موقف التشريع الإسلامي من الازدواج الضريبي
تمهيد : كثيرا ما يترتب على التنظيم الفني للضريبة بقصد أو بغير قصد حدوث ازدواج ضريبي في النطاق الداخلي للدولة أو في المجال الخارجي وكثير مما تؤدى هذه الظاهرة إلى نتائج سيئة من الناحية الاقتصادية الأمر الذي يدعو على تفادى هذه الظاهرة عن طريق التشريع الداخلي بالنسبة للازدواج الداخلي أو عن طريق اتفاقيات دولية بالنسبة للازدواج الداخلي أو عن طريق اتفاقيات دولية بالنسبة للازدواج الدولي

1. تعريفة وأنواعه : تعريفة : اختلف الكتاب حول تعريف ازدواج الضرائب أو مقرها على أنه ممكن تعريفه بصفة عامة بأنه ( فرض الضريبة ذاتها ـ أو ضريبة من نفس النوع ـ أكثر من مرة على ذات المكلف في مدة واحد وبالنسبة لنفس محل الضريبة

أنواع الازدواج :
يتنوع الازدواج الضريبي من حيث النطاق إلى :

• الازدواج الداخلي :

هو الذي تتحقق شروطه داخل الدولة الواحدة سواء كانت اتحادية أو موحدة بسيطة ( حكومة مركزية وسلطة محلية ) حيث تقوم السلطة المركزية بفرض ضريبتين أو أكثر على المادة نفسها وعلى الشخص نفسه

• الازدواج الدولي :

هو الذي يتحقق عندما تقوم دولتان أو أكثر بفرض ذات الضريبة أو ضرائب متشابهة على نفس المادة وعلى نفس الشخص .

ويتنوع الأزواج الضريبي أيضا من حيث قصد المشرع على :

• الازدواج المقصود :

وهو الذي يتعمد فيه المشرع الازدواج فيه المشرع الازدواج بقصد الحصول على إيرادات أكثر أو إخفاء سعر الضريبة أو التميز في سعر الضريبة بين المكلفين أو تصحيح نظام الضرائب أو تدبير موارد للهيئات المحلية أو الحد من ارتفاع الدخول أو غير ذلك من الأهداف التي تختلف من دولة لأخرى

• الازدواج غير المقصود :

وهو الذي يتحقق نتيجة عدة عوامل منها على سبيل المثال 1. تداخل الاختصاصات المالية للهيئات التي تزاول سلطاتها على نفس الإقليم 2. تداخل التشريعات الجديدة على التشريعات القائمة ويحدث ذلك عندما تكون الدولة في حاجة إلى مزيد من الإيرادات فتفرض ضرائب جديدة دون مراعاة للتشريع الضريبي القائم ويمكن مواجهة هذا النوع من الازدواج عن طريق المعالجة التشريعية

2. شروطه :

ومن خلال التعريف السابق نجد أنه بكى يتحقق الازدواج الضريبي فلا بدون توافر العناصر الآتية :

• وحدة الضريبة :

يعنى ذلك أن تكون الضريبتان من نوع واحد كضريبتي دخل أو ضريبتي رأس مال أي يشترط أن تفرض الضريبة أو ضريبة مشابهة لها من نفس النوع وإن اختلفت أكثر من مدة . ففرض ضريبة منخفضة السعر على رأس المال ولكن يتم الوفاء بها من الدخل أيضا يقتضي أن تعتبر الضريبة الثانية الاقتصادية أنها مفروضة على الدخل وإن اختلف المسمى قانونا

مثال ذلك : قطعة أرض قيمتها 30.000 جنية وتدر دخلا 3000 ج فإذا كان سعر الضريبة 20 % من الدخل فإن قيمة الضريبة 600 جنيه وإذا أرادت الدولة زيادة حصيلة الضريبة بمقدار النصف أي 300 جنيه فإنها إما أن تزيد سعر الضريبة من 20 % إلى 26 % أو تفرض ضريبة على راس المال بسعر 15 % لتحصل على نفس النتيجة في هذه الحالة الأخيرة يحصل الازدواج الضريبي من الناحية الاقتصادية وإن كان لا يعد كذلك من الناحية القانونية .

على أنه يجب أن نفرق بين ازدواج الضريبة وبين تكرارها ، فالضريبة على رقم الأعمال مثلا تسرى في كل مرة تباع فيها نفس السلعة فنكون هنا بصدد تكرار للضريبة وليس ازدواجا لأن الضريبة مفروضة على كل عملية بيع وكل عملية بيع متميزة عن الأخرى

• وحدة الممول ( الشخصي المكلف بالضريبة ) :

أي أن تفرض الضريبة مرتين أو أكثر على نفس الشخص حولا يثير الأمر مشكلة إذا كان الممول شخصا طبيعيا أما إذا كان الشخص معنوي تثور مشكلة مقتضاها حدوث الازدواج من الناحية الاقتصادية في حين أنه لا يعتبر ازدواج

• وحدة المادة :-

( أي الوعاء الخاضع للضريبة ) ، بعد اشتراط وحدة الضريبة ووحدة الممول ، يشترط ثالثاً وحدة الوعاء الخاضع للضريبة ويعتبر ذلك فرض الضريبة على نفس المادة سواء كانت دخلاً أو رأس مال أكثر من مرة أي يكون وعاء الضريبة في هذه المرات واحداً ، أما إذا1 كان وعاء الضريبة في المرة الأولى مختلف عن الوعاء في المرات الأخرى ، فإننا لا نكون بصدد أزدواج حتى ولو تحققت الشروط الأخرى كوحدة الضريبة ووحدة الممول والمعنى المقصود بشرط وحدة المادة هنا هو المعنى الواسع فهو يشمل بجانب وحدة المال ومحل الضريبة وحدة الواقعة المنشئة للضريبة أيضاً فمثلاً لو أن مالك الأرض الزراعية يدفع ضريبة على واقعة التملك وفى نفس الوقت يدفع ضريبة على الاستغلال الزراعي نكون أمام واقعتين مختلفتين منشئين للضريبة وهو ما ينفى وجود الأزدواج .

• وحدة المدة :-

أى أن يطلب من نفس المكلف دفع ضريبة في مدة قد سبق أن دفع عنها نفس الضريبة ، ومن ثم يخرج بهذا الشرط الضرائب على رقم الأعمال وغيرها من الضرائب التى يتم تحصيلها بمناسبة عمل معينة كالضرائب الدورية التى تفرض على الدخل ، والضريبة على التركات فتدخل في نطاق هذا الشرط . مثال ذلك :- إذا فرضت ضريبة على الدخل سنة 1997 ، وتم جباتها مع ضريبة الدخل الواجبة 1998 أو حتى في معيادها المحدد عام 1997 فإنه لا مجال للإزدواج هنا ، إلا إذا فرضت الضريبة مرتين على نفس السنة 1997 مثلاً فهنا يتحقق أزدواجاً ضريبياً من حيث المدة .

من الناحية القانونية حيث تفرض الضريبة على أرباح الشركة وضريبة أخرى على نصيب مساهميها وفي الحقيقة أن المتحمل للعبء الضريبي في الحالتين هو المساهم

3. طرق مكافحته في القانون الوضعي :-

عمدت كثير من الدول إلى إيجاد حلولاً تشريعياً لظاهرة الازدواج الضريبي سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي وذلك كالآتي :-

أولاً :- على المستوى الداخلي :-

غالباً ما تلجأ السلطة التشريعية في هذه المادة إلى إهدار التشريعات والإجراءات التي تحد أو تمنع مطلقاً مدد تلك الظاهرة .

ثانياً :- على المستوى الدولي :-

وقد لا تساعد الحلول الداخلية على حل مشكلة الازدواج الضريبي الدولي حيث أن الأمر فيها متروكاً لمحض سيادة كل دولة وظروفها الخاصة دون أي اعتبار آخر .

لذلك فإنه يلزم إيجاد حلول مشتركة بين الدول يمكن عن طريقها تنظيم الاختصاص المالي لكل منها في فرض الضريبة ، وقد أثبتت الاتفاقيات الثنائية أنها أفضل الوسائل التي يمكن عن طريقها الوصول إلى حلول عملية لها لمشكلة الازدواج الضريبي .

4. طرق مكافحته في التشريع الإسلامي :-

ويعد أول من وضع قاعدة لمنع الازدواج الضريبي هو النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وذلك بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : منذ أكثر من أربعة عشر قرناً ( لا ثنى في صدقة ) والثنى كما قال أبو عبيد معناه ألا تؤخذ الصدقة من عام مرتين . وقد قرر الفقهاء بناءاً على هذا الحديث أنه لا يمكن إيجاب الزكاة مرتين في حول واحد بسبب واحد سواء في زكاة الحيوان أو زكاة الزروع والثمار أو غيرهما من أنواع الزكوات ولمنع الازدواج الضريبي قرر بعض الفقهاء الآتي :-

_ على المستوى الداخلي :- ذهب البعض إلى أنه من أشترى للتجارة نصاباً من إما أن يزكيه زكاة وإما أن يزك من زكاة التجارة .

وكذلك لا يضم مربى المال أثمان ما عندة من الأبل أو البقر أو الغنم إلى ما عنده من نصاب نقدي لأنه بالضم يتحقق الثنى في الصدقة وفى ضريبة الخراج ذهب البعض أن الأرض التى عليها الخراج ( والتي تفرض على رقبتها ضريبة سنوية وهى الخراج ) لا تجب العشر في ثمارها وإستدل هذا الرأي بالحديث الشريف ( لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم ) ، وعلة المنع هو إتخاذ السبب هو الأرض النامية .

_ على المستوى الدولى :- قرر بعض أحد الفقهاء أنه لا توافر العشر في المال الواحد أكثر من مرة واحدة في السنة ، وإن مر الذمر مراراً .

الخلاصة
إن التشريع الإسلامى كعادته دائماً كان سباقاً في مكافحته لهذه الظاهرة ونخلص منه إلى أن الأزدواج له مضاره وأن أول مضارة نصيب الحصيلة الضريبة نفسها ، وذلك لأن تطبيق سعرين للضريبة في وقت واحد يؤدى إلى تأكل الوعاء الخاضع للضريبة من ناحية دفع الناس إلى التهرب من الضريبة ، من ناحية ثانية ، وبالتالى قلة الحصيلة الضريبية