تساؤلات قانونية حول أزمة جوازات السفر في الأردن

المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين

تثور التساؤلات هذه الأيام حول قانون جوازات السفر الأردني الواجب التطبيق وذلك على ضوء رفض مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب قانون جوازات السفر المؤقت رقم (5) لسنة 2003 ، وهو ما يعني دستوريا ضرورة العودة إلى قانون جوازات السفر رقم (2) لسنة 1969 الذي كان يقسم جوازات السفر إلى جوازات “سياسية” و”للسفر” و”خاصة” و”مهمة” و”عادية”. إلا أن المشكلة تبقى في تحديد تاريخ بدء العودة إلى القانون القديم, حيث أن ذلك مرتبط بصدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الأمة القاضي برد القانون المؤقت.

إن أزمة قانون جوازات السفر قد تسببت بها الحكومة عندما ضربت عرض الحائط أحكام المادة (94) من الدستور المتعلقة بالقوانين المؤقتة والتي تلزم مجلس الوزراء بإعلان بطلان نفاذ القانون المؤقت الذي رفضه مجلس الأمة أو الذي انقضت المدة القانونية المحددة في الدستور لإقراره ولم يبت فيه وذلك فورا وبموافقة الملك, حيث يزول من تاريخ إعلان البطلان ما كان للقانون المؤقت من قوة القانون على أن لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة.

إن ما يؤخذ على النص الدستوري السابق أنه قد علق مصير القانون المؤقت الذي رفضه مجلس الأمة أو الذي لم يقره المجلس خلال الفترة الدستورية المحددة بيد مجلس الوزراء والملك كمظهر من مظاهر هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية. فالأصل أن يتقرر بطلان القانون المؤقت من تاريخ رفضه من مجلس الأمة أو عند عدم إقراره بعد مضي دورتين عاديتين متتاليتين وذلك دون الحاجة إلى تعليق البطلان على أي قرار من مجلس الوزراء أو أي موافقة من الملك. فقد تتعسف السلطة التنفيذية في ممارسة حقها في إعلان بطلان القانون المؤقت الذي رفضه مجلس الأمة أو الذي انقضت الفترة الزمنية المحددة دون إقراره وذلك من خلال تعمدها عدم إعلان البطلان أو السكوت عنه أو التأخر فيه تعنتا وتعسفا منها. وهو ما حدث في حالة قانون جوازات السفر المؤقت رقم (5) لسنة 2003 الذي رفضه مجلس الأمة في شهر كانون الأول من عام ,2011 إلا أن الحكومة لم تقم حتى الآن بإعلان بطلان ذلك القانون المؤقت بحجة أنها بحاجة إلى فترة زمنية معينة من أجل إعادة العمل بقانون جوازات السفر لعام .1969

كما أن تعليق بطلان القانون المؤقت الذي رفضه مجلس الأمة أو لم يقره ضمن المدة الزمنية على موافقة الملك يشكل انتقاصا من حق مجلس الأمة في التشريع, ذلك أن الملك له الحق الدستوري في أن يرفض الموافقة على إعلان مجلس الوزراء بطلان القانون المؤقت. لذا, فقد كان من الأفضل أن تسمو إرادة البرلمان في إقرار ورفض القوانين المؤقتة على إرادة السلطة التنفيذية والملك, وذلك على غرار القوانين العادية التي إذا ما رفضها الملك وأقرها مجلس الأمة بأكثرية ثلثي الأعضاء التي يتألف منهم كل مجلس فإنها تعتبر نافذة بحكم الدستور ووجب عندئذ إصدارها.

إن تعمد الحكومة تأخير إعلان بطلان قانون جوازات السفر المؤقت لعام 2003 الذي رفضه مجلس الأمة يشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (94) من الدستور التي تلزم الحكومة بأن تعلن بطلان القانون المؤقت فورا بعد رفضه من مجلس الأمة. ولا يرد القول ان الحكومة قد عقدت اتفاقا مع مجلس الأمة بضرورة تأخير إعلان بطلان القانون لكي يتسنى لها التحضير للعودة للعمل بالقانون القديم, ذلك أن قانون جوازات السفر المؤقت قد مكث في مجلس الأعيان لفترة طويلة جدا بعد أن رفضه مجلس النواب الرابع العشر وبقي في أدراج مجلس الأعيان منذ ذلك التاريخ. فقد كان الأجدر بالحكومة أن تتقدم بمشروع قانون جديد لجوازات السفر أو أن تعدل القانون النافذ وذلك تحوطا من أن يتم رد القانون المؤقت لعام 2003 الذي لاقى احتجاجا نيابيا واسعا كونه قد سحب الجوازات الحمراء من النواب السابقين والوزراء ورؤساء الحكومات السابقين.

وبدلا من أن تقرر الحكومة بطلان قانون جوازات السفر المؤقت لعام 2003 نجدها تتقدم بمشروع مشروع قانون جديد لجوازات السفر ضاربة عرض الحائط إرادة مجلس الأمة برفض القانون المؤقت, حيث يفترض بها أن تعلن بطلان ذلك القانون المؤقت فورا ليتم العودة إلى تطبيق القانون القديم ومن ثم التفكير في وضع قانون جديد أو تعديل القانون النافذ لعام 1969 والذي مضى على إصداره أكثر من أربعين عاما, بحيث أصبحت أحكامه لا تستقيم مع متطلبات العصر الحالي ولا تنسجم معها.