عرض مفسر لقانون الطواريء المصري

أ* يارا النجادات

مع بداية تطور شكل الدولة ، و ظهورها بالشكل الذى نراه ممثلاً فى الدول الحديثة و المعاصرة الآن ، كان من الضرورى أن تتخذ كل دولة مجموعة من القوانين التى تنظم أمورها و أمور رعاياها ، و قد اتسمت هذه القوانين بطابع مدنى ، حاولت من خلاله الدولة أن تحافظ على نظام حكمها و بقاء كيانها كدولة ، فكان وضع الدستور أمراً حتميا لا مفر منه ، و طابعاً يميز الدول المتمدينة ، فاحتوى الدستور على الأحكام التى تحدد حقوق الأفراد و واجباتهم تجاه الدولة ، و كذلك حق الدولة على الأفراد و الواجبات التى يجب أن تؤديها تجاههم .

و لكن كان من المتعين على الدولة فى حالات معينة ، أن تعطل القوانين المدنية ، و أن تضع قيوداً على بعض الحقوق و الحريات العامة التى يكفلها دستور أى دولة ، نتيجة لبعض الاضطرابات و الأزمات و القلاقل السياسية التى تعصف بكيان و أمن و سلامة الدولة ، فكان إعلان الأحكام العرفية هو ملاذ كل دولة لتخطى مثل هذه الاضطرابات و الأزمات ، و فى هذه الحالة يتم منح السلطة التنفيذية سلطات واسعة من أجل إعادة الأمن و الاستقرار للدولة .

و هناك بعض الدول قد استبدلت مسمى الأحكام العرفية بمسميات أخرى ، مثل مسمى حالة الطوارىء فى مصر و دول أخرى ، و يشاع خطئاً فى مصر لدى العامة أن هناك ما يسمى بقانون الطوارىء ، و أنه قانون عادى يتم تطبيقه مثل أى قانون مطبق فى مصر ، و عندما تسير فى أى مكان فإنه من الممكن أن تجد لافتة و قد كُتب عليها – مثلا – ( نعم لإلغاء قانون الطوارىء ) و غير ذلك من اللافتات التى تحمل نفس المعنى ، و لكننا نوضح فى هذا الصدد أنه لا يوجد أى قانون يحمل مسمى قانون الطوارىء ، لأنه فى حالة مثل هذا الفرض ، يتم تعطيل بعضاً من الحريات و الحقوق العامة للأفراد داخل الدولة بشكل دائم و ليس بشكل إستثنائى ، فينبغى أن نقول إذاً أن هناك قانوناً يتم تفعيله و تطبيقه فى حالة استثنائية هى حالة الطوارىء ، و عندما يعترض أحد على فرض مثل هذه الحالة ، فالأصح أن نطالب برفع حالة الطوارىء و ليس بإلغاء القانون ذاته .

تاريخ الطوارىء فى مصر:

– فرضت الطوارىء فى مصر قبل الثورة فى عهد الملكية فى اربع مناسبات :
الاولى : حينما تم اعلان الاحكام العرفية سنة1914 م ، بسبب قيام الحرب العالمية الاولى .
و الثانية : كانت بمناسبة قيام الحرب العالمية الثانية ، فاستمرت منذ عام 1939م و انتهت فى عام 1945م مع انتهاء الحرب العالمية .
و الثالثة : بمناسبة اندلاع حرب فلسطين ، فاستمرت منذ عام 1948م و حتى ابريل 1950م .
وأما الاخيرة : فكانت بمناسبة حريق القاهرة يناير 1952 و حتى قيام ثورة يوليو 1952م .
– أما فى العهد الثورى فقد ظلت الطوارىء مفروضة منذ قيام الثورة و حتى مايو 1956م عندما تم رفعها ، و لكنها ما لبث أن تم إعلانها مرة اخرى فى نوفمبر من نفس العام بسبب العدوان الثلاثى على البلاد لتستمر حتى عام 1964 .
– و خلال تلك الفترة صدر القانون رقم 162 لسنة 1958م بشأن حالة الطوارىء ، و الذى لا يزال مطبقا فى مصر حتى الان على الوجه الذى بيناه سابقا .
– و فى مارس 1964م رفعت حالة الطوارىء ثم فُرضت مرة اخرى بعد الخامس من يونيو 1967م حيث وقوع النكسة ، و استمرت قائمة حتى مايو 1980م حينما ألغاها الرئيس الراحل / محمد أنور السادات ، لكنها عادت من جديد فى نفس اليوم الذى اغتيل فيه الرئيس السادات فى 6 اكتوبر 1980م ، لتستمر حتى يومنا هذا حيث يتم تجديدها كلما انتهت المدة المقررة لها قانوناً .
إعلان حالة الطوارىء :
– نصت المادة 148 من الدستور الدائم لسنة 1971 على انه : ( يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارىء على الوجه المبين فى القانون ، و يجب عرض هذا الاعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوما التالية ليقررما يراه بشأنه ، و اذا كان مجلس الشعب منحلا يعرض الامر على المجلس الجديد فى اول اجتماع له ، و فى جميع الاحوال يكون إعلان حالة الطوارىء لمدة محدودة و لا يجوز مدها الا بموافقة مجلس الشعب ) .
– كما نصت المادة الاولى من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارىء على أنه : ( يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء ) .
– كما نصت أيضاً المادة الثانية من نفس القانون على أنه : ( يكون إعلان حالة الطوارئ وانتهاؤها بقرار من رئيس الجمهورية ويجب أن يتضمن قرار إعلان حالة الطوارئ ما يأتى:
أولا : بيان الحالة التى أعلنت بسببها .
ثانيا : تحديد المنطقة التى تشملها .
ثالثا: تاريخ بدء سريانها .)

التدابير التى يتم اتخاذها فى حالة فرض الطوارىء :

– نصت المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارىء على أنه :
( لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابى أو شفوى التدابير الآتية:
1 – وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة و القبض على المشتبه بهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام و اعتقالهم و الترخيص فى تفتيش الأشخاص و الأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية ، و كذلك تكليف أى شخص بتأدية أى عمل من الأعمال .

2 – الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها و مراقبة الصحف و النشرات و المطبوعات و المحررات و الرسوم و كافة وسائل التعبير و الدعاية و الإعلان قبل نشرها و ضبطها و مصادرتها و إغلاق أماكن طباعتها .
3 – تحديد مواعيد فتح المحال العامة و إغلاقها , و كذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها .
4 – الاستيلاء على أى منقول أو عقار و الأمر بفرض الحراسة على الشركات و المؤسسات ، و كذلك تأجيل أداء الديون و الالتزامات المستحقة و التى تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة .

5 – سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها و الأمر بتسليمها و ضبطها و إغلاق مخازن الأسلحة .

6 – إخلاء بعض المناطق أو عزلها و تنظيم وسائل النقل و حصر المواصلات و تحديدها بين المناطق المختلفة ) .
الضمانات و الضوابط المقررة عند اعلان حالة الطوارىء :
– صدر القانون رقم 37 لسنة 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حرية المواطنين فى القوانين القائمة ، حيث وضع ضوابط معينة لاعلان حالة الطوارىء و ذلك كما يلى :
– معاقبة كل موظف عام او مكلف بخدمة عامة أمر بعقاب المحكوم عليه او عاقبه بعقوبة أشد من المحكوم بها عليه قانونا ، أو بعقوبة لم يحكم بها عليه .
– معاقبة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن ، اذا قام فى غير الاحوال المصرح بها قانونا باستراق السمع أو سجل أو نقل محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون ، أو التقط أو نقل صورة شخص فى مكان خاص .
– معاقبة كل من هدد بافشاء أمر من الامور التى تم الحصول عليها باحدى الطرق الموضحة بالفقرة السابقة .
– عدم جواز القبض على أى انسان أو حبسه الا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا ، و يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الانسان .
– عدم جواز ايذاء أى انسان بدنيا أو معنويا .
– لا يجوز تفتيش المنازل الا بناء على أمر من قاضى التحقيق ، على أن يكون أمر التفتيش مسببا .
– يجب أن يبلغ كل من يقبض عليه أو يحبس احتياطيا بأسباب القبض عليه أو حبسه ، و يكون له الاتصال بمن يرى ابلاغه ، كما يكون له الاستعانه بمحام .

المصادر :

* الجريدة الرسمية للقانون رقم 162 لسنة 1958م .
* الأستاذ الدكتور / أنور أحمد رسلان – النظام الدستورى المصرى .