الطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة

بصرف النظر عن الإختلاف الذي طال تحديد عناصر الحياة الخاصة فهناك مسألة أخرى أشغلت الفقه و القضاء تتعلق بتحديد
الطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة و ما ينتج عن ذلك من أثر و إنقسم الفقه في هذا الإطار إلى إتجاهين .

أولا – الإتجاه التقليدي

أعتبر الحق في الحياة الخاصة من قبيل حق الملكية و أساس هذا التوجه فكرة ملكية الشخص لجسمه و صورته
فالانسان له حق ملكية جسده فيجوز له التصرف فيه و استعماله و استغلاله , و برر أصحاب هذا الموقف إتجاههم
بأن حق الملكية هو الوسيلة الناجعة التي تخول حماية هذا الحق بإعتبار حق الملكية أقدس الحقوق , كما ان لصاحبها (الملكية)
الحق في وقف الإعتداء الواقع على حياته الخاصة دون حاجة إلى إثبات ضرر مادي أو معنوي إعمالا لحقوق المالك .

أنتقد هذا الرأي على أساس أن فكرة الملكية تفترض وجود صاحب حق و محل للحق يمارس عليه صاحبه سلطاته , فإذا
إتحد صاحب الحق و موضوعه إستحالت ممارسة هذه السلطات

ثانيا – الإتجاه الحديث

هذا الإتجاه إعتبر الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية الملازمة للشخص , ذهب أغلب الفقه في فرنسا
حديثا إلى إعتباره الحق في الحياة الخاصة من قبيل الحقوق الشخصية و هي تلك الحقوق التي تنصب على مقومات
و عناصر الشخصية لأنها تستهدف حماية المصالح المعنوية للفرد و تعبر عن ما للشخص من سلطات
و مقومات ترتبط إرتباطا وثيقا شخصه .

نتج عن هذا الإتجاه ان لصاحب الحق في الحياة الخاصة أن يستأثر به و يحتكره لوحده و ان لا يطلع عليه
أحد إلا بإذنه كما انه غير قابل للتنازل عنه