الظروف المشددة بسبب الوسيلة لجريمة السرقة :

قد ترتكب جريمة السرقة بوسيلة تنبئ عن خطر مستعملها لذا اعتبرها المشرع ظرفا يستلزم تشديد العقاب ، كما جاءت في قانون العقوبات العراقي في نص المادة (443) ، (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين على السرقة التي تقع في احدى الظروف الاتية(1).اولا-اذا ارتكبت باكراه . ثانيا-اذا ارتكبت بين غروب الشمس وشروقها من شخص يحمل سلاحا ظاهرا او مخبأ . ثالثا-اذا ارتكبت بين غروب الشمس و شروقها من ثلاثة اشخاص او اكثر . رابعا-اذا ارتكبت بين غروب الشمس و شروقها في محل مسكون أو معد للسكن أو احد ملحقاته .خامسا-اذا ارتكبت بين غروب الشمس و شروقها في مصرف أو حانوت أو مخزن أو مستودع دخله السارق بواسطة تسور جدار أو كسر باب أو احداث فجوة أو نحو ذلك بأستعمال مفاتيح مصطنعة أو انتحال صفة عامة أو الادعاء بأداء خدمة عامة أو بالتواطؤ مع احد المقيمين في المحل أوبأستعمال اية حيلة ).و الظروف التي هي من هذا النوع :-

اولا – السرقة المقترنة بالاكراه :-

يقصد بالاكراه بالنسبة الى السرقة (الوسيلة القسرية التي تقع على الاشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو اعدامها عندهم تسهيلا للسرقة ) . وقد ورد ذكر الاكراه ظرفاً مشدداً في الفقرة الثالثة من المادة (441) و في الفقرة الثالثة من المادة (442) و في الفقرة الأولى من المادة (443) وفي الفقرة الخامسة من المادة (444) من قانون العقوبات العراقي . و ترجع العلة في تشديد عقاب السرقة اذا وقعت باكراه أي ان الجاني لا يكتفي بانتزاع مال المجنى عليه بل، فوق ذلك ، يعتدي على شخصه اعتداء ماديا بالضرب و الجرح أو معنويا بالتهديد أو التخويف باستعمال القوة ، فالمجرم الذي يصيب الغير في ملكيته و حقه في سلامة النفس انما هو مجرم خطر ويستحق لاشك عقابا شديدا . ويشترط لتحقيق الاكراه ، ان يكون الاكراه واقعا على انسان ذلك لان الانسان هو الكائن الحي الذي له الأرادة التي تسلط عليها القوة ويكون من شأنها التأثير فيها للاستسلام و التخلي عن المال . فأذا وقع الأكراه على حيوان أو جماد فلا يتوافر الظرف المشدد . فأذا سرق اللص مال الغير مع قتل كلبه فلا تعتبر سرقته مقترنة بأكراه ، و كذلك الحال اذا اختلس السارق بضاعة آخر مع تحطيم واجهة دكانه فلا يعتبر الاكراه قائما.وان يكون الاكراه ماديا، أي واقعا على جسد المجني عليه او غيره باستعمال وسيلة من وسائل العنف المادية، كالضرب والجرح وتهديد حياته والجذب من الشعر والطرح ارضاً وربط الشخص من يديه ورجليه وسد فمه وعصب عينيه، وكذلك في حالة اعطاء المواد المخدرة للمجني عليه بحيث افقدته شعوره مما سهل وقوع السرقة ، وتفسير ذلك ان المواد المخدرة قد عطلت او اعدمت المقاومة لدى المجني عليه. اما السرقة من شخص نائم فلا تعتبر سرقة باكراه لان السارق لم يستعمل العنف. والشرط الثالث لتوافر الاكراه ان توجد رابطة بين الاكراه والسرقة، وهذه الرابطة اما ان تكون رابطة سببية تتحقق عندما يقوم الجاني بالاكراه بقصد السرقة أي عندما تكون السرقة سببا للاكراه(2). اما اذا انتفت صلة السببية هذه كما لو اعتدى الجاني بالضرب على المجني عليها بقصد ارتكاب فعل مخالف للاداب معها ثم سرق ساعة او أي متاع اخر منها فلا تعتبر هذه السرقة مقترنة بظرف مشدد لان الاكراه الذي وقع من الجاني لم يكن بقصد السرقة بل بفرض الاغتصاب أي هتك العرض . ومن ثم يسال الجاني عن فعلين مستقلين (3).

ثانيا ـ السرقة مع حمل السلاح :-

نص المشرع العراقي على ظرف التشديد بسبب حمل السلاح عند ارتكاب جريمة السرقة ، في عدة مواد ( 440 و 441 و 442 و 443 ) وخطورة الجاني بحمله للسلاح عند اقترافه للسرقة واضحة ، وتكمن هذه الخطورة في ان السلاح ، بما له من تأثير على تقوية عزيمة الجاني في مضيه في الاجرام والاعتداء على النفس ، فضلا عن أن المال و الاسلحة نوعان ، سلاح بطبيعته كالبندقية والمسدس والرشاش والحربة والسيف و الخنجر التي ليس لها استعمال آخر ، ولا تحمل في الاحوال العادية وهي تعد اسلحة في كل الاحوال . و الثاني يشمل الاسلحة التي تحمل لأغراض اخرى وتسمى ( اسلحة الاستعمال ) وهذا النوع معد في الاصل لا غرض الانسان الحياتية ، ومن شأنها الفتك كسكين الطبخ ومنجل الفلاح و العصا الغليظة ، وعلى كل حال ، فأن السلاح بطبيعته مجرد حمله في اثناء السرقة كاف لتوافر الظرف المشدد ولو كان حمله لمجرد غرض برئ ولو كان السارق شرطياً يحمل سلاحه بحكم وظيفته لان القانون عد حمل السلاح ظرفاً مشدداً للسرقة بغض النظر عن صفته حامله ، ولو لم يستعمل السلاح قط لان مجرد حمله قرينة على نية استعماله . اما اذا كان السارق يحمل في اثناء السرقة سلاحاً من النوع الثاني ، فلا تعد السرقة مقترنة بظرف مشدد الا اذا هدد بأستعماله او استعمله فعلاً ، و في الصورة الاولى تكون الجريمة سرقة مصحوبة بالتهديد بأستعمال السلاح . وفي الثانية سرقة بإكراه(4). ويستوي في نضر القانون ان يكون الشخص حامل السلاح ظاهر او مخبأ ، لان نية الجاني واحدة في كلا الحالتين ، و هي الاستعانة به عند الحاجة . ويعد الظرف المشدد متحققاً سواء اكان السلاح المهدد بإستعماله من نوع الاسلحة التي تعد كذلك بطبيعتها ام من الاسلحة التي لاتعد اسلحة بإستعمالها بهذا الوصف(5).

ثالثا ـ السرقة من مكان مسٌور :-

التسور من الوسائل التي ترتكب فيها السرقة ، ويعد من الظروف المشددة لها وجعلت الفقرة الرابعة من المادة ( 440 ) من قانون العقوبات العراقي من وقوع السرقة من مكان مسور بواسطة كسر ابواب من الخارج او تسور جدار او استعمال مفاتيح مصطنعة او بطريق الاحتيال ظرفا مشددا لها . وترجع حكمة التشديد الى خطورة الوسيلة التي استعملها الجاني في ارتكاب جريمته . ولايقع التسور الا باجتماع امرين ( اولهما ) ان يكون السارق قد توصل الى دخول المكان بغير الطرق التي تستعمل للدخول الاعتيادي عادةً ، كأن يكون قد استعان لذلك بسلم ، او حبل ، اوبتسلق شجرة أو جدار … الخ . وعلى كل حال فلا يشترط ان يكون قد استخدم في سبيل ذلك مجهوداً عنيفأ ، فدخول منزل من نافذة لاتبعد كثيراً عن سطح الارض يعد تسوراً .ولكن لايعد تسور دخول منزل من باب عادي مفتوح او من فتحة في جدار او من جزء متهدم في سور . ( وثانيهما ) ان يكون السارق قد استخدم التسور للدخول الى منزل مسكون او في مكان مسور وعليه فإن التسور لا يكون ظرفاً مشدداً إلا في هاتين الحالتين فقط . ويشترط ان يكون قد استعمل من الخارج بقصد الوصول الى الداخل فالتسور من الداخل الى الخارج او من جزء من داخل المنزل او المكان الى جزء آخر منه لايعد ظرفاً مشدداً . وحتى يقوم الظرف المشدد ينبغي ان يتم ولوج الجاني في المكان المسور باحدى الوسائل التي حصرها القانون وهي ( الكسر من الخارج – التسور – استعمال مفاتيح مصطنعة – طريق الاحتيال ) (6).

_______________________

1- صدر قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 1631 في 30/10/1980 بتشديد عقوبة مرتكب الجرائم المنصوص عليها في الفقرتين ( رابعاً و خامساً من المادة (443) الى الاعدام .

2- د. حميد السعدي ، مصدر سابق ، ص263، جارو ، الشرح المطول ، الجزء السادس ،بند 2486.

3- ولكن في جريمة وقاع انثى وهي نائمة يعتبر الاكراه قائماً وذلك لاختلاف طبيعة الجريمتين ، السرقة و الاغتصاب ، إذالاكراه في السرقة يقتضي وقوع الاعتاداء عليه بينما الاكراه في جريمة هتك العرض لايستلزم لتوافره سوى عدم رضا المجني عليها بالفعل

المادي .

4- د. سعد ابراهيم الاعظمي ، مصدر سابق ، ص 138 .

5- د. رؤوف عبيد ، مصدر سابق ، ص 284 .

6-احمد امين بك ، مصدر سابق ، ص 917 .

الظروف المشددة بسبب زمان الجريمة لجريمة السرقة :

تفيد عبارة المشرع العراقي ( وقوع السرقة بين غروب الشمس وشروقها ) هو وقوع السرقة ليلاً ومنطق التشديد لهذا الظرف ان من يرتكب جريمة سرقة في هذا الوقت تصادفه سهولة و امكانية الفرار ، فضلاً عن الصعوبة التي يواجهها المجني عليه في حماية نفسه و امواله . ولا تخفى الحكمة في هذا التشديد ذلك ان لجوء الجاني الى جنح الظلام لا تيان فعله انما يريد تسهيل الامر عليه سواء من حيث ارتكاب الجريمة ام من حيث الفرار . فضلا عن ان الليل هو الوقت الذي يهجع فيه الناس الى الراحة والاطمئنان . وصعوبة الاستعانة بالغير ليلاً على انه يجب ان يلاحظ ان المشرع لا يشدد عقوبة السرقة لمجرد وقوعها بين غروب الشمس وشروقها بل يتطلب وقوعها في هذا الوقت و اقترانها بظروف مشددة اخرى على حسب الحالات التي ترد النصوص بشأنها(1). وقد وضع المشرع ظرف التشديد على السرقة الواقعة في اثناء الحرب على الجرحى سواء كانوا من المواطنين أم من الاعداء او كانو من المحاربين أم من المدنيين وسواء أكانوا في ميدان القتال أم بعيداً عنه ، أو قد تقع السرقة اذا استغل الجاني مرض المجني عليه او حالة عجزه عن حماية نفسه او ماله بسبب حالته الصحية او النفسية او العقلية . وظرف التشديد يقع على السرقة التي تقع إبان كارثة و الكارثة هي ظرف غير طبيعي في مجرى الحياة العادية ، و تهدد بالخطر عدداً غير محدود من الافراد(2) .

________________________

1- انظر المواد (441، 442، 443) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، ص146.

2- د. سعد ابراهيم الاعظمي، موسوعة مصطلحات الجنائي، بغداد، 2002، ص130.

الطريق العام من الظروف المشددة في السرقة :

الطريق العام هو كل طريق يمتد خارج المساكن بين المدن و القصبات و يباح فيه المرور لجميع الناس . وتعتبر الانهار و الترع طرقاً عمومية . ولكن لاتعتبر اجزاء الطرق الملاصقة للمساكن طريقاً عاماً لعدم تعرض المجني عليه فيها للخطورة التي يتعرض لها لو ارتكب السرقة في اجزاء الطريق العام البعيدة عن المساكن(1). ان السرقة التي تقع على مسافر في الطريق العام او خارج المدن و القصبات تعتبر ذات ظرف مشدد والطريق العام يمكن ان يسري على كل طريق سواء اكان بريا ام نهريا ، وخاصة اذا توافرت علة التشديد بسبب وقوع الجريمة في مكان تصعب فيه طلب النجدة وحماية السلطة. ويعتبر الظرف متحققا اذا وقعت السرقة على عابر السبيل نفسه كما يعتبر متحققا ايضا اذا وقعت على ما يرافقه من متاع . وقد يحصل ان تقع السرقات في امكنة بعيدة عن المساكن و العمران كالحقول و الصحاري دون ان توجد مسالك ممهدة لمرور الناس ، لذلك انتبه المشرع و اعتبرها ذات ظرف مشدد بالرغم من عدم وجود طريق عام ، وحكمة التشديد في الطريق العام ليس من شك ان الطرق العامة تختلف تمام الاختلاف عن الطرق الواقعة داخل المدن حيث الناس والامن والحراسة ويبعث لدى المجرمين الخشية وهذا ما يجعلهم يترددون في اقدامهم على الاجرام ، في حين تشجع الطرق العامة وهي بعيدة عن العمران وقوى الامن الداخلي وخالية من الاهالي والسكان والحماية تشجع الجناة على الاعتداء وارتكاب الجرائم لذلك كان طبيعيا ان يعامل هؤلاء المجرمون الذين يقترفون السرقات في الطرق العامة معاملة اشد وتطبق عليهم المواد القانونية بظرف مشدد ، وان ظرف الطريق العام ظرف مادي يسري على الجميع من الفاعلين والشركاء(2). وقد حدد المشرع العراقي عقوبة هذه الجرائم بالمادة (441) من قانون العقوبات ونصها (يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت على السرقة التي تقع على شخص في الطريق العام خارج المدن والقصبات او في قطارات السكك الحديدية او غيرها من وسائل النقل البرية او المائية حال وجودها بعيدا عن العمران وذلك في احدى الحالات التالية :-

1 ـ اذا حصلت السرقة من شخص فاكثر وكان احدهم حاملا سلاحا ظاهرا اومخفيا

2 ـ اذا حصلت السرقة من شخصين فاكثر بطريق الاكراه

3 ـ اذا حصلت السرقة من شخص يحمل سلاحا ظاهرا او مخبا بين غروب الشمس وشروقها بطريق الاكراه او التهديد باسستعمال السلاح وتكون العقوبة الاعدام اذا كان الفاعل قد عذب المجني عليه او عامله بمنتهى القسوة ) .

____________________________

1- د. اكرم نشات ابراهيم ، مصدر سابق ، ص 105 .

2- د . حميد السعدي ، جرائم الاعتداء على الاموال ، مصدر سابق ، ص 258 .

المؤلف : عبود علوان عبود.
الكتاب أو المصدر : جريمة السرقة اسبابها والاثار المترتبة عليها

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .