الاستقلال أمر يحقق للنيابة الادارية المناخ المناسب لكي تمارس عملها في حيدة تامة تستلزمها طبيعة عملها فالنيابة الادارية جزء من السلطة القضائية تضطلع بمهام قضائية = فهي فضلا عن مباشرتها للدعوى التأديبية ووجودها ضمن تشكيل المحاكم التأديبية تقوم بأعمال قاضي التحقيق في المخالفات والجرائم المرتكبة بمؤسسات السلطة التنفيذية

وتتولى الفصل في جدية عرائض مظالم المواطنين وبلاغاتهم ضد مؤسسات الحكومة والسلطة التنفيذية بما لايتصور معه تبعيتها لهذه السلطة ممثلة في وزير العدل

والنيابة الادارية خصتها القوانين – حفاظا على الحق العام وإصلاحا لأدارة الحكم ومكافحة للفساد· – ونيابة عن المجتمع· بالأتي:-

· إجراء التحقيق القضائي في الجرائم والمخالفات المالية والإدارية وتتمثل في :-

1) الأخلال بقواعد احكام ضبط الرقابة على الموازنة العامة

2) الاخلال بقواعد ضبط المشتريات والمناقصات والمزايدات

3) الاخلال في تنفيذ خطة التنمية الإجتماعية والاقتصادية

4) التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو ما من شأنه ذلك ·سواء كانت ناشئة عن إهمال أو تقصير أو عمد

5) تجاوز الموظفين لحدود وظائفهم وتقصيرهم في أداء الواجبات المتعلقة بها الواردة بالفصل الخامس من الكتاب الثاني من قانون العقوبات

6) إساءة استعمال السلطة أو الإنحراف بما يرتب ضررا بالمصالح المالية والمرافق العامة أو تشكل مساسا لحقوق المواطنين

7) أي اساءة لإستعمال السلطة والنفوذ والتي ترتكب من شاغلي الوظائف العليا والقيادية

الفصل في عرائض شكوى المواطنين – إما بالحفظ الاداري أو بإتخاذ اجراءات التحقيق والاتهام· وفي حالة الحفظ ليس هنا لأي جهة الحق· في اعادة النظر فيه الا من خلال هيئة مغايرة من النيابة الادارية

الكشف عن أوجه القصور والخلل في النظم والإجراءات الادارية والتشريعية التي تنظم مؤسسات الدولة أو تنظم الخدمه المقدمة منها أو تنظم العلاقة بينها وبين المواطنين إعمالا لنص المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتي صدقت عليها مصر فأضحت مكملة للنظام القانوني المصري ,,

وقد جعلت لها القوانين سلطة قضائية في التحقيق الذي تجريه بما يدعم مساءلة السلطة التنفيذية وحماية حقوق وحريات المواطنين· وتأكيد سيادة القانون, تمثل في :-

استدعاء من تراه لسماع أقوالهم واستبعاد المتهم عن حضور· جلسات التحقيق اذا إقتضت مصلحة التحقيق ذلك والاطلاع على المستندات مهما بلغت سريتها والانتقال والمعاينة وسلطات قاضي التحقيق في إصدار أوامر القبض والاحضار للشهود وتحرير محضر بإمتناع الشاهد عن الحضور وإرساله إلى محكمة الجنح المختصة وتفتيش أشخاص المتهمين وملحقاتهم ومنازلهم وأماكن العمل وكل ما يستخدمونه والاستعانة بالخبراء وتشكيل لجان فحص الأعمال وتكليف الجهات الرقابية والشرطة بجمع التحريات اللازمة واجراء أعمال الرقابة وقف المتهمين عن العمل احتياطيا واستبعاد المتهم عن موقعه الوظيفي لحين إنتهاء إجراءات· التحقيق أو المحاكمة والأمر باحالتهم الى المحاكمة التأديبية ولها تسليمهم الى المحاكم الجنائية من خلال ابلاغ النيابة العامة لأقامة الدعوى الجنائية قبلهم اذا كان هناك موائمة لذلك مع ملاحظة أن التحقيق القضائي الذي تجريه النيابة الإدارية في هذه الجرائم هو الأصل ويكون للنيابة العامة استيفاء التحقيق إن كان هناك داعي (م/17 ق 117 / 58 )

وهذا ما أكدت عليه محكمة النقض من كفاية تحقيقات النيابة الادارية لإقامة الدعوى الجنائية لكون تحقيقها قضائيا ويتوافر فيها كافة ضمانات المحاكمة

إقتراح فصل المتهم بغير الطريق التأديبي ( حال إرتكاب أحد الأفعال المنصوص عليها بقانون الفصل بغير الطريق التأديبي أو إذا أتى ما من شأنه المساس بكرامة الوظيفة )

وبذلك فإن النيابة الإدارية هي السلطة القضائية المصرية المعنية بمكافحة الفساد الإداري بكافة صوره ومستوياته –وهما ما ينبغي معه أن تكون مستقلة تماما عن السلطة التنفيذية وفاء من مصر لإلتزاماتها اذ أن نص المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد تقضي بإستقلال هيئات مكافحة الفساد

وليس من شك في أن من أسمى مهام الدولة بعد قيام الثورة بث الطمأنينية في نفوس المواطنين وتأمينهم على حرياتهم وحقوقهم ولا سبيل الى ذلك الا بالاحتكام الى سيادة القانون الذي يتعين أن يسري على الحاكمين والمحكومين جميعا , والقوانين مهما كان حظها من السمو لن تبلغ الغاية منها الا اذا توافر على تطبيقها قضاء يتغيا إدراك مراميها وفرض سلطانها على الكافة دون تمييز وفي ضوء المبادئ التي أرساها الدستور – والتي من بينها أن استقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات ,

ولا يقدح من ذلك اقتصار صلاحيات وزير العدل الوارده بقانون النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية على تسع صلاحيات ومقارنته بصلاحيات الوزير على القضاء العادي التي تصل الى عدد خمسة وعشرين صلاحية – اذ أن صحيح المقارنة لايتم مع وضع أسوء وانما ينظر الى مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا اللتين استقلتا تماما عن السلطة التنفيذية لارتداد أثر أعمالهما القضائية على السلطة التنفيذية بما استتبع أن تعملان في استقلال تام حتى لاتخضع للتأثير – وهو مايسري على النيابة الإدارية لكونها تتولى مساءلة السلطة التنفيذية

ولذلك كان من المتعين إعادة النظر في قانون النيابة الإدارية لتوفير الاستقلال الذي يكفل تحقيق الطمأنينة والاستقلال للقائمين على ولاية التحقيق القضائي وولاية مباشرة الدعاوى التأديبية بما يرسي قواعد العدالة على اسس وطيدة ثابتة على النحو الذي أكدت عليه المواثيق الدولية والمحكمة الدستورية العليا والتي انتهت الى اعمال مبادئ استقلال السلطة القضائية على هيئة النيابة الادارية واعضائها

كما أن الاستقلال لأعضاء النيابة الإدارية يمثل – معاملتهم في كل أمورهم ذات المعاملة التي يعامل بها زملائهم قضاة مجلس الدولة والتي تشكل من كلاهما – النيابة الإدارية ومجلس الدولة – منصة المحكمة التأديبية – بما يستتبع هذا بسط هيمنة المجلس الأعلى للنيابة الإدارية على كافة شئونهم – بما يضمن استقلال كامل لمنصة القضاء التأديبي بمصر التي يدخل في تشكليلها النيابة الادارية – إستقلالا تاما يضفي أثره على تعزيز حق المواطن في مواجهة السلطة التنفيذية واساءة استعمال كبار الموظفين للسلطة ودعم استقلال الموظفين العموميين والقائمين على تسيير الشئون العامة حال أدائهم للأعمال المكلفين بها.

بقلم المستشار محمد رضوان رئيس النيابة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .