مقال قانوني يشرح مدى قابلية الشرط الجزائي للتجزئة .

نظراً للارتباط الوثيق بين استحقاق الشرط الجزائي، وبين تنفيذ الالتزام الأصلي، ونظراً لأن المحل في الشرط الجزائي يمكن أن يكون شيئاً آخر غير النقود فإن مسألة القابلية أو عدم القابلية للتجزئة تأخذ أبعادها.

ولا تثير هذه المسألة أية إشكالات، عندما يكون الشرط الجزائي بين دائن واحد، ومدين واحد، حيث يقترف الخطأ الموجب لاستحقاق الجزاء المشروط شخص واحد هو المدين ويستفيد من إيقاعه شخص واحد هو الدائن.

ولكن المسألة تخلف عدداً من المشاكل، عندما يكون أمام الدائن عدد من المدينين، أو أمام المدين عدد من الدائنين، وينشأ هذا الوضع عند نشوء الالتزام، أو بعد نشوئه وقبل تنفيذه، بأن يموت الدائن أو المدين، ويترك ورثة متعددة، أو بأن يحول الدائن أو المدين جزءاً من الدين، إلى محال له أو محال عليه. (السنهوري – صـ 1048)

لذا يتعين التصدي لما عسى أن تخلفه هذه الحالة من مواقف حتى يؤدي الشرط الجزائي مهمته كضمان لتنفيذ الاتفاق. وذلك على النحو التالي

حالة الالتزام الأصلي القابل للتجزئة:

لا تثير هذه الحالة أية مشاكل، فإذا كان الالتزام الأصلي القابل للتجزئة قد أبرم تحت شرط جزائي، فإن الأخير لا يستحق إلا على من خالف هذا الالتزام وفيما يتعلق فقط بنصيبه في الالتزام الأصلي، ولا مسئولية على من قاموا بالتنفيذ.

وهذا يعتبر تطبيقاً للمبدأ المعتمد والذي يقضي بأن الدائن ليس له حق بكامل المبلغ، عندما يكون تنفيذ الالتزام الأصلي جزئياً يشكل نفعاً له.

فإذا التزم المدين بدين قابل للتجزئة، وتوفى تاركاً عدداً من الورثة، فإن الالتزام الذي كان سينفذ بين مورثهم والدائن سيتم بينهم وبين الدائن باعتبارهم خلفاً عاماً، ولا يلتزم كل منهم إلا بمقدار نصيبه وحصته في الميراث، فإذا قام أحدهم بمخالفة الالتزام فإن المسئولية تقع على عاتقه وحده، ولكن نظراً إلى أن الالتزام الأصلي هنا قابل للتجزئة، فإن هذا الوارث المخالف لن يلتزم إلا بجزء من الجزاء المقابل لحصته التي كان ملتزماً بها بصفته ممثلاً للمدين المتوفى، ولا دعوى للدائن، تنشأ قبل الورثة الذين نفذوا التزاماتهم أو برأت ذمتهم لوجود سبب أجنبي لا يد لهم فيه.

وكذلك في حالة ما إذا خالف هذا الالتزام وارثان أو أكثر، فلا يلتزمون بدفع الجزاء أيضاً إلا بالنسبة لنصيبهم ولا تضامن بينهم، فالدائن يلتزم بأن يطالب كل بحصته.([32])

حالة الالتزام الأصلي الغير قابل للتجزئة:

يكون الالتزام غير قابل للتجزئة إذا فرضت ذلك طبيعة الالتزام سواء كانت مطلقة أو نسبية، وإذا اقتضت ذلك نية الطرفين سواء كانت صريحة أو ضمنية، ويختلف الأمر بحسب التعدد في طرف الالتزام غير القابل للتجزئة المدينين أو الدائنين:

عدم القابلية للتجزئة عند تعدد المدينين:

عدم القابلية للتجزئة هنا ترتب أن يكون كل مدين ملزماً بوفاء الدين كاملاً، ومن حق المدين الذي وفى الدين الرجوع على الباقين كل بقدر حصته، وهذا ما ذهبت إليه المادة 301 من القانون المدني المصري في حكم عام بقولها: “إذا تعدد المدينون في التزام غير قابل للانقسام كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملاً … وللمدين الذي وفى بالدين حق الرجوع على الباقين كل بقدر حصته إلا إذا تبين من الظروف غير ذلك”.

ولا يختلف الوضع عند تعدد المخالفين من بين المدينين في الالتزام غير قابل للتجزئة.

وكذلك الحال إذا كان الالتزام تضامنياً فيستحق الشرط الجزائي بالتضامن من كافة المدينين.

وإذا حصل الدائن على الجزاء من أحدهم، فليس له أن يطالب به من مخالف آخر. وفي هذه الحالة إذا دفع المخالف، فله أن يرجع على باقي المخالفين.([33])

عدم القابلية للتجزئة عند تعدد الدائنين:

في حالة تعدد المدينين في التزام غير قابل للتجزئة، يستحق الشرط الجزائي لصالح الدائن ضحية المخالفة، أما الباقون فلم يلحقهم أي ضرر، وبالتالي فلا وجه لمطالبتهم بالمبلغ المتفق عليه بصفة جزاء.

والجزاء يوقع بقدر حصة الدائن قبل من لم ينفذ الالتزام الأصلي ولمصلحته هو لأن القول بغير هذا يستتبع أن يحصل هذا الدائن على الجزاء كله في وقت لا يتعلق حقه إلا بجزء من هذا الجزاء فقط، وفي هذا إثراء لهذا الدائن بدون وجه حق.([34])

قابلية أو عدم قابلية الشرط الجزائي للتجزئة:

قابلية الشرط الجزائي للتجزئة لا تثير أية مشكلة وهي الحالة العامة والغالبة عليه إذ يتمثل في الأغلب مبلغاً نقدياً.

أما المشكلة فتثور عندما يكون غير قابل للتجزئة، فإذا كنا بصدد التزام أصلي قابل للتجزئة، يتبعه شرط جزائي غير قابل للتجزئة، فطبقاً للقواعد العامة، فيلتزم المدين المخالف للالتزام الأصلي القابل للتجزئة بدفع كامل الجزاء للدائن، وبما أن الالتزام الأصلي قابل للتجزئة فلا يجوز مقاضاة المدينين الذين وفوا بالتزاماتهم، لسداد الشرط الجزائي.([35])

وقد يكون للمدين المخالف في هذا الحالة الرجوع على الدائن الذي يكون قد نال أكثر مما له سواء على أساس الإثراء بلا سبب أو حتى طلب تخفيض التعويض في هذه الحالة باعتبار أن الدائن لم يصبه ضرر أو أن مبلغ التعويض هنا يكون مبالغاً فيه إلى حد كبير.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .