ابجدية القانون

قد يتساءل البعض أحياناً عن السر وراء القيام بالتعرض لبعض الأمور القانونية التي يعتقد أنها واضحة المعالم،غير أن التساؤلات في واقع الأمر لا تبدو عميقة ذلك أن الواضح لدى هؤلاء البعض هو غير ذلك لدى البعض الآخر.

غير أن الأمر في الواقع كما نهدف إليه يتجاوز الموضوع إلى مجرد العلم ذلك أن هذا الوضوح بات بعد العلم بالقانون والذي قد يكون صعب المنال في بعض الأحيان، ومن هنا كانت فلسفة هذا المقال والذي لا يتعلق بالوضوح ولكنه يتصل بالعلم بالقانون أي بمعرفة صدور القانون واحتوائه من مضامين.

وقد يبدو الأمر واضح المعالم كما يتراءى للبعض إلا أن المسألة أكبر من كل هذا اوذاك تقاذفتها آراء بين مؤيد ومنتقد ومعارض، تلك هي ( مسألة اقتران العلم بالقانون) حتى ولو لم تكن تعلم به حقيقة، وقد ساعد في عدم العلم الحقيقي بهذه القوانين كما أعتقد هذا السيل الجرار من التشريعات التي عجز عن ملاحقتها القانونيون فما بالك بالأشخاص العاديين ممن هم مخاطبون بأحكامها.

والغريب في الأمر أن مبدأ اقتران العلم بالقانون بالرغم من تنامي الوسائل التي تساهم في عدم العلم أو الصعوبة في ذلك كما أعتقد ومن ذلك حجم انشغالات إنسان هذا العصر والذي أصبح يلهث وراء كل الأشياء الضرورية بل وحتى من توفرت لهم الضروريات باتوا يسعون لاهثين وراء الكماليات وهو أمر لم يترك لهم مساحة من الزمن تجعلهم يتابعون القوانين من كثرتها بالرغم من تعدد الوسائل ، وإن كان في ذلك شيء من التناقض!!.

وإذا كانت مسألة افتراضية العلم بالقوانين التي أصبحت راسخة في العلم القانوني فإن هذا الرسوخ لم يحجب القول بأن هذه المسألة تبدو غير عادلة وغير منطقية بحجة أنه من العسير تفهم أن يسأل إنسان بمقتضى فواعد قانونية لم يعلم بها في الحقيقة .

لذلك كانت معرفة أسياسيات القانون من المسائل التي يجب أن يدركها كل الأشخاص المخاطبين بالقاعدة القانونية ، لذلك فإن أي موضوع يمكن التعرض له مهما كان واضحاً لدى البعض ويكون له مردود حسن على البعض في إطار فلسفة العلم بالقوانين باعتبارها تسري على الأشخاص لذلك كان حقاً أن يدركوا مرادها وأبعادها ، وفي ذلك سند في أن يتعامل مع النصوص القانونية بشكل أكثر دقة ورؤية واضحة تجعلها في حل من أي مساءلة قانونية وذلك عن طريق التحوط من قاعدة قانونية ولن يـتأتى له ذلك إلا إذا كان حقيقة عالماً القاعدة القانونية .

الأشخاص مطالبون بالعلم بالقانون:

هناك مبدأ راسخ في القانون وهو أنه ( لا يجوز الاعتذار وبالجهل بالقانون).

ومقتضى هذا المبدأ أن القاعدة القانونية تسري على كل الأشخاص المخاطبين بها ولا استثناء هنا بصرف النظر عن مصدر هذه القاعدة سواء كان التشريع أو العرف أو غيرها ولو جهل المخاطب بأحكامها.

وقد يقال أن مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون في ظاهره مخالف للعدالة إذ كيف يلتزم بالقاعدة من كان جاهلاً بما ورد فيها؟ إلا أن مبررات هذا المبدأ تبدو كافية من وجهة نظر العدالة والمساواة وذلك أن الغالب الأعم علم الناس بالقاعدة القانونية وليس من العدل السماح لطائفة من الناس بالتذرع بإهمالهم في متابعة القانون كوسيلة للهرب من تطبيق أحكامه.

أولويات القانون ومبادئه:

إذا ما كانت مبادئ القانون تبدو عصية الفهم على الشخص العادي في حلها، فإن المشرع لم يعذر الشخص من مجرد العلم بها وإن قرن ذلك بأن تكون هنالك وسائل لا بد أن تستخدم حتى يعلم الأشخاص ومن ذلك نشر القانون لذلك فقد تطلب القانون الليبي نشر القانون بمدونة التشريعات وبالتالي فإن المنطق والعدل ألا يسري هذا القانون إلا بعد نشره بالوسيلة التي حددها القانون ولذلك فإن الاستثناء على مبدأ عدم الاعتذار بالجهل بالقانون حالة عدم وجود مدونة التشريعات في بعض المناطق المعزولة بسبب الكوارث الطبيعية وهي حالات تبدو مدرسية في الوقت الحالي وذلك لسهولة الاتصال بين المناطق بالعديد من الوسائل .

ومن هنا فإن الشخص مطالب بالعلم بالقانون ولا يجوز له أن يحتج بعدم علمه بالقانون كونه كان مسافرا خارج البلاد أو مودعاً في السجن غير ذلك من الأسباب لذلك فإن أي معلومة قانونية تكتب عن قانون ما تهم الأشخاص على الأقل في إطار العلم حتى يدركوا فحواها فيتحوطوا من أن تصيبهم جريرة ما ورد بها لعدم علمهم بها خاصة وأن الكتابة في إطار أوليات القانون لا يستهدف بها دارس القانون وإنما المقصود بها شريحة عريضة من المجتمع ليست متخصصة في هذا الجانب ولكن أحكام القانون تسرى عليهم ولا يستطيع أحدهم الاحتجاج بأنه لم يصل إلى علمه طالما نشر هذا القانون بالوسيلة التي نص عليها المشرع .

وسائل العلم بالقانون :

القانون يناقش فيصدر فينشر ، ولا يسرى كقاعدة عامة على المخاطبين به إلا إذا نشر غير أن المشرع قد يورد نصاً في القانون مفاده أن القانون يسري من تاريخ صدوره وفي هذه الحالة يطبق القانون من تاريخ صدوره علم به الأشخاص أو لم يعلموا ، وإن كان سريان القانون من تاريخ الصدور يعد في واقع الأمر استثناء على القاعدة العامة.

نشر القانون :

النشر وسيلة يتم بها وصول التشريع إلى علم الأشخاص المخاطبين بأحكامه حتى يصير التشريع ملزماً لهم .

فمن الضروري إبلاغ المخاطبين بأحكام القانون بصدور هذا التشريع ، إذ لا يكفي إصدار التشريع كي يكون نافذاً في حقهم ، إذ ليس من العدل أن ينفذ تشريع لم ينشر دون أن يعلم به للنشر.

وإذا كان علم كل الأشخاص المخاطبين بالتشريع ليس أمرا ميسوراً فإنه ليس بلازم أن يعلم كل فرد العلم الفعلي بصدور التشريع ولذلك فقد جرى الأمر على اتخاذ وسيلة معينة للنشر.

وفي ليبيا ينشر التشريع في مدونة التشريعات التي تصدر عن مؤتمر الشعب العام بشكل دوري وهي وسيلة تمكن الناس من الإحاطة بما صدر من قوانين .

لذلك كان تعرضنا لأساسيات في القانون والتي تعتبر لدى البعض بديهات على قدرمن الأهمية ليعلم الأشخاص وهم كثر بأن قانوناً معيناً قد صدر وفوق ذلك أن يتم شرح بعض بنوده بكيفية ميسرة تسهل للجمهور معرفة بعض الأمور القانونية المتعلقة بقانون معين .

إصدار القانون :

يقصد بإصدار القانون قيام الجهة المختصة وهي في ليبيا مؤتمر الشعب العام بسن التشريع الجديد وتكليف الجهة المختصة بالتنفيذ باعتباره تشريعاً ملزماً.

والإصدار من الموضوعات واضحة المعالم في غالب الأحيان وإن كانت تدق المسألة عندما يقرن الإصدار بسريان القانون وهو ما حصل في العديد من المرات وفي هذه الحالة فإن السريان لا يتوقف على النشر وإن كان هدا الاسلوب منتقد من الفقة الدستورى.

الخلاصة :

أقول إن أي قدر من المعلومات القانونية بالرغم من ضآلتها لدى المتخصصين أعتقد أنها سوف يكون لها وقع لدى غير المتخصصين وهم في الواقع المستهدفون من العديد من المواضيع.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت