تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي

نقدم هذا المقال القانوني الوجيز ليطرح مسألة مهمة للغاية ، و هي مسألة تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي ، و هو لا ينتهي إلى نتائج ، بل يترك للقارئ فرصة للتفاعل بترك تعليقات تتضمن رأيه و خبراته المهنية فيما يخص هذه النقطة.

تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي
بقلم / محمد السعودي أحمد تقي الدين
المحامي
تمهيد :
مسألة تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي تعتبر من المسائل المهمة في مجال العمل القانوني.

و أهميتها مستمدة من خطورة الجزاء الإجرائي المترتب على عدم مراعاة المواعيد و الإجراءات التي حددها المشرع عند تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي ، حيث يتمثل هذا الجزاء الإجرائي في أن تحكم المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن ، فيزول كل ما كان قد تولد عن رفع الدعوى من آثار ، و من هذه الآثار التي ستزول هو قطع مواعيد التقادم ، حيث سيزول هذا الأثر و ستسري مواعيد التقادم كما لو لم تكن هناك دعوى قد تمت إقامتها ، و هو ما قد يؤدي إلى نتيجة خطيرة تتمثل في أن يسقط بالتقادم الحق في المطالبةالقضائية بالحق الموضوعي نفسه.

و لن نعالج هذه المسألة في شكل نظري بحت ، بل سنعرض لموقف واجهته في العمل في دعوى قضائية نظرت أمام المحاكم فعلا ً ، فذلك أعتقد أنه أكثر تحقيقا ً للغاية التي أرمي إليها من هذا المقال الوجيز المركز للغاية.

وقائع الدعوى محل البحث:

لنسمي الدعوى محل البحث بـ(الدعوى الموقوفة) ، حيث أقامت المدعية الدعوى الموقوفة طالبة الحكم لها بإلزام المدعى عليها الأولى في مواجهة باقي المعلن إليهم برد مبلغ نقدي و قد كان المدعى عليهم خمسة أربعة منهم يجب إعلانهم في القاهرة و عدد من المحافظات الأخرى0وكان قد تحدد لنظر الدعوىالمذكورة جلسة 19/1/2004، وبهذه الجلسة قررت المحكمة التأجيل لجلسة 8/3/2003 لإعلان ( المدعى عليه الثاني) حيث لم يتم إعلانه بأصل الصحيفة . و بجلسة 8/3/2004 قررت عدالة المحكمة وقف الدعوى وقفاً جزائياً لمدة شهر نظرا ً لعدم قيام المدعي بتنفيذ قرار المحكمة بشأن إعلان المدعى عليه الثاني بصحيفة الدعوى ، مع العلم بأن الأخير سيعلن في القاهرة.

وبعد انتهاء مدة الوقف الجزائي ، قامت المدعية بتنفيذ قرار المحكمة بإعلان ( المدعى عليه الثاني) بصحيفة الدعوى – وهو القرار الذي كانت الدعوى قد أوقفت جزاءاً بسببه – ، كما قامت بتعجيل الدعوى من الوقف عن طريق إيداع صحيفة التعجيل بقلم الكتاب ، وقد تم هذا الإعلان وطلب التعجيل خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة ( 99 ) مرافعات . و لكن على الرغم من قيام المدعية بتنفيذ الإعلان سبب الوقف خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 سالفة الذكر ، إلا أنها لم تقم بإعلان صحيفة التعجيل من الوقف إلى جميع المدعى عليهم خلال هذا الميعاد.

(لاحظ أن المدعى عليهم يجب إعلانهم في عدد من المحافظات). و في الجلسات التي أعقبت ذلك ، دفع جميع المدعى عليهم باعتبار الدعوى كأن لم تكن لإعلانهم بصحيفة التعجيل من الوقف الجزائي بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 مرافعات ، مستندين في ذلك إلى أحكام صادرة عن محكمة النقض . و بدى أن هذا الدفع و كأنه قد قضى على الدعوى محل البحث ، و لكن هذا لم يحدث.

النص القانوني :

تنص المادة 99 من قانون المرافعات على أنه :
” تحكم المحكمة علي من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة لا تقل عن عشرين جنيه ولا تجاوز مائتي جنيه ويكون ذلك بقرار يثبت في محضر الجلسة له ما للأحكام من قوة تنفيذية . ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق ولكن للمحكمة أن تقيل المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرا مقبولا .

ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم علي المدعى بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه.

وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهائها ،أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن .”

من الفقرة الثالثة من هذه المادة يتضح أن جزاء إعتبار الدعوى كأن لم تكن يقع إذا فات ميعاد خمسة عشر يوما ً بعد انتهاء مدة الوقف و لم يكن المدعي بكل من الأمرين التاليين : أ- لم يقم المدعي بطلب السير في دعواه، ب- لم ينفذ ما أمرت به المحكمة و كان هو السبب في الحكم بوقف الدعوى وقفا ً جزائيا ً.

في الرد على الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن :

تقدمت المدعية بمذكرة بدفاعها تضمنت ردا ً على الدفع الذي أبداه المدعى عليهم بإعتبار الدعوى كأن لم تكن ، حيث استندوا في دفعهم هذا إلى أحكام صدرت من محكمة النقض و قد استقرت على وجوب إعلان صحيفة التعجيل من الوقف و تنفيذ ما أمرت به المحكمة خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 99 سالفة البيان. و المدعية قامت بتنفيذ الإعلان سبب الوقف خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 99 سالفة الذكر ، إلا أنها لم تقم بإعلان صحيفة التعجيل من الوقف إلى جميع المدعى عليهم خلال هذا الميعاد.

و من هذه المذكرة نجد أن السيد الأستاذ المحامي وكيل المدعية قد أوضح للمحكمة مسألة يبدوا أنها قد غمضت على المدعى عليهم . حيث أوضح أن المادة (99) مرافعات مرت بتطورات عده يجب أن توضع في الحسبان حتى يتم التوصل إلى صحيح حكمها الحالى.

فالفقرة الثانية منها سبق تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992’’ الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر في 1/6/1992 ’’ .

ثم صدر القانون رقم 18 لسنة 1999 – وأكرر لسنة 1999 – ليعدل المادة (99) مرافعات ليلغى الفقرتين الثانية والثالثة ويحل محلهما فقرتان جديدتان هما اللتان تنطبقان على الخصومة الراهنة في خصوص قرار عدالة المحكمة بوقفها وقفاً جزائياً و من ثم تعجيلها من الوقف .
و تنص المادة ( 99) مرافعات في فقرتيها الثانية والثالثة – وفقاً لما جاء به القانون الجديد الصادر في 1999 – تنص على الآتي :’’ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على المدعى بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهراً بعد سماع أقوال المدعى عليه وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوماً التالية لانتهائها ، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت باعتبار الدعوى كأن لم تكن ’’

هذا هو حكم ( م99/3,2) مرافعات وفقاً لأخر ما طرأ عليها من تعديلات ، ووفقاً له يكون على المحكمة أن تقضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذ تحقق أحد أمرين :

الأول – إذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعى السير في دعواه خلال الخمسة عشر يوماً التالية لانتهائها .
الثاني – إذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعى ما أمرت به المحكمة خلال الخمسة عشر يوماً ذاتها.

وفى الدعوى الراهنة ، الثابت أن المدعية قد نفذت ما أمرت به المحكمة في خصوص إعلان المدعى عليه الثاني بصحيفة الدعوى ، وقد تم هذا الإعلان خلال الخمسة عشر يوماُ التي حددتها [ م99/3] مرافعات .

والثابت أن المدعية قد طلبت تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي عن طريق إيداع صورة من صحيفة التعجيل بقلم الكتاب ، وقد تم ذلك خلال الخمسة عشر يوماً التي حددها نص المادة [ 99/3 ] مرافعات .

فالمادة [ 99/3] تلزم المدعى حتى يتقي القضاء باعتبار دعواه كأن لم تكن أن يطلب تعجليها خلال المدة المذكورة . فقانون المرافعات في مادته رقم [ 63/1] ينص على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة 0 ومن المعلوم أن كلمة ( طلب ) كلما وردت في قانون المرافعـات فإنها تنصرف إلى أن يكون الجهة الموجـه إليها الطلب هي المحكمة المختصة .

بناء عليه لا يجوز القول بأنه كان يجب إعلان المدعى عليهم بصحيفة التعجيل من الوقف خلال المدة المنصوص عليها في المادة ( 99/3 ) مرافعات ، لأن هذا لم يستوجبه النص ، فالمادة جاءت صريحة في وجـوب طلب التعجيل خـلال هذا الميعاد .

ولا يقبل من المدعى عليهم أن يستندوا إلى أي قضاء لمحكمة النقض في خصوص الوقف الجزائي يكون قد صدر قبل تعديلات 1999 . لذا فإنه يجب على المدعى عليهم لكي يستندوا في دفعهم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إلى قضاء محكمة النقض ، أن يكون قضاء محكمة النقض قد صدر طبقاً لنص المادة ( 99 ) مرافعات بعد التعديلات التي جاء بها القانون 18 لسنة 1999 .

و في الختام أكدت المدعية على أنها ترى أنها قد اتقت الجزاء المنصوص عليه في م 99/3 مرافعات بأن نفذت قرار المحكمة وطلبت التعجيل من الوقف خلال الميعاد المنصوص عليه في تلك المادة .وأن المادة [ 99/3] مرافعات لا تلزم المدعى بإعلان صحيفة التعجيل من الوقوف الجزائي خلال الخمسة عشرة يوماً المذكورة ، فلا يقبل التزيد بإلزام المدعية بما لم ينص القانون على إلزامها به .

و قد صدر الحكم في موضوع الدعوى الماثلة و قد التفت عن الرد على الدفع المبدى من المدعى عليهم فيما يبدوا أنه اقتناع من المحكمة برد المدعية.

و السؤال : هل هو صحيح ما جاء في رد المدعية على هذا الدفع ؟ و هل أخطأ الحكم الطعين عندما التفت عن هذا الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن؟ أترك الرد على هذا التساؤل لما يمكن أن يرد من تعليقاتكم ، و لما سيصدر من أحكام حديثة لمحكمة النقض