الاجتهاد الإداري

اغلب الاجتهاد الإداري هو من اعمال المجالس الإدارية الاستشارية التي تعرف عادة باسم مجلس شورى الدولة ، او من اعمال القضاء الإداري ، الا ان اعمال القضاء تتسم بالإلزام بما لها من حجية الاحكام القضائية.

وفي العراق نصت المادة (6) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل على انه ( أولاـ إبداء المشورة القانونية في المسائل التي تعرضها عليه الجهات العليا. ثانياًـ إبداء المشورة القانونية في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية قبل عقدها او الانضمام إليها. ثالثاًـ إبداء الرأي في المسائل المختلف فيها بين الوزارات او بينها وبين الجهات غير المرتبطة بوزارة إذا احتكم اطراف القضية الى المجلس ويكون رأي المجلس ملزما لها. رابعاًـ إبداء الرأي في المسائل القانونية إذا حصل تردد لدى احدى الوزارات او الجهات غير المرتبطة بوزارة على ان تشفع برأي الدائرة القانونية فيها مع تحديد النقاط المطلوب إبداء الرأي بشأنها والأسباب التي دعت الى عرضها على المجلس ويكون رأيه ملزماً للوزارة او للجهة طالبة الرأي. خامسأً ـ توضيح الاحكام القانونية عند الاستيضاح عنها من قبل احدى الوزارات او الجهات غير المرتبطة بوزارة. …)

جاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني رقم107 في 3/12/ 1992 ان ( قيام الدولة بهدم الإنشاءات المرخص بها من البلدية ومن دون علمها يشكل تعدياً على الملكية الفردية ويدخل ضمن اختصاص القضاء العدلي ) .(… وبما أنَّ مسألة الصلاحية المطلقة تتعلق بالإنتظام العام وتقتضي إثارتها عفواً ) (12)

وقضى مجلس شورى الدولة اللبناني في قراره 213 في 6/1/1994 ( عدم مراعاة صلاحية السلطات التأديبية تتعلق بالانتظام العام،لا يمكن تفويض الصلاحيات التأديبية الا بنص صريح يسمح بذلك ).(13)

وجاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 13/98ـ99 في 7/10/1998 ان ( قرار اعلان أول الخاسرين فائزا بعد إقالة احد الأعضاء يعتبر عديم الوجود لانه يشكل اغتصابا للسلطة التي تعود للشعب وحده) وجاء في حيثيات القرار ( ان القرار المطعون فيه صادر عن سلطة غير صالحة بصورة جلية وهو بالتالي عديم الوجود ويعتبر والحال هذه كأنه لم يكن ويمكن الطعن فيه خارج المهلة القانونية فتكون المراجعة مقبولة شكلا) (14)

وبصدد مبدأ حق الدفاع عن النفس الدستوري جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 118 في 2/7/1987 (حق الدفاع عن النفس هو من الأصول الإجرائية الجوهرية التي يجب على الإدارة أن تحترمها في معرض تأديب الموظفين والتحقيق معهم وإنزال العقوبات بهم ويترتب عليها اطلاعهم على كل المآخذ المنسوبة اليهم وعلى كل المستندات التي تدينهم أو تتضمن اقتراحا بمؤاخذتهم…… وبما أن عدم اطلاع المستدعي على مطالعة رئيس هيئة التفتيش المار ذكرها ليقدم دفاعه بشأنها يشكل اغفالا لمعاملة جوهرية من أصول التحقيق التأديبي وبالتالي انتهاكا لحق الدفاع الذي يعتبر أحد المبادئ العليا التي كرسها الاجتهاد والقانون الوضعي كما كرستها الدساتير في البلدان الراقية. وبما ان القرار المطعون فيه يكون مستوجبا النقض لهذا السبب في الجزء منه المتعلق بالمستدعي. …. قبول المراجعة في الأساس ونقض القرار رقم 31/83 تاريخ 3/3/1983 الصادر عن هيئة التفتيش المركزي في الجزء منه المتعلق بالمستدعي وتضمين الدولة الرسوم…)(15)

وجاء في قرار للمجلس نفسه برقم 15/98ـ99 في 7/10/1998( اقتراع المرأة المتزوجة في قلم اقتراع اهلها يشكل مخالفة حاسمة اذا كان من شأنه التأثير على نتيجة الاقتراع، ويجب حسم أصوات النساء المتزوجات مداورة من أصوات الفائزين والخاسرين .) وان (قاضي الانتخابات ليس قاضي نظامية فقط بل هو أيضا قاضي حرية ونزاهة الانتخابات). (16)

وفي قرار مهم تقرر فيه اقرار الحق لصاحبته رغم مرور مهلة المراجعة المقررة قانوناً وقد استند المجلس في قراره الى مبدأ مساواة المواطنين امام القانون ، باعتبار ان هذا المجلس قد أصدر عدة قرارات عائدة لموظفي هم في وضع مشابه لوضعها، حسبما جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 152 في27/5/1992

وملخص القضية ان المستدعية الأكاديمية اللبنانية وتخرجت منها حاملة شهادة جامعية، وانه وعرضت شهادتها على لجنة المعادلات التي قررت أنَّ شهادتها هي شهادة جامعية رسمية، وانه كان على وزارة التربية أنَّ تصنفها برتبة وراتب أستاذ تعليم ثانوي في الدرجة الأخيرة ، وجاء في حيثيات القرار (أن رفض الإدارة تصحيح وضعها مخالف لنص المادة 44 المشار اليها ومشوب بعيب تجاوز حد السلطة فيقتضي إبطال قرار الرفض وإعلان حقها بالتصنيف وفاقاً لأحكام هذه المادة. 2- أنَّه يقتضي تصحيح وضع المستدعية على أساس مبدأ المساواة، باعتبار ان هذا المجلس قد أصدر عدة قرارات عائدة لموظفي هم في وضع مشابه لوضعها، وأن مبدأ المساواة واجب التطبيق حتى بالنسبة لمن انقضت مهل المراجعة بحقهم.) (17)

وجاء في قرار اخر لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 140 لسنة 1986ان (صدور القرار مطبوعاً على الآلة الكاتبة ليس إفشاء لسر المذاكرة لان النص المطبوع يبقى مشروع قرار ولا يصبح قراراً إلا بالتوقيع ) (18)

وبصدد الطعن بالقرارات التنظيمية جاء في القرار رقم 133 لسنة1993( مذكرة وزير المالية بوقف صرف تعويض النقل والانتقال المحدد بمرسوم هو من القرارات التنظيمية لا الفردية ويمكن الإدلاء بعدم قانونيتها بعد انقضاء المهلة. ) (19)

وبصدد تنصيب الإدارة نفسها قاضياً جاء في قراره رقم 115 في 7/9/1986ان ( مهمة لجان الاستملاك تقتصر على تحديد التعويض المترتب على الاستملاك دون ان تتعداها الى البحث في قانونية الاستملاك ). (20)

وبصدد احترام مبدأ احترام الحقوق المكتسبة جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 124 لسنة 1988( المباشرة بتنفيذ رخصة البناء دون مخالفة مضمونها يمنع السلطة من إخضاع الترخيص لأي تغيير أو تعديل في شروطه.)

وبنفس المعنى ما جاء في قراره رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الإدارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الإبطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)(21)

وبصدد عدم جواز رجعية القرارات الإدارية جاء في قراره رقم 136 لسنة 1987 ( عدم جواز تضمين المرسوم الاشتراعي مفعولا رجعيا ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك. وبما انه اذا كان في الأصل ووفق المبادئ العامة لا تطبق القوانين بمفعول رجعي ما لم تحتوي أحكاما صريحة أو ضمنية على ذلك. كما أنه لا يجوز أن ينص المرسوم الاشتراعي على مفعول رجعي له ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك – وهذا التفويض لم يحصل بموجب القانون ….. فسخ القرار المستأنف والحكم مجددا بتصديق التكليف المعترض عليه وتضمين المستأنف ضده الرسوم والمصاريف القانونية ) .(22)

وتأكيداً لمبدأ الولاية العامة للقضاء جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم162 في 20/12/1994( تبقى قابلة للنقض امام المجلس قرارات الهيئات الإدارية ذات الصفة القضائية حتى ولو كانت نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.)(23)

ولاشك ان في ذلك إقرار لمبدأ مهم للغاية ، فعلى الرغم من نص القوانين الإدارية على ان قرارات الإدارة بشأن من الشؤون تعتبر نهائية وغير قابلة للطعن ، فان القضاء أكد ولايته على الرغم هذه النصوص ويمكن ان نفسر هذا التوجه بان المجلس فسر النص القانوني على ان المقصود من النهائية وعدم جواز الطعن هو عدم جواز الطعن به امام الجهات الإدارية وليس أمام القضاء .