العدوان بين الدول

العدوان هو محاولة تعديل الموازين بين الدول بالاستعمال الفعلي ومن جانب واحد للعنف ولا يقتصر العنف على الاستعمال المتعمد والمباشر للقوة المسلحة فقط كمثل الهجوم العسكري بالطيران او بالبحرية او اجتياز حدود دولة فالحصار الاقتصادي وضرب الاستقرار بالتخريب والتدخل في الشؤون الداخلية والإرهاب من أشكال العدوان كذلك وعليه فعادة ما يحصل تشكيك في المعاينة الموضوعية للعدوان وفي تحديد الفاعل المتسبب فيها ويكون ذلك سببا في وقوع نزاعات.
فضلا عن ذلك يمكن لدولة ان تفقد السيطرة على الاحداث وتجر رغما عنها الى مار تدهور يفرض عليها اللجوء الى القوة من دون ان تحركها ارادة عدوانية كما ان شح بعض الموارد وقلتها قد تدفع شعبا ما الى الهجوم سعيا للحصول عليها .

ويعد الاستفزاز سلوكا ومبادرة يهدف من ورائهما الى التاثير في ردود الافعال لدى الخصم وحمله على الانفعال والكبرياء والتحدي او الذعر ودفعه بالتالي الى ارتكاب هفوات والقيام باعمال غير حذرة تضر بمصالحه وتستخدم كذريعة لرد قد يضر به وقد لا تتم هذه المبادرة بصورة مباشرة كما حصل في مبادرة بسمارك تجاه نابيليون الثالث مثلا اثناء القضية الشهيرة المعروفة بقضية ” لادييبيش ديمس” وتعمد الدول الى استعمال العديد من طرق الاستفزاز غير المباشرة من حملات صحفية وتخويف ومزايدات اقتصادية او ثقافية او التهديد بعقد التحالفات اما الدول الاكثر حزما فتلجأ الى التناوب في استعمال التوتر والانفراج كما ان بعض انواع الاستفزاز ينتج اثارا لم تكن في الحسبان.

ان خلق المفاجأة قد يكون ضربا من ضروب العدوان عندما يستهدف من ورائها اخذ الخصم على حين غرة ودفعه الى رد فعل لم يتسن له اعداده ودراسته مسبقا لذا فان التحدي غالبا ما يكون في نظر الاستراتيجيين السياسيين وسيلة لاجبار العدو على الافصاح عن نواياه العدوانية او إرغامه على التخلي عنها . يجب على الدبلوماسي دائما ان ياخذ في الحسبان وفي تقديراته عنصر الاستفزاز الذي قد تفرزه اعمال ومخططات الدول الاخرى او تحركه وعليه الاحتماء من كل مغامرة .كما ان رده لا يقتصر على الاحتياط فقط بل يتعداه الى التميز والتبصر والفطنة كذلك.

عندما تتجاوز التصرفات العدوانية بعض الحدود فإنها تخلق مخاطر كبرى لا يمكن تحديد درجة خطورتها مسبقا غير ان الدبلوماسية تتمرس على كشفها لغرض تجنب النزاعات المباشرة .ان العمل الحربي ينشا عندما تعلن دولة من الدول عن عجزها هن الرد عن مبادرة معينة الا باشعال فتيل الحرب وحسب ميكيافيلي فان “اصعب موقف من بين كل المواقف التي يمكن ان يواجهها الامير او الجمهورية هو ذلك الذي يجعلهما في ورطة لا يمكن فيها القبول لا بالسلم ولا بدعم الحرب” (ميكيافيلي – الامير).
ويبدأ خضوع دولة من الدول عندما لا تقوى على رفض الشروط التي يفرضها عليها خصومها.
كما ان القوة تسمح باختيار توقيت وفرصة التناحر حتى وان لم تمارس بالقسر و الاكراه أي بعبارة اوضح انها تقوم بتحديد رهانه وخصوصا تحديد مستوى هذا الرهان نفسه.