مقال قانوني حول حماية الأجير و المقاولة

مقال حول: مقال قانوني حول حماية الأجير و المقاولة

من إعداد : إدريس فجر دكتور في الحقوق.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

 حماية الأجير و المقاولة بين القانون و الواقع.
يصدر المشرع النصوص لتنظيم العلاقة الاجتماعية بين طرفي العقد كعقد الإيجار أو البيع أو عقد الشغل، الذي قد ينتهي بأحد طرق انقضائه القانونية؛ منها مسطرة الفصل التأديبي للأجير عن الشغل. وتحتوي هذه المسطرة على 14 إجراء نصت عليها مدونة الشغل في المادة 62 و ما بعدها أهمها :

الاستماع إلى الأجير من قبل المشغل حول الخطأ الجسيم المنسوب إليه بحضور من يؤازره،
ثم تسليم الأجير مقرر الفصل التأديبي من العمل، ليتمكن من الطعن فيه امام القضاء الاجتماعي.
وعدم احترام المشغل لأحد هذه الإجراءات الحمائية المقررة لصالح الأجير يترتب عنه اعتبار الفصل تعسفيا، ومنح تعويضات ثقيلة لصالحه يؤديها له المشغل.

الفقه المختص يعتبر هذه المسطرة حمائية وعادلة ورادعة تجعل المشغل يضرب ألف حساب وحساب قبل الإقدام على فصله للأجير إن لم يكن يتوفر على ملف تأديبي قوي ومتماسك ومدعم بالحجج الدامغة ضد ذلك الأجير المذنب الذي يستحق ولا شك الفصل التأديبي، ولا يختلف على ذلك اثنان.. بمعنى آخر أن الفصل التأديبي التعسفي والمزاجي والمتهور للأجير من طرف صاحب العمل وبدون حجج ومستندات تكون فاتورته ثقيلة على جيب المشغل أو المقاولة، ولا سيما في القطاع غير المهيكل أو غير النظامي الذي لا يريد أو يصعب عليه أن يلتزم بقواعد مدونة الشغل والوقاية من حوادث الشغل، ومدونة الضرائب، وقوانين الضمان الاجتماعي… إلخ، وماذا فعلت الدولة ومعها LA CGEM لإعادة تأهيل القطاع غير المهيكل ولإخراجه من السوق السوداء للشغل… من الظلمات إلى النور؟

وبخصوص مدونة الشغل تحديدا وللتملص من الإجراءات التأديبية الصارمة المنصوص عليها فيها وما يترتب عنها من حساب عسير كما سبق القول، يكفي أن يدعي المشغل أن المدعي غادر العمل من تلقاء نفسه ووجه إليه رسالة إنذار للرجوع إلى العمل وتوصل بها ولم يرجع إلى العمل داخل الأجل المحدد له، وحتى إذا ما رجع الأجير لاستئناف العمل ومنعه حارس المقاولة من الدخول، فإن الأجير هو الذي يتحمل عبء إثبات أنه منع من ولوج باب المقاولة، وعليه إحضار مفوض قضائي ليشاهد ويثبت عملية منع الأجير من الدخول إلى مقر العمل، يكفي أن يدلي المشغل بهذه الادعاءات البسيطة والسهلة ليفلت من العقاب، وكفى الله المؤمنين شر القتال..

لكل هذه الأسباب، اعتبر الاجتهاد القضائي أن مغادرة العمل في مثل هذه الظروف مغادرة تلقائية للشغل (وكأنها استقالة) وأن طرده لم يكن تعسفيا، ولا داعي لتطبيق مسطرة الاستماع للأجير وتسليمه مقرر الفصل.

وكانت بعض محاكم الموضوع قد اعتبرت المغادرة بمثابة تغيب غير قانوني عن العمل؛ وهو خطأ جسيم ويجب أن تطبق بشأنه مسطرة الفصل من العمل المشار إليها آنفا، لكن الاجتهاد القضائي استقر على إعفاء المشغلين من تطبيق مسطرة الحمائية للأجراء كما نظمتها المادة 62 وما بعدها من مدونة الشغل لما يتعلق الأمر بمغادرة العمل تلقائيا.

مقال قد يهمك : منتجات عمل البنوك التشاركية و آليات عملها وفق القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان
يبدو أن مسطرة الفصل التأديبي من العمل كما نظمتها مدونة الشغل وكأنها طريق سيار “أوطوروت ” السفر عليها غير مريح، طويل ممل ومعقد ومؤدى عنه، وقد تصادفك دورية لرجال الدرك لمراقبة احترام مدونة السير / مدونة الشغل، قبل الوصول إلى مكان الوصول.. ولهذا، يفكر السائق/ المشغل السير على طريق ثانوي، عشوائي، خارج تغطية مدونة الشغل ولا يتحمل فيه أدنى مسؤولية، ويكفي أن يدعي ان الأجير هو الذي غادر العمل تلقائيا ولديه ما يثبت ذلك، وهذا الطريق العشوائي يوصل السائق/ المشغل إلى شاطئ النجاة والإفلات من التعويضات.

ولهذا علق أحد المحامين خلال ندوة حول مدونة الشغل يوم 20/7/2018 بأنه يفرح كثيرا لما يأتيه زبون أجير مطرود من العمل و بيده مقرر الفصل، إذ يقول له المحامي : “لا عليك … دعواك مربوحة مسبقا”؛ لأن المشغلين لا يحترمون مسطرة الفصل بنسبة 100/100، أي أنه من أصل 14 إجراء التي تتكون منها مسطرة الفصل قد لا يحترم المشغل أحد الإجراءات، وهذا كاف لتحميله مسؤولية الفصل التأديبي.

أما إذا قال الأجير الزبون للمحامي بأن “المشغل طرده من العمل تعسفا ولم يسلمه مقرر الفصل ويدعي بأنه هو – أي الأجير – الذي أنهى علاقة الشغل بمغادرته له تلقائيا”، فإن ذلك المحامي يمتعض لأن يعلم بأن دعوى “الأجير المغادر” خاسرة مسبقا، للحيثيات السابق ذكرها وشرحها.

هذه بعض الانطباعات التي يخرج بها من حضر ندوة 20/7/2018 التي نظمتها جمعية القضاة المغاربة وهيئة المحامين بالدار البيضاء، وهي بالغة الدلالة على ضرورة إدخال تعديلات عاجلة وعادلة وناجعة على مدونة الشغل حتى لا تكون كطريق الأوطوروت طويلة ومملة ومعقدة ويهرب منها البعض إلى السير في طريق عشوائي وثانوي ولا رقيب ولا حسيب فيه …

قيمة التشريعات ونجاعتها وسر نجاحها ليس في عددها وتنوعها؛ بل في قابليتها للتطبيق على أرض الواقع من لدن الجهات المختصة ليقترن قول المشرع بفعل آلية التطبيق والتنفيذ.

فهل يسمع المشرع صرخة هذا المحامي؟ وهل سيجيب عن كل تساؤلات كل باحث قانوني موضوعي فاحص لمدونة الشغل؟ وهل سيخفف معاناة المقاولات من بعض الإجراءات العقيمة التي تتضمنها بعض القوانين؟ وكيف سيضمن المشرع ومعه السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل حماية أفضل وأرقى للأجير من مطبات كثيرة منها مثلا: المغادرة التلقائية، أو الاستقالة الوهمية، والتحرش المعنوي الحط من الكرامة harcelement moral ، أو من مطب آخر كالدفع من قبل المشغل بالعقود الموسمية SAISONNIER أو محددة المدة CDD والحال أن الأجير اشتغل لديه ليل نهار ولمدة 10 سنوات أو 20 سنة متواصلة ومستمرة واعتراف من مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.