القضاة مستقلون لا سلطان عليهم إلا القانون
السلطة القضائية في العراق

يتبع النظام القضائي في العراق نظام القضاء المزدوج حيث يتضمن :- القضاء العادي والقضاء الإداري ، ومع ذلك توجد صور أخرى للقضاء كالقضاء العسكري والقضاء السياسي والقضاء الدستوري ، أما بالنسبة للقضاء العادي فأنه يختص بفض المنازعات الحاصلة بين الأفراد والدولة في المسائل المتعلقة بأمور الوظيفة العامة والمنازعات الحاصلة بخصوص الانتخابات المحلية ودعاوى القضاء الكامل وغيرها.

وفي ظل الدستور العراقي الحالي تتألف السلطة القضائية في العراق من المحكمة الاتحادية العليا ، ومحكمة التمييز الاتحادية ، والمحاكم الاتحادية الأخرى ، كمحاكم الاستئناف ، والبداءة ومحاكم المواد المدنية ، ومحاكم الأحوال الشخصية ، ومحاكم العمل ، والمحاكم الجزائية كالجنايات والجنح والأحداث ، ومحاكم التحقيق ، وهذه المحاكم ترتبط بمجلس القضاء الأعلى.

أما بالنسبة إلى مجلس شورى الدولة ، ومحكمة القضاء الإداري ، ومجلس الانضباط العام ، فأن هذه الجهات تمارس وبلا أدنى شك وظيفة القضاء ، وذلك وارد في قوانينها المنظمة لها ، كما في المادة (4) من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65لسنة 979لا المعدل ، إذ نصت على أن (يختص المجلس بالتقنين والقضاء الإداري). وبذلك فأنه يعد جزءاً من السلطة القضائية كذلك الحال بالنسبة لمجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الإداري ، إذ أن النصوص القانونية تؤكد الاختصاص القضائي لهذه الجهات .

ويعد القضاء السلطة الثالثة في أنظمة الحكم ألحديثه، وتقرر الدساتير والقوانين استقلاله عن السلطتين التشريعية والتنفيذية لاعتبارات عديدة في مقدمتها انه يسعى إلى إقرار الحق وإرساء العدل والنظام .

و يستند مبدأ استقلال القضاء على فكرة انه لكي تتحقق المساواة ونضمن تطبيق العدل في القضاء ، لابد وان يتمتع القاضي بالاستقلال التام والحرية المطلقة والإرادة الصحيحة التي تؤهل القاضي لاتخاذ القرار الصائب عند ممارسة وظيفته القضائية ويكون ذلك مستندا إلى ضمير القاضي وقناعته بالأدلة وإدراكه بالحقائق وفق ما يقرره القانون ، بعيدا عن التأثيرات الخارجية الترغيبية أو الترهيبية .

كما يمتاز القضاء بخصوصية معينة لا نجدها في بقية السلطات ني الدولة ، إذ يمارس دوره في تحقيق الاستقرار الاجتماعي عن طريق فض المنازعات بين الأطراف المتصارعة أو المتعارضة في المجتمع ويعمل على إعادة الحق إلى أصحابه وحماية الحقوق والحريات الفردية والعامة ، ويسعى إلى تحقيق العدالة و إعطاء كل ذي حق حقه . ولهذه الاعتبارات وغيرها وجب أن يكون للقضاء مركز خاص به يميزه عن غيره من المراكز والسلطات بالشكل الذي يدعم توجهه في تحقيق أهدافه بدون تدخل من أية سلطة أو جهة ومن دون الشعور بالخوف أو التردد ، بحيث يمسي القاضي سلطة مستقلة استقلالا حقيقيا لا تأخذها في الحق لومه لائم .

وفي الدستور العراقي الدائم لسنة 2005نصت المادة 87منه على أن (السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وتصدر أحكامها وفقا للقانون ) كما نصت المادة 88على أن (القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة ). كما نصت المادة 2من قانون التنظيم القضائي على أن (القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ). كما نصت المادة 97من الدستور العراقي الدائم على أن (القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون ).

وفي العراق نجد أن أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 35فسح المجال – لاسيما في التأديب لتنحية القاضي من غير أن يحدد أسباب التنحية وحالاتها، وهذا التوجه يعد إخلالا بيناً بمبدأ عدم قابلية القضاة للعزل، وبالتالي انتهاكا لمبدأ استقلال القضاء. أما في قانون التنظيم القضائي فأن المشرع حدد وان نسبياً الحالات التي يجوز فيها إنهاء خدمة القاضي.

جدير بالإشارة إليه أن قانون وزارة العدل رقم 8لا لسنة 2005 نص في المادة 2منه على أن (تتولى ألوزارة لتحقيق أهدافها المهام الآتية: أولا:. التقنين والقضاء الإداري….) كما نص في المادة 3منه على أن (تتكون الوزارة من التشكيلات الآتية : اولآ:. مجلس شورى الدولة …..)

وبذلك فإن القانون المذكور عث القضاء الإداري وتشكيلاته المختلفة جزءا من وزارة العدل ، أي إن هذا القضاء أصبح جزءا من السلطة التنفيذية وهذا التوجه يعد خرقا بينا لمبدأ استقلال القضاء إذ أن القضاء الإداري هو قضاء متخصص بيد انه يعد جزءا من السلطة القضائية فهو في الدول التي تأخذ به يعد حاميا للحقوق والحريات في مواجهة تدخلات الحكومة فإذا كان جزءا منها كيف يستطيع الوقوف في وجهها؟

أن التوجه المذكور أعلاه يشكل اخلالآ بمبدأ استقلال القضاء الذي نص عليه دستور 2005 و عليه نعتقد أن النصوص التي أسست الارتباط هي نصوص غير .دستورية وينبغي على المحكمة الاتحادية العليا إلغاؤها بالشكل الذي يضمن استقلال القضاء ويمنع تدخل السلطة التنفيذية بعمله .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت