العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية

المؤلف : احمد نبيل صوص
الكتاب أو المصدر : الاستجواب في النظام البرلماني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

أوجه التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية

تتعاون السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية في ممارسة بعض الاختصاصات التي تعد من صميم اختصاصات السلطة التنفيذية، و بالمقابل تشترك السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية في ممارسة بعض اختصاصاتها وذلك على الوجه التالي:

(أ) تعاون السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية في بعض اختصاصاتها، مثل
1. اختيار رئيس الدولة
تخول بعض الدساتير البرلمانية، البرلمان صلاحية اختيار رئيس الدولة، ومن بين هذه الدساتير، الدستور اللبناني، فقد خول الدستور اللبناني مجلس النواب صلاحية انتخاب رئيس الجمهورية(1). وكذلك رئيس الدولة في إسرائيل يتم اختياره بواسطة الكنيست، إذ أنه بموجب قانون أساسي رئيس الدولة لسنة 1964 جعلت فترة منصب الرئاسة 5 سنوات تبدأ من يوم أداء الرئيس اليمين الدستورية حيث يتم انتخابه بواسطة الكنيست(2)

2. اختيار رئيس الوزراء تمنح بعض الدساتير البرلمانية، البرلمان صلاحية اختيار رئيس الوزراء ومن بين هذه الدساتير، الدستور الألماني، الذي خول مجلس النواب (البندستاج) صلاحية اختيار المستشار الاتحادي (رئيس الوزراء) وسحب الثقة منه بأكثرية الأصوات، على أن يتم اختيار خلف له ويطلب من الرئيس الألماني عزل المستشار الألماني، وفي هذه الحالة يلتزم الرئيس بالاستجابة لهذا الطلب وتعيين من وقع علية الاختيار(3)

3. ممارسة مهام رئيس الدولة بصفة مؤقتة قد يعجز رئيس الدولة عن ممارسة مهام عمله بصفة مؤقتة أو دائمة، وفي هذه الحالة تنيط بعض الدساتير البرلمانية صلاحيات الرئيس، لرئيس البرلمان. ومن بين هذه الدساتير الدستور المصري(4). فبموجب الدستور المصري يمارس رئيس مجلس الشعب ولمدة مؤقتة صلاحيات رئيس الجمهورية. وبموجب القانون الأساسي الفلسطيني( 5). يمارس رئيس المجلس التشريعي ولمدة صلاحيات رئيس السلطة الفلسطينية إذا عجز الأخير عن ممارسة عملة بشكل دائم.

4. المصادقة على المعاهدات التي يعقدها الرئيس
تخول الدساتير عادة رئيس الدولة صلاحية عقد المعاهدات، إلا أن البعض منها تعلق صلاحية المصادقة على المعاهدات على موافقة البرلمان، ومن بين هذه الدساتير الدستور المصري( 6). والدستور الفرنسي(7)

5. أداء رئيس الدولة اليمين أمام البرلمان
تلزم جميع الدساتير رئيس الدولة أداء اليمين قبل مباشرته مهام عمله، وقد أخذ بذلك النظام البرلماني، بأداء الرئيس اليمين أمام البرلمان ، ومن بين هذه الدساتير ، الدستور المصري(8). والقانون الأساسي الفلسطيني(9)

6. إقرار الموازنة العامة والحسابات الختامية توجب الدساتير قبل العمل بالموازنة العامة التي يجري إعدادها من الحكومة، اقترانها بمصادقة البرلمان، كما يمارس البرلمان صلاحية المصادقة على الحسابات الختامية عند انتهاء السنة المالية، والغاية من هذه المصادقة التحقق من مدى التزام الحكومة ببنود الموازنة (10) وبموجب القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 ، يتم تقديم مشروع الموازنة العامة إلى المجلس التشريعي قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية(11).

(ب) تعاون السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية في بعض اختصاصاتها
1. افتتاح جلسات البرلمان تنيط بعض الدساتير البرلمانية لرئيس الدولة افتتاح جلسات البرلمان ومن بين هذه الدساتير الدستور المصري حيث نص على أن يقوم رئيس الجمهورية بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الشعب(12). وكذلك القانون الأساسي الفلسطيني فقد نص على أن يفتتح رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الدورة العادية الأولى للمجلس التشريعي(13)

2. أعمال خاصة بالتشريع
تقوم السلطة التنفيذية بأعمال متعددة بالعملية التشريعية تباشرها أحيانا بالاشتراك مع السلطة التشريعية، حيث تمنح بعض الدساتير البرلمانية السلطة التنفيذية إلى جانب البرلمان حق اقتراح القوانين(14). ومن بين هذه الدساتير التي تمنح هذا الحق الدستور المصري (15). وكذلك القانون الأساسي الفلسطيني(16). وقد منحت معظم الدساتير في الأنظمة البرلمانية السلطة التنفيذية الحق في إصدار اللوائح والأنظمة كاللوائح والأنظمة التنفيذية والتنظيمية(17). وكذلك منحت معظم الدساتير في النظام البرلماني السلطة التنفيذية الحق في إصدار قرارات لها قوة القانون وذلك في حالة غياب البرلمان ومن بين هذه الدساتير الدستور المصري (18). والقانون الأساسي الفلسطيني(19)

3. الجمع بين عضوية البرلمان والوزارة
الجمع بين عضوية البرلمان والوزارة مظهر من مظاهر مرونة الفصل بين السلطات والتعاون بينها في ظل النظام البرلماني، ويتقرر هذا الجمع إما بنص الدستور كما ذهب إلية المشرع الدستوري الكويتي أو بما جرى علية العرف في الدول البرلمانية (20).
__________________
1- خليل، محسن: النظم السياسية والدستور اللبناني. بيروت: دار النهضة العربية. 1973 . ص 654 . المادة ( 49 ) من الدستور اللبناني المعدل لسنة 1990
2- أبو الهيجا، محمد يونس: نظام الحكم الإسرائيلي ومؤسساساتة. ط 2. دون ذكر مكان النشر: دون ذكر الناشر. 1996 ص 249 . تيم، سعيد: النظام السياسي في إسرائيل. ط 2. بيروت: دار الجبل. 1989 . ص 85
3- ستيوارت، ميشيل: نظم الحكم الحديثة. ترجمة: احمد كامل. مراجعة: الدكتور سليمان الطماوي. مصر: دار الفكر العربي. 1962 . ص 174
4- المادة ( 85 ) من الدستور المصري لسنة 1971 .
5- المادة ( 37 ) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 .
6- المادة ( 151 ) من الدستور المصري لسنة 1971 . فهمي، مصطفى أبو زيد: النظم السياسية والقانون الدستوري الإسكندرية: دار المطبوعات الجديدة. 2000 . ص 436
7- المادة ( 52 ) من الدستور الفرنسي لسنة 1958 .
8- المادة ( 52 ) من الدستور الفرنسي لسنة 1958.
9- المادة ( 52 ) من الدستور الفرنسي لسنة 1958
10- عبد الوهاب، محمد: القانون الدستوري. الإسكندرية: منشأة المعارف. دون ذكر سنة الطبع. ص 374.
11- المادة (61/1)من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005.
12- المادة ( 132 ) من الدستور المصري لسنة 1971 .
13- المادة ( 52 ) من الفانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 .
14- ليله، محمد كامل: القانون الدستوري. القاهرة: دار الفكر العربي. 1967 . ص 350 .
15- المادة ( 109 ) من الدستور المصري لسنة 1971.
16- المادة ( 70 ) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 .
17- المادة ( 109 ) من الدستور المصري لسنة 1971
18- المادة ( 147 ) من الدستور المصري لسنة 2007 .
19- المادة ( 43 ) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 .
20- الجمل ، يحيى : الأنظمة السياسية المعاصرة . بيروت : دار النهضة العربية . 1969 . ص 176

أوجه الرقابة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
إن الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هي التي تميز النظام البرلماني عن غيرة من الأنظمة النيابية الأخرى، فقد رأيت أن أتناول مظاهرها في الأنظمة البرلمانية بصفة عامة.

(أ) مظاهر رقابة السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية
1. دعوة البرلمان للانعقاد
البرلمانات بصفة عامة لا تنعقد بصفة دائمة ومستمرة، أي طوال الفصل التشريعي وإنما هناك دورات تشريعيّة سنويّة تقرّرها وتحدّد مدتها الدساتير تدعو إليها السلطة التنفيذية وتفض اجتماعاتها هذا بالنسبة للدورات العادية(1). وبالإضافة إلى ذلك الحق المقرر للسلطة التنفيذية فيما يتعلق بأدوار انعقاد المجلس العادية فإن الأنظمة الدستورية تعطي الحق لرئيس الدولة في دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادي لمواجهة الظروف الاستثنائية(2). ومن بين هذه الدساتير ، الدستور المصري الذي منح رئيس الجمهورية أن يدعو البرلمان للانعقاد في حالة الضرورة والخطر(3)
2. فض دورة الانعقاد
تختلف الدساتير عادة في تحديد المدة التي يجب أن يظل البرلمان منعقدًا خلالها، إلا أنه أيا كانت المدة التي يحددها الدستور فلا يجوز أن يفض دور الانعقاد العادي قبل استيفائها(4) نتيجة لذلك فإن رئيس الجمهورية في الدستور المصري يملك الحق في فض دور الانعقاد العادي إذا انقضت المدة المحددة في الدستور لذلك(5) فيما يتعلق بدورة الانعقاد غير العادية فإن من حق الرئيس أن يفضه عند استنفاد جدول الأعمال الذي دعي المجلس من أجلة أو أن يفضه بإرادته متى شاء( 6). وهذا ما نص علية الدستور الأردني(7)
3. تأجيل اجتماع البرلمان
إذا كانت الدساتير تحدد موعدًا ثابتًا يتعين أن يجتمع البرلمان خلاله، فقد يحدث أن تطرأ ظروف تستدعي تأجيل اجتماع البرلمان إلى تاريخ لاحق، فقد يتأزم الموقف بين البرلمان والسلطة التنفيذية لدرجة تهدد باتخاذ إجراء خطير مثل حل المجلس أو استقالة الحكومة، وهنا قد يكون من الأوفق تأجيل اجتماع المجلس حتى تهدأ النفوس، ويعيد كل من طرفي النزاع النظر في موقفه وحججه بعد دراسة أسباب الأزمة ودواعيها(8)
4. حق السلطة التنفيذية في حل البرلمان
يعتبر حل البرلمان عن طريق إنهاء نيابته قبل النهاية الطبيعية للفصل التشريعي أهم حق يقرره الدستور في الأنظمة الدستورية البرلمانية للسلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية، ففي هذا الحق يتمثل أخطر أنواع رقابة السلطة التنفيذية على البرلمان(9)
وحق حل البرلمان يكون بطريقتين:
(أ) الحل الوزاري
وهذا الحل تقوم به الوزارة بقصد تحكيم هيئة الناخبين في نزاع ينشب بينها وبين البرلمان، فتطلب من رئيس الدولة أن يحل البرلمان(10). ومن الدساتير البرلمانية التي أخذت بهذا .(11) الحل الدستور المصري سنة 1923
(ب) الحل الرئاسي
وهذا الحل الذي يلجأ إلية رئيس الدولة في حالة قيام خلاف بينه وبين البرلمان، دفاعا عن أرائه وسياسته التي يعتقد أنها تتفق مع ميول الأمة ورغباتها(12). ومن بين هذه الدساتير التي منحت رئيس الدولة هذا الحق الدستور المصري إلا أنه وضع ضوابط وقيود صارمة وهي وجود ضرورة، وموافقة الشعب على الحل في استفتاء(13). وفيما يتعلق بالقانون الأساسي الفلسطيني، نجد أن المشرع الفلسطيني لم يتضمن نصوصا تعالج حل المجلس التشريعي الفلسطيني ويجب أن نقر بخطورة هذه الصلاحية وأهميتها الكبيرة وبالتالي فهي تحتاج إلى نص يقررها الدستور ويضع ضوابطها و إلا كانت قضية غائمة عائمة مرهونة بأوضاع وظروف لم يرغب المشرع في تقنينها أو تبويبها.

(ب) مظاهر رقابة السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية
1. السؤال
من حق أعضاء البرلمان توجيه أسئلة إلى الوزراء تتعلق بأعمال وزاراتهم ، ويراد بالسؤال استيضاح مسألة معينة والاستفسار بشأنها، فهو يفيد طلب إيضاحات عن موضوع معين من رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء، فعضو البرلمان عندما يوجه سؤالا لأحد الوزراء فإنما يبغي من وراء ذلك معرفة حقيقة تصرف من التصرفات التي قام بها الوزير(14). ولا تتعدى مناقشة موضوع السؤال دائرة العضو والوزير المسؤول، فلا يصح لشخص ثالث التدخل في الموضوع لأن مثل هذا التدخل يتنافى مع طبيعة السؤال البرلماني والقصد منه(15). فالسؤال لا يترتب عليه مناقشة واسعة للأطراف، ولا يؤدي إلى طرح مسألة الثقة بالوزارة وإنما هو مجرد استفهام عن شأن من الشئون التي لا يعرفها عضو البرلمان ويريد التثبت منها، وقد يقتنع بإجابة الوزير ويكتفي بالمعلومات التي قدمها وبذلك ينتهي الأمر عند هذا الحد(16) وقد تشمل إجابة الوزير عن معلومات فيها بعض الغموض للعضو السائل فيكون له وحده حق طلب توضيح ما غمض عليه، وله أن يرد على كلامه بإيجاز مرة واحدة ثم ينتهي الموضوع، ولا يجوز للعضو موجه السؤال أن يسترسل في الرد على الوزير أو التعقيب على إجابته، وقد يطلب البرلمان الرد على سؤاله كتابة، وفي هذه الحالة يرسل الوزير إجابته مكتوبة إلى السائل، وذلك عن طريق مجلس البرلمان(17) ويلاحظ أنة في استطاعة موجة السؤال أن يتنازل عنة لأنه بمثابة ح ق شخصي له يتصرف فيه كما يريد،

ونظرا لعدم وجود خطورة من السؤال على مركز الوزارة، فإنه لهذا السبب لا يرتبط بإجراءات طويلة ومعقدة، وإنما يتم توجيه الأسئلة والإجابة عنها بسهولة ويسر مع إتباع إجراءات تنظيمية سهلة(18) ويعتقد بعض الفقهاء أن اللجوء إلى أسلوب السؤال في البرلمانات المختلفة يختلف من حيث الكم، وذلك حسب مدى الديمقراطية والحريات الممنوحة، ففي الدول الديمقراطية المتقدمة، تعد عملية الحصول على المعلومات أمرًا ميسورا، ولا سيما في ظل تقدم نظم المعلومات، ولذا فإن البرلمان في تلك الدول يرى أنه لا مسوّغ إلى الإكثار من الأسئلة، خاصة إذا كان غرضها الحصول على معلومات، في حين أن أعضاء البرلمان في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية المقيدة، يفضلون استخدام الأسئلة وسيلة برلمانية أساسية، خصوصًا في ظل نقص المعلومات المتاحة من الحكومة(19) ومن بين الدساتير البرلمانية التي منحت أعضاء السلطة التشريعية هذا الحق القانون الأساسي الفلسطيني، فقد منح أعضاء المجلس التشريعي الحق في توجيه أسئلة إلى الحكومة أو أحد الوزراء(20). كذلك الدستور المصري فقد منح أعضاء مجلس الشعب حق توجيه الأسئلة إلى الحكومة أو أحد أعضائها(21).
2. حق إجراء تحقيق
يقوم البرلمان بهذا الإجراء إذا أراد الوقوف بنفسه على حقيقة معينة، نظرا لتشككه في حسن نية الحكومة أو في صحة ما تقدمه من معلومات وبيانات، وفي هذه الحالة لا يعتمد المجلس في معرفة المعلومات على ما يذكره الوزراء أو على ما يصورونه من حقائق ، وإنما يقوم المجلس بجمع المعلومات بنفسه مباشرة عن طريق الاتصال بالأفراد والموظفين، والإطلاع على الملفات والأوراق الحكومية، ولا يجوز للسلطة التشريعية أن تحقق إلا في الأمور الداخلة في اختصاصاتها(22). وقد يتولى التحقيق البرلماني البرلمان بكامل هيئته، وقد تشكل لجنة يعهد إليها به وهذا هو الوضع الغالب، إذ يعهد البرلمان عادة بالتحقيق إلى إحدى لجانه الدائمة أو إلى لجنة خاصة تؤلف لذلك الغرض وحده(23) وإذا أعطيت مهمة التحقيق إلى لجنة، فليس لها أن تتخذ قرارا ما، فهي لا تعدو أن تكون جهازا لجمع المعلومات، ولذلك يجب عليها أن تعد تقريرا بنتيجة عملها ترفعه إلى البرلمان الذي يتصرف في ضوء الصلاحيات المقررة له، وقد يقترح البرلمان رغبة معينة، وقد يوجه بعض أعضائه أسئلة أو استجوابات، وقد يصل ذلك إلى طرح الثقة بالوزير أو الحكومة(24) ومن بين الدساتير التي أخذت بهذا الحق الدستور المصري الذي منح مجلس الشعب الحق بتشكيل لجنة خاصة أو تكليف لجنة خاصة من لجانه بفحص إحدى المصالح الإدارية أوالمؤسسات العامة أو أي مشروع من المشروعات العامة، وذلك من أجل تقصي الحقائق وإبلاغ المجلس بحقيقة الأوضاع المالية أو الاقتصادية أو الإدارية( 25). فلسطينيا، منح القانون الأساسي الفلسطيني، المجلس التشريعي الحق في أن يكون لجنة خاصة، أو يكلف إحدى لجانه من أجل تقصي الحقائق في أي أمر عام، أو في إحدى الإدارات العامة(26). وكذلك النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني قد منح المجلس التشريعي من أن يشكل لجانا أخرى لأغراض آنية أو دائمة ولأهداف محددة(27) ويتيح العرف البرلماني للجنة التحقيق، فرصة دعوة أي شخص للإدلاء بشهادته ، وسماع من تجد ضرورة لسماعه، وعلى الجهات التنفيذية أو الإدارية أن تستجيب لطلباتها، وتقدم كل عون لذلك بأن تضع تحت تصرفها مباشرة سائر الوثائق والمستندات اللازمة لإنجاز المهمة(28) .

3. المسؤولية السياسية للحكومة وأعضائها
وهي إحدى أدوات الرقابة البرلمانية، وآخر وسيلة قد يلجأ إليها البرلمان، وبدون هذه الوسيلة تختفي إحدى أهم أدوات الرقابة الممنوحة للسلطة التشريعية لمواجهة السلطة التنفيذية ، وتشكل هذه الوسيلة تجسيدا للمسائلة السياسية للحكومة أمام البرلمان، والتي تعطيه صلاحية إجبارها، أو أحد أعضائها، على تقديم الاستقالة، أو اعتبارها مستقيلة بمجرد إقرار سحب الثقة منها(29). وفق نصوص القانون الناظم لها(30) والمسؤولية السياسية للحكومة تكون إما مسؤولية تضامنية جماعية أو مسؤولية فردية .

وتعد المسؤولية التضامنية للوزراء في النظام البرلماني إحدى أهم ملامحه الرئيسية، بل إنها تمثل جوهرة، بحيث إذا لم توجد المسؤولية التضامنية للوزراء لا نكون بصدد نظام برلماني ، والعكس صحيح(31). وهي تعني مسؤولية الحكومة بأكملها أمام البرلمان، بمعنى أنه إذا قام البرلمان بسحب الثقة من الحكومة، تعد تلك الحكومة و أعضاؤها مستقيلة حكما(32) وقد تكون مسؤولية فردية، فتعني أن كل عضو من أعضاء الحكومة مسؤول بمفرد ه، مسؤولية سياسية عن جميع التصرفات التي يتخذها في المسائل التي تخضع لموافقة هيئة الوزارة .

( التي يشغلها، ويستقل وحده بالتصرف فيها(33) وفي ذات الوقت أيضا، فإن كل عمل يصدر تعبيرا أو تطبيقا للسياسة المشتركة من شأنه أن يثير مسؤولية الوزراء الجماعية بالتضامن، إلا إذا تخلى رئيس الوزراء عن التضامن مع الوزير المسؤول، بالإعلان أن هذا الوزير قد تصرف خلافا للسياسة العامة للحكومة، وهنا يكون على الوزير وحده أن يستقيل بمفرده(34) ومن الدساتير البرلمانية التي أخذت بالمسؤولية الفردية للوزراء، الدستور المصري الذي منح مجلس الشعب الحق في سحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم، ويكون سحب الثقة تعبيرا عن تقصيره في تنفيذ السياسة الع امة للدولة في حدود وزارته(35). وقد ضمن كذلك القانون الأساسي الفلسطيني هذا الحق البرلماني المتعلق بسحب الثقة بالحكومة(36) .
4. الاستجواب
إن الاستجواب يعتبر من أخطر وسائل الرقابة الممنوحة للبرلمان للرقابة على الحكومة وأعضائها، لأنة يتضمن نقد واتهام للحكومة أو أحد أعضائها من الوزراء عن تصرف من التصرفات العامة، فهو يعني المحاسبة والاتهام بالخطأ والتقصير.
___________
1- متولي ، عبد الحميد ، عصفور ، سعد ، خليل ، محسن : القانون الدستوري والنظم السياسية . الإسكندرية : منشأة المعارف . دون ذكر السنة . ص 151.
2- فوزي، صلاح الدين: المحيط في النظم السياسية والقانون الدستوري. القاهرة: دار النهضة العربية . 1999 . ص .940
3- المادة ( 102 ) من الدستور المصري لسنة 1971 .
4- خليل، محسن: النظم السياسية والقانون الدستوري (النظام الدستوري في مصر والجمهورية العربية المتحدة). ج 2 الإسكندرية: منشأة المعارف. 1969 . ص 413
5- المادة ( 101 ) من الدستور المصري لسنة 1971 .
6- شلبي، إبراهيم: تطور النظم السياسية والدستورية. القاهرة: دار الفكر العربي. 1974 . ص 418 .
7- المادة ( 82 /1 ) من الدستور الأردني.
8- فكرى، فتحي: وجيز القانون البرلماني في مصر. مصر: دون ذكر الناشر. 2003 . ص 363
9- رأفت، وحيد، إبراهيم، وايت: القانون الدستوري. القاهرة: المطبعة العصرية. 1973 . ص 474 .
10- صبري، السيد: مبادئ القانون الدستوري. ط 4. القاهرة: المطبعة العالمية. 1949 . ص 614.
11- المادة ( 38 ) من الدستور المصري لسنة 1923.
12- عبد المتعال، علاء: حل البرلمان في الأنظمة الدستورية المقارنة. مصر: دار النهضة العربية. 2004 . ص 39 .
13- فهمي، مصطفى أبو زيد: الدستور المصري. القاهرة: دار النهضة العربية. 1985 . ص 485
14- عثمان، حسين عثمان محمد: القانون الدستوري. الإسكندرية: دار المطبوعات الجامعية. 2002. ص 418.
15- الشكرى، علي يوسف: مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية. ط 1. القاهرة: ايتراك للنشر والتوزيع. 2004 . ص 243 .
16- عصفور، سعد: النظام الدستوري المصري. الإسكندرية: منشأة المعارف. 1980 . ص 255 .
17- هوريو، أندريه: القانون الدستوري والمؤسسات السياسية. ج 1. ترجمة: علي مقلد، شفيق حداد، عبد الحسن سعد . بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع. 1974. ص 451.
18- زكي، سلام إيهاب: الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني. القاهرة: دون ذكر الناشر : 1983 . ص 29
19- فاضل، جيهان: دور السلطة التشريعية في الرقابة على الأموال العامة. القاهرة: دار النهضة العربية. ص 83 .
20- المادة (56/3) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005.
21- المادة ( 124 ) من الدستور المصري لسنة 1971
22- الصالح: عثمان عبد المالك: النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت. الكويت: 1989 . ص 714 .
23- ناصف ، عبد الله : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية : الكويت : دون ذكر الناشر . 1981 . ص 357
24- خليل، محسن: النظام الدستوري المصري. ج 2. مصر: دار الجامعة الجديدة للنشر . 1988 . ص 762 المادة (131) من الدستور المصري لسنة 1971 .
25- المادة ( 58 ) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 .
26- المادة ( 48 ) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني.
27- المادة ( 48 ) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني.
28- يمكن الاستناد هنا إلى صريح نص المادة ( 57 ) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي، والتي أعطت الحق للجان من خلال رؤسائها، أن تطلب من أي وزير أو مسؤول في مؤسسات الس لطة الوطنية معلومات أو ايضاحاتا تتعلق بالموضوعات المطروحة عليها، أو التي تدخل ضمن اختصاصها.
29- الذنيبات، محمد جمال: النظم السياسية والقانون الدستوري. عمان: الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع دون ذكر سنة الطبع. ص 149
30- في الحالة الفلسطينية، يترتب على قرار سحب الثقة من الحكومة أو عن رئيسها أو ثلث أعضائها إعتبار تلك الحكومة مستقيلة، المادة ( 83 ). من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 ، وقد نصت المادة ( 74 ) من القانون الأساسي الفلسطيني على المسؤولية السياسية الجماعية والفردية للوزراء أمام البرلمان، كذلك فقد نظمت المادة ( 127 ) من الدستور المصري لسنة 1971 المسؤولية السياسية الجماعية، وأحاطتها بضمانات وشروط عديدة.
31- زكي، سلام إيهاب: مرجع سبق ذكره. ص 153 .
32- ساري، جورجي شفيق ساري: أصول و أحكام القانون الدستوري. ط 4. القاهرة: دار النهضة العربية . 2002 ص .1013
33- العواملة، منصور صالح: الوسيط في النظم السياسية. عمان: المركز العربي للخدمات الطلابية. ص 175 .
34- تقرير: دور المجلس التشريعي الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية المتعلقة بالقضاء : المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء ” مساواة “. 2003 . ص 56
35- المادة ( 126 ) من الدستور المصري لسنة 1971 .
36- المادة ( 57 ) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005