حقيقة الارتباط بين الازدواجية والحياد في قواعد الإسناد

المؤلف : ميثم فليح حسن
الكتاب أو المصدر : طبيعة قواعد الاسناد
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

أن ضابط الإسناد يجيء دائما مجرداً، لا يحدد قانون دولة معينة بالذات ليكون هو الواجب التطبيق، بل هو يرشد وحسبْ إلى وجوب تطبيق قانون الدولة التي تتركز فيها العلاقة محل النزاع وتبدو انها وثيقة الصلة بها أياً كانت تلك الدولة. هذا ولمّا كان ضابط الإسناد هو الركن الجوهري في قاعدة الإسناد وعن طريقه تنهض هذه القاعدة بوظيفتها، لذا فان طابع التجريد في ضابط الإسناد يجعل قاعدة الإسناد ذاتها تكتسب خصيصة التجريد.

وهذا يعني ان قواعد الإسناد لا تختار قانون دولة مسماة أو معينة بالذات بالنظر إلى مضمون أحكام ذلك القانون وقواعده الموضوعية ليبين النظام القانوني للعلاقة محل النزاع، أو بمعنى آخر انها لا تحدد مسبقاً الدولة التي ينتمي إليها القانون الواجب التطبيق(1)، بل تكتفي بالربط بشكل مجرد بين طائفة من العلاقات ذات الطابع الدولي وأحد القوانين التي تتصل بتلك العلاقات وتبدي قابليتها لحكمها، وذلك بالاستناد إلى معايير مجردة تبينها ضوابط الإسناد في هذه القواعد كالجنسية أو الموطن أو مكان وجود المال وغيرها. فهي تنص فقط على ان تلك الطائفة من العلاقات يحكمها القانون الذي يرتبط بالعنصر الأساسي فيها. وهذا ما يَبرز بشكل واضح في النصوص التي تتضمن قواعد الإسناد في التشريعات المختلفة والتي تأتي متوافقة مع الطابع المجرد الذي تتسم به تلك القواعد. فنرى النص في التشريع العراقي يأتي بطابعه المجرد ليقرر مثلاً ان (الأهلية يسري عليها قانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته) (2)، بدلاً من أنْ يقول مثلاً “يسري على أهلية العراقيين القانون العراقي”، أو يقرر النص أن (المسائل الخاصة بالملكية والحيازة والحقوق العينية الأخرى .. يسري عليها قانون الموقع فيما يختص بالعقار …) (3)، بدلاً من أن يقرر مثلاً ان المسائل المذكورة “يسري عليها القانون العراقي فيما يختص بالعقار الكائن بالعراق”.

أو بتعبير آخر إن قواعد الإسناد، مثلها مثل القواعد القانونية الأخرى والتي لا يُعرف سلفاً لأيٍّ منها على أيِّ فردٍ من الناس بذاته سوف تنطبق إلا بعد قيام نزاع محدد العناصر ومعين الوقائع، فكذا قواعد الإسناد، إذ إنها لا تحدد قانون إحدى الدول بالاسم ما لم ينهض أمام القضاء نزاع معين بشأن علاقة ذات عنصر أجنبي. فالتجريد في قواعد الإسناد يكمن في أن هذه القواعد تحدد بنفس الطريقة واستناداً إلى ذات المعيار نطاق تطبيق القانون الأجنبي على قدم المساواة مع نطاق تطبيق القانون الوطني(4).

فقاعدة الإسناد التي تُخضِع الأهلية، مثلاً، لقانون جنسية الشخص، أو تلك التي تُخضع الإلتزامات التعاقدية لقانون الإرادة، أو تخضع شكل العقود لقانون مكان الإبرام لا تسمي قانون دولة معينة بالذات، ذلك ان ضابط الإسناد، بما له من طابع مجرد، لا يسمح مسبقاً بهذا التعيين، لذا فانه لا يمكن عملياً معرفة هذه الدولة إلا بعد قيام نزاع معين بشأن إحدى العلاقات موضوع الإسناد وعرضه على القضاء(5).

فإذا كان الشخص الذي ثار الخلاف بشأن أهليته فرنسي الجنسية، مثلاً، خضعت أهليته للقانون الفرنسي، وإذا كان انكليزياً خضعت أهليته للقانون الانكليزي. وكذلك فيما لو اتجهت إرادة المتعاقدين في العقد الدولي إلى تطبيق القانون الفرنسي، إذ يتحول قانون الإرادة عند ذاك إلى قانون مسمى محدد. وذات الأمر فيما لو كانت المسألة محل النزاع تتعلق بشكل العقد، فان تطبيق قانون الدولة التي تم فيها إبرام العقد، وقد أصبح هذا القانون عند الإبرام قانوناً معيناً، يأتي بالاستناد إلى إعمال ضابط الإسناد المجرد، وهو مكان الإبرام، وإذا تغير هذا المكان إلى أية دولة أخرى فان نفس الضابط المجرد سيقود إلى تطبيق قانون تلك الدولة أياً كانت هويتها. ولذلك يكون من الضروري تحليل العلاقة مثار النزاع على أساس موضوعي لمعرفة النظام القانوني الذي ترتبط به بأوثق صلة، أي النظام الذي تتصل به العناصر الأساسية لهذه العلاقة، وهو ما يحقق التوزيع الموضوعي المتناسق للصلاحيات. وطابع التجريد الذي تتسم به قواعد الإسناد ربما يقود إلى الاعتقاد بأن واضع هذه القواعد لحظة خلقها يكون محايداً، فلا ينطلق من اعتبارات مسبقة ودوافع خاصة في اختيار احد ضوابط الإسناد وتضمينه قاعدة الإسناد من دون غيره من الضوابط الأخرى، إلا أن حقيقة الأمر لا تتطابق تماماً مع هذا الاعتقاد. فالواقع ان المشرع، وكذلك القاضي في الدول التي ينهض فيها القضاء بصياغة قواعد الإسناد، يحاول عند اختياره لأحد ضوابط الإسناد أن يستجيب في هذا الاختيار إلى مصالح مختلفة ومتنوعة وأن يوفق بينها جميعاً(6). فقد يكون اختيار ضابط الإسناد بقصد تحقيق المصالح الخاصة للأفراد أشخاص العلاقة ذات العنصر الأجنبي، أو مراعاةً لاعتبارات تحقيق الاستقرار والأمان القانوني لتلك العلاقة، وهذا ما يظهر في اختيار ضابط إرادة الأطراف في عقود التجارة الدولية أو ضابط محل الإبرام في مجال شكل تلك العقود(7).

أو قد يأتي ضابط الإسناد لأجل حماية المصالح العليا للمجتمع الوطني، وهو ما يبدو جلياً في قاعدة الإسناد الخاصة بمسائل الأحوال الشخصية، إذ يغلب أنْ يتخذ منظم هذه القاعدة من الجنسية ضابطاً لتحديد القانون الواجب التطبيق إذا كانت دولته مُصَدّرةً للسكان وذلك بغيةٍ بقاء مواطنيها مرتبطين بها حتى في علاقاتهم التي تتم خارج الحدود الوطنية، في حين يتبنى ضابط الموطن إذا كانت دولته مستوردة للسكان، وذلك حتى تستطيع هذه الدولة أن تفرض سلطانها على الأجانب الموجودين على إقليمها تمهيداً لدمجهم في المجتمع الوطني(8). وقد يتم اختيار ضابط الإسناد على أساس استجابته للمصالح العامة للمجتمع الدولي، ويكون ذلك من خلال تحقيق التعاون القانوني بين الأنظمة القانونية للدول المختلفة.

كما في اختيار ضابط موقع المال الذي يستجيب للواقعية في فض تنازع القوانين، ولاعتبارات سيادة الدول على ما يوجد على أقاليمها من أموال(9). أو قد تكون تلك الاستجابة عن طريق تيسير حركة الأفراد عبر الحدود ونمو نشاط التجارة الدولية، وهو ما يحققه كذلك ضابط الإرادة في قواعد الإسناد الخاصة بالعقود الدولية، كما قد يكون ذلك من خلال التيسير على الأفراد في معاملاتهم المالية كهدف يبتغيه واضع قاعدة الإسناد من وراء اتخاذه ضوابط إسناد تخييرية، كإخضاع شكل العقود الدولية مثلاً لقانون بلد الإبرام أو قانون الموطن المشترك أو قانون الموضوع(10).

وفي سبيل تحقيق تلك المصالح كثيراً ما يلجأ واضع قاعدة الإسناد إلى اتباع أساليب فنية معينة تمكنه من تحقيقها والوصول إلى ما يهدف إليه من تصوره للحل العادل بشأن النزاعات المرتبطة بالعلاقات الخاصة الدولية وتوفير الأمان القانوني لتلك العلاقات. ومن هذه الأساليب أسلوب الإسناد البسيط وأسلوب الإسناد المركب، وقد يأتي هذا الأسلوب الأخير في صور متعددة منها الإسناد الجامع ومنها الإسناد التخييري وغير ذلك من أساليب الإسناد(11).

وجميع هذه الأساليب التي يعتمدها واضع قواعد الإسناد توحي بأن القصد من وضع تلك القواعد إنما هو تحقيق أهداف موضوعية أو مادية محددة يبتغيها واضع القاعدة ويروم الوصول إليها من خلال اختياره لأسلوب معين من أساليب الإسناد وإعراضه عن الأساليب الأخرى، وهو الأمر الذي ربما يحيد بقواعد الإسناد عن طابعها المجرد الذي لا بد لها أن تتصف به كقواعد قانونية، وهذا ما يتضح لنا من عرض الأساليب المذكورة وبيان مقاصيدها. فأسلوب الإسناد البسيط هو أسلوب تشتمل فيه قاعدة الإسناد على ضابط إسناد واحد يشير إلى قانون واحد ليحكم المسألة موضوع القاعدة بمختلف جوانبها. ومثاله ما جاء في المادة 19/2 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951 والتي تنص على أن (… يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة للمال)(12).

أما أسلوب الإسناد المركب فيمكن فيه أن تشتمل قاعدة الإسناد على ضابط إسناد واحد يشير باختصاص أكثر من قانون، أو أن تشتمل على أكثر من ضباط إسناد. وتتحقق الحالة الأولى في صورتين، الأولى تتجسد في تضمين قاعدة الإسناد ضابط إسناد واحد يشير باختصاص أكثر من قانون بحيث يطبق كل منها على حدة على كل طرف من أطراف العلاقة أو على كل مسألة من المسائل المعروضة، وهذا يعرف بالإسناد الموزع، كما في نص المادة 19/1 من القانون المدني العراقي الذي تَقرر فيه أن (يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين) (13).

إذ ان من مقتضى هذا النص، في حالة اختلاف جنسية الطرفين، أن يُطبق على كل واحد منهما قانون دولته للتأكد من توفر كل الشروط الموضوعية اللازمة لصحة إبرام الزواج في ذلك القانون(14).

والصورة الثانية تتحقق على عكس الأولى، حيث يشير ضابط الإسناد الوحيد باختصاص أكثر من قانون بحيث تطبق جميع تلك القوانين في آنٍ واحد على المسألة محل النزاع، وهو ما يُعرف بالإسناد الجامع، ومن أمثلته تطبيق نص المادة 19/1 المشار إليها بالنسبة لموانع الزواج كالقرابة المحرمية واختلاف الدين بالنسبة للمرأة المسلمة، أو اختلاف المذهب كما في مذهبي الكاثوليك والارثوذكس، فحيث ان وجود أي مانع من هذه الموانع في قانون أي من الطرفين يمنع إبرام الزواج، لذلك يتم تطبيق قانون كل منهما على الآخر للتأكد من عدم وجود أحد تلك الموانع(15).

أما الحالة الثانية من حالتي الإسناد المركب فهي ما يسمى بالإسناد التخييري، وهي تتحقق حين تشتمل قاعدة الإسناد على أكثر من ضابط إسناد تشير باختصاص أكثر من قانون، على ان يتم اختيار أحدها ليطبق على المسألة مثار النزاع. ولهذه الحالة ثلاثة تطبيقات، أولها أن توضع ضوابط الإسناد على نحوٍ متساو ويتم الاختيار بينها. ومثاله ما جاء في الشطر الثاني من المادة 19/1 من القانون المدني العراقي، إذ بعد أن تحدثت المادة في شطرها الأول عن إسناد المسائل الخاصة بالشروط الموضوعية لصحة الزواج، أردفت ذلك بالقول (… أما من حيث الشكل فيعتبر صحيحاً الزواج ما بين أجنبيين أو ما بين أجنبي وعراقي إذا عقد وفقاً للشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه أو إذا روعيت فيه الأشكال التي قررها قانون كل من الزوجين)، فهذا النص يقرر أن الزواج يعتبر صحيحاً من حيث الشكل متى انعقد مستوفياً للشروط التي يستلزمها أي قانون من هذه القوانين الثلاثة(16).

وثاني تلك التطبيقات انْ توضع ضوابط الإسناد على سبيل التدرج، بحيث يُطبق ضابط الإسناد الرئيس، فإنْ انعدم يصار إلى تطبيق ضوابط الإسناد الاحتياطية الواردة بقاعدة الإسناد. ومنه ما جاء في المادة 25/1 من القانون المدني العراقي، إذ قررت أن (يسري على الإلتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً، فإذا اختلفا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد. هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف ان قانوناً آخر يراد تطبيقه) (17).

والتطبيق الثالث من تطبيقات الإسناد التخييري هو الذي يجري فيه وضع ضوابط الإسناد في تجاور، على أن يتم تطبيق أحد القوانين التي ترشد إليها تلك الضوابط بالنظر إلى مضمون ذلك القانون والحل الذي يقدمه للمسألة موضوع قاعدة الإسناد، ويُترك أمر اختيار القانون الواجب التطبيق لأحد أطراف العلاقة أو لكليهما، أو أن يترك للقاضي فيكون له أن يطبق أكثر تلك القوانين تحقيقاً لغاية الإسناد وحكمته. ومثال ذلك ما تقضي به المادة 311/18 من القانون المدني الفرنسي لعام 1804 المتعلقة بمسائل نفقة الأولاد وإعانتهم، إذ أعطت للطفل، بواسطة من ينوب عنه، حرية الاختيار بين تطبيق قانون محل إقامته العادية وتطبيق قانون محل الإقامة العادية للمدين بالنفقة(18).

والمتبصر بأساليب الإسناد المتقدمة وقواعد الإسناد التي صيغت على أساسها ربما لا يستطيع القول بأن الأمر يتعلق بقواعد إسناد مجردة ذات طابع تركيزي بحت تسعى فقط لاختيار قانون الدولة التي ترتبط بها المسألة موضوع الإسناد بأوثق الصلات، وهو ما يظهر من مراجعة هذه الأساليب وفقاً للأمثلة التي طُرحتْ في سياق العرض السابق.

فالقانون الذي يرتبط به النزاع بشأن أحد آثار الزواج ارتباطاً وثيقاً، إعمالاً للمادة 19/2 ربما يكون في الفرض السابق قانوناً آخر غير قانون دولة الزوج، كقانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة(19). خصوصاً وان الاعتداد بهذا الضابط قد تحدد بوقت انعقاد الزواج، وربما يكون الزوج قد غير جنسيته في الفترة ما بين انعقاد الزواج وبين إثارة النزاع أمام القضاء وانقطع أي ارتباط له بدولته الأولى التي كان قد أبرم الزواج في ظلها. لذلك لا بد من وجود اعتبارات معينة دفعت المشرع إلى إسناد المسائل المتعلقة بآثار الزواج إلى قانون جنسية الزوج، وهذا ما يبرره الفقه بأن المشرع إنما اعتمد هذا الإسناد لغرض تحقيق هدف محدد كان قائماً في ذهنه وقت صياغة القاعدة وهو تأكيد قوامة الزوج بوصفه رب الأسرة والمسؤول عن إعالتها(20)، وذلك بما يتلاءم مع روح النظام القانوني والاجتماعي في الدولة، وحفاظاً على وحدة الأسرة وتماسكها.

وكذلك الأمر في إسناد الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين وفقاً للمادة 19/1 آنفة الذكر، حيث أراد المشرع من هذا الإسناد تقرير صحة الزواج المختلط والتقليل إلى أقصى حد من فرص بطلانه تشجيعاً منه لنمو العلاقات الأسرية عبر الحدود(21). وذات الأمر يظهر في إسناد المسائل المتعلقة بموانع الزواج إسناداً جامعاً إعمالاً للمادة المشار إليها، فهذا الإسناد يعكس إرادة المشرع في كراهية الاعتراف بالزواج أو بآثاره مع قيام تلك الموانع في جانب أيٍّ من الطرفين.

وهذه الغايات الموضوعية التي يبتغيها المشرع تبدو أيضاً، وبشكل واضح في أسلوب الإسناد التخييري بجميع تطبيقاته، إذ يرمي المشرع من وراء هذا الأسلوب إلى تحقيق نتيجة موضوعية محددة هي التيسير على الأطراف في العلاقات الخاصة الدولية وتحقيق مصالحهم والوصول إلى الاعتراف بصحة تلك العلاقات، وهو ما جعل الفقه الحديث يطلق على قواعد الإسناد التي تعتمد هذا الأسلوب تسمية قواعد الإسناد ذات الطابع الموضوعي(22).

ولا يَخفى ان هذا الطابع الموضوعي لا يتلاءم مع طابع الحياد الذي ينبغي أن تتسم به قواعد الإسناد، ذلك ان تحديد القانون الواجب التطبيق وفقاً لهذا المنهج لا يتم إلا بالبحث المسبق في مضمون القوانين ذات الصلة بالنزاع. وكما قلنا فان تلك الاعتبارات التي تقوم عليها صياغة قواعد الإسناد ربما توحي بأن هذه القواعد قد خرجت في صياغتها عن طابعها المجرد المتمثل في البحث عن القانون الأصلح لحكم النزاعات بشأن العلاقات ذات العنصر الأجنبي، والذي يتم من خلال تركيز تلك العلاقات في نظام قانوني معين، وأنها قواعد ذات طابع موضوعي تبحث عن قانون ذو مضمون محدد يعكس المصالح والاعتبارات التي يستلهمها مشرع هذه القواعد، إلا أن حقيقة قواعد الإسناد، واقعاً، لا تسمح بالأخذ بمثل هذا النظر على إطلاقه.

فقواعد الإسناد هي قواعد قانونية، ولها من الصفات العامة ما لكل القواعد القانونية الأخرى، ولا يضيرها أن ينطلق مشرعها من اعتبارات معينة أو يستجيب في وضعها لمصالح محددة، أو أن تكون لديه أهداف يحاول تحقيقها من خلال سنِّه لقواعد الإسناد أو اختياره لهذا الضابط أو ذاك من ضوابط الإسناد. فهذا الأمر لا يقتصر على قواعد الإسناد بل انه يسري على عموم القواعد التي يحتويها النظام القانوني في الدولة. وبيان ذلك ان القاعدة القانونية هي أداة المشرع لتحقيق هدفٍ أو غاية معينة سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية(23)، ولا يمكن تحقيق الغاية المذكورة ما لم يكن لدى المشرع واضع القاعدة تصور مسبق عن الغاية المراد تحقيقها وأن تكون له سياسة معينة في تحديد هذه الأهداف أو الغايات المختلفة التي يجب أن تحققها القاعدة القانونية، وهي ما يُعرف بالسياسة التشريعية.

وهذه الأهداف والاعتبارات والمصالح المختلفة لا تنفي عن القاعدة القانونية ما ينبغي أن تتصف به من صفتي العمومية والتجريد اللازمتين لأداء القاعدة لوظيفتها في النظام القانوني الذي تنتمي إليه، وهو مالا يمكن لقواعد الإسناد أن تحيد عنه بأي حالٍ من الأحوال.

لذلك فان قواعد الإسناد، كقواعد قانونية، لا بد لها أن تكتسي بطابع التجريد والحياد، وإن كان ذلك على مستوى تطبيق هذه القواعد. فعلى الرغم من أن قواعد الإسناد، في طبيعتها ودورها، قواعد ناخبة أو قواعد اختيار، اعتباراً بأنها تقوم على المفاضلة بين القوانين وترجيح تطبيق إحداها على الآخر وفقاً لما يبينه ضابط الإسناد، إلا أن هذه المفاضلة لا تعني التحيز لقانون دولة أو تفضيله على قانون دولة أخرى عند تطبيق إحدى قواعد الإسناد على النزاع المعروض(24).

لذلك فان حياد قواعد الإسناد، وإنْ لم يكن من مستلزمات صياغة هذه القواعد إلا انه من متطلبات إعمالها، أو بحسب ما يراه بعض الفقهاء من ان قاعدة الإسناد رغم أن مشرعها (قد صاغها منطلقاً من اعتبارات وطنية أو مصلحية معينة، إلا انه متى صاغها تَلبّسَتها روح حيادية، فهي لا تميز قانون القاضي على حساب القوانين الأجنبية) (25). وطابع الحياد هذا يتضح من آلية عمل قواعد الإسناد، فهذه القواعد، كما سبق القول، تربط بصورة مجردة بين طائفة معينة من العلاقات ذات الطابع الدولي وأحد القوانين المرشحة للإنطباق بوصفه القانون المرتبط بالعنصر الأساسي في العلاقة، إذ ليس لهذه القواعد مضمون موضوعي يلتزم القاضي بالبحث عنه والوقوف عليه، وهي لا تعطي حلاً للنزاع المعروض ولا تكترث لمضمون الحل الذي يقدمه القانون الواجب التطبيق.

بمعنى آخر ان صفة الحياد في قواعد الإسناد تعني ان هذه القواعد تشير إلى أكثر القوانين اتصالاً بالعلاقة مثار النزاع وأكثرها ملاءمة ومناسبة لحكمه بصرف النظر عن مضمون ذلك القانون والنتيجة الموضوعية المتحققة على الإرشاد الذي تقوم به القاعدة(26)، لذلك يستوي أمام هذه القاعدة أن يكون القانون الذي تشير إليه هو قانون القاضي أم أحد القوانين الأجنبية، كما انها في فرض اختيار القانون الأجنبي لا تفاضل بين قانون أجنبي وآخر.

وصفة الحياد التي تتصف بها قواعد الإسناد تقود إلى نتيجة مقتضاها ان القاضي لا يكون له أن يبحث في المضمون الذاتي للقوانين الداخلية المتزاحمة لحكم المسألة المعروضة قبل تحديد القانون الواجب التطبيق على تلك المسألة(27)، فيكون من غير المتصور إمكان اختيار هذا القانون وفقاً لمضمون أحكامه. ولهذا فان القاضي عند وصوله إلى مرحلة إعمال القانون المختار وظهور عدم ملاءمة هذا القانون لحكم المسألة محل النزاع بالنظر إلى ظروفها الخاصة، فإنه لا يستطيع أن يهجره ويمتنع عن إعماله، وذلك اعتبارا بالصفة الملزمة لقاعدة الإسناد التي توجب احترام هذا القانون وتطبيق أحكامه. وهذه النتيجة التي تترتب على الصفة الحيادية لقواعد الإسناد المزدوجة كانت أحد جوانب النقد الذي تعرضت له قواعد الإسناد ودافعاً، في ذات الوقت، نحو تطورها بما يتلاءم مع التطور الذي يشهده ميدان إعمال هذه القواعد، وهو العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي.

فقد تعرض منهج قاعدة الإسناد المزدوجة للعديد من الانتقادات التي وجهت إليه من جانب فقهاء القانون الدولي الخاص، وخصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية(28)، إذ نَعَت الفقه الأمريكي قاعدة الإسناد بأنها قاعدة تتصف بالجمود والآلية في التطبيق، وانها لا تراعي ظروف النزاع والأهداف التشريعية للقوانين المتزاحمة لحكم المسألة، وطالبوا بإهدار قواعد الإسناد وأنْ يحل محلها وسائل أكثر مرونة في اختيار القانون الواجب التطبيق، فانصبت آراؤهم على إطلاق يد القاضي في البحث عن الحل الملائم للنزاع في كل حالة على حدة من حالات تنازع القوانين.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعرضت قواعد الإسناد بطابعها المحايد إلى بعض الانتقادات من قبل جانب من الفقه الأوربي(29)، وذلك بحجة أن هذه القواعد لا تتلاءم مع التطور الحاصل في مجال التجارة الدولية وما نتج عنه من تعدد صور العقود الدولية وتنوعها من جهة، ومن جهة أخرى أن قواعد الإسناد المحايدة غير ملائمة لحكم مسائل المسؤولية المدنية الحديثة وما شهدته هذه المسائل من التطور والتعقيد في الميدان الدولي. وبناءً على ذلك فقد ذهب الفقه الأوربي إلى ضرورة وجود وسيلة فنية خاصة تعمل على تقويم الإسناد في أحوال استثنائية، وذلك عن طريق إدخال تعديلات معينة على قاعدة الإسناد تجعل هذه القاعدة أكثر مرونة في اختيار القانون الملائم لحكم النزاع وتخرج بها عن الجمود المترتب على ما تتصف به من صفة الحياد(30)، وكل ذلك مع ضرورة الإبقاء على قاعدة الإسناد بوصفها منهج لحل النزاعات الخاصة الدولية، وليس عن طريق التخلي عن هذه القاعدة وفق ما دعى إليه الفقه الأمريكي. ومضمون فكرة الاستثناءات الموضوعة لتقويم عملية الإسناد أن قواعد الإسناد، ومن خلال ضابط الإسناد الذي تنطوي عليه، تتسم بأنها قواعد مجردة ومحايدة، كما تتصف بأنها قواعد إرشادية أو وسيطة.

والحياد الذي تتصف به قواعد الإسناد يبدو أن له مظهران بارزان، احدهما انه حياد في علاقة قاعدة الإسناد بكافة القوانين المتزاحمة والتي تبدي قابليتها لحكم العلاقة مثار النزاع، فهي تختار من تلك القوانين ما يبدو انه أكثر ملاءمة لتطبيقه على النزاع، وذلك من دون تحيز أو ميل لأحد القوانين على القوانين الأخرى بالنظر إلى المضمون الموضوعي لأحكامه(31). ويتم تقدير تلك الملاءمة من خلال عناصر خارجية تتمثل بوزن أوجه الارتباط بين العلاقة والقوانين التي تتزاحم على حكمها، بحيث يبرز من بينها القانون الذي توجد معه أكثر الروابط وثوقاً وجدّية ليكون هو القانون الواجب التطبيق. والمظهر الآخر هو حياد قاعدة الإسناد في علاقتها بالنظام القانوني الوطني الواجب التطبيق في مجموعه، فباعتبار قاعدة الإسناد قاعدة غير مباشرة، فإنها تشير فقط إلى نظام قانوني مختص لإحدى الدول من دون أن تحدد قاعدة موضوعية معينة في ذلك النظام القانوني المختار(32).

وهذا الحياد الذي تكتسي به قواعد الإسناد ينطوي في نظر بعض الفقهاء على عيب خفي في منهج تلك القواعد يجعلها، في أحوالٍ كثيرة، عاجزةً عن إعطاء الحل الملائم والعادل للنزاع(33). فحياد قواعد الإسناد يقود، من جهة، إلى الطابع الآلي لعملية اختيار القانون الواجب التطبيق. إذ رأينا ان الطابع الإرشادي لهذه القواعد يقودها إلى تعيين ذلك القانون من دون اعتبار للنتيجة الموضوعية المترتبة على اختياره، وبغض النظر عن كون هذا الاختيار يحقق العدالة الملائمة للنزاع المعروض من عدمه.ومن جهة أخرى، ان حياد الإسناد يكشف عن ان القانون الذي تختاره قواعد الإسناد قد وُضع أًصلاً لحكم العلاقات الوطنية(34)، فمنهج هذه القواعد يَفترض ان العلاقات الخاصة الدولية هي من علاقات القانون الخاص قبل أن تكون علاقات ذات طابع دولي، وبذلك فهي، وفقاً لهذا المنهج، لا تختلف في جوهرها عن العلاقات الوطنية، إذ هي لا تعدو أن تكون علاقات وطنية معكوسة على مسرح الحياة الدولية(35).

وبذلك فان تطبيق منهج الإسناد يؤدي إلى إهدار السمة الأساسية التي تميز العلاقات الخاصة الدولية وهي اتصافها بالطابع الدولي. وإزاء ذلك فقد استشعر فقه القانون الدولي الخاص ضرورة وجود وسيلة فنية خاصة لتقويم قواعد الإسناد، وذلك في الحالات التي لا ينفع فيها الإسناد الجامد المحدد سلفاً. فإذا كان منهج قواعد الإسناد يقوم على أساس إسناد العلاقة محل النزاع إلى أوثق القوانين صلة بها باعتبار انه قانون مقرها الطبيعي، فإنه حين تشير قاعدة الإسناد إلى قانون لا يُعبِّر عن مركز الثقل في العلاقة المعروضة، وكان هناك قانون آخر يرتبط بهذه العلاقة برابطة أكثر وثوقاً، فينبغي حينذاك عدم الاعتداد بنتيجة تطبيق هذه القاعدة وتطبيق القانون الذي يُعبر عن مركز الثقل أو الصلة الأوثق بالنزاع.

وهذا يمثل في نظر الفقه استثناءات تعمل على تقويم قواعد الإسناد حتى تكون مرنة غير جامدة(36). وهي استثناءات تكون بمثابة الرقيب على قواعد الإسناد عند ممارسة تلك القواعد لوظيفتها في تحديد القانون الواجب التطبيق. وهذه الفكرة تمثل في نظر مؤيديها مرحلة هامة على طريق تحقيق مرونة الإسناد والتخفيف من الطابع الآلي لقواعد الإسناد المحايدة، ومن ثم الوصول إلى عدالة الإسناد من خلال ما يتحقق لتلك القواعد من تطور مستمر ومرونة تلائم الحالات الخاصة التي لا ينفع فيها الإسناد الجامد المحدد على نحوٍ مسبق(37). وتعتبر مسائل الإلتزامات التقصيرية المجال الخصب الذي نشأت فيه إستثناءات تقويم الإسناد، إذ عادةً ما يتم إسناد هذه المسائل لقانون محل وقوع الفعل الضار، فكانت الحاجة إلى فكرة الاستثناءات نتيجة لقصور الإسناد المحايد للقانون المذكور وعدم ملاءمته في كثير من الفروض لحكم هذا النوع من المسائل(38).

حيث غالباً ما يكون مثل هذا الإسناد مبنياً على محض الصدفة، إذ ينعقد الاختصاص لقانون محل وقوع الفعل الضار مع ان النزاع يرتبط بالرابطة الأكثر وثوقاً مع قانون دولة أخرى. ومع ذلك فان هذه الاستثناءات قد وجدت لها مجالاً أوسع في مسائل عقود التجارة الدولية، لِما تتميز به تلك المسائل من تطور دائم نتج عنه تعدد وتنوع صور العقود الدولية في الواقع العملي(39). ويظهر ذلك بشكل خاص عند سكوت إرادة الأطراف عن الاختيار الصريح لقانون العقد، ما يضطر معه القاضي إلى البحث عن الإرادة الضمنية أو الإرادة المفترضة لأطراف العقد الدولي، وهو بحثٌ يعتمد، إلى حدٍّ ما، على تخمين القاضي، فيؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى المساس بالأمن القانوني واليقين المتطلب في مثل تلك العقود، الأمر الذي اقتضى تحقيق مرونة الإسناد إزاء مسائل العقود الدولية والتي يصعب مواجهتها بمعيار محدد مهما كانت درجة مرونته(40).
___________________
1- ووفقاً لذلك يصف بعض الفقهاء قواعد الإسناد بأنها قواعد غير محددة المضمون. انظر في ذلك د. هشام خالد. المدخل للقانون الدولي الخاص العربي، دراسة مقارنة. ط1. درا الفكر الجامعي. الإسكندرية. 2003. ص214.
2- مادة 18/1 من القانون المدني رقم 40 لعام 1951، وتقابلها مادة 11/1 من القانون المدني المصري رقم 131 لعام 1948.
3- مادة 24 من القانون المدني، وتقابلها مادة 18 من القانون المدني المصري.
4- د. صلاح الدين جمال الدين. القانون الدولي الخاص (الجنسية وتنازع القوانين)، دراسة مقارنة. ط1. دار الفكر الجامعي. الإسكندرية. 2008. ص254-255.
5- د. فؤاد عبد المنعم رياض و د. سامية راشد. مبادئ القانون الدولي الخاص. الجزء الثاني (تنازع القوانين). دار النهضة العربية. القاهرة. 1996. فقرة 22. ص31.
6- ولعل اختلاف هذه المصالح من دولة إلى أخرى هو الذي يفسر اختلاف التشريعات في موقفها بشأن بعض حلول تنازع القوانين، د. هشام علي صادق. تنازع القوانين في مسائل المسؤولية التقصيرية المترتبة على التصادم البحري والحوادث الواقعة على ظهر السفن. منشأة المعارف. الإسكندرية. 1977. فقرة5. ص17.
7- د. احمد عبد الكريم سلامة. قانون العقد الدولي. دار النهضة العربية. القاهرة. 2001. فقرة 118. ص164، فقرة 165. ص247-248.
8- د. عبد الواحد كرم. الأحوال الشخصية في القانون الدولي الخاص العراقي. ط1. مكتبة السيد سامي. بغداد. 1979. ص6-7.
9- د. غالب علي الداوودي. القانون الدولي الخاص. الكتاب الأول (في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية)، دراسة مقارنة. ط4. دار وائل. عمان – الأردن. 2005. ص193.
10- انظر في اختيار ضابط الإرادة في المسائل المتعلقة بالعقود الدولية من حيث الموضوع د. إبراهيم أحمد إبراهيم. القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين). من دون نشر. 1997. ص340-341، وفي اللجوء إلى ضوابط الإسناد التخييرية في مسائل العقود الدولية من حيث الشكل انظر المصدر ذاته. ص354-355.
11- د. صلاح الدين جمال الدين. مصدر سابق. ص265 وما بعدها.
12- تقابلها مادة 13/1 من القانون المدني المصري رقم 131 لعام 1948.
13- تقابلها مادة 12 من القانون المدني المصري.
14- د. غالب علي الداوودي. مصدر سابق. ص165.
15- د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص الأردني والمقارن. الجزء الأول (تنازع القوانين. الاختصاص القضائي الدولي. تنفيذ الأحكام الأجنبية). ط1. مكتبة دار الثقافة. عمان – الأردن. 1998. ص90. والإسناد الجامع هو إسناد نادر الحدوث، إذ لا يتم تطبيقه إلا في فروض قليلة، وهناك من الأنظمة القانونية ما يحرص على تفادي هذا الأسلوب لما يؤدي إليه غالباً من إعاقة صلاحية العلاقة محل النزاع ويحول من دون الوصول إلى حل مشكلة تنازع القوانين، متعارضاً بذلك مع وظيفة قاعدة الإسناد كوسيلة للاختيار بين القوانين وليس الجمع بينها. د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجاً. ط1. مكتبة الجلاء الجديدة. المنصورة. 1996فقرة 84. ص94.
16- د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن. ط2. دار الحرية. بغداد. 1977. ص291. ويقابل هذه المادة في التشريع الفرنسي نص المادة 170 من القانون المدني لعام 1804، ولا يوجد ما يقابلها في التشريع المصري، لذلك يذهب الفقه الراجح في مصر إلى إخضاع الشروط الشكلية لصحة الزواج إلى قاعدة الإسناد المتعلقة بالتصرفات القانونية عموماً والواردة في نص المادة 20 من القانون المدني، وهو أيضاً ما اعتمده القضاء المصري في هذا الشأن. د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 646. ص786 وما بعدها.
17- تقابلها مادة 19/1 من القانون المدني المصري.
18- انظر في هذا الأسلوب من أساليب الإسناد د. صلاح الدين جمال الدين. مصدر سابق. ص267.
19- د. . هشام علي صادق. دراسات في القانون الدولي الخاص. الدار الجامعية. بيروت. 1986. ص270.
20- د. عبد الواحد كرم. الأحوال الشخصية في القانون الدولي الخاص العراقي. ط1. مكتبة السيد سامي. بغداد. 1979. ص29.
21- د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص الأردني والمقارن. الجزء الأول (تنازع القوانين. الاختصاص القضائي الدولي. تنفيذ الأحكام الأجنبية). ط1. مكتبة دار الثقافة. عمان – الأردن. 1998. ص89-90.
22- د. عكاشة محمد عبد العال. تنازع القوانين، دراسة مقارنة. ط1. منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2004. ص26.
23- د. منذر الشاوي. فلسفة القانون. المجمع العلمي العراقي. بغداد. 1994. ص217-218.
24- د. سعيد يوسف البستاني. القانون الدولي الخاص (تطور وتعدد طرق حل النزاعات الخاصة الدولية). ط1. منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2004.. هامش 1. ص126.
25- د. عكاشة محمد عبد العال. أحكام القانون الدولي الخاص اللبناني، دراسة مقارنة. الجزء الأول (تنازع القوانين). الدار الجامعية. بيروت. 1998. ص15.
26- د. عكاشة محمد عبد العال. المصدر ذاته. ص16.
27- د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجاً. ط1. مكتبة الجلاء الجديدة. المنصورة. 1996. فقرة 207. ص247.
28- أنظر في هذه الانتقادات وفي حلول التنازع التي قدمها الفقه الأمريكي بديلاً عن منهج قواعد الإسناد المزدوجة، د. صفوت احمد عبد الحفيظ. دور الاستثمار الأجنبي في تطوير أحكام القانون الدولي الخاص. دار المطبوعات الجامعية. الإسكندرية. 2005. فقرة 36 وما بعدها. ص57 وما بعدها.
29- في هذه الانتقادات وفي الوسائل المقترحة لمعالجتها، انظر د. صفوت أحمد عبد الحفيظ. المصدر ذاته. فقرة 50 وما بعدها. ص80 وما بعدها.
30- انظر في جانب من تلك التعديلات د. حفيظة السيد الحداد. الموجز في القانون الدولي الخاص. الكتاب الأول (المبادئ العامة في تنازع القوانين). ط1. منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2005. ص381-382.
31- راجع بخصوص هذه الفكرة ما ذكرفي ص99-101.من هذه الرسالة.
32- وهي ما تعرف بفكرة الإسناد الإجمالي، راجع في شأنها ما يأتي ص163-164. من هذه الرسالة.
33- د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 207. ص247.
34- د. حفيظة السيد الحداد. القانون الدولي الخاص. الكتاب الأول (تنازع القوانين). منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2002. فقرة 56. ص34.
35- في فكرة عدم ملاءمة القواعد الوطنية لتسوية نزاعات العلاقات الخاصة الدولية انظر د. محمد إبراهيم موسى. التطويع القضائي للقواعد القانونية الواجبة التطبيق في مجال عقود التجارة الدولية. دار الجامعة الجديدة. الإسكندرية. 2005. ص22 وما بعدها.
36- د. صفوت أحمد عبد الحفيظ. دور الاستثمار الأجنبي في تطور أحكام القانون الدولي الخاص. دار المطبوعات الجامعية. الإسكندرية. 2005. فقرة 50. ص80.
37- د. صفوت احمد عبد الحفيظ. المصدر ذاته. فقرة 56. ص90-91، وهو في هامش1. ص91 يشير إلى د. احمد محمد الهواري. نظرات في استثناءات تقويم الإسناد. دار النهضة العربية. القاهرة 1995. ص195.
38- د. هشام علي صادق. تنازع القوانين في مسائل المسؤولية التقصيرية المترتبة على التصادم البحري والحوادث الواقعة على ظهر السفن. منشأة المعارف. الإسكندرية. 1977. فقرة 8. ص20 وما بعدها.
39- د. بشار محمد الأسعد. عقود الاستثمار في العلاقات الدولية الخاصة. ط1. منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2006. ص257 وما بعدها.
40- لم يشهد الإسناد في بقية مجالات تنازع القوانين ذلك التطور الذي شهده في مجالي العقود الدولية والمسؤولية التقصيرية. ففي مجال الأحوال الشخصية بقي الإسناد يتأرجح بين قانون الموطن وقانون الجنسية، وربما يكون مظهر التطور الوحيد فيه يكمن في ظهور قواعد الإسناد ذات الغاية الموضوعية كما رأيناه فيما سبق. أما في مجال الأحوال العينية فما زال المال، عقاراً كان أو منقولاً، يخضع لقاعدة الإسناد التي تقضي بخضوعه لقانون موقعه وهي قاعدة لم تشهد أي تطور يذكر في هذا الشأن، وكذلك الحال في شأن المسؤولية عن الفعل النافع، إذ لا تزال تخضع لقانون محل وقوع الفعل المنشئ للالتزام. انظر في مسائل الأحوال الشخصية د. عبد الواحد كرم. مصدر سابق. ص6-7، وفي مسائل الأموال د. هشام علي صادق. دروس في القانون الدولي الخاص. مصدر سابق. ص466-468، وفي مسائل المسؤولية عن الفعل النافع د. حسن الهداوي. تنازع القوانين وأحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي. ط2. مطبعة الإرشاد. بغداد. 1972. ص201.