الطب الشرعي والمحاكمة العادلة

المقدمـــة:

لقد ظلت مهنة الطبيب الشرعي مرتبطة بفحص أو معاينة الأشخاص الضحايا، الذين يتعرضون لإعتداءات وينتج عنها أفعال جنحية وجنائية وكذلك قضايا التسمم والفحص الطبي في إطار الخبرة القضائية، ولكن مع تطور المجتمعات وظهور الصناعات الحديثة وإقتصاد السوق ظهرت إلى الوجود مؤسسات التأمين والحماية الإجتماعية، توسع إختصاص الطبيب الشرعي لتعدد الظروف التي يجب فيه على الطبيب الشرعي أثناء قيامه بالمهام المسندة إليه من الجهات المختصة أن يبدي برأي مسبب علميا وعمليا على حالة الأشخاص وبذلك أصبح الطبيب الشرعي ينظر إليه من جميع آثاره الإدارية والقضائية وحتى الإقتصادية.

– إن الطبيب الشرعي بصفته مساعدا للقضاء يعتبر الركيزة الأساسية في دولة القانون من خلال مساعدة العدالة في التحريات الجنائية والجنحية ومختلف الخبرات الطبية، سواء المدنية أو الجزائية.

– كما أنه من ضمن مهامه الأساسية، هو إعطاء إستشارات طبية والإجابة على بعض التساؤلات التي تطرح عليه من طرف القضاء في بعض الملفات الطبية والآثار الناتجة عنها.

– وبما أن الطبيب الشرعي يعتبر من الخبراء المساعدين الذين نصت عليهم المادة 143 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، فإن وزارة العدل وعلى رأسها السيد وزير العدل حافظ الأختام ركزت كل جهودها وأولت عناية كبيرة وأهمية قصوى إلى كل المتعاملين مع القضاء، وما النصوص التشريعية التي تمت مراجعتها وسن قوانين جديدة لها علاقة مباشرة بسير النشاط القضائي لدليل على مواصلة المسار المعقد والطويل ضمن إصلاح العدالة والإعتناء بكل القضايا التي من شأنها أن تمس بحقوق الإنسان وهذا ما خلصت إليه الندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة بقصر الأمم بالجزائر خلال شهر مارس 2005 ، تحت الرعاية السامية لفخامة السيد رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، القاضي الأول في الجمهورية من توصيات تحث على مسار إصلاح العدالة والطموح أكثر إلى ما هو أسمى ومن ثمار هذه التوصيات الرعاية السامية للسيد وزير العدل حافظ الأختام، على تنظيم والتكفل بهذا الملتقى الوطني الذي نحن اليوم في رحابه ومن خلال هذا الموضوع نتطرق إلى المحاور التالية:

01 – الطبيب الشرعي والكشوفات الطبية أثناء التحقيق الإبتدائي.

02 – مباشرة أعمال الخبرة الطبية والآثار القانونية المترتبة عنها.

03 – مدى مساهمة الطبيب الشرعي في تنوير العدالة.

04 – الطبيب الشرعي وحقوق الإنسان.

01 – الطبيب الشرعي والكشوفات الطبية”(أثناء التحقيق الإبتدائي)”.

– إن الطبيب الشرعي يقوم بإجراء الفحوصات الطبية، على المصابين في القضايا الجنحية والجنائية وبيان وصفة الإصابة وسببها وتاريخ حدوثها والآلة أو الشيء الذي إستعمل في إحداثها ومدى العاهة المستديمة التي نتجت عن هذا الإعتداء وبذلك فإن الطبيب الشرعي ملزم بالقيام بهذه الفحوصات والتحلي بالصدق والأمانة وبتحرير شهادة طبية تثبت الفحص الطبي الذي قام به على الشخص المعني.

– تشريح جثث المتوفين في القضايا الجنائية وفي حالات الإشتباه في سبب الوفاة وكيفية حدوثها ومدى علاقة الوفاة بالإصابات التي توجد بالجثة.

– إستخراج جثث المتوفين المشتبه في وفاتهم وتشريحها.

– إبداء الآراء الفنية التي تتعلق بتكييف الحوادث والأخطاء التي تقع بالمستشفيات وتقرير مسؤولية الأطباء المعالجين.

– تقدير السن في الأحوال التي يتطلبها القانون أو تقتضيها مصلحة التحقيق والمثال على ذلك تقدير سن المتهمين الأحداث أو المجني عليهم في قضايا الجرائم الأخلاقية أو المتزوجين قبل بلوغ السن المحددة من أجل إبرام عقد الزواج في الحالات التي يكون شك في تزوير وثائق أو عدم وجودها أصلا.

– فحص المضبوطات.

– فحص الدم وفصائله والمواد المنوية ومقارنة الشعر وفحص العينات المأخوذة من الجثث لمعرفة الأمراض وفحص مخلفات الإجهاض.

02 – مباشرة أعمال الخبرة والآثار القانونية المترتبة عنها:

– إن الطبيب الشرعي المكلف بإنجاز خبرة طبية، يمكن له أن يستعين في تكوين رأيه بمن يرى الإستعانة بهم، على القيام بمأموريته، فإذا كان الطبيب الشرعي الذي تم ندبه بأمر قضائي، قد إستعان بتقارير أطباء آخرين منهم طبيب أخصائي ثم أقر هذه الآراء وتبناها وأبدى رأيه في الواقعة المطروحة عليه فإن الخبرة سليمة ولا يوجد عيب في التقرير الطبي الذي وضعه الطبيب الشرعي كون الأطباء الذين رجع إليهم لم يحلفوا اليمين.

– إن قيام الطبيب الشرعي بإخراج المخدر من المكان الذي أخفاه فيه المشتبه فيه، المأذون بتفتيشه إجراء صحيح ولا يلزم أن يكون الخبير من رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله تحت إشراف أحد.

– لقاضي التحقيق أو محكمة الموضوع الأخذ من تقرير الخبير بما تراه محلا للإستناد عليه ويتم إستبعاد منه ما يرونه غير مجدي في الدعوى.

– إذا خلص قاضي التحقيق أو قضاة الموضوع في حكمهم نقلا عن تقرير الطبيب أن بيان الصفة التشريحية لم تساعده على تعيين مثلا ساعة وفاة الشخص تعيينا دقيقا، ولكن من جهة أخرى تم تحديد تلك الساعة من طرف قاضي التحقيق أو قاضي الموضوع واستخلصوا ذلك من ظروف الدعوى وملابستها وشهادة الشهود فإن الإجراء صحيح، وللقضاة الحق في الإعتماد عليه لإستنتاج ما يرونه حقيقة، والمحكمة الخبير الأعلى في الدعوى كما هو متعارف عليه قضاء.

– إن تقرير الخبير الطبيب الشرعي إنما هو نوع من الأدلة التي تقوم في الدعوى لمصلحة أحد طرفي الخصومة، فمتى ناقشه الخصوم وأدلى كل منهم برأيه فيه، كان للمحكمة أن تأخذ به لمصلحة هذا الفريق أو ذاك أو أن تطرحه ولا تقيم له وزنا، أو تأمر بإجراء خبرة مقابلة. دأدلة

– من المتعارف عليه قانونا، لا يوجد نص صريح يلزم المحكمة بالإستجابة لطلب إستدعاء الطبيب لمناقشته، بل أن لها أن ترفض هذا الطلب إذا ما رأت أنها في غنى عن رأيه بما إستخلصته من الوقائع التي ثبتت لديها.

– غير أن المشرع الجزائري في المادة: 172 من قانون الإجراءات الجزائية المعدلة بالقانون رقم: 01-08 مؤرخ في 26 جوان 2001 ، أجاز للمتهم أو لوكيله الحق في رفع إستئناف أمام غرفة الإتهام بالمجلس، هذا الأمر الصادر عن قاضي التحقيق برفض طلب إجراء خبرة طبية في مهلة ثلاثة أيام من تاريخ تبليغ الأمر إلى المتهم ومحاميه، إن وجد طبقا لأحكام المادة: 168 من قانون الإجراءات الجزائية، وعلى قاضي التحقيق أن يسبب الأمر برفض ندب الخبير ” الطبيب الشرعي “، وعدم تسبيبه يجعل الأمر معرضا للإلغاء من طرف غرفة الإتهام بإعتبارها درجة ثانية للتحقيق.

– وما يلاحظ أن المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية المذكورة أعلاه نصت على إستئناف المتهم أو وكيله في الأمر برفض ندب الخبير ومن ضمنهم الطبيب الشرعي.

– غير أن المادة 173 من نفس القانون، أجازت صراحة، للمدعي المدني أو وكيله بالطعن في الأوامر الصادر عن قاضي التحقيق التي تمس حقوقه المدنية.

03 – مدى مساهمة الطبيب الشرعي في تنويرالعدالة والاشكالات المطروحة:

– كما سبق القول أن الطبيب الشرعي بصفته مساعدا للقضاء لا يمكن لدولة القانون كما تطمح وتعمل من أجله بلادنا أن تستغنى عنه، بل يجب الإعتناء بهذه الفئة حتى تقوم بواجبها بمساعدة العدالة.

– لذلك يستحسن إيجاد صيغة عمل في توضيح بعض الأمور وإن كان قانون الإجراءات الجزائية قد نص عليها صراحة، في المادة 49 منه، إلا أنه عمليا لا يوجد تنسيق بين الطبيب الشرعي وضابط الشرطة القضائية والنيابة من جهة أخرى أحيانا.

– وعليه على ضابط الشرطة القضائية بمجرد علمه بوقوع أفعال جنائية، تمس بالسلامة الجسدية للأشخاص، كجرائم القتل، إخطار وكيل الجمهورية فورا بكل الوسائل وهذا معمول به ميدانيا.

– الإستعانة بالطبيب الشرعي حينا، للإنتقال إلى مسرح الجريمة لمعاينة الضحية أو الضحايا وكل الظروف المحيطة بمكان الجريمة، حتى يتمكن الطبيب الشرعي من القيام بالمهام المسندة إليه لاحقا من طرف القضاء والوصول إلى تحديد سبب الوفاة حتى لا يفلت الجاني من العدالة، وهذا الإجراء نصت عليه المادة 62 من قانون الإجراءات الجزائية.

– الكشف على جثة المتوفى الذي يشتبه في وفاته سواء كانت الوفاة فجأة أو عرضية أو جنائية.

– فحص جميع المضبوطات من آلات نارية ومقذوفات وغيرها لإبداء الرأي في حالتها من حيث علاقتها بالحوادث المضبوطة فيها.

– ندب الخبير الشرعي المختص لتشريح الجثة التي يلزم تشريحها ولا يندب غيره من الأطباء.

– على الطبيب الشرعي السماح لضابط الشرطة القضائية الذي قام بالتحقيق الإبتدائي في القضية المطروحة عليه الحضور معه أثناء تشريح الجثة أو الجثث.

– إذا تم ندب الطبيب الشرعي للقيام بالكشف أو تشريح جثة شخص متوفى في ظروف غامضة فيجب عليه إخطار وكيل الجمهورية المختص فورا بنتيجة الكشف عن التشريح، لفتح تحقيق إذا تبين أن الوفاة غير طبيعية وحصلت بسبب أفعال إجرامية.

– لا يجوز تشريح جثة الشخص المشتبه في وفاته ولا التصريح بدفنه إلا بصدور إذن من طرف وكيل الجمهورية الذي وقعت في دائرة إختصاصه الوفاة.

– على الطبيب الشرعي إنجاز تقرير التشريح وإيداعه بمكتب وكيل الجمهورية.

– إن مهنة الطبيب الشرعي في بلادنا رغم أهميتها ونبلها، نظرا للخدمة العمومية التي تقدمها للمجتمع، أصبحت مهنة غير مرغوب فيها من طرف طلبة الطب، حيث ينظرون إليها من الجانب المادي البحت، وبغرض ترغيب الطلبة في متابعة هذا التخصص بات ضروريا تنظيم هذه المهنة ووضع قواعد وآليات لرد اعتبارها.

– توسيع الخريطة الجامعية بخصوص الأطباء الشرعيين والعمل على تعيين طبيب شرعي في كل دائرة إختصاص محكمة على الأقل، حتى يتمكن رجال القضاء للإستعانة بهم في كل وقت، عندما تقتضي الضرورة ذلك.

– تقريب الطبيب الشرعي من المواطن سيما الأماكن النائية من الوطن، حتى يتمكن الضحايا من الإتصال بهم، كلما إقتضت الضرورة.

– من أجل السير الحسن للعدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، عندما يتطلب الفحص الطبي على كل شخص أو إجراء خبرة طبية، سواء كانت مدنية أو جزائية، يستحسن ندب الأطباء الشرعيين المختصين، دون سواهم، نظرا لكفاءتهم، وإستعدادهم للعمل مع العدالة كلما تمت الإستعانة بهم.

– توفير الإمكانات العادية اللازمة منها أجهزة الأشعة وتجهيز غرف التشريح بالوسائل الضرورية وغرف حفظ الجثث في كل مستشفى وبعض القطاعات الصحية التي تقع في بعض الأماكن النائية عن المستشفيات.

– إن الطبيب الشرعي وظيفيا يمارس مهامه تحت إشراف وزارة الصحة والسكان وأن مساره المهني تتكفل به الوزارة الوصية، إلى أنه بصفته خبير قضائي وجل أعماله لها علاقة بالقضاء، ويقدم خدمة عمومية معنوية لفائدة المجتمع لا تقدر بثمن، لذا لابد من وضع صيغة قانونية تنظم تقدير أتعاب الخبرة الطبية وجدول أسعار يحددها بالإضافة إلى بعض المنح التحفيزية المتعلقة بالتعويض عن المخاطر والأمراض المعدية، التي يمكن أن تنتقل إلى الطبيب الشرعي أثناء ممارسة مهامه المكلف بها قضاء.

04 – الطبيب الشرعي وحقوق الإنسان:

– إن الطبيب الشرعي بحكم إختصاصه وكفاءته العلمية ويمينه القانونية كطبيب وخبير قضائي ملزم بالحفاظ على السر المهني ولا يحق له الكشف عن أسرار مهنته الطبية إلا في الحالات التي يوجب عليهم فيها القانون إفشائها ويسمح لهم بذلك وهذا ما نصت عليه المادة 301 من قانون العقوبات.

* – حالات الوفاة المشكوك فيها ومتى يتم اللجوء إلى الطبيب الشرعي:

– إن قانون الحالة المدنية الجزائري الصادر بتاريخ 19/02/1970 ، قد نص على أن كل وفاة مهما كانت طبيعتها يجب أن تتم معاينتها من طرف طبيب، ولما كان الأمر كذلك فبعض الأطباء لا يقومون بفحص المتوفى، ويكتفون بالكشف الظاهري للمتوفى دون التأكد من حالة الوفاة وتهربا من المسؤولية يقومون بتحرير شهادة معاينة الوفاة ويسجلون فيها ملاحظة “وفاة مشكوك فيها”، “أو وفاة غير طبيعية”، وأمام هذا الأمر فإن ضابط الحالة المدنية يرفض تسجيل شهادة الوفاة وتسليم إذن بالدفن لأهل المتوفى إلا بحصولهم على إذن بالدفن من وكيل الجمهورية هذا الأخير بمجرد الإطلاع على شهادة معاينة الوفاة ويلاحظ عليها، عبارة “وفاة مشكوك فيها”، يسخر الطبيب الشرعي لتشريح الجثة وتصوروا المعاناة ودوام الحزن وحالة أهل المتوفى طوال مدة الإنتظار للحصول على إذن بالدفن من طرف وكيل الجمهورية.

أ – حالة الوفاة التي لا يجب فيها إجراء التشريح:

* – الوفاة الطبيعية.

* – حالة الأشخاص الذين يتعرضون لحوادث المرور.

* – حالة الأشخاص الذين يدخلون المستشفيات أو ينتقلون إليها لإسعافهم أو لإجراء عملية جراحية لهم فيتوفون بالمستشفى.

* – حالات السقوط من العمارات أو من أماكن عالية.

* – حالات الكوارث الطبيعية.

* – حالات لدغ العقارب وبعض الحيونات المصابة بمرض داء الكلب.

* – ما لم تكن هناك شبهة جنائية في الوفاة، أو إشتبه بوفاة المريض بالمستشفى نتيجة إهمال في العلاج أو خطأ في عملية جراحية.

* – ويلاحظ بصفة عامة أنه متى كان الكشف الطبي الظاهري لم يكشف عن وجود شبهة جنائية في الوفاة، فلا مجال لإجراء تشريح.

ب – حالة الوفاة التي يجب فيها إجراء التشريح:

* – حالة المتوفين نتيجة أفعال جنائية سواء كانت، جريمة عمدية أو غير عمدية، ما عدا إذا تأكد الطبيب الشرعي بمجرد الكشف الظاهري معرفته بسبب الوفاة.

* – حالة العثور على جثة بداخل الماء سواء كانت مجهولة الشخصية أو معروفة.

* – حالة المتوفى حرقا.

* – جميع الحالات التي يظهر فيها من التحقيق أو من الكشف على الجثة ظاهريا وجود شبهة جنائية في الوفاة.

– وكل حالة يرى وكيل الجمهورية من ظروفها ضرورة تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة ولو قرر الطبيب الشرعي عدم لزوم إجراء التشريح.

– لتكريس مبدأ حقوق الإنسان، فإن المشرع الجزائري في القانون رقم: 01 – 08 المؤرخ في 26 جوان 2001 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية في مادته رقم: 51 مكرر 01 فقرة 02 ألزم ضابط الشرطة القضائية وجوبا عند إنتهاء مدة التوقيف للنظر بعرض الشخص الموقوف على الطبيب، وجرت العادة أن ضباط الشرطة القضائية يتعاملون مباشرة مع الأطباء الشرعيين، لذلك يتعين على هؤلاء القيام بفحص الشخص بكل صدق وأمانة وإذا لاحظوا آثار الإعتداءات فهم ملزمون بذكرها في الشهادة الطبية وكل تقصير أو تستر أو ذكر بيانات غير مطابقة للحقيقة تترتب عليه المسؤولية الجزائية للطبيب الشرعي.

– كما يجوز لوكيل الجمهورية إذا اقتضت الضرورة سواء من تلقاء نفسه أو بناء على أفراد عائلة الشخص الموقوف أو محاميه أن يصدر تسخيرة للطبيب لفحص الشخص الموقوف وهذا ما نصت عليه المادة رقم: 52 فقرة 06 من قانون الإجراءات الجزائية، المعدل والمتمم بالقانون رقم: 01 – 08 المذكور أعلاه.

– إن جرائم الضرب والجرح العمدي، وضع لها المشرع الجزائري في قانون العقوبات قيودا مرتبطة بالشهادة الطبية الصادرة عن الطبيب، وتحديد مدة العجز لتكييف الوقائع المنسوبة إلى الفاعل، ومادام المشرع وضع كل ثقته في عمل الطبيب، على هذا الأخير أن يراعي حقوق الأطراف أثناء تحرير الشهادة الطبية، أحيانا تسلم شهادة طبية للشخص المعتدي بالرغم من أنه لا يحمل أي آثار للإعتداء ويقدمها مع ملف الإجراءات وعوض أن يتابع بتهمة الضرب والجرح العمدي أحيانا يصبح ضحية، والضحية تصبح متهما، أو يتابع كل من الضحية والمعتدي بتهمة الضرب والجرح العمدي المتبادل، بإعتبار أن لكل منهما شهادة طبية تثبت الإعتداء ومدة العجز وهذه الأفعال تعتبر مساسا بحقوق الضحية بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.

– على الطبيب الشرعي أثناء قيامه بالكشف الطبي أن يبحث عن مصدر الإعتداء والعلاقة السببية لتبيان الحقيقة الحالية أثناء تعرض النساء والأطفال لمختلف الإعتداءات وأعمال العنف الناتجة عن المعاملة السيئة في الوسط العائلي ويحاول باقي أفراد العائلة وحتى الضحايا أنفسهم إخفاء الحقيقة ونادرا ما تقدم الشكاوى ضد الوالدين أو المربين أو أفراد العائلة، أو أرباب العمل فيما يخص حوادث العمل (بالنسبة للعمال غير المصرح بهم وتشغيل الأطفال القصر).

وختاما لهذه المداخلة فإن الطبيب الشرعي بمساهمته في إستعمال معارفه العملية والطبية والبيولوجية له مكانة خاصة ضمن إصلاح العدالة في تطبيق القوانين المنظمة لحقوق وواجبات الأطراف الذين يعيشون في المجتمع.