الولاية على المرأة في الزواج
أصبحت المرأة في بلادنا وزيرة و سفيرة و طبيبة و محامية و قاضية و مهندسة و عاملة و معلمة و تبوأت أعلى المناصب إلا أن ولايتها على نفسها و على أولادها قاصرة و مشروطة .
فهي لا تستطيع تزويج نفسها و لا تستطيع أن تكون ولية على أولادها القواصر حتى بعد وفاة والدهم .

فقد جاء قانون الأحوال الشخصية واضعاً شروطاً في ولايتها على نفسها و على حقها بتزويج نفسها و ولايتها على أولادها في حين جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان م/1/ :
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة و الحقوق .
م/16/ منه : الرجل و المرأة متى أدركا سن البلوغ حق الزواج و تأسيس أسرة دون قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين و هما يتساويان في الحقوق ……. الخ

أما نصوص الدستور العربي السوري فقد أيدت ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
م/25/ ف 2 منه : المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق و الواجبات .
م/44/ ف2 منه : تحمي الدولة الزواج و تشجع عليه و تعمل على إزالة العقبات …. الخ .
كذلك الأمر بالنسبة للقانون المدني م/46/ منه :1-………… 2- سن الرشد هي ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة

أما قانون الأحوال الشخصية :
لم ينظر إلى المرأة نظرة الإنسان الطبيعي الذي اكتملت مداركه العقلية و أصبح حراً في اختياره فقد نظر إلى المرأة نظرة قاصرة .
فقد جعل زواج المرأة مشروطاً بموافقة الولي و الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث بشرط أن يكون محرماً م/21/ منه .
و اشترطت فيما لو أرادت الكبيرة التي أتمت السابعة عشر من العمر الزواج و هو سن الزواج وفق قانون الأحوال الشخصية م/16/ منه يشترط الكفاءة و الكفاءة حق خاص للمرأة و الولي م/29/
فإذا كان الزوج غير كفؤ وفق وجهة نظر الولي أن يطلب فسخ النكاح م/27/ و الكفاءة أمر متروك لعرف البلد

و الولاية في الزواج : هي القدرة على إنشاء العقد نافذاً غير موقوف على إجازة أحد.
سبب الولاية و علتها :
تعددت الآراء بشأن سبب الولاية و علتها و منهم من قال أن علة الولاية في عقد الزواج على الصغيرة بسبب العجز الذي لأجله وجدت الولاية .

و فريق آخر : العلة في الولاية هي البكارة و الصغر و أيهما وجد كان موجباً للإجبار .
و أخر : علة الولاية على الصغيرة هي عدم تجربة الحياة الزوجية .

فالولاية تابعة لوليها سواء أكانت كبيرة أم صغيرة لأنها تجهل أمور الزواج أما إذا تزوجت و طلقت أو مات عنها زوجها فلا يجوز لوليها أن يزوجها دون أخذ رأيها و موافقتها إذا كانت بالغة .

و للولاية قسمان وفق نظر القانون :
ولاية قاصرة : و هي أن يملك الراشد الحق في تزويج نفسه بمن يشاء و بالمهر الذي يريد دون التوقف على إجازة أحد.

أما الولاية المتعدية : فهي قدرة العاقد على إنشاء العقد نيابة عن غيره بحكم الشرع و هي نوعان :
ولاية على المال تختص بالإشراف و التصرف في شؤون مال القاصر و ولاية على النفس و تختص بشؤون القاصر الخاصة كالتطبيب و التربية و التعليم و التزويج .
و أهم شروط الولي على النفس أن يتصف بالعقل – البلوغ – اتحاد الدين – الرشد .
و ولاية في عقد الزواج تقسم إلى قسمين ولاية إجبار و تثبت على القاصرين و فاقدي الأهلية كالفتاة غير المميزة و الصبي غير المميز و المجنون .
و لا خلاف كما ذكرنا على ولاية الإجبار التي سببها فقد العقل و القصر و الضعف و عدم الإدراك و ولاية الإجبار هي للأب ثم الجد العصبي .
و تثبت الولاية على النفس لجميع العصبات .

ولاية الاختيار :
للمرأة البالغة العاملة أن تزوج نفسها بمن أرادت على أن يكون الزوج كفؤاً لها و بمهر المثل .
ذهب المذهب الحنفي : إذا بلغت الفتاة العاقلة سن البلوغ فلها الحرية باختيار زوجها كما تملك عقد زواجها بنفسها بشرط الكفاءة و مهر المثل دون استشارة أحد .

أما الإمام أحمد : فقال لا بد من إذن وليها و يعتبر عقداً موقوفاً على إجازته أما رأي المذهب الشافعي فكان للمرأة البالغة العاملة أن تتولى صيغة العقد بنفسها و لكن ليس لها أن تنفرد بالزواج دون موافقة وليها فإن رضي وليها أنشأت العقد بعبارتها .

الراجح في المذهب الحنفي :
للمرأة البالغة العاقلة الحق في التصرف في سائر أفعالها لكمال أهليتها و بما أن عقد الزواج كبقية العقود من حيث الإنشاء فالمرأة تعتبر فيه كاملة الأهلية فلها أن تزوج نفسها كما لها أن توكل الغير في تكوين هذا العقد و ذلك قياساً على العاقل البالغ إذ لا فرق بينها ما دام لم يرد نص يفرق بين أهلية المرأة و الرجل في سائر العقود

كما يتبين من أقوال الفقهاء :
لا ولاية لأحد على البالغة في أمر زواجها لأن الولاية مبناها العجز و ضعف العقل و قد أخذ الحنفية رأيهم من القرآن الكريم قوله تعالى : ( فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف )

و المراد بفعلهن هنا هو عقد الزواج و المؤيد من السنة النبوية قوله عليه السلام :
/الأيم أحق بنفسها من وليها و البكر تستأمر من نفسها /
فهذا الحديث يفهم منه أن أمر الزواج للبالغة متروكة لها و إذا كان لوليها حق المشاركة في الرأي فقط .

و إن سبب اختلاف الفقهاء في الولاية في عقد الزواج أنه لم تأت آية و لا سنة ظاهرة في اشتراط الولاية في عقد الزواج .
بل على العكس إن جميع الآيات القرآنية جاءت تبين أن جميع الناس أحرار و سواسية قوله تعالى في كتابه الكريم ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .

و التساؤل الذي يثار : هل مواد قانون الأحوال الشخصية الخاصة بالولاية على المرأة تحقق الحرية التي يحميها الدستور و المبدأ العالمي لإعلان حقوق الإنسان و القانون المدني ؟
هل يحقق مبدأ المساواة بين المرأة و الرجل .

إن معظم مواد قانون الأحوال الشخصية مستمدة من القرآن الكريم و السنة النبوية و إن مواده تعارض ما جاء بالآيات الكريمة و السنة و النبوية إنه تشريع بحاجة إلى وقفة جماعية للتغيير و التحديث و اعتبار المرأة كائن على قدر متساو مع الرجل في الحقوق و الواجبات