الكلمة هي سلاح المحامي والمحامية التي يرمي بها، يشاركها اشارات وحركات يشير بها المترافع قصدا أو بغير قصد فحينا يستخدم اللّغة المنطوقة , وحينا يبثّ في الأوراق مشاعره , ويخطّ مالا ينطقه بلسانه , فيترك لقلمه العنان ليعبّر عن خلجات نفسه.

وحيناً أخرى هو يرسل بجسده كلاماً غير منطوق يتجاوز في بلاغته ما قاله , أو خطته يمناه. كما يرسل بنظرات عيونه رسائل شجن , أو عتب , أو رفض وصدود.

أيضاً تحكي ذراعاه , وهي تشير بعيداً عن عواطفه , حالته الشعورية التي سكنت أعماق قلبه.

ويرسم مع مرور الأيام على وجهه خريطة مشاعره , فتبقى ذاكرة العضلات لديه شاهدة عليها , فكثيرا ما نرى من يضحك , ويبتسم ولكن بين عينيه خطوط غائرة إذا سكنت تعابير وجهه عادت للظهور.

اللغة الصامتة لا تكذب , وإنْ حاولنا قمع مشاعرنا , أو تحويرها ، لأنّ الجسد يتخلص من تلك المشاعر على هيئة لفتات , وإيماءات تخرج منا خلسة دون أن نشعر , لتحكي حقيقة مشاعرنا.

اللغة الصامتة استخدمها زكريا عليه السلام بأمر من ربه، حيث جعل فعله آية، حين استمر يخاطب الناس رمزاً وإيماءات لثلاثة أيام.

((قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)) آل عمران(41(
وهذه أبرز القواعد التي سطرها الكتاب في هذا المجال والمفيدة في المحاماة ومنها:

قواعد اللغة الصامتة

القاعدة الأولى:

قبل قراءة لغة جسد إنسان ابحث عن ( خط الأساس) لتتمكن من التفريق بين الإيماءات التي هي عادة لدى الشخص , وبين الإيماءات الدالة على حالة شعورية معينة, أو ردة فعل لحظية لموقف طارئ.

والإيماء: هي حركة , أو لفتة تصدر من الشخص تحوي دلالة معينة تعبر عن حالة شعورية, مثل لمس الوجه , قرص الأنف أو الأذن , تشبيك الذراعين….. وغيرها.

أما خط الأساس: هو تصرفات الشخص في الوضع الآمن , بدون أي ضغوط نفسية , أو خارجية عليه، قد نجد شخصاً دائماً ما يقوم بحركة لمس الأنف عند الحديث ،حينها نقول أن خط أساسه يعبر عن شخصية متوترة بعد استبعاد العارض الصحي طبعاً.

ويتم رصد خط الأساس من خلال مشاهدة مقاطع حية , أو صور متعددة للشخص في مواقف مختلفة . إذا ما تكررت الإيماءة , فهي خط الأساس لشخصيته.

القاعدة الثانية:

عند تفسير لغة الجسد نستبعد العارض الصحي للشخص , بالتأكد أنّ تلك الإيماءات الصادرة , ليست عرضاً لمرض يعاني منه الشخص.

القاعدة الثالثة:

اقرأ الإيماءات في سياقها , مع الأخذ بالاعتبار الحالة الشعورية للشخص عند قيامه بالإيماءة , والوضع الذي حدثت فيه , والظروف المحيطة , فلكل فعل ردة فعل تظهر من خلال إيماءات الجسد.

القاعدة الرابعة:

ابحث عن التوافق بين الكلام المنطوق , واللغة الصامتة . فإذا تناقض الكلام مع لغة الجسد حينها صدّق لغة الجسد.

القاعدة الخامسة:

لقراءة جيدة للغة الجسد ابحث عن ( عنقود الإيماءات) الدالة على الحالة الشعورية.

وعنقود ا لإيماءات: هو مصطلح يطلق على ( ما لا يقل عن 3 – 5 ) من الإيماءات المتجانسة ، التي تدل على معنى واحد أو حالة شعورية معينة.

القاعدة السادسة:

من ينظرون للآخرين وهم يتحدثون يكتسبون مصداقية أكثر فاحرص عند الترافع النظر للقاضي في أغلب حديثك ، فلتحقيق تواصل إيجابي أفضل ، تواصل مع من تتحدث معه بصرياً أكثر الوقت بنظرات غير محدقة.

وتجنب التبسم في غير محله فلكل مقام مقال ومن علامات الإبتسامة الصادقة:

علامات الابتسامة الصادقة :

1-عيون مغلقة قليلاً ( شبه مغمضة).
2-ظهور تجاعيد بجانب العين وتسمى أقدام الغراب في لغة الجسد .
3-ظهور انتفاخ بسيط تحت العينين.
4-اختفاء الأسنان السفلية.
5-تناظر جانبي الوجه.

القاعدة السابعة :

أيدينا أجهزة ارسال رائعة , وقوية لنقل عواطفنا , وأفكارنا , لتكشف مدى رفاهيتنا أو إجهادنا ، واحذر أن تخذلك إيماءات يديك ، فكن متيقظاً لإشارات أيدي الآخرين لتعرف مشاعرهم ، وينبغي عدم تكتيّف ذراعيك كثيراً حتى لا تعبّر عن عدوانية غير مقصودة ، كما أن وضعية يديك تكشف خضوعك أو ثقتك أو غرورك فعلى ذلك اطلق يديك ولا تجعلها حبيسة جيوبك . ولا تشبّكها وأنت تتحدث , أو تستمع للآخرين. فعبّر عن قبولك , وتواصلك مع الأخرين بانفتاح يديك , واسترخائهما بجانبك دون تكّلف.

القاعدة الثامنة :

الواثقون من أنفسهم يستخدمون إيماءة البرج عند الإستماع أو التحدث بإعتدال وتعتبر إيماءة البرج سلاح ذو حدين , يجب استخدامها بإعتدال , عند التحدث أو الإستماع حتى لا تعبّر عن شخصية متسلطة أو ثقة زائفة.

القاعدة التاسعة :

يقابل إيماءات الألفا ( الثقة بالنفس ) إيماءات البيتا ( انخفاض الثقة بالنفس) إيماءات الثقة بالنفس أو ما يسمى ( الألفا) . تبدأ من العقل ثم تنعكس على أجسادنا في إيماءات , تظهر مستوى ما نحن عليه من ثقة , مع ملاحظة أنّ هناك شعرة بسيطة بين إيماءات الثقة وإيماءات الغطرسة والتسلط فإذا أردت أن تظهر بمظهر الواثق من نفسك . عليك أولاَ أن تبدأ بتغيير أفكارك حول ذاتك نحو الأفضل . فتقدير ذاتك يجعل لغة جسدك إيجابية وقد أكدت الباحثة ( إيمي كادي) من مدرسة ( هارفارد) للأعمال أنّ الوقوف بأكتاف إلى الوراء مع استقامة الظهر والنظر للأمام باعتدال لمدة خمس دقائق، يمكن أن تزيد من هرمون التستوستيرون المنتج للطاقة , وخفض هرمون التوتر. مما يشعر الشخص بالثقة والقوة .

هذه بعض القواعد الأساسية في تحليل لغة من تقابل في المحكمة من مدعي أو مدعى عليه ونحوهما ، والله الموفق .

المحامي د. عبدالكريم بن إبراهيم العريني

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .