يقصد بتحديد سلطان القاعدة الاجرائية الجنائية من حيث المكان تحديد ” النطاق الكوني ” الذي يكون فيه للقواعد الاجرائية سلطانها على الاجراءات التي تتخذ . والمبدأ في هذا الصدد هو ” اقليمية القاعدة الاجرائية ” بيد أن للاقليمية هنا معنى يختلف عن الاقليمية التي تحكم القواعد الموضوعية للقانون الجنائي . فاذا كانت اقليمية قانون العقوبات تعني خضوع كافة الجرائم التي تقع في نطاق الاقليم لأحكامه أيا ما كانت طبيعتها أو جنسية الجاني أو المجني عليه أو مكان القبض على المتهم . فان اقليمية قانون الاجراءات الجنائية تعني معنى مختلفاً لا علاقة له بالمكان الذي ارتكبت فيه الجريمة وانما معنى يرتبط ” بالمكان الذي تباشر فيه الاجراءات ” ، فقانون الاجراءات هو قانون القاضي الذي ينظر الدعوى أو يباشر الاجراءات سواء أكانت الجريمة التي تباشر الدعوى عنها قد ارتكبت هى الأخرى في اقليم دولة القاضي وخضعت لقانون عقوبات الدولة عملاً بمبدأ الاقليمية أم كانت قد وقعت خارج اقليم الدولة وخضعت لاختصاص القاضي الوطني عملاً بمبدأ الشخصية أو العينية أو العالمية .

ومفاد ما تقدم أن أحكام قانون الاجراءات الجنائية المصري هي وحدها التي تحكم الدعاوى والاجراءات التي تدخل في اختصاص القاضي الجنائي المصري وأنه بصدد هذه الدعاوى والاجراءات لا يجوز تطبيق أي قانون أجنبي للاجراءات الجنائية . ومع ذلك فان هذه القاعدة ليست مطلقة . فهناك من جهة مجموعة من القواعد الموضوعية ” ترجع أحياناً الى القانون الدولي العام وأحياناً الى نصوص القانون الوضعي ” تضع ” مانعاً اجرائياً ” يحول بين تطبيق أحكام قانون الاجراءات وبين بعض الأشخاص أو الأماكن . ومن بينهم رؤساء الدول الأجنبية ووزراء خارجيتها ورجال السلك الدبلوماسي والقنصلي ، وممثلوا الهيئات الدولية التي يتمتع ممثلوها بهذه الامتيازات وأفراد القوات المسلحة الأجنبية الموجودة على اقليم الدولة بتصريح منها . وأماكن البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية الموجودة على اقليم الدولة بتصريح منها ، والأماكن التي يقيم فيها رؤساء الدول الأجنبية والجرائم التي تقع على ظهر السفن والطائرات الحربية المتواجدة على أرض الدولة بترخيص قانوني منها .

كما أن هناك من جهة أخرى حالات يعترف فيها القانون المصري سواء بمقتضى نص قانوني أو معاهدة دولية بشرعية بعض الاجراءات التي يباشرها قضاء أجنبي بالخضوع لأحكام قانون الاجراءات الجنائية الأجنبي وليس قانون الاجراءات المصري . وقد اعترفت المادة 4 من قانون العقوبات المصري بمفعول الحكم الصادر من محكمة أجنبية في قوله ” ولا يجوز اقامتها -يقصد الدعوى العمومية- على من ثبت أن المحاكم الأجنبية برأته مما اسند اليه أو أنها حكمت عليه نهائياً واستوفى عقوبته ” . كما قد يعترف المشرع الوطني ببعض الاجراءات التي تباشرها هيئات قضائية أجنبية سواء في حالات الانابة القضائية أو عند تسليم المجرمين .