد العرف التي تمتاز بالبطء في إنتاج القواعد القانونية، في حين تتوافر في قواعد التشريع، كما أن تركيز السلطة في يد الدولة الحديثة ساعد على زيادة تدخل الدولة في شتى مناحي الحياة، ولا يتم هذا التدخل إلا من خلال التشريع(7) وهذا يقتضي منا الحديث عن مزايا وعيوب التشريع.

مزايا التشريع(8):

للتشريع مزايا كثيرة ساعدت على انتشاره في الدولة الحديثة وإحتلاله للمقام الأول من بين باقي مصادر القانون، وهذه المزايا هي :
1. التشريع يرد مكتوباً، أي تصاغ مضمون القاعدة القانونية صياغة محكمة من قبل هيئة مختصة، فلذلك تأتي واضحة محددة، مما يساعد الأفراد على معرفة حقوقهم وواجباتهم ويسود الإستقرار والأمن في المجتمع، بخلاف القاعدة العرفية التي هي غالباً غير واضحة لأنها عبارة عن فكرة تستقر في الأذهان ويتعامل بها الأفراد دون كتابتها، مما يخلق صعوبة في التأكد من وجودها ومضمونها.
2. يؤدي التشريع إلى تحقيق وحدة القانون في الدولة كونه يطبق في كل إقليم الدولة بخلاف العرف الذي قد ينشأ خاصاً بجزء من الدولة أو لدى طائفة معينة من الأفراد، مما يجعل هناك مجالاً لاختلاف النظام القانوني من مكان إلى آخر .
3. التشريع هو مصدر سريع لإنتاج القواعد القانونية، لأنه يراقب التطورات الاجتماعية أو الإقتصادية أو غيرها في المجتمع، كما يمكن إلغاء وتعديل التشريع بنفس السرعة والسهولة لإصدار التشريع، في حين أن العرف هو مصدر بطيء ينشأ تدريجياً.

إلا أن هذه المزايا لا تمنع من وجود بعض العيوب والإنتقادات التي توجه إلى التشريع ومنها:
1. التشريع يوضع من قبل سلطة مختصة، ولا ينشأ تلقائياً من قبل الجماعة، مما يعني أن التشريع قد يأتي مخالفاً لحاجات ورغبات الجماعة، إلا أن هذا العيب يمكن تفاديه بدراسة حاجات المجتمع ورغباته قبل إصدار أي تشريع .
2. السرعة في سن التشريع تؤدي إلى إيجاد العيب في التشريع أو التعارض مع تشريعات أخرى، مما يجعله بحاجة إلى تعديل، وكثرة هذه التعديلات تؤدي إلى زعزعة ثقة الناس بالتشريع وعدم الإستقرار في المجتمع.

وعلى الرغم من هذه العيوب، فإن التشريع يبقى متقدماً على العرف ويبقى يمثل المقام الأول بين مصادر القانون، أضف إلى ذلك بأن هذه العيوب يمكن تجنبها من خلال ربط التشريع بحاجات المجتمع عن طريق اشتراك ممثلي الشعب في إصدار التشريعات أو لأغراض إزالة أي تعارض بين التشريعات النافذة(9). كما يجب عدم الاستعجال في إصداره لتفادي أي عيب أو قصور.

وتقسم التشريعات التجارية إلى قانون التجارة والقوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري :

أولاً: قانون التجارة:

يعد قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966(10) المصدر الرسمي الأول للقانون التجاري بحيث يجب على القاضي تطبيق هذا القانون على المعاملات التجارية في حال قيام أي نزاع. وقد بينت المادة 1/2 من قانون التجارة الأردني موضوع القانون التجاري بقولها “يتضمن هذا القانون من جهة القواعد المختصة بالأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص مهما كانت صفته القانونية، ويتضمن من جهة أخرى الأحكام التي تطبق على الأشخاص الذين اتخذوا التجارة مهنة”.

ويتكون هذا القانون من (480) مادة ويقسم إلى أربعة كتب:
الكتاب الأول : بعنوان التجارة والتجار ويشمل الأحكام الخاصة بالأعمال التجارية والتجار والمتجر.
الكتاب الثاني : والخاص بالعقود التجارية، ويضمن الرهن التجاري وعقد النقل والوكالة التجارية والوساطة والسمسرة والحساب الجاري.
الكتاب الثالث : والمتعلق بالأوراق التجارية ويشمل سند السحب والسند لأمر (الكمبيالة) والشيك.
الكتاب الرابع: ويخص الصلح الواقي والإفلاس.

وقبل صدور قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966، خضع الأردن لمجلة الأحكام العدلية الصادرة عن الدولة العثمانية 1876، على اعتبار أنها القانون المدني الذي يحكم المعاملات المدنية والتجارية. ثم خضع الأردن لقانون التجارة العثماني الصادر عام 1266 ه جرية على اعتبار أن الأردن جزء من الدولة العثمانية،وهو منقول بدوره عن قانون التجارة الفرنسي لعام 1807. زيادة على بعض القوانين الأنجلوسكسونية التي كانت مطبقة في غرب الأردن، كقانون الشركات العادية لغاية عام 1964، وقوانين السماسرة والشيكات والبوالص الفلسطينية لغاية عام 1966(11).

وكان من جملة الأسباب التي قدمتها الحكومة الأردنية في سبيل اقتراحها لقانون التجارة الحالي ما يلي : “لما كانت أكثرية القوانين التجارية المعمول بها في هذه المملكة هي نفس القوانين التجارية التي صدرت في العهد العثماني باستثناء بعض القوانين النافذة المفعول في الضفة الغربية، ولما كانت هذه القوانين قد إنجلت في العمل والواقع عن مواطن عديدة من النقص، وظهر مع الزمن عجزها عن مسايرة الحياة التجارية التي وجدت لتنظيمها، بما أن بقاء التشريع التجاري لا يتفق ومقتضيات الحياة التجارية التي وجدت لتنظيمها، بما أن بقاء التشريع التجاري لا يتفق ومقتضيات الحياة التجارية المرفق بهذه المذكرة لتضمن بذلك وحدة التشريع في جميع أنحاء المملكة، ولتجاري تطور الحياة الإقتصادية ووقائعها وتساير الاتجاه الدولي الحديث في التشريع التجاري”(12).

ثانياً: القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري

لا يشمل قانون التجارة كافة الأحكام المتعلقة بالتجارة لعدم قدرته على احتوائها بالتفصيل، مما اقتضى وجود قوانين مكملة له تنظم مجالات مختلفة من الحياة التجارية ومن أهم هذه القوانين :
1. قانون الغرف التجارية والصناعية رقم 41 لسنة 1949.
2. قانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 والقانون المعدل لقانون العلامات التجارية رقم (34) لسنة 1999(13).
3. قانون الحرف والصناعات رقم 16 لسنة 1953.
4. قانون علامات البضائع رقم 19 لسنة 1953 (14).
5. قانون براءات الإختراع رقم 32 لسنة 1999(15).
6. قانون تسجيل الأسماء التجارية رقم 3 لسنة 1953(16).
7. قانون البنوك رقم 4 لسنة 1971(17).
8. قانون المراكز التجارية رقم 21 لسنة 1972.
9. قانون التجارة البحرية رقم (12) لسنة 1972.
10. قانون مهنة تدقيق الحسابات رقم (22) لسنة 1985.
11. قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم (44) لسنة 1985(18).
12. قانون أعمال الصرافة رقم (26) لسنة 1992(19).
13. قانون الشركات رقم (22) لسنة 1997(20).
14. قانون الأوراق المالية المؤقت رقم (23) لسنة 1997(21).

وإلى جانب هذه القوانين توجد مجموعة من الأنظمة والتعليمات والقرارات التي تنظم الأعمال التجارية المختلفة ومنها :
1. نظام المرابحة العثماني لسنة 1303 الهجرية، الذي يحدد مقدار الفائدة على الديون المدنية والتجارية .
2. نظام العلامات التجارية رقم 1 لسنة 1952 والنظام المعدل لنظام العلامات التجارية رقم (17) لسنة 2000(22).
3. قرار تسجيل الأسماء التجارية رقم 1 لسنة 1953(23).
4. قرار امتيازات الإختراعات والرسوم رقم 1 لسنة 1953(24).
5. نظام سجل التجارة رقم 13 لسنة 1966(25).

ولا يقتصر التشريع على النصوص القانونية الداخلية، وإنما يمتد لشمل الاتفاقات الدولية التي يصادق عليها الأردن طبقاً لنظمها الدستورية(26)، وذلك لأن الإتفاقية الدولية هي تشريع دولي، فإذا ما تعارضت مع التشريع الوطني غلبت عليه، لأن القانون الدولي يسمو على القانون الوطني(27).

المطلب الثاني المصادر الرسمية الإحتياطية

يقصد بالمصادر الرسمية الإحتياطية المصادر التي يلجأ إليها القاضي في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة أو القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري، وهناك مصدر إحتياطي وحيد وهو القانون المدني، وندرسه فيما يلي:

القانون المدني :

يأتي القانون المدني الأردني بالمرتبة الثانية في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة أو في القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري قابل للتطبيق على النزاع المعروض على القاضي تطبيقاً لنص المادة (2/1) من القانون التجاري الأردني التي تحيل لأحكام القانون المدني في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة. ومن الأمثلة على ذلك نص المادة (15) من قانون التجارة الأردني التي تخضع الأهلية، التجارية لأحكام القانون المدني، وبالتالي أحالت إلى أحكام القانون المدني في كل ما يتعلق بتنظيم موضوع الأهلية التجارية. كما أخضعت المادة (80/3) من قانون التجارة الأردني حقوق والتزامات الوكيل التجاري إلى أحكام القانون المدني عندما يجب على الوكيل أن يعمل باسم موكله. كما تسري قواعد إجارة الأشياء في القانون المدني على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية أو في خانات منها (م117/1 تجارة أردني). كما أخضعت المادة (112) من قانون التجارة الأردني العمليات المصرفية غير المذكورة في الباب الخامس من قانون التجارة إلى أحكام القانون المدني المختصة بتلك العقود. كما يرجع إلى قواعد عقد الشركة في القانون المدني بخصوص شركة الأشخاص أو شركة الأموال. ويرجع بخصوص البيوع التجارية وبيع المتجر إلى أحكام عقد المبيع، كما أن السند القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة يوجد في المسؤولية التقصيرية المنظمة في القانون المدني(28). وهذا يؤكد أن القانون المدني هو الشريعة العامة لكافة فروع القانون بحيث يشمل جميع مناحي الحياة. وما استقلال القانون التجاري عن القانون المدني إلا استثناءً اقتضته مبررات السرعة والائتمان التي تمتاز بها المعاملات التجارية. وهذا يؤيد وجهة نظر القائلين بوحدة القانون الخاص (المدني والتجاري)، وإن رد دعاة الاستقلال على هذه الحجة بضرورة اتفاق القواعد المدنية – في حالة عدم وجود الأحكام التجارية – مع مقتضيات البيئة التجارية غير دقيق(29).

ولكن الرجوع للقانون المدني كمصدر ثانٍ من مصادر القانون التجاري مشروط باتفاق أحكام القانون المدني مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري (م2/2 تجارة أردني). وبالتالي إذا تعارضت أحكام القانون المدني المنوي تطبيقها على نزاع تجاري مع المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون التجاري كقواعد دعم السرعة وقواعد دعم الائتمان فلا يكون مجال لتطبيقها على ذلك النزاع. مثال تلك القواعد: قاعدة حرية الإثبات في المواد التجارية وقاعدة التضامن، وقاعدة انتفاء صفة التبرع وقاعدة الفائدة في المواد التجارية. فالمادتان (84، 96/4) من قانون التجارة تطرقتا إلى موضوع الفائدة في المعاملات التجارية. إذ تقرر المادة (84) أنه على الوكيل أن يدفع الفائدة عن الأموال العائدة للموكل وذلك من اليوم الذي كان يجب عليه تسليمها أو إيداعها بحسب أمر الموكل. كما اعترفت المادة (96/4) للوكيل بالعمولة بامتياز على قيمة البضائع المرسلة إليه بغرض سداد جميع الأموال المدفوعة من قبله، ويدخل في الامتياز مبلغ الدين الأصلي مع الفوائد والعمولات والنفقات .

وهناك رأي يذهب إلى تغليب حكم القانون التجاري بقواعده الآمرة والمكملة إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية حتى ولو كانت آمرة. وحجة هذا الرأي أن الحكم الخاص مقدم على الحكم العام. والقانون التجاري قانون خاص بقواعده الآمرة والمكملة معاً. ومن غير المعقول إيراد النصوص التجارية المفسرة ومنع العمل بأحكامها إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية الآمرة. كما أن المشرع التجاري قد قيد الرجوع لحكم القانون المدني بقدر اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري وبالتالي لا يجوز الرجوع للقواعد المدنية حتى الآمرة فيما إذا لم تتفق مع النصوص التجارية ولو كانت مفسرة(30). إلا أن هناك اتجاه آخر يذهب إلى ترجيح النص التجاري الآمر على النص المدني الآمر والمفسر وذلك لتغليب حكم النص الخاص على العام، أما إذا كان النص المدني آمراً والنص التجاري مفسراً وجب تقديم النص المدني الآمر(31).

ونحن من جهتنا نؤيد الاتجاه الأول القائل بتقديم حكم القواعد التجارية الآمرة والمكملة إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية حتى ولو كانت آمرة. و مبرر ذلك أن القانون التجاري بقواعده الآمرة والمكملة قانون خاص انفصل عن القانون المدني لمبررات البيئة التجارية التي لا تتفق ومقتضيات البيئة المدنية، فإذا ما عرض نزاع تجاري أمام القاضي يجب عليه أولاً أن يطبق النصوص التجارية الآمرة إن وجدت، فإذا لم توجد تطبق النصوص التجارية المفسرة ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف القاعدة التجارية المفسرة كونها تبيح مثل هذا الاتفاق، فهنا لا يكون أمام القاضي إلا أن يطبق اتفاق المتعاقدين. فإذا لم يوجد اتفاق هنا يرجع القاضي إلى قواعد القانون المدني، وإذا كان هذا الموضوع محل خلاف فقهي فيما إذا كان الرجوع للقانون المدني أولاً أم للعرف التجاري، وهو ما سنأتي على دراسته لاحقاً.

المبحث الثاني : المصادر الإسترشادية (التفسيرية)

المصادر الإسترشادية بحسب المادة الثالثة من قانون التجارة هي السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ومقتضيات الإنصاف، فالعرف التجاري ندرسها في مطالب أربعة.

المطلب الأول السوابق القضائية (Precedents)

السوابق القضائية هي الأحكام الصادرة عن المحاكم الأردنية بمختلف درجاتها وذلك في المنازعات التي تعرض عليها. وقد بينت المادة الثالثة من قانون التجارة الأردني أن للقاضي أن يسترشد بالسوابق القضائية، وذلك في حالة عدم وجود نص قانوني يمكن تطبيقه على النزاع المعروض على المحاكم ورجوع القاضي للسوابق القضائية ليس على سبيل الإلزام، بل يستعين القاضي بالسوابق القضائية كمصدر استرشادي أو تفسيري لتوضيح النص القانوني أو الرجوع لأحكام القضاء في حالة انعدام النص القانوني في النقطة محل النزاع. كما أن دور القضاء يتجاوز حدود تفسير القواعد القانونية إلى إكمال النقص الوارد في تلك القواعد وفقاً لمقتضيات العدالة. ولكن القضاء لا يمكن القيام بمثل هذا الدور دون الرجوع إلى الفقه الذي يقوم ببناء النظريات العامة ويمكن أن ندلل على ذلك بالرجوع لنص المادة السادسة من قانون التجارة الأردني التي قامت بتعداد الأعمال التجارية البرية بحكم ماهيتها الذاتية ولكن هذا التعداد ورد على سبيل المثال لا الحصر. فإذا ما عُرض على القاضي نشاط تجاري جديد كتحصيل الديون التجارية وهو غير مذكور ضمن الأعمال التجارية الواردة في المادة السادسة يجد القاضي نفسه ملزماً بالرجوع للفقه القانوني فيما يتعلق بتعداد الأعمال التجارية والضوابط التي وضعها الفقه لتحديد تلك الأعمال التجارية، وذلك للوقوف على مدى تجارية هذا النشاط الجديد من الناحية القانونية لأغراض خضوعه لأحكام قانون التجارة(32).

ونحن في الأردن نتبع النظام اللاتيني، الذي يقتصر دور القاضي فيه على تطبيق القانون لا وضعه ولذلك فإن القاضي غير ملزم بأن يحكم إستناداً إلى أحكام قضائية سابقة حتى ولو كانت صادرة عن ذات المحكمة أو عن محكمة أعلى. وذلك بخلاف النظام الأنجلوسكسوني الذي تشكل السوابق القضائية فيه مصدراً رسمياً للقانون كما يلزم القاضي في هذا النظام بالرجوع للأحكام القضائية السابقة لإستخلاص القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على النزاع المعروض عليه. كما أن القاضي ملزم بإتباع السوابق القضائية الصادرة عنه وعن المحاكم الأعلى درجة. فمثلاً تكون قرارات مجلس اللوردات (House of Lords) في بريطانيا ملزمة لجميع المحاكم التي تنظر في قضايا متشابهة، وتكون قرارات محكمة الإستئناف (Court of Appeals) ملزمة للمحاكم الأقل درجة، أما إذا لم يكن هناك قرار سابق في تلك المسألة بالذات، فإن القاضي يوجد سابقة وبالتالي ستتبع في القضايا المستقبلية(33)،وبمعنى آخر فإن القاضي يخلق القانون (Judges-made law) وذلك بالإستناد إلى قواعد العدل والإنصاف(34). ويمتاز نظام السوابق القضائية بالثبات في طريقة تطبيق المحاكم للقانون، كما أنه يضمن الاستمرارية في تطبيق القانون من قضية إلى أخرى، وتأكيدها من خلال نظام السوابق القضائية الملزمة. ونظام السوابق القضائية من شأنه أن يوفر الوقت والجهد والنفقات، وذلك عند إستقرار هذه السوابق. كما أن المحامين يستطيعون نصيحة عملائهم عن النتيجة المتوقعة لأي قضية يفكرون في إقامتها، وبهذا يمكن تجنب إجراءات التقاضي مسبقاً.

بينما يعيب هذا النظام أنه يؤدي إلى عدم المرونة، وذلك إذا ما قامت المحكمة الأقل درجة بالالتزام بقرار لمجلس اللوردات لم تتم مراجعته لفترة طويلة. وما زاد الأمر سوءاً أن مجلس اللوردات ومحكمة الإستئناف اعتبرت نفسها ملزمة بقراراتها السابقة. و بقي هذا الأمر حتى عام 1966 عندما قرر مجلس اللوردات البريطاني أخيراً بأنه غير ملزم بقراراته السابقة، ويستطيع إعادة تفسير القانون إذا رغب. كما أن نظام السوابق القضائية يحتاج إلى جهد كبير من قبل المحامين والقضاة، وذلك من خلال الرجوع لعدد كبير من السوابق القضائية(35).

إلا أن نوعاً من التداخل ما بين النظامين اللاتيني والأنجلوسكسوني قد حدث. فالنظام الأنجلوسكسوني بدأ بالاعتماد على التشريعات المكتوبة فضلا ًعلى السوابق القضائية وخير مثال على ذلك قانون الشركات البريطاني لعام 1985 وتعديلاته لعام 1989 وقانون الإفلاس لعام 1986 وغيرها من القوانين المكتوبة كذلك فإن النظام اللاتيني أصبح يعتد – إلى حد ما – بالسوابق القضائية، فالمادة (205) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988 تنص على أنه “إذا رأت إحدى هيئات محكمة التمييز أن تخالف مبدأً مقرراً في حكم سابق، تحيل الدعوى إلى الهيئة العامة”. ويقترح بعضهم التوسع في هذا الاستثناء، وذلك بإلزام محاكم الإستئناف ومحاكم الدرجة الأولى بقرارات محكمة التمييز عن طريق القياس(36). هذا علاوة على أن جميع المحاكم تحرص على الأخذ بالمبادئ القانونية التي إستقرت عليها محكمة التمييز في أحكامها، وذلك حتى لا تعرض أحكامها للنقض. ومن المبادئ القانونية التي أرستها محكمة التمييز الأردنية قاعدة تقاضي فوائد على متجمد الفوائد في الحالات المشابهة للحساب الجاري والتي أقرها العرف المصرفي، إذ قررت أنه : “يجوز احتساب الفائدة بالطريقة المركبة حتى ولو لم يتفق عليها باعتبار أن العرف المصرفي هو أحد مصادر القانون التجاري”(37). وفي هذا السياق نأمل من القضاء الأردني نشر الأحكام الصادرة ليس عن محكمة التمييز فقط، وإنما الصادرة عن جميع المحاكم على اختلاف درجاتها لما فيه من فائدة لجميع العاملين في مجال القانون.

المطلب الثاني إجتهاد الفقهاء (الفقه)

يقصد بإجتهاد الفقهاء مجموع الآراء التي تصدر عن فقهاء القانون سواء وردت في كتاب أو بحث أو محاضرة أو ندوة أو تعليق على حكم قضائي أو بتدريسه، وذلك بهدف تفسير القانون وتوضيح الغامض منه والتعرض لأوجه النقص الذي ينتاب التشريعات(38). وعلى الرغم من أن الفقه القانوني يعد مصدراً استرشادياً لا يلزم القاضي بالرجوع إليه، إلا أن الواقع العملي يشهد بأن كل من القاضي والمحامي يستندات إلى إجتهاد الفقهاء في توضيحهم لنصوص القانون، كما أن المشرع يستعين بإجتهاد الفقهاء وشروحاتهم عند صياغة أو تعديل قانون ما. فالخلاصة أن الفقه يلعب دوراً هاماً كمصدر استرشادي وتفسيري في تطبيق القانون من قبل القاضي، كما يلعب الفقه دوراً هاماً في مجال القضاء، وذلك من خلال تجميع أحكام المحاكم والتقريب بينها وتتبع تطورها بهدف الوصول إلى الاتجاهات العامة للقضاء، وهناك الكثير من المؤلفات والأبحاث القيمة في القانون التجاري سواء في الفقه العربي أو غير العربي تقوم بتحليل النصوص التشريعية، فتوضح ما يعتريها من نقص أو عيب وتقترح للمشرع التعديلات اللازمة لكي تفعّل النصوص التشريعية القائمة(39). والفقه التجاري الأردني ما زال في بداياته ويحتاج القانون التجاري إلى شرح وتفسير وتأصيل ليس فقط من قبل مدرسي القانون التجاري، وإنما أيضاً من قبل القضاة والمحامين وكل من هو مهتم في هذا المجال.

المطلب الثالث مقتضيات الإنصاف

إن مقتضيات الإنصاف (Equity) أو مبادئ القانون الطبيعي أو قواعد العدالة كما تسميها بعض التشريعات قد وردت ضمن المصادر الإسترشادية. وبالتالي إذا لم يجد القاضي حكماً في المصادر السابقة يستطيع الرجوع لمقتضيات الإنصاف. وفكرة الإنصاف أو العدالة غير واضحة وغير محددة. والعلة من النص على هذا المصدر يكمن في حرص المشرع على قطع الطريق على القضاة بعدم الحكم في قضية بحجة عدم وجود النص القانوني المنظم لها، إذ لا يجوز أن يستنكف القاضي عن النظر في القضية المعروضة عليه بحجة عدم وجود النص القانوني، لذلك كان لا بد من وجود قواعد الإنصاف أو العدالة. وبموجب مقتضيات العدالة لا بد من الرجوع لإجتهاد القضاة بما يتفق مع مقتضيات العدل والإنصاف مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بكل قضية على حدة(40).

المطلب الرابع العرف التجاري

1. تحديد المقصود بالعرف التجاري :

يقصد بالعرف التجاري مجموعة القواعد التجارية التي درج عليها التجار لمدة طويلة في تنظيمهم لمعاملاتهم التجارية معتقدين بإلزامها وضرورتها كما هو الحال في القواعد التشريعية(41). ويحتل العرف التجاري مكانة هامة جداً في الحياة التجارية، ويعود ذلك لقلة النصوص التشريعية وعجزها عن ملاحقة الحياة التجارية السريعة، ومثال ذلك البيوع البحرية والحسابات الجارية والاعتمادات المستندية(42) التي ما زالت محكومة بقواعد عرفية(43). فالعرف التجاري أكثر مرونة من التشريع وبالتالي فهو أقدر على تحقيق متطلبات الحياة التجارية السريعة من التشريع الذي يحتاج إلى إجراءات لتعديله أو إصداره.

ولقد كانت بدايات القانون التجاري قواعد عرفية منذ العصور القديمة التي عرفت بعض الأعراف التجارية الخاصة بالتجارة البحرية(44). وفي العصور الوسطى فإن العادات والأعراف التي سادت بين التجار في المدن الإيطالية والتي طبقها القناصل (رؤساء طوائف التجار) للفصل في المنازعات التي تثور بين التجار من أفراد الطائفة شكلت نواة قانون التجارة(45).

ويرجع الإهتمام بتقنين العادات التجارية إلى القرن السابع عشر في فرنسا، حيث قام الوزير كولبير بتشجيع لويس الرابع عشر على إصدار أمرين ملكيين متعلقين بالتجارة الأول: الأمر الملكي الصادر عام 1673 والخاص بالتجارة البرية التي أشرف على وضعه العلامة سافاري (Savary) والثاني: الأمر الملكي الصادر عام 1681 والمتعلق بالتجارة البحرية، الذي أشرف على وضعه العلامة دي بوتيني (Levayer de Boutigny). ثم صدر القانون التجاري الفرنسي عام 1807 الذي حل محل الأوامر الملكية المتعلقة بالتجارة البرية والبحرية والذي ما زال معمولاً به حتى وقتنا الحالي على الرغم من كثرة التعديلات التي أدخلت عليه. وأخذت الدولة العثمانية قانونها التجاري لعام 1850 من القانون التجاري الفرنسي الصادر عام 1807(46)، الذي ظل مطبقاً في الدول العربية حتى أصبح لها قوانين مستقلة ومنها قانون التجارة المصري عام 1883، وقانون التجارة اللبناني عام 1942 والسوري عام 1949 والعراقي لأعوام 1943، 1970، 1984، والأردني لعام 1966.

والعرف التجاري قد يتشكل بخصوص أمر مادي كطريقة عد أو كيل أو وزن سلعة من السلع، قد يتشكل بخصوص مسألة قانونية كتحديد مدة معينة لتنفيذ بعض الالتزامات التجارية وكقاعدة تضامن المدنيين في الالتزامات التجاري(47).

ويختلف العرف عن العادة الإتفاقية (USAGES) في أن الأول يتكون من ركنين هما :
الركن المادي : وهو إطراد الناس على إتباع سلوك معين، والركن المعنوي: وهو اعتقاد الناس بإلزامية إتباع هذا السلوك واحترامه بينما العادة الإتفاقية هي عبارة عن الركن المادي للعرف. فالعادة ليست قاعدة قانونية ملزمة بذاتها، وإنما تطبق لاتجاه إرادة المتعاقدين إلى إتباع حكمها. واتفاق المتعاقدين على تطبيقها قد يكون صراحة كما قد يكون ضمنياً يفهم من ظروف العقد وملابساته كمكان انعقاد العقد وزمانه والغرض من التعاقد وغيرها من وقائع التعاقد(48).

وتحظى العادات التجارية بأهمية كبيرة في مجال المعاملات التجارية وذلك للسببين التاليين :
1. تمتاز المعاملات التجارية بالسرعة (وهي من مبررات انفصالها عن حكم القانون المدني). مما لا يتوافر للمتعاقدين متسع من الوقت للاتفاق على كل الشروط التي تنظم العلاقات المترتبة عن هذه المعاملات، مما يعني اتجاه إرادتهم ضمناً نحو إتباع مثل هذه العادات التجارية .
2. أن يكون التجار على علم بعادات التجارة التي يباشرونها مما لا يجعل هناك ضرورة للنص على كل الشروط المألوفة بينهم(49).

ومثال العادة الإتفاقية في الحياة التجارية ما تعارف عليه التجار من إنقاص الثمن بدلاً من فسخ عقد البيع إذا كانت البضاعة المسلمة للمشتري من صنف أقل من المتفق عليه أو كانت كميتها أقل، لأن الفسخ يترتب عليه أضرار كبيرة للبائع والمشتري .

وعلى من يتمسك بالعادة التجارية أن يقيم الدليل على وجودها كونها تستمد قوتها من إرادة المتعاقدين وتوضع بوصفها شرطاً في العقد. ويمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات ولقاضي الموضوع سلطة مطلقة في تقدير وجود العادة الإتفاقية لأنها تعد من قبيل تفسير العقود والإتفاقيات فهي مسألة واقع وبالتالي لا تخضع لرقابة محكمة التمييز(50).

ولكن يجب أن يكون لمحكمة التمييز رقابة على تطبيق العادات التجارية في حالة ما إذا طبق قاضي الموضوع عادة تجارية مخالفة للنظام العام كالسماح بإفلاس غير التاجر وفقاً لعادة تجارية، أو الإقرار بفائدة تزيد على الحد القانون وفقاً لعادة تجارية(51).

وبخصوص قوة العادة الإتفاقية في مواجهة النصوص القانونية فلا يمكن للعادة الإتفاقية أن تخالف نصاً تجارياً أو مدنياً آمراً في حين يمكن أن تخالف نصاً تجارياً أو مدنياً مفسراً(52).

وعلى ذلك يمكن تلخيص أهم الفروق بين العرف التجاري والعادة التجاري الإتفاقية بما يلي :

1. من حيث الإثبات :

بما أن العرف التجاري في منزلة القانون فيجب على القاضي أن يطبقه من تلقاء نفسه على النزاع المعروض أمامه حتى دون أن يطلبه الخصوم، وبالتالي يقع عبء إثبات وجود العرف على القاضي الذي يجب أن يتأكد من وجوده كالتشريع. أما العادة الإتفاقية فكونها شرط من شروط العقد، فلا يطبقها القاضي ما لم يتمسك بها من له مصلحة في ذلك من الخصوم، وبالتالي يقع على هذا الأخير عبء إثبات وجود العادة الإتفاقية.

2. من حيث التطبيق :

إن العرف في منزلة القانون فهو واجب التطبيق على الخصوم علموا به أم لم يعلموا لأنه لا يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون، بينما لا تطبق العادة الإتفاقية ما لم تتجه إرادة أطراف التعاقد إلى التمسك بها مما يعني ضرورة علمهم بها .

3. من حيث رقابة محكمة التمييز:

يخضع العرف – كونه في منزلة القانون – لرقابة محكمة التمييز التي تراقب صحة تطبيق القانون، أما العادة الإتفاقية فلا تخضع لرقابة محكمة التمييز لأنها مسألة واقع(53).

وبالرجوع للمادتين (3 و 4) من قانون التجارة الأردني، نجد أن هناك صورة غير واضحة بخصوص مكانة العرف التجاري كمصدر للقانون التجاري، فالمادة الثالثة اعتبرت العرف التجاري من المصادر الإسترشادية،التي يستعين بها القاضي في تفسيره لنصوص القانون حاله كحال السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ومقتضيات الإنصاف، في حين وضعته المادة الرابعة في المرتبة الثالثة بعد النصوص القانونية الإلزامية (القانون التجاري والقانون المدني)، وذلك بخصوص تحديد آثار العمل التجاري فقط.

وفي ضوء عدم الوضوح الذي يكتنف هاتين المادتين حاول الفقه الإجتهاد في سبيل إزالة هذا الغموض والخروج بصيغة معقولة تتوافق مع متطلبات الحياة التجارية. فيرى بعضهم أن التعارض بين المادتين تعارض ظاهري،وأن العرف التجاري يعدّ مصدراً رسمياً وفق المادة الرابعة عند تحديد آثار العمل التجاري فقط، ويعدّ مصدراً استرشادياً بحسب المادة الثالثة بالنسبة للمسائل التي لا تدخل ضمن إطار آثار العمل التجاري(54). في حين يذهب بعض الفقه إلى اعتبار العرف التجاري من ضمن المصادر الإسترشادية إستناداً للنصوص القانونية المنظمة له(55). إلا أن فريقاً ثالثاً ذهب إلى تبني الرأي القائل بأن العرف التجاري مصدر رسمي للقانون التجاري يأتي بعد النصوص التشريعية وقد برهنوا رأيهم بالنصوص القانونية التجارية التي تعطي للعرف مكانه الصحيح(56) إذ تخضع المادة (59/1) من قانون التجارة الأردني عقود البيع والقرض والتأمين وجميع العقود التي لم تحدد قواعدها في قانون التجارة لأحكام القانون المدني والعرف. وتحيل المادة (113/1) من قانون التجارة الأردني إلى العرف لأغراض وقف الحساب الجاري وتصفيته في آجال الاستحقاق المعينة في حال عدم تطرق العقد لهذه المسائل. كما أن المادة (4/1) من قانون التجارة الأردني توجب تطبيق العرف السائد إلا إذا كان العرف متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية، مما يعني أن العرف التجاري يمكن له أن يعارض نصوصاً تشريعية مفسرة مدنية أو تجارية، وهو دليل آخر على مكانة العرف التجاري كمصدر رسمي من مصادر القانون التجاري. كذلك فإن المادة الثالثة من قانون الشركات الأردني رقم 12 لسنة 1997 تجعل العرف في المرتبة الثالثة(57).

ويرى الدكتور عزيز العكيلي أن العرف التجاري يأتي بعد النصوص التشريعية التجارية اعتماداً على نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون التجارة التي تلزم القاضي عند تطبيقه لأحكام القانون المدني أن يراعي المبادئ المختصة بالقانون التجاري، أي أن أحكام القانون المدني لا يمكن تطبيقها إذا كانت متعارضة مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري والمبادئ المختصة بالقانون التجاري هي قواعد العرف التجاري(58). وبحسب هذا الرأي، فإن العرف التجاري يأتي مباشرة بعد التشريعات التجارية متقدماً بذلك على أحكام القانون المدني؛ لأن العرف التجاري هو جزء من المبادئ التجارية، وأرى – بحق – أن هذا الرأي هو أقرب الآراء إلى الدقة – فالقانون التجاري يشمل القانون التجاري المكتوب والقانون التجاري غير المكتوب (العرف التجاري) وعليه لا يجوز اللجوء إلى أي مصدر آخر إلا بعد الرجوع للقانون التجاري بالمعنى الواسع وهو قانون التجارة والقوانين المكملة لقانون التجارة والعرف التجاري، فالعرف التجاري هو أقدر على التعبير والإحاطة بالحياة التجارية من القانون المدني الذي تمتاز قواعده بالبطء الشديد وعدم التطور على خلاف العرف التجاري الذي يساير الحياة التجارية ويحيط بجميع تفاصيلها.

والعرف التجاري حسب المادة (4/2) من قانون التجارة الأردني قد يكون عرفاً خاصاً أو محلياً أو عرفاً عاماً. والعرف الخاص هو ذلك العرف المتبع في مهنة معينة أو في تعامل تجاري معين. أما العرف المحلي فهو العرف المتبع في منطقة معينة. أما العرف العام فهو العرف السائد في الدولة. وقد بينت المادة (4/2) من قانون التجارة أولوية التطبيق في حالة تعدد أنواع العرف القابل للتطبيق على نزاع تجاري، فالأولوية تكون للعرف الخاص ثم العرف المحلي وأخيراً العرف العام، وبمعنى آخر يقدم العرف الخاص على العرف العام. والحكمة في ذلك أنه كلما كان العرف مطبقاً في نطاق ضيق كلما كان أدق في تنظيم معاملات الأفراد. كما أن العرف التجاري قد يكون عرفاً دولياً وهو العرف المتبع بين التجار في دولة متعددة أو حتى في العالم ككل كالأعراف المتعلقة بالتجارة البحرية(59).

ويشترط في تطبيق العرف أن لا يكون المتعاقدان قد اتفقا على مخالفة أحكام العرف وأن لا يكون العرف متعارضاً مع النظام العام أو الآداب (م2 مدني أردني).

ويقترن بتطبيق العرف التجاري بعض المسائل التي لا بد من حسمها، وهي قوة العرف في مواجهة النصوص التشريعية التجارية والمدنية، وتطبيق العرف وإثباته ورقابة محكمة التمييز على تطبيقه، وندرسها فيما يلي على التوالي:

2. قوة العرف في مواجهة النصوص التشريعية :

قد يقع التعارض بين العرف التجاري والتشريع التجاري الآمر أو المكمل (المفسر)، وقد يقع التعارض بين العرف التجاري والنص المدني الآمر أو المفسر، ولذلك يثور التساؤل عن الأولوية في التطبيق .

فيما يتعلق بتعارض العرف التجاري مع النص التجاري الآمر يُجمع الفقه(60) على أنه لا يجوز مخالفة عرف تجاري لنص تجاري آمر لأنها قاعدة آمرة تمس المصلحة العامة والنظام العام، وبالتالي لا يجوز مخالفتها. أما إذا تعارض العرف التجاري مع نص تجاري مفسر، فيقدم العرف التجاري لأن النص التجاري المفسر يجوز الاتفاق على خلافه لعدم تعلقه بالنظام العام والآداب. كما لا تثور أيّ مشكلة بخصوص تعارض العرف التجاري مع النص المدني المفسر لذات الأسباب السابقة، فيجب تقديم العرف التجاري على النص المدني المفسر. ولكن المشكلة تثور في حالة تعارض العرف التجاري مع النص المدني الآمر، وقد انقسم حول هذا الموضوع إلى رأيين:

الرأي الأول(61):

والقائل بتقديم النص المدني الآمر على العرف التجاري لتعلق النص المدني الآمر بالنظام العام والآداب ولمساسها بالمصلحة العامة، وبالتالي لا يجوز الاتفاق على خلافها. ويضيف الدكتور محمد إسماعيل(62) إلى هذه الحجة المبررات التالية لتغليب القانون المدني بقواعده الآمرة على العرف التجاري .
1. لا يوجد نظامان عامان في دولة واحدة، الأول متعلق بالقانون المدني والثاني بالقانون التجاري فكما لا يجوز للعرف التجاري مخالفة القواعد التجارية الآمرة لا يجوز كذلك له مخالفة القواعد المدنية الآمرة. وبما أن هناك اتجاه فقهي نحو عدم قدرة العرف على إلغاء التشريع بشكل عام، فلا يجوز للعرف التجاري أن يلغي التشريع المدني الآمر.
2. صحيح أن الحكم الخاص يقدم على الحكم العام، إلا أن هذا التقديم مشروط بعدم مخالفة الحكم الخاص للنظام العام .
3. إن المادة الرابعة من قانون التجارة الأردني قد جاءت عامة ولم تفرق بين النصوص المدنية الآمرة والنصوص التجارية الآمرة، كما أن المادة الثانية من ذات القانون قد سبقت في الترتيب المادة الرابعة، وبالتالي فإن المادة اللاحقة (الرابعة) تقيد المادة السابقة (الثانية)، وعليه لا يجوز للعرف التجاري مخالفة النصوص المدنية الآمرة كما هو حال النصوص التجارية الآمرة.

ويرى الدكتور علي البارودي أن الدكتور محمد اسماعيل قد وقع في تناقض واضح، فبعد أن قدم القواعد المدنية الآمرة على العرف التجاري(63) إلا أنه عاد واعترف بأهمية العرف التجاري وقدمه على القواعد المدنية الآمرة(64) وذلك عند شرحه لنص المادة (638/1) مدني والمادة (640) مدني التي تمنع الفوائد، إذ قرر أن هذه النصوص معطلة عن التطبيق في الحياة التجارية كونها شريعة عامة ومتعارضة مع أحكام القوانين الخاص كنصوص نظام المرابحة العثماني ونصوص قانون التجارة، وبخاصة المادة الثانية التي تحيل إلى القانون المدني عند انتفاء النصوص التجارية شريطة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري. كما أن الدكتور محمد اسماعيل أيد محكمة التمييز في توجهها نحو توسيع حكم الفوائد ليشمل سائر المواد التجارية وليس فقط الحساب الجاري لإستنادها إلى أحكام العرف المصرفي الذي يشكل جزءاً هاماً من العرف التجاري(65).

إلا أن بعض الفقه(66) يشترط لتقديم النصوص المدنية الآمرة على العرف التجاري بعدم النص صراحة في القانون على تقديم العرف التجاري. كما هو الحال في المادة (232) مدني مصري التي نصت على تحريم تقاضي فوائد على متجمد الفوائد إلا إذا إستقر العرف التجاري على غير ذلك.

كذلك تقديم القاعدة العرفية التي تقضي بافتراض التضامن بين المدينين في دين تجاري على نص المادة (279) مدني مصري التي تنص على أن التضامن بين المدينين لا يفترض وإنما يتقرر بنص القانون أو بشرط أو إتفاق المتعاقدين.

في حين ذهب رأي آخر(67) إلى تقديم العرف التجاري على النص المدني الآمر واستندوا إلى أن الرجوع للقانون المدني مرتبط بعدم وجود حكم خاص في القانون التجاري سواء وُجد في النصوص التشريعية أم في القواعد العرفية، لأن القانون التجاري يشمل النصوص التجارية والأعراف التجارية معاً. وعليه لا مجال لتطبيق القانون المدني حتى نصوصه الآمرة في حالة توافر العرف التجاري كونه المقصود بالتشريع التجاري، ويستند هذا الرأي إلى قرار محكمة النقض الفرنسية الذي أجاز تجميد الفوائد في الحساب الجاري لمدد أقل من سنة، وذلك على خلاف النص الصريح للقانون المدني الفرنسي(68).

وما يجري عليه العرف التجاري من جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وتجاوز مجموعها لرأس المال، ومن إباحة تعاقد الشخص مع نفسه كتعاقد الوكيل بالعمولة مع نفسه لحساب الأصيل وتعاد سماسرة الأوراق المالية في البورصات لحساب الأصيل. ويرى الدكتور مصطفى كمال طه أن تقديم العرف التجاري على نصوص القانون المدني الامرة لا يعد إهداراً لمبدأ تدرج المصادر الرسمية للقانون، ولكنه يعد تحديداً لنطاق تطبيق كل من القانون التجاري والقانون المدني، فإذا ما وُجد حكم خاص في القانون التجاري سواء ورد في التشريع التجاري أم العرف التجاري فلا يبقى هناك مجال لتطبيق القواعد المدنية العامة(69).

وتقديم العرف التجاري على النصوص المدنية الآمرة، أمر منطقي وضروري، فهو منطقي لأن الحكم الخاص يقدم على الحكم العام، فإذا كان القانون التجاري هو الخاص والقانون المدني هو العام، فالمنطق أن يُقدم القانون التجاري بنصه وعرفه على القانون المدني بنصوصه الآمرة والمكملة، كما أن هذا التقديم ضروري لأن القانون التجاري لا يغطي كافة مجالات العمليات التجارية كالبيوع التجارية وعمليات البنوك التي نظمها العرف التجاري(70).

كما أن هذا التقديم للعرف التجاري على النص المدني الآمر والمفسر معاً أقرب إلى تحقيق مصلحة التجارة إذ أن طبيعة المعاملات التجارية تختلف عن طبيعة المعاملات المدنية وهي التي دعت إلى استقلال القانون التجاري عن القانون المدني. ويرى الدكتور عزيز العكيلي أن هذا الخلاف لا مجال له في ظل قانون التجارة الأردني الذي أوضح صراحة في المادة (4/1) منه أنه لا مجال لتطبيق العرف التجاري إذا كان متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية سواء التجارية أو المدنية(71) إلا أن بعض الفقه ذهب إلى أكثر من ذلك، وميز بين قدرة العرف التجاري على مخالفة النص التجاري الآمر وقدرته على مخالفة النص المدني الآمر فلم يجز للعرف مخالفة النص التجاري الآمر، في حين أجاز له – أي للعرف – مخالفة النص المدني الآمر على الرغم من وجود النص القانوني الواضح(72).

في حين يذهب الدكتور علي البارودي(73) إلى اعتبار العرف التجاري المصدر الرسمي الثاني بعد النصوص التجارية وقبل النصوص المدنية. ويرى أن القضاء الأردني يستطيع أن يتبنى هذا الاتجاه بالاعتماد على الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون التجارة الأردني والتي تقضي بأن تطبيق أحكام القانون المدني على النزاعات التجارية لا يكون إلا على نسبة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري. ولا مانع من أن يطلق على العرف التجاري “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” وذلك كمحاولة للخروج من عدم الدقة والغموض الذي يعتري النصوص القانونية الخاصة بمصادر القاعدة التجارية في قانون التجارة الأردني .

بل يذهب الدكتور علي البارودي(74) إلى أكثر من ذلك معتبراً العرف التجاري المصدر الحقيقي الأول للقانون التجاري، وأن التاجر هو المشرع الحقيقي للقانون التجاري. فالمشرع يقنن الأعراف التجارية السائدة، إذ إن أحكام الأوراق التجارية والوكالة بالعمولة والسمسرة والبيوع البحرية والاعتمادات المستندية والأعراف المصرفية والإفلاس التجاري، قد بدأت جميعها أعرافاً تجارية ثم قننت. والتاجر هو المشرع الحقيقي الذي يوجد الأعراف التجارية من خلال نشاطه الذهني المستمر في مفاوضاته لإبرام صفقاته ومن خلال حرصه على الربح.

وبعد استعراض الآراء المختلفة حول قدرة العرف التجاري على مخالفة النصوص المدنية الآمرة، فإنني أرى بأن الآراء التي طرحها الدكتور علي البارودي هي الأكثر تعبيراً عن واقع الحياة التجارية وهي بالتالي تستحق الدراسة والنقاش، فهي من جهة لم تقف عند نصوص مصادر قانون التجارة الأردنية غير الواضحة، بل إنه من الضروري أن يكون العرف التجاري متقدماً على قواعد القانون المدني الآمرة لأنها أقرب إلى متطلبات السرعة اللازمة للحياة التجارية، ومن جهة أخرى فإن القضاء الأردني يستطيع في ظل عدم وضوح النصوص القانونية أن يجتهد باعتبار العرف التجاري المصدر الثاني بعد النصوص التجارية الآمرة، وذلك اعتماداً على نص المادة (2/2/تجارة أردني) التي اشترطت للرجوع لقواعد القانون المدني لأغراض تطبيقها على النزاعات التجارية اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري. فعبارة “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” ينبغي على القضاء أن يفسرها بأنها قواعد قانون التجارة والأعراف التجارية، بل إن الدكتور علي البارودي يذهب إلى أكثر من ذلك معتبراً التاجر هو المشرع الحقيقي للقانون التجاري، فالتاجر يوجد الأعراف التجارية التي يقننها المشرع بعد ذلك وخير مثال على ذلك الأعراف المصرفية المطبقة في البنوك في ظل عدم قيام المشرع بتنظيمها. وعليه أجد بأن قضاءنا الأردني يستطيع أن يستخدم مثل هذه الحجة لتقديم العرف التجاري على نصوص القانون المدني حتى يتسنى للمشرع التجاري تعديل هذه النصوص .
وبعد أن تبين لنا قوة العرف التجاري في مواجهة النصوص التشريعية التجارية والمدنية الآمرة والمفسرة يجدر بنا أن نتحدث عن تطبيق العرف وإثباته وإلى أي مدى تملك محكمة التمييز الأردني صلاحية رقابة تطبيق العرف على اعتبار أنه قانون .

3. تطبيق العرف وإثباته :

يذهب معظم الفقه(75) إلى أن القاعدة العرفية هي قاعدة قانونية بكل خصائصها ومميزاتها، وعليه يقع على عاتق القاضي تطبيقها من تلقاء نفسه حتى دون طلب الخصوم أو عدم علمهم بوجودها. ولكن اعتبار القاعدة العرفية قاعدة قانونية لا تسري عليها قاعدة أن القاضي يعرف القانون. فإذا ما أراد أحد الخصوم في نزاع ما أن يطلب تطبيق قاعدة عرفية يجهلها القاضي، يستطيع القاضي أن يطلب من الخصم إثبات وجود هذه القاعدة العرفية، ومبرر ذلك أن القاضي لا يمكن أن يعلم بالعرف كعلمه بالتشريع كون التشريع مكتوب وقابل لاطلاع الناس عليه، على خلاف العرف الذي هو غير مكتوب ولا يفترض علم جميع الناس به، وبخاصة إذا نظر النزاع قاض حديث التعيين غير مطلع على أعراف المنطقة التي عين فيها. ويستطيع المدعي إثبات العرف التجاري بجميع طرق الإثبات كآراء الخبراء أو شهادات غرف التجارة(76).

4. رقابة محكمة التمييز على تطبيق العرف :

هذا الموضوع محل خلاف فقهي. فذهب رأي(77) إلى أن العرف لا يعد قانوناً مكتوباً، وبالتالي لا تملك محكمة التمييز رقابته لأن محكمة التمييز هي محكمة قانون تراقب مدى تطبيق المحاكم للقانون، ويضيف أصحاب هذا الرأي إلى أن فتح المجال أمام محكمة التمييز للتدخل ومراقبة تطبيق العرف سوف يؤدي إلى تثبيت العرف وتوحيده في كل أنحاء الدولة، مع أنه من الأفضل ترك العرف عرضة للتغيير وفق ظروف الزمان والمكان .

أما الرأي الآخر(78) وهو الراجح يرى أن العرف قانون، وبالتالي تملك محكمة التمييز مراقبة تطبيقه وتفسيره وقد أيدت المادة(198) من قانون المرافعات الأردني رقم 24 لسنة 1988 هذا الاتجاه عندما جعلت من أسباب الطعن بالتمييز مخالفة الحكم الصادر من المحكمة للقانون، ولم تذكر المادة التشريع لأن القانون يشمل النص التشريعي والقاعدة العرفية .

الخاتمة

وبعد هذا الاستعراض لمصادر القاعدة القانونية في ظل قانون التجارة الأردني رقم 12 لعام 1966 نجد أن المشرع التجاري الأردني لم يكن دقيقاً في بيان هذه المصادر وتحديد أولويتها فاعتبرت العرف التجاري مصدراً من المصادر الإسترشادية (م3 تجاري)، ثم عاد وقصر تطبيق العرف التجاري عند تحديد آثار العمل التجاري معتبراً إياه مصدراً رسمياً إحتياطيا بعد النصوص القانونية الإلزامية – القانون التجاري والقانون المدني– (م4تجاري). كما لم يحدد المشرع الأردني المقصود “بالمبادئ المختصة بالقانون التجاري” لأغراض تطبيق أحكام القانون المدني على المسائل التي لم يرد نص بتنظيمها في قانون التجارة والقوانين المكملة له، كما أنه لم يبين بوضوح مدى قدرة العرف التجاري على مخالفة النصوص المدنية الآمرة.

وإزاء هذا الوضع التشريعي القائم، استعرضنا مصادر القاعدة القانونية حسب قانون التجارة الأردني وقسمنا هذه المصادر إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية، فقد وجدنا أن المصادر الرسمية تقسم إلى مصادر رسمية أصلية وهي التشريعات التجارية : قانون التجارة والقوانين المتعلقة بالنشاط التجاري ومصدر رسمي إحتياطي وهو القانون المدني. وبخصوص المصادر الإسترشادية فهي أربعة : السوابق القضائية (القضاء) وإجتهاد الفقهاء (الفقه) ومقتضيات الإنصاف (قواعد العدالة) والعرف التجاري. وقد تعددت الآراء حول قدرة العرف التجاري على مخالفة القواعد الآمرة للقانون المدني، وانتهينا إلى أن تقديم العرف التجاري هو الأقرب والأكثر تعبيراً عن متطلبات الحياة التجارية واقترحنا أن يجتهد القضاء الأردني باستخدامه للعبارة التي وردت في المادة (2/2تجارة) “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” بحيث تفسر هذه العبارة على أنها تضم القانون التجاري والعرف التجاري، وبالتالي تغليب العرف التجاري على قواعد القانون المدني الآمرة والمكملة معاً. كما خلصنا إلى ضرورة تقديم القانون التجاري بقواعده المفسرة على القواعد المدنية حتى الآمرة منها، لأن القانون التجاري قانون خاص بقواعده الآمرة والمكملة، في حين القانون المدني قانون عام والقانون الخاص يقدم على القانون العام كما خلصنا إلى أن المصادر الإسترشادية هي ثلاث مصادر: السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء، ومقتضيات الإنصاف (قواعد العدالة) وذلك بعد إخراج العرف التجاري منها واعتباره من المصادر الرسمية .

وعلى ضوء هذه النتائج، فإننا نقترح تعديل المواد (2، 3، 4) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 والمنظمة لمصادر القاعدة التجارية في الأردن بما يتفق ومتطلبات الحياة التجارية وما إستقر عليه الفقه التجاري، بحيث يكون ترتيب هذه المصادر على النحو التالي :

المصادر الرسمية :

1. القواعد التجارية الآمرة.
2. العرف التجاري .
3. القواعد التجارية المفسرة .
4. القواعد المدنية الآمرة.
5. القواعد المدنية المفسرة .

المصادر الإسترشادية :
• القضاء.
• الفقه .
• مبادئ الإنصاف (العدالة).

وحتى يتسنى للمشرع التجاري الأردني إجراء مثل هذا التعديل، نأمل من القضاء الأردني أن يجتهد في سبيل تقديم العرف التجاري على القواعد المدنية الآمرة من خلال اقتراحنا باستخدام عبارة “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” الواردة في المادة (2/2 تجارة أردني) باعتبارها مرادفة للعرف التجاري .

الهوامش

1. د. أنور سلطان، المبادئ القانونية العامة، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 1983، ص105.
2. د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، الطبعة الثانية، 1981، ص184 .
3. د. غالب الداوودي المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني، الروزنا للطباعة، الطبعة الرابعة، 1996، ص93.
4. د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص186.
5. د. غالب الداوودي، مرجع سابق، ص95.
6. منشور في الجريدة الرسمية العدد 2645 على الصفحة 2 بتاريخ 1/8/1976. وللقانون المدني مصادره الخاصة التي تختلف عن مصادر القانون التجاري، وهذا ما أشارت إليه المادة الثانية من القانون المدني الأردني إذ تنص على ما يلي :
• تسري نصوص هذا القانون على المسائل التي تناولتها هذه النصوص بألفاظها ومعانيها، ولا مساغ للإجتهاد في مورد النص .
• فإذا لم تجد المحكمة نصاً في هذا القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الأكثر موافقة لنصوص هذا القانون، فإذا لم توجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية.
• فإن لم توجد حكمت بمقتضى العرف، فإن لم توجد حكمت بمقتضى قواعد العدالة، ويشترط في العرف أن يكون عاماً وقديماً ثابتاً أو مطرداً ولا يتعارض مع أحكام القانون أو النظام العام أو الآداب. أما إذا كان العرف خاصاً ببلد معين فيسري حكمه على ذلك البلد .
• ويسترشد في ذلك كله بما أقره القضاء والفقه على أن لا يتعارض مع ما ذكره.
7. د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص204.
8. انظر في هذا الموضوع: د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص205، د. جميل الشرقاوي، مبادئ القانون، دار النهضة العربية، ص90.
9. د. غالب الداوودي، مرج سابق، ص100.
10. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1910، ص472، بتاريخ 30/3/1966.
11. د. محمد حسين اسماعيل، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1985، دار عمان، ص20.
12. منشور في الجريدة الرسمية لسنة 1965-1966، ص 54.
13. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1110، ص 243 تاريخ 1/6/1952.
14. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1131، ص 486 تاريخ 17/1/1953.
15. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1131، ص 491 تاريخ 17/4/1953.
16. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1134، ص 522 تاريخ 16/3/1953.
17. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 2301، ص 822 تاريخ 25/5/1971.
18. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 3338، ص 1235 تاريخ 1/9/1985.
19. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 3823، ص 794 تاريخ 30/4/1992.
20. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 4204، ص 2038 تاريخ 15/5/1997.
21. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 4203، ص 4180 تاريخ 15/5/1997.
22. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1129، ص 397 تاريخ 16/12/1952.
23. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1136، ص 611 تاريخ 16/3/1953.
24. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1136، ص 615 تاريخ 16/3/1953.
25. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1960، ص 2242 تاريخ 1/11/1966.
26. د. أحمد محرز، القانون التجاري، الجزء الأول، 1986/1987، ص 33، د. زهير عباس، مبادئ القانون التجاري – دراسة مقارنة – دار الشفاء، عمان، 1955، ص 24.
27. أنظر د. رشاد عارف السيد، مبادئ القانون الدولي العام، مطبعة النور، الطبعة الثالثة، 1996، ص48، وقد أخذت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في المادة الرابعة عشر من مشروعها المتعلق بحقوق وواجبات الدول الذي أعدته في اجتماعها الأول سنة 1949 بذلك إذ قررت “يجب على كل دولة أن تواجه علاقاتها بالدول الأخرى وفقاً للقانون الدولي ولمبدأ سيادة الدولة يعلوها القانون الدولي.
28. د. محمد إسماعيل، مرجع سابق، ص 24.
29. د. علي البارودي، د. محمد فريد العريني، القانون التجاري، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1986، ص 30، ويشار هنا إلى أن موضوع وحدة القانون الخاص واستقلالية كان محل خلاف فقهي انتهى إلى وجود رأيين : الأول ينادي بوحدة القانون الخاص (المدني والتجاري) والثاني يقول بضرورة استقلال القانون التجاري عن القانون المدني نظراً لطبيعته الخاصة التي تقتضي السرعة والائتمان. لمزيد من التفصيل أنظر: د. أ؛مد محرز، المرجع السابق، ص 16 وما بعدها. د. أميرة صدقي، دروس، في القانون التجاري، الطبعة الثامنة، 1978، دار النهضة العربية، ص8 وما بعدها، د. ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري المصري، دار النهضة العربية، 1981، ص17، وما بعدها.
30. د. محمد اسماعيل، مرجع سابق، ص 24، 25، د. أحمد محرز المرجع السابق، ص 32. د. أميرة صدقي، المرجع السابق ص 14، د. ثروت عبد الرحيم، مرجع سابق، ص25.
31. د. زكي الشعراوي، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، دار النهضة العربية، ص19.
32. د. هاني دويدار، المرجع السابق، ص 32-33.
33. John Pritchard, Guide to the Law, Third Edition, 1994, London, p. 863, Abby Kadar and Geoffrey whitehead, Export Law, woodhead
Faukner, London, 1995, p. 8.
34. د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 37-328.
35. John Pritchard Ibid, p. 863. Abby Kadar, Geoffrey whitehead, Ibid, pp.9-12.
36. تمييز حقوق رقم 219/77 مجلة نقابة المحامين لسنة 1977، ص 1117، وانظر أيضاً القرار رقم 128/65 مجلة نقابة المحامين لسنة 1965، ص1182.
37. د. محمد إسماعيل، المرجع السابق، ص32.
38. د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص39.
39. د. عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص57.
40. د. محمد إسماعيل، المرجع السابق، ص25.
41. قامت غرفة التجارة الدولية عام 1933 بتدوين الأعراف المتعلقة بالاعتمادات المستندية في مدونة عرفية بعنوان: “الأصول والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية” وكانت آخر مراجعة لها عام 1993 وأصبحت نافذة ابتداءاً من 1/1/1994. لمزيد من التفصيل أنظر: د. أحمد زيادات و د. إبراهيم العموش، الوجيز في التشريعات التجارية الأردنية، دار وائل للنشر، عمان 1996، ص 352.
42. د. مصطفى كمال طه، مبادئ القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعة، 1979، ص 26، د. توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص261.
43. د. زهير عباس كريم، المرجع السابق، ص15 وما بعدها .
44. زكي العشراوي، المرجع السابق، ص12: د. رزق الله أنطاكي، الوسيط في الحقوق التجارية البرية الجزء الأول، 1963، دمشق ص10 وما بعدها .
45. د. ثروت عبد الرحيم، مرجع سابق، ص23 .
46. د. أحمد محرز، مرجع سابق، ص36.
47. د. زكي الشعراوي، المرجع السابق، ص21.
48. د. علي البارودي، د. محمد العريني، مرجع سابق، ص34، د. مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص28، د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص246 وما بعدها .
49. د. عبد الحميد الشواربي، القانون التجاري، الأعمال التجارية في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف، بالاسكندرية، 1992، ص15.
50. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص28.
51. د. زهير عباس كريم، المرجع السابق، ص27، أنظر قرار لمحكمة النقض المصري رقم 22/2/1966 السنة ص 357 والقرار رقم 29/3/1976، السنة 27، ص788، والقرار رقم 3/12/1964 السنة 15، ص 1120 .
52. د. أحمد زيادات، د. إبراهيم العموش، المرجع السابق، ص11 .
53. د. ف، زي محمد سامي، شرح القانون التجاري الأردني، الجزء الأول، دار الثقافة، 1988، ص49.
54. د. عزيز العكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الأول، دار الثقافة، 1988، ص49.
55. د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص50.
56. د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص50، د. علي البارودي، د. محمد العريني، مرجع سابق، ص32.
57. د. نوري طالباني، القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1979، بغداد، ص45.
58. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص26، د. علي البارودي، د. محمد فريد العريني، المرجع سابق، ص32، د. حسني المصري، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1986، ص62.
59. د. سميحة القليوبي، القانون التجاري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1978، ص36، د. محمد اسماعيل، المرجع السابق، ص27، د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص37، د. أميرة صدقي، المرجع سابق، ص 16. أمرك ياملكي، الوجيز في شرح القانون العراقي، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1968، بغداد، ص51، د. محمد قايد، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1990/1991، دار النهضة العربية، القاهرة، ص22، د. زكي الشعراوي، المرجع السابق، ص20، د. رزق الله أنطاكي، المرجع السابق، ص19، د. فوزي عطوي، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1986، دار العلوم العربية، بيروت، ص70.
60. مرجع سابق، ص27-28.
61. د. محمد اسماعيل، المرجع السابق، ص 27-18.
62. د. محمد إسماعيل، المرجع السابق، ص45-46.
63. د. علي البارودي، محاضرة بعنوان، العرف التجاري : مكانته ودور القضاء والفقه في احترامه وتطويره ألقاها في نقابة المحامين ومنشورة في مجلة النقابة، العدد الأول، السنة الخامسة والثلاثون، عام 1987، ص 8.
64. د. جلال محمدين، المبادئ العامة في القانون التجاري، الدار الجامعة، بيروت، 1988. ص 28، د. هاني دويدار، مبادئ قانون المشروع الرأسمالي، دار المطبوعات، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 1987، ص41، د. السيد اليماني، القانون التجاري، الجزء الأول، 1985، ص 22، د. سعيد يحيى، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، المكتب العربي الحديث، 1980، ص29.
65. تم الإشارة لهذا الحكم في كتاب د. جلال محمدين، المرجع السابق، ص28.
66. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص26-27.
67. د. علي البارودي، المرجع السابق، ص8.
68. د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص54.
69. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص26، د. علي البارودي، ود. محمد العريني، المرجع السابق، ص33.
70. د. علي البارودي، محاضرة بعنوان، العرف التجاري، مكانته ودور القضاء في احترامه وتطويره ألقاها في نقابة المحامين ومنشورة في مجلة النقابة، العدد الأول، السنة الخامسة والثلاثون، عام 1987، ص14.
71. المصدر نفسه، ص16-19 .
72. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص27، د. علي البارودي، ود. محمد العريني، المرجع السابق، ص33.
73. د. محمد قايد، المرجع السابق، ص21.
74. د. ثروت عبد الرحيم، المرجع السابق، ص24.
75. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص27، د. علي الباردوي، ود. محمد العريني، المرجع السابق، ص33.

المصادر والمراجع

1. د. أحمد زيادات، د. إبراهيم العموش، الوجيز في التشريعات التجارية الأردنية، دار وائل للنشر، عمان 1996 .
2. د. أحمد محرز، القانون التجاري، الجزء الأول، 1986/1987.
3. أكرم ياملكي، الوجيز في شرح القانون العراقي، الجزء الأول، الطبعة الثانية، بغداد، 1968.
4. د. أميرة صدقي، دروس في القانون التجاري، الطبعة الثامنة، 1978، دار النهضة العربية.
5. د. أنور سلطان، المبادئ القانونية العامة، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 1983.
6. د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، الطبعة الثانية، 1981 .
7. د. ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري المصري، دار النهضة العربية، 1981.
8. د. جلال محمدين، المبادئ العامة في القانون التجاري، الدار الجامعة، بيروت، 1988.
9. د. جميل الشرقاوي، مبادئ القانون، دار النهضة العربية .
10. د. حسني المصري، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1986.
11. د. رشاد عارف السيد، مبادئ في القانون الدولي العام، مطبعة النور، الطبعة الثالثة، 1996.
12. د. رزق الله أنطاكي، الوسيط في الحقوق التجارية البرية الجزء الأول، 1963. دمشق .
13. د. زكي الشعراوي، الرجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، دار النهضة العربية.
14. د. زهير عباس، مبادئ القانون التجاري – دراسة مقارنة-، دار الثقافة، عمان، 1995.
15. د. سعيد يحيى، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، المكتب العربي الحديث، 1980.
16. د. سميحة القليوبي، القانون التجاري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1978.
17. د. السيد اليماني، القانون التجاري، الجزء الأول، 1985.
18. د. عبد الحميد الشواربي، القانون التجاري – الأعمال التجارية في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف، بالاسكندرية، 1992.
19. د. عزيز العكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الأول، دار الثقافة، 1998.
20. د. علي البارودي، محاضرة بعنوان، العرف التجاري: مكانته ودور القضاء والفقه في احترامه وتطويره ألقاها في نقابة المحامين ومنشورة في مجلة النقابة، العدد الأول، السنة الخامسة والثلاثون، عام 1987.
21. د. علي البارودي، د. محمد فريد العريني، القانون التجاري، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1986.
22. د. غالب الداوودي، المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني، الروزنا للطابعة، الطبعة الرابعة، 1996.
23. د. فوزي عطوي، القانون التجاري، الطبعة الأولى، دار العلوم العربية، بيروت، 1986.
24. د. فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري الأردني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة، 1993.
25. د. محمد حسين إسماعيل، القانون التجاري الأردني، الطبعة الأولى، دار عمار، 1985.
26. د. محمد قايد، القانون التجاري، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1990/1991.
27. د. محمود بربري، قانون المعاملات التجارية، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 1987.
28. د. مصطفى كمال طه، مبادئ القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعية، 1979.
29. د. نوري طالباني، القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1979، بغداد.
30. د. هاني دويدار، مبادئ قانون المشروع الرأسمالي، دار المطبوعات الجامعة، الاسكندرية، 1994.
31. Pritchard, Guide to the Law, Third Edition, 1994, London.
32. Abby Kadar and Geoffrey Whitehead, Export Law, wodhead Faulkner, London, 1995.