مساءلة الرئيس في النظم البرلمانية :

نعرض في مقال اليوم لمساءلة رئيس الدولة في النظام البرلماني و من بعده الرئاسي لتكتمل الرؤية أمام القارئ ..

مسئولية رئيس الدولة أما أن تكون سياسية أو جنائية أو مدنية

و في النظام البرلماني التقليدي – و من أبرز صوره بريطانيا – الملك لا يُسأل سواء سياسيا او جنائيا او حتى مدنيا فلا يجوز إستجوابه أمام البرلمان أو سؤاله كما لا يجوز الإقتراع على طرح الثقة فيه و جنائيا لا يجوز محاكمة الملك عن ما يقع منه من أفعال تشكل جرائم جنائية كذلك فأن الملك في النظام البرلماني لا يُسأل مدنيا بالتعويض عن ما يصدر منه من أفعال تلحق ضرر بالغير ..

فالملك في المملكة المتحدة – كتطبيق للنظام البرلماني التقليدي – لا يُخطئ و ذاته مصونة ، و عدم مساءلة الملك و إن كان لها سند متمثل في أن سلطاته تكون سلطات شكلية لا يمارسها إلا من خلال الحكومة و التي بدورها تتحمل المسئولية عن افعالها إلا إنه مع تطور النظام البرلماني و السعي نحو تمكين رئيس الجمهورية من سلطات فعلية أستوجب ذلك ضرورة تحميله مسئوليات تلك السلطات في المقابل ..

من ذلك ما أقر الدستور الألماني لعام 1919 في مواده من عزل الرئيس من خلال الإستفتاء الشعبي بناء على طلب البرلمان و ما تضمنه من مسئولية رئيس الدولة عن الجرائم المرتكبة حال اداءه لعمله او جرائم إنتهاك الدستور .. كذلك أعترف الدستور الاسباني لعام 1931 بعزل رئيس الجمهورية ..

اما في فرنسا فقد أعفى دستور 1958 رئيس الجمهورية من المساءلة السياسية و المدنية و الجنائية إلا حال إرتكابه لجريمة الخيانة العظمى

و مما سبق إن أردنا تقييم مساءلة رئيس الدولة في النظام البرلماني فأن إختصاصات رئيس الجمهورية و سلطاته لا يمارسها منفردا و إنما يشترط دائما وجود توقيع الوزير المختص بجوار توقيع رئيس الجمهورية حتى يكون التصرف صحيحا فلا يحق لرئيس الدولة منفردا التوقيع على المعاهدات او قيادة الجيش او تعيين الموظفين و في مقابل ذلك فأن رئيس الجمهورية لا يتصور إثارة المسئولية السياسية قبله عن تصرفاته أو أعماله إنما تثار تلك المسئولية في مواجهة الحكومة أما جنائيا فإن الأصل العام عدم مساءلة رئيس الدولة في النظام البرلماني إلا في بعض النظم البرلمانية المعاصرة فإنه يُسأل عن جريمة الخيانة العظمى إلا أنه مع ذلك لا يمكن أن يوصف دور رئيس الدولة في النظام البرلماني بالغير مؤثر او غير الفعال ، و أبلغ رد على ذلك ما لعبه الملك ادوارد السابع في حل ازمة انجلترا مع دول اوروبا عقب حرب البربر و تجنيب الملكة إليزابيث لبريطانيا خوض حرب مع روسيا 1856 ..

وللحديث بقية

المستشار أحمد رزق

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .