يكون الفرد منعدم الجنسية إذا لم يثبت له أي جنسية سواء في وقت الميلاد أو في ميعاد لاحق للميلاد .

أسباب انعدام الجنسية :

إن انعدام الجنسية قد يلحق الشخص (كما في تعدد الجنسية) فور ميلاده أو في تاريخ لاحق لميلاده والأسباب المعاصرة للميلاد يأتي في مقدمتها عدم وجود تنسيق شامل بين تشريعات الدول فيما يتعلق بالجنسية ، حيث إن كل دولة تستقل في وضعها التشريع الخاص بالجنسية (كما هو الحال في الأسباب المعاصرة لتعدد الجنسية) وهذا يؤدي إلى اختلاف الدول في الأسس التي تحدد فيها فرض جنسيتها الأصلية ، مثال ذلك : أن يولد طفل لأب عديم الجنسية أو مجهولها على إقليم دولة لا تأخذ بحق الإقليم ، ففي هذه الحالة لا تثبت له جنسية ، وكذلك أن يولد الطفل لوالدين تأخذ دولتهما بحق الإقليم ، في إقليم دولة تأخذ بحق الدم لغرض الجنسية ، فالطفل هنا يولد عديم الجنسية لعدم حصوله على جنسية والديه ، كما انه لم يحصل على جنسية الدولة التي ولد على إقليمها ، أما الأسباب اللاحقة على الميلاد فإنها تتحقق بصفة عامة في جميع الفروض التي يفقد فيها الشخص جنسيته دون أن يتمكن من اكتساب جنسية دولة أخرى ، كمن يتجنس بجنسية دولة معينة ثم سحبت منه هذه الجنسية أو أسقطت دون أن يكون قد عاد إلى جنسيته السابقة فيصبح عديم الجنسية ، وكذلك يتحقق في حالة زواج المرأة الوطنية بأجنبي وكان قانونها الوطني يقضي بفقدها جنسيتها كأثر مباشر للزواج ، في الوقت الذي لا يكسبها قانون دولة الزوج جنسيته(1) .

مساوئ انعدام الجنسية :

إن انعدام الجنسية أمر خطير بالنسبة للفرد ، إذ يترتب عليه حرمان الفرد من كل مزايا الجنسية ويعتبر الفرد عديم الجنسية أجنبيا في نظر الدول جميعا فهو لا يتمتع بحق الحماية الدبلوماسية لأية دولة ، ولا يعتبر مواطنا ولا يتمتع بالحقوق الخاصة بالوطنيين ، ويمكن إبعاده عن أي دولة يحل بها ، وكذلك من مساوئ انعدام الجنسية هي مشكلة البحث عن مأوى يتوطن فيه فهو لا يتمتع بحق الإقامة في أية دولة ، وكذلك يثير مشكلة مهمة في مجال تنازع القوانين وهي تحديد القانون الذي يحكم مسائل الأموال الشخصية بالنسبة للدول التي تخضع هذه المسائل لقانون الجنسية (2) .

تلافي ظاهرة انعدام الجنسية :

هنالك بعض الوسائل الوقائية لتلافي ظاهرة انعدام الجنسية ، فذهب البعض إلى القول بالأخذ بفكرة التقادم المكسب بمعنى انه يحق لمن يقيم في إقليم دولة خلال مدة معينة اكتساب جنسية هذه الدولة ، وهذه الفكرة ليست وسيلة لتلافي نشوء ظاهرة انعدام الجنسية بقدر ما هي وسيلة لعلاج المشكلة بعد نشوئها ثم إنها تتوقف على موقف الدولة التي يقيم فيها عديم الجنسية طالما أن مسائل تنظيم الجنسية تدخل ضمن السلطة التقديرية للدولة وللوصول إلى حل هذه المشكلة في مرحلة نشوئها ابتداء ، ذهب البعض إلى القول بأنه يتعين على الدول أن تتحاشى سحب جنسيتها أو إسقاطها عن الوطني على قدر الإمكان وان تعلق فقد جنسيتها على دخول الوطني في جنسية أجنبية بالفعل(3) .

علاج مشكلة انعدام الجنسية :

نادى بعض الفقه بضرورة عدم التجاء الدول إلى إجراء الإبعاد بالنسبة لعديم الجنسية نظرا لعدم وجود دولة أخرى تقبله ، غير أن هذا النداء لم يلق آذاناً صاغية من الدول فما زالت الدول تمعن في إبعاد عديمي الجنسية ، وذهب البعض لعلاج مشكلة انعدام الجنسية إلى القول بأنه يقتضي على كل دولة أن تفرض جنسيتها على عديم الجنسية المقيم أو (المتوطن) على إقليمها ما دام أن هذا الفرض لا يؤثر في حقوق الدول الأخرى(4) .

أما بالنسبة لمسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على عديم الجنسية :

فقد اختلف الفقه بالنسبة لعلاج مشكلة البحث عن أكثر القوانين صلة بعديم الجنسية ليقوم مقام قانون الجنسية بالنسبة له ، فذهب اتجاه إلى تطبيق قانون آخر دولة كان يتمتع بجنسيتها ، ولكن هذا الاتجاه لم يسلم من النقد ، حيث يفترض هذا الرأي أن عديم الجنسية كان يتمتع بجنسية ثم فقدها وهو ما لا يمكن الاستناد إليه حينما يكون الفرد عديم الجنسية منذ ميلاده ، وذهب اتجاه ثانٍ إلى القول بتطبيق قانون القاضي على أساس عدم وجود تنازع قوانين في هذه الحالة ، ولكن هذا الاتجاه تعرض للنقد ، لأنه قد يكون قانون القاضي منعدم الصلة بالمسألة المطروحة فليس ثمة ما يبرر تطبيق قانونه(5) .والرأي الراجح هو تطبيق قانون الدولة التي يكون الشخص أكثر ارتباطا بها من غيرها ويتحدد ذلك على أساس الموطن ، أما في حالة عدم توطن عديم الجنسية في دولة معينة فيطبق قانون الدولة التي يقيم فيها عادة ، فان لم يكن ، فيعتد بدولة الإقامة الحالية لعديم الجنسية(6). ونصت الفقرة 1 / من المادة 33 من القانون المدني العراقي على انه (يعين القاضي القانون الذي يجب تطبيقه في حالة الأشخاص الذين لا تعرف لهم جنسية ، أو الذين تثبت لهم جنسيات متعددة في وقت واحد) ، وترك المشرع المصري للقاضي مهمة تحديد القانون الواجب التطبيق على عديم الجنسية في نص المادة (25) في القانون المدني المصري على انه (القاضي يعتد في الغالب بقانون موطن الشخص أو محل إقامته عند تعين القانون الواجب تطبيقه على الذين لا يعرف لهم جنسية) ، ونفس المبدأ نصت عليه المادة (26) في القانون الأردني بالقول (تعين المحكمة القانون الذي يجب تطبيقه في حالة مجهولي الجنسية) .

_________________________

[1]- د.احمد مسلم ، الموجز في القانون الدولي الخاص المقارن في مصر ولبنان ، دار النهضة العربية بيروت ، ص54 .

2- د.عوض الله شيبه ، مصدر سابق ، ص113 .

3- د.إبراهيم احمد إبراهيم ،مصدر سابق ، ص260 .

4- د.جابر إبراهيم الراوي ، مبادئ القانون الدولي الخاص في الموطن ، مصدر سابق ، ص 48 وحاولت اتفاقية لاهاي لعام 1930 علاج مشكلة البحث عن مأوى لعديم الجنسية ، فنصت (المادة الأولى) من البروتوكول الخاص بانعدام الجنسية على (إذا فقد شخص جنسيته بعد دخوله في بلد أجنبي دون أن يحصل على جنسية أخرى يتعين على الدولة التي كان متمتعا بجنسيتها قبل الفقدان ، تقبله بناء على طلب الدولة التي يقيم فيها في الحالتين الآتيتين :

الأولى: أن يكون هذا الشخص في حالة فقر مستمر بسبب مرض غير قابل للشفاء أو لأي سبب آخر.

الثانية: إذا حكم على الشخص في البلد الذي يقيم فيه بعقوبة الحبس مدة شهر على الأقل سواء نفذ هذه العقوبة أو اعفي عنها أو جزء منها) .

5- د.عوض الله شيبه، مصدر سابق ، ص116.

6- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي، مصدر سابق ، ص196.

المؤلف : ريا سامي سعيد الصفار
الكتاب أو المصدر : دور الموطن في الجنسية
الجزء والصفحة : ص82-85

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .